Skip to main content

الفصلُ الثاني "البصَمات المنظُورة للكنيسة غير المنظُورَة"

الصفحة 2 من 3

"بَصَمَاتٌ"

هُناكَ أمرٌ آخر عليكَ أن تُلاحِظَهُ عندما تقرأُ سفرَ الأعمال. لاحظ النماذِج الذي ظهَرَت في الجيلِ الأوَّلِ للكنيسة. لاحظْ أوَّلاً نموذَجَ الكنيسة نفسها. قد تُسمِّي هذا النموذَج، "البصمات المنظُورة للكنيسة غير المنظُورَة." يتكلَّمُ اللاهُوتِيُّونَ عن الكنيسةِ المنظورَة والكنيسةِ غير المنظُورة، أو عن الكنيسة العالمية الشامِلة والكنيسة المحليَّة. إنَّ شَرِكَة المُؤمنين التي أنتَ جزءٌ منها في مُجتَمَعِكَ، هي التعبير المَحَلِّي المَنظُور عن الكنيسة الشامِلة غير المنظُورة التي يبنيها المسيحُ القائم من الأموات في هذا العالم.

ولكن كيفَ نعرِفُ أنَّ الكنيسة التي نحنُ جزءٌ منها، أي كنيستُنا المحلِّيَّة، هي تعبِيرٌ منظُورٌ عن الكنيسة الكونيَّة غير المنظُورة؟ تماماً كما أنَّ بصماتِنا بإمكانِها أن تُحدِّدَ أينَ كُنَّا وماذا لمَسنا، فإنَّ الكنيسةَ يُمكِنُ أن يُحدَّدَ مفهُومُها من خِلالِ "البَصَمات". فتِّشْ عن هذه البصمات بينما تدرُسُ كنيسةَ الجيل الأوَّل. لقد كانت للكنيسةِ في سفرِ الأعمال "بَصَماتٌ" – أي تعابير منظُورة عن الكنيسة الحقيقيَّة الشامِلة غَير المَنظُورة.

"التبشير" كان بَصمَةَ "إبهام" الكنيسة التي وُلِدَت يومَ الخَمسين. لقد فَهِمَ الرُّسُل أنَّهُ كانَ عليهِم أن يذهبُوا إلى العالم كمُرسَلين وكَمُبشِّرين. ولقد تجدَّدَ ثلاثَةُ آلاف نفس يومَ الخمسين وحدَهُ، وآلافٌ أُخرى تبِعتهُم في التجديد لاحِقاً، عندما كرزَ الرُّسُلُ بالإنجيل.

"التعليمُ" كانَ بَصمَةَ "سُبابَة" الكنيسة. نقرَأُ أنَّ المُؤمِنينَ الجُدُد ثابَرُوا على التعليمِ والشَّرِكة وكسر الخُبزِ والصلوات معَ الرُّسُل (أعمال 2: 42).

البصمَةُ المنظُورة للإصبعِ الوَسَطِي للكنيسة غير المنظُورة كانَ "الشرِكَة." لقد آمنَ الرُّسُلُ أنَّ الشعبَ الذي كانُوا يُعلِّمُونَهُ ينبَغي أن يتفاعَلَ معَهُم. إن الكلمةَ اليونانية للشركة هي Koinonia. وتعني هذه الكلمة أن يُوجدَ إثنانِ في شراكَةٍ وثيقَة مَبنِيَّة على عهدِ إلتِزام. إنَّ العهدَ والإلتِزام اللذين إمتازَ بِهما الجيلُ الأوَّلُ من المُؤمنين كانا أوَّلاً تِجاهَ المسيح الحَي القائِم من الأموات، وبعدَ ذلكَ تجاهَ بَعضِهم البَعض.

فمن أينَ أتى الرُّسُلُ بهذهِ الفِكرة أنَّهُ ينبَغي أن تكُونَ هُناكَ شَرِكَةٌ بينَ الذين يتعلَّمُونَ وبينَ الذين يُعلِّمُونَهُم؟ لربَّما تتذكَّر من دِراستِنا لإنجيلِ يُوحنَّا، عندما إقتَرَبَ بعضُهم من يسوع وسألاهُ أينَ يمكُث (يُوحنَّا 1: 37- 39). فأجابَ يسُوعُ بدَعوَتِهم بالقَول، "تعاليا وانظُرا أينَ أمكُث." ونقرَأُ أنَّ تِلميذَي يُوحنَّا المعمدان هذين مالا ونظرا حيثُ كانَ يمكُثُ، ومكثا معهُ، وعاشا وماتا من أجلِهِ بسبب ما شاهداهُ عندما إلتَزما بالمجيءِ والنظَرِ كيفَ وأينَ يمكُث. لقد عاشا معهُ ثلاثَ سنين. لهذا علينا أن لا نتفاجَأَ عندما نقرَأُ أنَّ الناسَ الذين تجدَّدُوا يومَ الخمسين كانَ لديهم ميزَةٌ خاصَّةٌ من الشركة معَ الذين تلمذُوهم للمسيح.

ثُمَّ البصمَةُ المنظُورة لإصبَعِ "الخنصَر" كانَ "العِبادَة." لقد واظَبَ المُؤمِنُونَ الجُدُد على "كسر الخُبز" مع الرُّسُل (أعمال 2: 42). كانَ هذا يعني مائدة العشاء الرُّبَّاني. عندما أسَّسَ يسُوعُ ما نُسمِّيهِ "العَشاء الرُّبَّاني"، وعلَّمَ تلاميذَهُ أن يشتَرِكُوا بهذه المائِدة حتَّى رُجُوعِه (1كُورنثُوس 11: 26)، كانَ يُعطي الرُّسُل تعليمَهُ الوَحيد عن كيفيَّة العِبادة التي أرادَ أن تُمارِسَها كنيستُهُ (لُوقا 22: 14- 19). فعِندما كانَ يتجمَّعُ التلاميذُ الأوائِلُ معاً، كانُوا يعبُدُونَ بحفظِهِم لِمائِدَةِ الرَّبّ.

ونقرأُ أيضاً أنَّهُم واظَبُوا معَ الرُّسُل على "الصلاة"، والتي تُشكِّلُ البَصمَةَ المنظُورة "للخِنصَر" أو الإصبَع الصغير للكنيسةِ غَير المَنظُورة. فبما أنَّنا لا نستطيعُ أن نعمَلَ عملَ المسيح المُقام إلا إذا ثَبَتنا فيهِ، فإذاً علينا أن نُصلِّيَ باستمرار طالِبينَ إستِمدادَ القُوَّة من الكَرمةِ الرُّوحيَّة للمسيح الحي القائم من الموت (يُوحنَّا 15: 1- 16). لقد علَّمَ يسُوعُ الرُّسُلَ أن يطلُبُوا بإستِمرار، وبِمُثابَرة، وأن يقرَعُوا، لأنَّ كُلَّ من يطلُبْ يأخُذْ ويَجِد ويُفتَحْ لهُ البابُ، ويُعطيهِ اللهُ الآبُ الرُّوحَ القُدُس (لُوقا 11: 9- 13؛ متَّى 7: 7-11).

  • عدد الزيارات: 6769