الفَصلُ السَّابِع إحزَرْ من سيأتي إلى الغداء؟ - المَشهَد الرَّابِع: تطهيرٌ فارِسي
المَشهَد الرَّابِع: تطهيرٌ فارِسي
هُنا نلتقي مع الشخصيَّة الرديئة في مسرحيَّتِنا، الذي هو رئيسُ وُزَرَاءِ مادي وفارِس الشرير، وإسمُهُ هامان. فبينما كان هامان يمشي على الطريقِ كُلَّ يوم، كان الجميعُ يسجُدُونَ لهُ باستثناءِ رَجُلٍ واحدٍ هو مُردَخَاي، لأنَّهُ كانَ يهوديَّاً أميناً، الذي كانت تُعلِّمُهُ أسفارُ النَّامُوس المقدَّسة قائلةً، "للربِّ إلهكَ تسجُد وإيَّاهُ وحدَهُ تعبُد." (خُروج 20: 3- 4)
لقد إمتلأ هامانُ هذا بالغيظِ لعَدَمِ سُجودِ مُردَخَاي لهُ، وتعهَّدَ بأن يَقضِيَ ليسَ على مُردَخاي فحَسب، بل وأيضاً على كُلِّ شَعبِ مُردَخاي اليَهُودِيّ. (أستير 3: 5- 6) فأقنَعَ هامَانُ المَلِكَ أن يُصدِرَ قراراً يقولُ أنهُ في 28 شباط من العام القادِم، سوفَ يُصارُ إلى قتلِ كُلِّ يهوديٍّ على وجهِ الأرض. (7- 11) فألقى هامانُ والملِك قُرعةً لتحديدِ يومِ إبادةِ اليهود، فَوَقَعَتِ القُرعَةُ على 28 شباط. وتعني كلمة قُرعة أو رمي الزَّهر بالفارسية "فُور". لهذا أقامَ اليهودُ عيدَ "الفوريم" ليحتفِلوا بالقضاءِ على هامان الذي أرادَ إبادتَهُم.
نقرأُ أنهُ عندما عرفَ مُردَخاي عن قرارِ الملك، مزَّقَ ثِيابَهُ ووضعَ مِسحاً بِرَمادٍ وخرجَ إلى وسطِ المدينة وصرخَ صرخةً عظيمةً مُرَّةً. (4: 1) فَناحَ اليهودُ وصاموا بالمُسوحِ والرماد عبرَ الولايات المائة والسبعة والعشرين في مادي وفارس، أي العالم المعروف آنذاك.
عندما سَمِعَت أستيرُ أنَّ مُردَخَاي كانَ ينُوحُ ويتَضَرَّعُ إلى الله بالمُسُوحِ والرَّماد، أرسَلَت لهُ رَسُولاً يسأَلهُ عمَّا كانت المُشكِلَة. فأرسلَ لها رسالةً يُخبِرُها فيها عن قرارِ إبادةِ اليهود، وطلبَ منها أن تتضرَّعَ إلى الملك لأجلِ شعبِها المُنتَشِر في أرجاءِ الأمبراطُوريَّةِ الفارِسيَّة. فأرسلت أستيرُ جواباً لمُردخاي تقولُ فيه، "إن كُلَّ عبيدِ الملك وشُعوبِ بلادِ الملك يعلمونَ أن كلَّ رجُلٍ دخلَ أو امرأةٍ إلى الملك إلى الدارِ الداخليَّة ولم يُدعَ فشريعتُهُ واحدةٌ أن يُقتلَ إلا الذي يمدُّ لهُ الملكُ قضيبَ الذهب فإنَّهُ يحيا. وأنا لم أُدعَ لأَدخُلَ إلى الملك هذه الثلاثين يوماً." (4: 11) فأرسلَ مُردَخاي جواباً إلى الملكة أستير يقولُ فيه، "لا تفتكِري في نفسِكِ أنكِ تَنجِينَ في بيتِ الملك دونَ جميعِ اليهود. لأنَّكِ إن سكتِّ سُكُوتاً في هذا الوقت يكونُ الفَرَجُ والنجاةُ لليهودِ من مكانٍ آخر وأما أنتِ وبيتُ أبيكِ فتَبِيدُون. ومن يَعلَم إن كُنتِ لوقتٍ مثل هذا وصلتِ إلى المُلك." (12- 14)
فأجابت أستيرُ مُردَخاي قريبَها برسالةٍ تقولُ فيها، "إذهبْ إجمع جميعَ اليهود الموجودين في شُوشَن وصوموا من جِهَتي ولا تأكلوا ولا تشربوا ثلاثةَ أيَّامٍ ليلاً ونهاراً. وأنا أيضاً وجواريَّ نصومُ كذلكَ وهكذا أدخُلُ إلى الملك خلافَ السُّنَّة. فإذا هلكتُ هلكت." (16)
وعندما دخلَت أستيرُ إلى حضرةِ الملك أحشويرُوش،لم يُشِرْ فقط نحوها بصولجانِ الذهب، بل أعطاها إيَّاهُ. وقطعَ لها وعداً بأنَّهُ سيُعطِيها سُؤلَها حتَّى ولو طَلَبَت نصفَ المملكة. (5: 1- 3) فدَعَت أستِيرُ المَلِكَ وهامان إلى وَليمَةٍ. وهُناك سألَها المَلِكُ ثانِيَةً عمَّا هي طِلبَتُها، ولكنَّها بدلَ أن تُجيبَ على سُؤالِهِ، دعَتْهُ هُوَ وهامان إلى وَليمَةٍ ثانِيَة في اليومِ التَّالِي، حَيثُ وَعَدَت بأن تُخبِرَ أحشَويرُش بما هي طِلبَتُها. (6- 8)
فابتهجَ هامان بِكَونِهِ قَد دُعِيَ دُونَ غيرِهِ ليُشارِكَ بهذه الولائِم المنفَرِدَة معَ الملك والملكة. ولكنَّ تَحَدِّي مُردَخاي لهُ كانَ يُثيرُ غضَبَهُ بإستِمرار. وعندما رجعَ إلى منزِلِهِ بعدَ الوَليمَةِ الأُولى، عبَّرَ عن يأسِهِ وغَضَبِهِ من مُردَخاي. فقالَ واحدٌ من عائلةِ هامان لكي يُهدِّئَ غيظَه، "لماذا لا تعمل خشبةً كبيرةً إرتفعاهُها خمسون ذِراعاً وفي الصباحِ قُلْ للملك أن يصلِبوا مُردخاي عليها." (14) فهدأَ غيظُ هامان، وعمِلَ الخَشَبَة.
- عدد الزيارات: 10748