الفَصلُ الأوَّلُ رِسالَةُ بُولُس إلى أهلِ غلاطية - نَظرَةٌ إلى فَوق
نَظرَةٌ إلى فَوق
آخِرُ ثلاثَةِ ثمارٍ من ثِمارِ الرُّوح – إيمان، وداعَةٌ، تعفُّف – تنطَبِقُ عندما ننظُرُ إلى فَوق، ونُركِّزُ علاقَتَنا معَ الله.
إحدَى الطُّرُق لتلخِيصِ معنى الإيمان أو الأمانَة هي أن يكُونَ الإنسانُ "مُمكِناً الإعتِماد عليه." فقبلَ أن نتجدَّدَ، كَثيرُونَ منَّا لم يكُنْ عندَهُم أيُّ نظامٍ بتاتاً. ولكن عندما سكنَ الرُّوحُ القُدُسُ في حياتِنا، عَرَفنا النِّظام، وأصبَحنا أشخاصاً يُمكِنُ الإعتِمادُ عليهم.
إنَّ الوداعَةَ (أو اللُّطف) هي ثمرٌ آخر من ثِمارِ الرُّوح. فالوداعَةُ ليسَت ضعفاً. عندما يُوضَعُ الرَّسَنُ بينَ فكَّي حِصانٍ جبَّار، لا يُصبِحُ هذا الحيوانُ ضعيفاً؛ بل يُصبِحُ وَديعاً. عندما إلتَقَى شاوُل الطرسُوسِيّ بالمسيحِ المُقام على طَريقِ دِمشق، أوردت إحدَى ترجمات الكتاب المقدَّس سُؤالَ يسُوع لِشاوُل كالتالي: "لِماذا ترفُسَ مناخِس." ويقُولُ العددُ ما معناهُ حَرفِيَّاً، "لماذا تُقاوِمُ الرَّسَن؟" أجابَ شاوُل، "يا رَبّ، ماذا تُريدُ منِّي أن أفعَلَ؟" وهكذا قَبِلَ شاوُل الرَّسَن، وصارَ وديعاً.
عندما يكُونُ حِصانٌ ما قَويَّاً، يُشارُ إليهِ بكونِهِ وديعاً. فالوداعَةُ هي القُوَّةُ المضبُوطة الخاضِعَة للسَّيطَرَة. هُناكَ نوعٌ من اللُّطفِ مُرادِفٌ للوداعة، كما نجِدُ ذلكَ في لائحةِ ثِمارِ الرُّوح. إنَّ الوداعَةَ هي ثمرُ الرُّوح في حياةٍ قَبِلَت سيطَرَةَ الرُّوحِ القُدُس والمسيح المُقام.
آخِرُ ثِمارِ الرُّوح التي أُدرِجَت في لائحَةِ بُولُس هي التعفُّف أو ضبط النفس. أحدُ مُدراءِ الشركاتِ الضخمة، والذي كانَ لديهِ آلافُ المُوظَّفِين، قالَ لي ذاتَ مرَّة: "بعضُ النَّاسِ هُم كالعجلات؛ لا يعمَلُونَ إلا إذا دُفِعُوا. وبعضُهم هُم كالعرَبات، لا يعملُونَ إلا إذا جُرُّوا أو سُحِبُوا؛ وبعضُهم مثلُ الطائِراتِ الورقيَّة، إذا لم تُمسِكَ بهم بِخيطٍ، يطيرُونَ بعيداً. ولكنَّ البعضَ هُم مثل ساعَةٍ جيِّدة من الذهبِ الخالِص، مفتوحَةَ الوجه، دقيقَةَ التوقيت، يُمكِنُ الإعتِمادُ عليها، تعمَلُ بِصمت، مملووءةً أعمالاً صالِحةً."
في الإصحاحِ الخامِس من غلاطية، قالَ الرسُول بُولُس أنَّهُ إن كانَ الرُّوحُ القُدُس ساكِناً فينا ويُسيطِرُ علينا، ليسَ علينا أن نُدفَعَ أو نُجَرَّ أو نُمسَكَ بِخَيط. بل سنعمَلُ كساعَةٍ جيِّدة، بتعفُّفٍ وضبطٍ للنفس، ويُمكِنُ الإعتِمادُ علينا، مملووئينَ بأعمالٍ صالِحة.
- عدد الزيارات: 17543