الاتصال - التغلّب على الاضطراب النفسي
التغلّب على الاضطراب النفسي
هناك صعوبة كبيرة يواجهها كل من يتكلم أمام جمهور، وتلك هي الشعور بالاضطراب والتهيُّب. أنا نفسي أحسّ بهذه الصعوبة. فعندما أقدّم شهادتي لشخص أو أمام جماعة أحسّ عادة بجفاف في حلقي، بينما يتصبّب العرق من يديّ. وكم أفضّل لو أن حلقي يترطّب في وضع كهذا تبقى يداي جافّتين. وإني أتعزّى وأتشجّع في مواجهة هذه المشكلة إذ أتذكّر ما قاله بطرس: "وأما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا، بل قدّسوا الرب الإله في قلوبكم مستعدين دائماً لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف" (1بطرس 3: 15).
لاحظ كلمات بطرس "بوداعة وخوف". فإذا شعرت وأنت تقدّم شهادتك ببعض الخوف فافرح. إنك في الوضع الصحيح. لو كان الله يريد أن نؤدي الشهادة ونتكلم بكلمته بخفّة ولدينا الشعور بالارتياح التام والاعتماد على أنفسنا وقدرتنا لقال لنا ذلك. أما إذا شعرنا ونحن نشهد بأن داخلنا ينقبض، وأيدينا ترتجف، وركبنا تصطكّ، وحناجرنا تجف، فذلك ما نشعر به عادة ونحن على ركبنا ساجدين أمام الله وطالبين نعمته وقوته. ذلك هو الوضع الذي يقدر فيه أن يستخدمنا.
"فقال لي: تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحلّ عليّ قوة المسيح. لذلك أُسرّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح، لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2 كورنثوس 12: 9- 10).
يحدث كثيراً أن أقف لأتكلم أمام جمهور مشاكس. قد يكون المستمعون طلاباً في قاعة نومهم في الكلية أو في غرفة الصف أو في اجتماع لإتحاد الطلبة. وبعض الطلاب يحضرون اجتماعاً كهذا ليثبتوا لي أني على خطأ، وواضح أنهم يعارضون رسالة الإنجيل. والمتكلم في موقف كهذا يشعر بالاضطراب النفسي. لقد تعلمت من خلال الصعوبات شيئين ساعداني للتغلب على الاضطراب النفسي.
أولاً، عندما تقدّم رسالتك وتكون الرسالة مؤيدة بكلمة الله فإن ذلك امتياز يمنحك جرأة دانيال. أما الامتياز فهو أن ما تقوله حق، سواء أصدّقه الناس أم لم يصدّقوه. قال يسوع "كلامك هو حق" (يوحنا 17: 17). ودعا بولس الكلمة "كلمة حق الإنجيل" (كولوسي 1: 5). إننا نعيش في عالم ليس فيه إلا شيء واحد ثابت، وهذا الشيء هو التغيير. إلا أن لنا كلمة الله، وهذه الكلمة هي الحق الأبدي. قال بطرس: "... مولودين ثانية، لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحيّة الباقية إلى الأبد. لأن كل جسد كعشب وكل مجد إنسان كزهر عشب، العشب يبس وزهره سقط، أما كلمة الرب فتثبت إلى الأبد. وهذه هي الكلمة التي بشّرتم بها" (1 بطرس 1: 23- 15).
ثانياً، ابتسم، فالابتسام يساعدك. إن أقرب رابطة تصل بين شخصين هي الابتسامة التي تعبّر عن المودّة. الابتسامة تحدّ من اضطرابك ومن عداء سامعيك. إن هذه كما قلت هي أحد الأشياء التي تعلّمتها بعد اجتياز كثير من الصعوبات.
سافرت مع الزميلين لورن ساني ووالت هنريكسن في رحلة للخدمة إلى شمال غرب الولايات المتحدة. وعندما وصلنا جامعة أوريغون الحكومية دهشت لرؤية لافتات ضخمة معلّقة على جدران قاعات النوم في الجامعة وقد كتب عليها: "ليروي قادم إلينا". دبّ فيّ الخوف في الحال. فقد تخيّلت أننا إذ نجتمع بالطلاب ونكلّمهم سنواجه عصابة من الأشقياء تنتظر لتسلخ جلدي عن لحمي وأنا حي. فها قد جاء ليروي، إذن هم في انتظاري.
انعقد الاجتماع الأول في إحدى غرف الصف الضخمة، وكان الحضور كبيراً. وكنت أشعر بتوتّر واضطراب مفكّراً بما قد يحدث. وقف قائد الاجتماع وهو موظف في الجامعة فافتتح الاجتماع ثم دعاني للكلام. نظرت إلى جمهور الطلاب فلاحظت وجود مجموعة من المشاغبين بينهم. فبدأت كلمتي وأنا متجهّم الوجه، فقلت ما أردت قوله بصرامة ووضوح. واستغربت أنهم تقبّلوا كل ذلك بإصغاء واهتمام. وعندما انتهيت من كلمتي وعرضت أني مستعد للإجابة عن أيّة أسئلة يوجّهونها كانت الأسئلة جدّية وبإخلاص.
بعد انتهاء الاجتماع تقدّم عدد كبير من الطلاب إلى الأمام وصافحوني وقالوا: "شكراً للرب أيها الأخ. قدّمت إلينا الإنجيل واضحاً. شكراً لأجل مجيئك". وتلك كانت أول ليلة في حياتي أقضيها وأنا أبتسم كل الوقت.
وفي الطريق إلى مكان نومنا قال لي لورن ساني: "كان أفضل لو أنك كنت تبتسم من حين إلى آخر وأنت تلقي الكلمة. فذلك كان يضيف إلى الاجتماع بعض الدفء." أنا واثق أن لورن كان على حق، وتعلّمت من ذلك درساً ثميناً.
- عدد الزيارات: 10313