الفَصلُ الثَّانِي الكِتابُ المُقدَّس: هدَفُهُ، كتابَتُهُ، وأُصُولُهُ - كِتابَتُهُ
كِتابَتُهُ
من كَتَبَ أسفَارَ الكِتابِ المُقدَّس؟ متَى وأين؟ وبأيَّةِ لُغَةٍ أو لُغاتٍ؟ وهل لا تَزالُ تُوجَدُ مخطُوطاتٌ أصلِيَّةٌ؟ منِ الذي قَرَّرَ ماذا ينبَغي أن يتضمَّنَ الكِتابُ المُقدَّسُ، ومنَ الذي وضعَ تنظيمَهُ كما هُوَ عليهِ اليوم؟ إنَّ هذا النَّوع منَ الأسئِلَة سوفَ يَطرَحُ نفسَهُ عليكَ قبلَ أن تقطعَ شَوطاً كبيراً في قراءَةِ الكتابِ المُقدَّس.
دَعُونا نُفَكِّرُ أوَّلاً بِكِتابَةِ الأسفارِ المُقدَّسة. لقد سبقَ وقُلنا أنَّ اللهَ هُوَ بالطَّبع من ألَّفَ الكِتابَ المُقدَّسَ، من خلالِ أقلامِ أُناسٍ إستَخدَمَهُم، سوفَ نتَكَلَّمُ عنهُم لاحِقاً. ولكن قبلَ كُلِّ شَيء، هُناكَ كَلِمتانِ نحتاجُ أن نفهَمَهُما، عندما نتكلَّمُ عن كَونِ اللهِ كَتَبَ هذه الأسفار. الكَلِمَةُ الأُولى هي الإعلانُ. والإعلانُ هُوَ العبارَةُ العامَّة التي تُغَطِّي كُلَّ الطُّرُق التي يُعلِنُ بها اللهُ الحَقيقَةَ للإنسان – عبرَ الطَّبيعة، عبرَ الرُّوحِ القُدُس، عبرَ الأنبِياء، وعبرَ وسائِلَ أُخرى. الكَلِمَةُ الثَّانِيَة هي الوَحي. هذه العِبارَة تُشيرُ إلى ما يُسمِّيهِ اللاهُوتِيُّونَ بالإعلانِ الخاصّ. فالكِتابُ المُقدَّسُ هُوَ إعلانُ اللهِ الخاصّ. فلَدَيهِ بدايَةٌ، ولدَيهِ نهايَة. وعبرَ حوالَي ستَّةَ عشرَ قَرناً، حرَّكَ اللهُ أُناساً ليَكتُبُوا هذه الأسفار. ولكن عندما كُتِبَت الكَلِماتُ الأخيرَةُ في سفرِ الرُّؤيا، أُكمِلَ إعلانُ اللهِ الخاصّ. وهكذا فإنَّ الإعلانَ الخاصّ، أو ذلكَ النَّوع من الوَحي، لم يَعُدْ يحدُث اليوم.
والآن، وبعدَ أن تحقَّقنا من أنَّ اللهَ كتبَ هذهِ الأسفار المُقدَّسة في الكتابِ المُقدَّس، علينا أيضاً أن نعتَرفَ بأنَّ البَشَرَ أيضاً هُم الذين كتَبُوا هذه الأسفار. ولقد كانَ هؤُلاء البَشَر مُلُوكاً، صَيَّادي سَمَك، رُعاةَ غَنم، قادَةً عسكَرِيِّين، كَهَنَةً وجُنَاةَ جُمَّيز. واحِدٌ منهُم كانَ طَبيباً، وآخَرُ كانَ عَشَّاراً. لقد كانُوا ينتَمُونَ إلى فِئاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ من البَشَر.
- عدد الزيارات: 9154