أمثلة عن المرأة من الكتاب المقدس
لا تحتل مركزاً جهارياً:
رأينا في فصول كثيرة من الكتاب المقدس أن مكان المرأة في الكنيسة ليس هو مكان الخدمة العلنية، بل بالحري مجالها هو ميدان خدمة خصوصية، فسيح الأرجاء يتسع لأنواع عديدة من النشاط التقوي لخدمة ربها ومخلصها. ولقد تأملنا فيما سبق فيما حرّم على النساء أن يمارسنه والآن لنفتش الكتاب لنرى مراكز أو وظائف معينة لم تكلف بها النساء على الإطلاق.
في الكتاب المقدس ستة وستون سفراً جميعها كتبت بواسطة رجال. والله لم يختر امرأة واحدة لكتابة جزء واحد من فصول هذا الكتاب. كذلك لم يسمح لامرأة من سبط لاوي أن تتقلد كهنوتية للخدمة في خيمة الاجتماع أو في الهيكل في العهد القديم. أيضاً لم يختر الرب امرأة واحدة بين الإثني عشر رسولاً الذين كانوا جميعاً رجالاً. وبالإضافة إلى هؤلاء الإثني عشر أرسل الرب سبعين آخرين ولم نسمع عن أي منهم كان من النساء. وفي أعمال 6 انتخب سبعة رجال مشهوداً لهم ومملوئين من الروح القدس والحكمة لأجل خدمة الموائد وحاجات الأرامل وليس بينهم امرأة واحدة. وفي 1 كورنثوس 15 ذكر شهود كثيرون لتثبيت قيامة الرب وسميت أسماء رجال كثيرين ليس من بينهم اسم امرأة واحدة. وهذا له معناه الخصوصي، لأن مريم وهي أول من رأي الرب المقام والتي أرسلت منه بأول بشارة عن القيامة، ولكن حذف اسمها ضمن قائمة الشهود، أليس هذا دليلاً قوياً على أن الكتاب لا يعطي المرأة مكاناً في الشهادة العلنية؟
وفي الكنيسة الأولى ذكر عن إقامة أساقفة وشمامسة وشيوخ على التفصيل الوارد في رسالتي تيموثاوس الأولى ورسالة تيطس وجميع هؤلاء كانوا رجالاً ليس بينهم امرأة واحدة. كما أننا لا نقرأ عن امرأة مبشرة أو راعية أو معلمة بالمعنى العام المعروف في العهد الجديد. كذلك ولا امرأة واحدة ورد اسمها بين من صنعوا المعجزات العلنية. وفي رؤيا 11 نقرأ عن شاهدين نبيين من الرجال، وليست نبيتين، ولا نبي ونبية، بل إثنين من الرجال.
وبكل تأكيد عدم الإشارة إلى النساء في كل هذه المراكز والوظائف العلنية المختلفة يرينا أن مجال الخدمة العلنية ليس هو مجال نشاط المرأة. والآن ننتقل إلى الكلام عن أمثلة إيجابية في الكتاب المقدس لنساء تقيات وخدماتهن العاطرة المقبولة لأجل مجد الله.
مريم (أو مريام)
في خروج 15: 2 نقرأ أن مريم النبية أخت هرون أخذت الدف بيدها وخرجت جميع النساء وراءها بدفوف ورقص وأجابتهم مريم "رنموا للرب فإنه قد تعظم". كانت هذه خدمة جليلة من مريم. لقد قادت النساء في الترنيم والتسبيح للرب ولم تحاول قيادة الرجال. كانت هذه الخدمة منها مقبولة جداً. لكن في وقت متأخر انظر كيف وقعت عليها يد الرب المؤدبة لما قادت هرون أخاها في حركة التذمر على موسى، لقد ضربت بالبرص من أجل هذه الخطية (العدد 12).
نساء في خروج 35: 22 - 26
نقرأ بالارتباط مع بناء خيمة الاجتماع القول "وجاء الرجال مع النساء. كل سموح القلب، جاء بخزائم وأقراط وخواتم. وقلائد، كل متاع من الذهب، تقدمة ذهب للرب. وكل النساء، الحكيمات القلب، غزلن بأيديهن، وجئن من الغزل، بالاسمانجوني، والأرجوان، والقرمز، والبوص. وكل النساء اللواتي انهضتهن قلوبهن بالحكمة، غزلن شعر المعزى". وبهذه الخدمات الطيبة كان للنساء نصيب جميل في بناء مقدس الله.
