Skip to main content

الفَصلُ الرَّابِع صُوَرٌ مجازِيَّةٌ لافِتَة - الجَواسِيس

الصفحة 4 من 6: الجَواسِيس

الجَواسِيس (عدد 13)

نَجِدُ هذه الحادِثة في قِصَّةِ إرسالِ شَعبِ اللهِ القَديم لإثنَي عشرَ جاسُوساً إلى أرضِ كَنعان. لقد طُلِبَ من هؤلاء الرجال التحقُّق من نوعيَّة الحياة في الأرض. وأيضاً التحقُّق من نوعيَّة الشعب الذي يسكِنُها ومعرفة ما إذا كانوا كثيرين أم قليلين، أقوياءَ أم ضُعَفاء. وكان على هؤلاء الجواسيس أن يتفحَّصوا وضعَ المُدُن ما إذا كانت ضعيفةَ الحِماية، أم مُحصَّنَة يصعبُ إحتلالُها.

عندما رجعَ الجواسيسُ الإثني عشر، تحَدَّثُوا بِدَهشَةٍ عن خُصوبَةِ الأرض. وجلبوا معهم عُنقودَ عنبٍ مُعلَّقٍ في غُصنِه، تطلَّبَ رجُلين منهم ليحمِلاه. يُعطينا هذا فِكرةً عن كم كانت الأرضُ خَصِبةً ومُثمِرَة بشكلٍ لا يُوصَف. ولكنَّهم أيضاً قالوا أن الشعبَ هُم عمالقة، مُحاربون، أقوياء البُنيَة، ومُدُنُهم مُحصَّنةٌ جداً بأسوارٍ عملاقَة، كانت عَريضَةً لِدَرَجَةِ أنَّهُ كانت تُبنى منازِل على ظهرِ هذه الأسوار.

لقد كانَ عشرَةٌ من الجَواسيس الإثني عشر خُبراءَ في "عِلمِ العَمالِقَة." كما تَقُولُ إحدى الترانيم القَديمة: "بينما رأى الآخرُونَ العمالِقَة، رأى كالِبُ الرَّبَّ!" لاحظَ أحدُهُم أنَّ هؤُلاء الجواسِيس الإثنَي عشر كانُوا يُشبِهُونَ مُعظَمَ شُيُوخِ وشمامِسَةِ وخُدَّامِ وأعضاءِ الكنائس اليوم. إثنانِ لديهما الإيمان بدخُولِ كنعان، وعشرَة خُبراءُ في "علمِ العمالِقة"، أي أنَّهُم مُتَخَصِّصُونَ في التَّركيزِ على الصُّعوباتِ.

لقد عرفَ كالِب قُوَّةَ هذه المُدُنِ المُحَصَّنَة في كَنعان، ولكنَّهُ لم يَخَفْ. "ولكن كالِب طمأنَ الشعب إذ وقفَ أمامَ موسى وقال، "دعونا نذهب ونأخُذها لأننا قادِرون على دخولِها." (عدد 13: 29- 31) ولقد أُعجِبَ اللهُ بموقِفِهِما هذا، لدرجةِ أن اللهَ كان مُستعِدَّاً أن يستبدِلَ هذه الأُمَّة بِكامِلِها، التي كانت تعدُّ ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين نسمة، مُقابِلَ هذين الرجُلَين، كالِب ويَشُوع. قالَ الرَّبُّ، "جميعُكُم سوفَ تموتون في البريّة، ولكنِّي سوفَ آخذُ هذين الرجُلَين، كالب ويشوع، وأُدخِلُهُما أرضَ الموعِد لأنَّهُما إتَّبعاني من كلِّ قَلبَيهِما، وآمنا بي." إنَّ اللهَ يضعُ أوَّل إهتمامِهِ وتشديدهِ على الإيمان. فعندما يجدُ اللهُ رجُلَين لديهما إيمان، يقولُ لهما، "أنتُما أكثرُ أهمِّيَّةً من ملايين النَّاس بالنسبة لي."

لهذه القصَّة خاتِمةٌ مُثيرةٌ للإهتمام. ففي يشوع 14، بعد 45 سنة، بعدَ أن عبر الشَعبُ نهر الأُردنّ ووصلوا إلى كنعان، جاؤوا إلى مدينة حبرون. وعندما رأى كالِب هذه المدينة شعرَ أنَّ حبرون هي أعظمُ مدينةٍ رآها في حياتِه. ولقد آمنَ أن اللهَ سوفَ يُعطيهم القُدرة على إحتلالِ حبرون. ولقد أُعجِبَ مُوسى بإيمانِ كالِب، لدرجَةِ أنَّهُ قطعَ وعداً علَنِيَّاً لِكالِب أنَّهُ عندما ستُؤخَذُ مدينَةُ حبرون، سوفَ تُعطَى مُلكاً لكالِب.

وبعدَ أن تجوَّلَ كالب أربعينَ سنةً في البرِّيَّة مع الشعب، ذهبَ وتكلَّمَ مع يشوع الذي أصبحَ قائدَ الشعبِ بعدَ وفاةِ موسى، وذكَّرَهُ بكلماتِ مُوسى لهُ. كان كَالِبُ إبنَ خمسَةٍ وثمانِينَ عاماً، ولكنَّهُ عرفَ أنَّهُ بِعَونِ اللهِ سوفَ يأخُذُ حَبرون.

فأعطى يشوع مدينة حبرون لكالب، واحتلَّها كالب. فبينما كان بنُو إسرائيل يتشكُّون ويتذمَّرون في البرية، لدرجةٍ أن اللهَ أرسلَ عليهم الحيَّات لتلدُغَهُم، لم يُشاركهم كالب تذمُّرَهم لأنَّ عينيهِ كانتا مُركِّزتين على أرضِ كنعان، بِدُونِ أن يفقُدَ تركيزَهُ أبداً.

مُتَذَمِّرُونَ ولدغاتُ الأفاعِي
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10600