Skip to main content

الفَصلُ الثاني "كما كانَ - هكذا الآن"

الصفحة 1 من 3

الإصحاحُ الأوَّلُ من رسالَةِ بُولُس إلى أهلِ رُومية هُوَ مثل الإصحاحِ الأوَّل من سفرِ التكوين. فالأسفارُ المُقدَّسة التي تُعالِجُ البِدايات، لا تُخبِرُنا عن الأُمور كما كانت، بل تُخبِرُنا كيفَ يُريدُها اللهُ أن تكُونَ اليوم. إذ يتعاطى بُولس معَ مفهُومِ التَّبرير للخاطِئ، وبعدَ أن يُقدِّمَ النُّقطَةَ أنَّنا جميعاً خُطاة، نُقطَتُهُ التالِيَة هي أنَّنا جميعاً تحتَ دينُونةِ الله.

ثُمَّ يُقدِّمُ بُولُس العلاقَةَ بينَ الله والإنسان "كما كانت وكما هي عليهِ الآن." اللهُ يتَّهِمُنا أنَّنا نكبُتُ أو نَطمُسُ الحقَّ بالإثم (رُومية 1: 18). يعني بهذا أنَّ الخُطاةَ يُلغُونَ الحَقيقَةَ عن قَصد، لأنَّهُم يُريدُونَ أن يُبَرِّرُوا حياتَهُم الآثِمة. فهُم لا يُريدونَ أن يَرَوا الحقيقَةَ عن كيفَ ينبَغي أن يعيشُوا حياتَهُم كما يُريدُ اللهُ أن يُعلِنَها لهُم. لقد علَّمَ يسُوعُ مبدَأَ أنَّهُ إن أرادَ أحدٌ أن يعمَلَ فسيَعلَم (يُوحنَّا 7: 17). والعكسُ صحيحٌ. فإن لم يُرِدْ أحدٌ أن يعمَلَ، فلن يعلَمَ ما يُريدُهُ اللهُ أن يعلَم.

ثُمَّ يُوجِّهُ اللهُ تُهَماً أُخرى:

غير شكورين؛ استبدلوا حقَّ اللهِ بالكذب؛ اتقوا وعبدوا المخلوقَ دُونَ الخالِق؛ استَبدلوا الطبيعيَّ بغيرِ الطبيعي (الشُّذُوذ الجِنسي)؛ لم يستَحسِنوا أن يُبقُوا اللهَ في معرِفَتِهِم؛ الذين لا يَفعلونَ الخَطِيَّةَ فقطْ، بلْ أيضا يُسَرُّون بالذين يَعملونها.

ثمّ يخُبرُنا بُولُس عَنْ رَدِّ اللهِ على الإنسان، فيُردِّدُ ثلاثَ مرات: "لذلك أَسلَمَهُمُ الله" (رُومية 1: 24، 26، 28). وهُوَ لا يقصُدُ أنَّ اللهَ فقدَ الأمل من الإنسان آنذاك، أو أنَّ اللهَ يفقُدُ الأمَلَ منَّا اليَوم. لقد أسلَمَهُم اللهُ، وهُوَ يُسلِمُنا اليوم لما نُريدُهُ. فاللهُ لن ينتَهِكَ حُرمَةَ حقيقَةِ أنَّهُ خَلَقَنا لنكُون خلائِقَ حُرَّةَ الإختِيار.

دَعُونا نُفكِّرُ بحياتِنا كَكِتاب. إنَّها فكرَةُ الله أن يكتُبَ هذا الكِتاب، ولَدَيهِ  خُطَّة حِيالَ هذا الكتاب في حالِ كُتِب. ولكنَّهُ يُسلِّمُنا القلمَ في مرحَلَةٍ مُعَيَّنة ويقُول، "هُنا، عليكُم أن تختُمُوا القِصَّة بالطريقَةِ التي تُحِبُّونَها. عليكُم أن تعيشُوا معَ عواقِبِ خَياراتِكُم، ولكن بإمكانِكُم أن تَكتُبُوا القِصَّة بالطريقَةِ التي تُريدُونَها، إن كانَ هذا ما ترغَبُونَ بهِ."

شَخصِيَّةُ الإنسان – كما كان – وكما هُو عليهِ الآن
الصفحة
  • عدد الزيارات: 7641