دبورة
كانت دبورة نبية، وكانت امرأة متزوجة، وقضت لإسرائيل في أيام الانحطاط والخراب الروحي (قضاة 4). لقد انحطت حالة اسرائيل جداً، وأقام الله لهم دبورة قاضية لما خبت في اسرائيل نخوة الرجال تماماً، فأقامها الله ليكسر نير العدو الأجنبي. ودائماً في أوقات الخراب وأيام الانحطاط تتقدم المرأة الصفوف وهذه علامة سوء الحال. ومع ذلك ينبغي أن نلاحظ كيف حاولت دبورة أن لا تتخطى حدودها وكيف حاولت أن تبقى في مكانها الصحيح. كانت دبورة جالسة تحت نخلة وكان بنو اسرائيل يصعدون إليها للقضاء وأرسلت ودعت باراق بن أبينوعم وقالت له أن يذهب ويحارب سيسرا، فلما امتنع باراق وتذرع بأنه يذهب إذا هي ذهبت معه وإن لم تذهب هي معه فلن يذهب هو، رضيت دبورة أن تذهب معه لكنها قالت له "إنه لا يكون لك فخر في الطريق التي أنت سائر فيها لأن الرب يبيع سيسرا بيد امرأة". ومعنى هذه الكلمات أنه إن كان عاراً على باراق أن يقتل سيسرا بيد امرأة فهذا العار ليس بأقل من العار الملحوظ أن تضطر امرأة بسبب هوان الرجولة في الرجال إلى الجلوس على كرسي القضاء لإسرائيل. إن إيمانها وشجاعتها شددت من عزم باراق الجبان. وهكذا أخوات يمكنهن أن يشجعن الإخوة المتراخين والكسالى ودبورة لم تتقدم باراق لكنها شجعته وذهبت معه.
امرأة من شونم
في سفر الملوك الثاني 4: 8 - 37 نقرأ عن هذه المرأة العظيمة، فإن اهتمامها الخصوصي وكرم ضيافتها لرجل الله أليشع مما يعتبر مضرب الأمثال. لقد أشارت على رجلها أن تعمل علّية صغيرة ليميل إليها النبي كلما مر بذلك الطريق وجهزتها بالأثاث اللازم وبذلك ترجمت إيمانها عملياً، ولا زالت هذه الخدمة الجميلة تذكر عاطرة إلى هذا اليوم.
نساء العهد الجديد
في مناسبتين عظيمتين أكرم الله المرأة أكثر من الرجل في العهد الجديد.
المناسبة الأولى: كانت عندما ولد المسيح من امرأة هي العذراء مريم. والمناسبة الثانية كانت بعد القيامة عندما ظهر الرب أولاً لامرأة هي مريم المجدلية. هاتان الامرأتان لهما مكان عجيب في العلاقة بالرب يسوع فالأولى يتكلم عنها الكتاب بالقول "المنعم عليها" و"مباركة في النساء" (لو 2: 28) ومريم المجدلية عرف عنها إخلاصها وعميق شعورها من نحو الرب فحباها الرب امتيازاً سامياً إذ حمّلها أعجب وأول بشارة عن القيام لتبلغها للتلاميذ.
وحنّة النبية كانت تتعبد لله (تخدم الله) "بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً" وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه إلى الهيكل "وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم" (لوقا 2: 27). وخدمة مثل هذه بابها مفتوح أمام كل أخت في يومنا الحاضر بل والحاجة ماسة إليها جداً.
أيضاً في لوقا 8: 2 و 3 نقرأ عن بعض النساء ممن شفاهن الرب من أرواح نجسة وأمراض كن يتبعن الرب مع الإثني عشر تلميذاً، وأخر كثيرات "كن يخدمنه من أموالهن". وكانت تلك أيضاً خدمة مباركة حقاً.
ومرثا قبلت الرب يسوع في بيتها وكانت تخدمه بينما كانت أختها مريم تجلس عند قدميه لتسمع كلامه. وفي مناسبة أخرى صنعوا له عشاء ومريم دهنت قدميه بطيب كثير الثمن كانت قد حفظته لأجل تكفينه (لوقا 10: 38، يوحنا 12: 1 - 3).
