Skip to main content

الاستحقاق والدينونة

على أن هنالك نقطة أخرى كثيراً ما حيرت النفوس وأتعبتها بسهولة، حتى في ممارسة العشاء بالطريقة الكتابية البسيطة المقدسة، وهي نقطة خطر الأكل بدون استحقاق وجلب "دينونة" لنفس الآكل هكذا. إننا نستطيع أن نحل هذا الإشكال بواسطة اليقين من أنه لا توجد أقل فكر من الدينونة يستطيع أن يحرم المؤمن من تعزية الإنجيل بل من تعزية كلمة الله على وجه الإجمال (هذا مع تسليمنا بوجوب حرص المؤمن ضد أي إهمال أو اشتراك في الخبز والخمر بدون استحقاق) والرسول يرينا أهمية الذهاب إلى مائدة الرب في أول كل أسبوع وقلوبنا فائضة بذكرى محبة المسيح المضحية، ذاك الذي مات كفارة عنا لكي نخلص بموته. ولكن ما هي نتيجة الاستخفاف، ولو ذرة ما، بعشاء الرب؟ إننا إذا كنا نأكل الخبز ونشرب الخمر في تلك الوليمة المقدسة – كما لو كنا نأكل الطعام العادي الذي يقدمه لنا الله في منازلنا الخاصة – ونحن غير مميزين جسد الرب، بمعنى آخر: إذا كنا نأكل ونشرب بدون استحقاق فإننا لا نكون آكلين عشاء الرب بل بالأحرى دينونة لأنفسنا. وإذا تصرفنا هكذا في المائدة فإن يد الرب تمتد علينا كما يخبرنا الرسول بما حدث للكورنثيين الذين كانوا بلا ترتيب. على أن تلك التأديبات المحزنة التي نالها الكورنثيون لم تكن سوى دينونة وقتية "لكي لا يدانو مع العالم". ومن الجهة الأخرى لا عذر لمن يغيب عن مائدة الرب بحجة عدم الاستحقاق، ولا مفر من الوقوع في يده في مثل هذه الحالة إلا إذا تذللنا أمامه وبررناه بالحكم على أنفسنا وبعد هذه الخطوات نذهب للمائدة. من هذا يتبين لنا أن عشاء الرب ليس امتيازا حلواً أكثر من كونه واجباً خطيراً في عنق شعب الله يقوم به الكل ما عدا الواقعين تحت التأديب الكنائسي. وعندما نتأمل في تلك المحبة التي بينها لنا الرب في ذبيحته الكريمة التي قدمها لأجلنا، والخلاص الذي ما كنا لنستحقه على الإطلاق ولكنه قد صنعه لنا باتضاعه وآلامه تحت غضب الله على الصليب، أجل – عندما نذكر تلك المحبة وذياك الخلاص، مع التشجيعات العظيمة التي يقدمها لتعزيتنا وإنذارنا ومعونتنا في مصارعتنا على الأرض، عندئذ لا يسعنا إلا أن نقدر قيمة موت الرب كواجب عظيم ينبغي ألا نهمله مهما كانت الظروف.

ثم أن غلطة الآخرين يجب ألا تبعدني عن الذهاب إلى المائدة لأنه إذا كانت تلك الغلطة تؤثر على واحد فهي تعطل الجماعة كلها فلا داعي لتأخيري أنا إذ هل أتناسى الرب فلا أصنع ذكراه لأنه يوجد شخص يستحق التوبيخ. ليوبخ المخطئ أو يعامل معاملة كتابية إنما واجبي أن "أصنع هذا لذكرى الرب" ومن الجهة الأخرى فإن شعوري بعدم أمانتي لا يجب أن يقعدني عن الذهاب للمائدة. ولنا في الكتاب حل لهذا الإشكال في قول الرسول "ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل" ولم يقل: وهكذا يمتنع. لأن الذي يبتعد من تلقاء نفسه عن مائدة الرب فكأنه يقول للناس أنه ليس للرب.

وإذ قد وصلنا إلى زبدة موضوع كسر الخبز فإننا نكتفي بما قلناه. ونود أن نقول كلمات قليلة عن الصلاة. وتوجد في موضوع الصلاة غلطة شائعة وهي أننا نسمع في بعض الأحيان أناساً يقولون بوجود موهبة الصلاة. ولكن أين نجد هذا التعبير "موهبة الصلاة" بالمعنى الذي يستعمله الناس عادة وما هو أثر هذا التعبير الخطأ. أنه قد أعاق إلى حد كبير كثيرين من المؤمنين المتواضعين البسطاء، ممن يريدون أن يشتركوا بقلوبهم في الصلاة الجمهورية، ولكنهم لا يثقون في أنفسهم أنهم حاصلون على تلك الموهبة المزعومة.

  • عدد الزيارات: 2738