الفصلُ الخامِس ثلاثَةُ مبادِئ لِحَياةِ الإقتِداءِ بالمسيح - فهمُ دَورِ المَرأة في الكَنيسة
فهمُ دَورِ المَرأة في الكَنيسة
في الإصحاحِ الحادِي عشَر من كُورنثُوس الأُولى، عالَجَ بُولُس دورَ المرأة في الكنيسة، ومائِدة الرَّب. ولقد علَّمَ النِّساءَ أن يُغَطِّينَ رُؤُوسَهُنَّ وأن يُرخِينَ شعرَهُنَّ. كتبَ بُولُس يقُول: "وأمَّا المَرأَة إن كَانت تُرخِي شعرَها فَهُوَ مَجدٌ لها." (1كُورنثُوس 11: 15). [وقد يكُونُ لهذا المبدأ أبعادٌ رُوحِيَّةٌ خَفيَّةٌ بينَ سُطُورِ الوحِي، وفي هذه الحال، ينبَغي تطبيقُ هذا المبدَأ بِغَضِّ النَّظَر عن الزمانِ والمكان، وفي كُلِّ الحضارات، لأنَّ الإعتِبارات الرُّوحِيَّة تفُوقُ الظُّرُوف البَشريَّة.] ولكن إن كانَ هذا المبدَأُ مُرتَبِطاً فقط بإعتِباراتٍ حضارِيَّة، فمنَ المعرُوف أنَّهُ في الحضارَةِ الكُورنثُوسِيَّة، كانت النِّساءُ ذاتِ الشعرِ القَصير أو المَحلُوق تُعرَفَن بأنَّهُنَّ زانِيات وسيِّئات السُّمعَة. ولكي يتمَّ تمييزُ النِّساءِ المَسيحيَّات عن هؤلاء، علَّمَ بُولُس النِّساءَ في الكنيسة أن يُغَطِّينَ شعرَهُنَّ ويُرخِينَ شعرَهُنَّ.
كانَ هذا تعليماً مبنِيَّاً على أساسِ إعتِباراتٍ حضارِيَّة، ولكنَّ مبدَأَ الإنفِصال عن حضارَةِ العالَم لا يزالُ ينطَبِقُ اليوم. فإن كانَتِ الحضارَةُ التي نعيشُ فيها تُعرِّفُ نوعاً مُعَيَّناً من الناس من نوعِ الثياب التي يرتَدُونَها أو من قصَّةِ شعرِهم، فعلينا أن نتجنَّبَ إرتِداءَ هذا النوع من اللباس، وقصَّ شعرِنا بهذه الطريقة المَشبُوهة. علَينا أن لا نُعطِي سبباً للقَلَقِ والتعيير بينَ الإخوة بسببِ مظهَرِنا، وعلينا أن لا نُعطِي عِلَّةً للذين هُم من خارِج بأن يُصنِّفُوا النساءَ المُتَشبِّهات بالمسيح وكأنَّهُنَّ زانِيات. فإن كانت الحضارَةُ لا تربِطُ الشعرَ القصير معَ الزِّنى، فلا حاجَةَ للقَول أنَّهُ بإمكانِ النساءِ المُؤمِنات أن يقصُصنَ شعرَهُنَّ.
وكما لاحظتُ في دِراسَتي لهذا الرسالة، إنَّ تعليمَ بُولُس أنَّهُ على المرأَةِ أن تُغَطِّيَ شعرَها عندما تُصلِّي أو تتنبَّأُ، لا يعني أن تذهَبَ المرأةُ إلى الكنيسة وهي ترتدي قُبَّعَةً. لقد كانَ لهذا علاقَةٌ بالحضارة، التي لا تزالُ تُطبَّقُ اليوم في الحضاراتِ الشرق أوسَطِيَّة، حيثُ تُغَطِّي المرأَةُ رأسَها في المُجتَمَع. إنَّ هذا التعليم الهامّ لبُولُس يُظهِرُ أنَّهُ، على الرُّغمِ من أنَّ الرسالَة إلى أهلِ رُومية تُعلِّمنا أن لا نُشاكِلَ هذا الدهر (رومية 12: 2)، ولكن علينا أن لا نتجاهَلَ الحضارات التي نعيشُ فيها. فَعِندَما تعيشُ النِّساءُ المُرسَلاتُ في الحضاراتِ الشرقِ أَوسَطِيَّة اليوم، فإنَّهُنَّ تعلَّمنَ أن لا تتجاهَلنَ هذه الإعتِبارات في تِلكَ الحضارة. [إلا إذا كانَ وراءَ تعليم بُولُس عن عدم قصّ الشعر وعن تغطِيَةِ الرأسِ أسباباً رُوحِيَّةً، تتخطَّى حُدُودَ الظرُوف الحضاريَّة، ممَّا يجعَلُ منها سارِيَةَ المفعُولِ في كُلِّ مكانٍ وزَمان.]
كون بُولُس يفتَرِضُ أنَّ النساءَ تُصَلِّينَ وتتنبَّأنَ عندما تجتَمِعُ الكَنيسة، يُؤكِّدُ دَورَ النِّساء في الكنيسة في مجالِ التنبُّؤ والصلاة. إنَّ دراسَةً مُعمَّقة لدورِ النِّساء في الكنيسة قد يقُودُنا إلى النتيجَةِ التالِية: بإمكانِ المرأة أن تعمَلَ هذه الأُمُور في الكنيسة طالَما أنَّ خدمتَها التي تقُومُ بها هي تحتَ سُلطَةِ شُيُوخِ هذه الكَنيسة. وعلى هذا الأساس، يُصبِحُ كُلُّ شخصٍ في الكنيسة تحتَ سُلطَةِ الشُّيُوخ، والشُّيُوخ تحتَ سُلطَةِ المسيحِ الحي المُقام وكلمة الله.
- عدد الزيارات: 10804