وبالارتباط بموت الرب نقرأ عن جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كن يلطمن أيضاً وينحن عليه... وتبعنه نساء كن قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده" (لوقا 23: 27 و 55). وفي أول الأسبوع جاءت نساء إلى القبر حاملات حنوطاً وأطياباً. وفي كل ذلك نرى خدمة مخلصة من النساء نحو الرب في حياته ومماته. إنها الخدمة الحبية الشخصية هي التي تبدو في خدمات مثل هذه من جانب الأخوات.
وفي سفر الأعمال 9: 36 - 39 نقرأ عن طابيثا التي كانت ممتلئة أعمالاً صالحة وإحسانات. وعند موتها جاءت جميع الأرامل يبكين ويرين أقمصة وثياباً مما كانت تعمل وهي معهن. ويالها من خدمة جليلة كانت تؤديها طابيثا إلى الفقراء. وفي سفر الأعمال 12: 12 نقرأ عن مريم أم يوحنا الملقب مرقس. إنها فتحت بيتها لاجتماع الصلاة. وفي ص 16: 13 نرى جمعاً من نسوة يجتمعن عند نهر حيث جرت العادة أن تكون صلاة، كما نرى ليديا تفتح بيتها للرسول بولس والذين معه (ص 16: 15).
ومن بين الأسماء التي تذكر للتنويه الشخصي في رومية 16 نجد أسماء نساء أمثال فيبي خادمة كنيسة كنخريا التي صارت مساعدة لكثيرين. وبريسكيلا مع زوجها أكيلا اللذين عملا مع الرسول ووضعا عنقيهما من أجل حياته. وفي رومية كان بيتهما هو محل اجتماع الكنيسة لأن بولس يقول "سلموا على الكنيسة التي في بيتهما" وأيضاً ذكرت مريم التي تعبت لأجل بولس والذين معه.
ولما كتب بولس لأهل فيلبي ذكر أفودية وسنتيخي اللتين جاهدتا معه في الإنجيل (في 4: 3). أولئك لم يعملن معه أو يتعبن معه في الكرازة والتبشير كما يظن البعض، وهذا واضح بجلاء من كتاباته في مواضع أخرى، لكنهن كن عاملات متفانيات معه في مشاركته أتعاب وصعاب الإنجيل. لقد ساعدنه بكل وسيلة ممكنة من فتح بيوتهن ليكرز فيها، إلى إضافة العاملين في الكرازة، إلى حثّ الآخرين على حضور الاجتماعات، على إقامة صلوات خاصة لجلهم، إلى غير ذلك مما يفوق الحصر مما تستطيع النساء أن يعملنه بصورة أفضل من الرجال. وبولس قدّر أمثال هؤلاء وخدماتهن وتكلم عنهن كأنهن عاملات معه في الإنجيل، ولا تزال أمثال هذه الخدمات المباركة من أجل الإنجيل متاحة أمام الأخوات وفي مقدورهن أن يزرن المرضى وأن يوزعن النبذ أيضاً.
إن الحقل واسع أمامهن لمثل هذه الخدمات وتلك الأمثلة الواردة في الكتاب للنساء قديماً ينبغي أن تشجع الأخوات بيننا على التعب من أجل الرب. وخدماتهن لا تقل في أهميتها عن خدمة الكرازة العلنية وليست منسية من الرب بل لها مجازاتها وأجرتها.
وعلى ذلك يمكننا أن نستخلص مما سبق أن ما قلناه في الصفحات السابقة عن مكان المرأة، إن مكانها متميز كل التمييز عن مكان الرجل، وأنه ليس مما يتفق وتعليم الكتاب المقدس أن تعمل المرأة ما هو من صميم اختصاص الرجل من جهة خدمة الرب. نسمع أحياناً من يحتج بما جاء في غلاطية 3: 38 ليؤيد عكس ما نقول إذ يتمسك بعبارة "ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع"، لكن هذه العبارة لا تتكلم عن السلوك والترتيب في الكنيسة بل هي تتكلم عن عائلة الله المفدية، وأنه لا فرق بين الرجل والمرأة من جهة الخلاص بالنعمة، تماماً كما لا يوجد أي فرق بين يهودي ويوناني أو بين العبد والحر. ولقد سبق أن بينا أن ترتيب الله في الخليقة لم يزل قائماً أيضاً في الكنيسة.
- عدد الزيارات: 34766