الفَصلُ السَّابِع إحزَرْ من سيأتي إلى الغداء؟ - المَشهَدُ الثَّالِث: مهرجانٌ فارِسِيّ
المَشهَدُ الثَّالِث: مهرجانٌ فارِسِيّ
حدثَ مهرجانُ إنتخاب ملكات جَمال مادي وفارس عبرَ الولايات المائة والسبعة العشرين. ولكنَّ هذا المهرجان لم يَكُنْ مُجَرَّدَ مُباراةِ ملكاتِ جمالٍ عادِيّ، فكانَ ينبَغي أن يُؤتَى بِكُلِّ الفَتَياتِ الجَميلاتِ في كُلِّ الأرض، وضَمِّهِنَّ إلى حَريمِ الملك. وكانَ يُعاشِرُ الواحِدَةَ منهُنَّ بعدَ الأُخرى، إلى أن يُقَرِّرَ أيَّةَ واحِدَةٍ منهُنَّ إعجَبَتْهُ لِتَكُونَ الملكة. (أستير 2: 2- 4أ). وإسمَحُوا لي أن أُعَبِّرَ بِتَصَرُّفٍ عن رَدَّةِ فِعلِ المَلِك على هذا الإقتِراح، "لقد أعجَبَ هذا الإقتِراحُ الملكَ أحشَوِيرُش كَثيراً، فَوَضَعَ الخُطَّةَ مَوضِعَ التَّنفيذ مُباشَرَةً." (أستير 2: 4ب)
لقد كانت مُباراةُ مَلِكاتِ الجَمَال بِمَثابَةِ إِرغامِ الفَتَيَاتِ الجَميلاتِ بِعُنفٍ على أن يُصبِحنَ من حَريمِ الملك. العلاقَةُ بينَ مَلِكٍ قَديمٍ معَ النِّساءِ المُتَعدِّداتِ من بينِ حريمِهِ، لم تَكُنْ تُشبِهُ لا من قَريبٍ ولا من بعيد العلاقَةَ الزَّوجيَّةَ بَينَ رَجُلٍ وإمرأتِهِ. لقد كان للملوكِ قديماً، أمثال أحشَويرُش، نوعان من الحريم، ما نُسمِّيهِ حريم (أ) وحريم (ب). فعندما كانت الفتياتُ تُختارُ، كُنَّ يُوضَعنَ في الحريم (أ) حيثُ تتمُّ العِنايةُ بجمالِهنَّ لأشهُرٍ طويلة. وتكونُ الليلةُ الأهم عندما تُدعى الفتاة لقضاءِ ليلةٍ مع الملك، وهكذا تقضي كُلُّ امرأةٍ ليلةً واحدةً فقط مع الملك. وعندما تأتي ليلتُها، كانت تُعطَى ما تطلبُهُ من الثيابِ والجَواهِر والعُطور. وفي المساءِ كانت تُؤخَذُ من الحريم (أ) إلى جَناحِ الملك، وفي الصباحِ التالي كانت تُنقَلُ إلى الحريم (ب)، حيثُ تقضي بقيَّةَ حياتِها دونَ أن ترى الملكَ ثانية، إلا إذا سُرَّ بها وطلبَها بإسمِها. وغالباً ما يكونُ المَلِكُ غارِقاً في السُّكرِ ولا يعرف من كانت معهُ. فمن وُجهةِ نظرِ الملك، إن هدف حياة هذه المرأة هو تلكَ الليلة التي قضتها معهُ، والتي لا يتذَكَّرُها.
منَ الشخصيَّاتِ الأُخرى التي نَلتَقيها في مسرحيَّتِنا، شَخصٌ كان يُدعَى مُردخاي، وهُوَ منَ المَسبِيِّينَ اليَهُود، وقَريبَتُهُ الشَّابَّة الصَّغِيرَة أستير، التي كانَ قد رَبَّاها وسَهِرَ على تنشِئَتِها منذُ مَوتِ والِدَيها. وكانت أستيرُ باهرةَ الجمال، مِمَّا إضطُّرَّها أن تدخُلَ في مُبارَاةِ مَلِكاتِ الجَمَال التي أقامَها المَلِك. ولقد قالَ مُردَخَاي لأستير أن لا تُخبِرَ أحداً بأنَّها يهوديَّة، فأطاعتهُ أستيرُ في ذلك. وسوفَ نَرَى أن هذا الإخفاء الذي إعتمدتهُ أستير سوفَ يُظهِرُ العناية الإلهيَّة بحياةِ أستير.
ثمَّ جاءَ الوقتُ عندما دُعِيَت أستيرُ لقضاءِ ليلةٍ مع أحشويروش. ولقد أُعجِبَ أقوى ملكٍ في العالم آنذاك بأستير أكثرَ من كُلِّ مُنافِسيها في مُباراةِ الجَمال. ووضعَ أحشويروش تاجَ مادي وفارِس على رأسِ أستير، وهي يهوديَّة. وهكذا أوصلَ اللهُ امرأةً يهوديَّةً شابَّةً إلى عرشِ أمبراطوريَّةِ مادي وفارس العالمية. وبعدَ سنوات، سيقومُ أرتَحششتا، إبن زوج أستير، بإعطاءِ نحميا إذناً بالعودةِ إلى أورشليم وبإعادةِ بِناءِ السورِ حولَ المدينة.
وذاتَ يَومٍ، عندما كانَ مُردَخَاي جالِساَ عِندَ بابِ قَصرِ المَلِك، سمِعَ رجُلَين يُخطِّطانِ لإغتيالِ الملك. فأخبرَ مُردَخَاي المَلِكَة أستِير عن هذه المُؤامَرة، التي أخبَرَت بِدَورِها الملك أحشَويرُش. وهكذا نُجِّيَت حياةُ الأمبراطور وصُلِبَ المُتآمِران. ودُوِّنَ عملُ مُردَخَاي الصالح في سجلِّ أخبارِ الملك. ولكنَّ الملك أحشويروش لم يُخبَر بما عمِلَهُ مُردَخاي، فلم يُعِرْهُ إهتِماماً ولم يمنَحْهُ مُكافأةً. وسنرى أن هذا الإخفاء سوفَ يُظهِرُ أهميَّةَ العِنايةِ الإلهيَّةِ في هذه القِصَّة المُدهِشَة.
- عدد الزيارات: 10786