Skip to main content

مَصْدَر قوَّة القائد - الطاعة

الصفحة 5 من 5: الطاعة

الطاعة:

والعنصر الأخير في الشركة هو الطاعة، فلا شركة مع رئيس دون طاعته. ويسوع المسيح رئيسنا إلى حدٍّ بعيد.

قبل أن أسلِّم حياتي للمسيح قضيت فترة في جزيرة بافوفو مع الفرقة الأولى للبحرية، خلال الحرب العالمية الثانية. وكانت تلك الجزيرة منتجعنا، فكنا بعد كل حملة عسكرية نرجع إليها لنستريح فيها، ويا لها من منتجع. كانت تلك الجزيرة ملأى بالحشرات من ذباب ونمل أحمر وبعوض، وكانت خيامنا ترشح ماءً من كثرة الرطوبة، وكثيراً ما كنا نجد في الصباح سرطان الأرض في أحذيتنا. كانت الحرارة دائماً مرتفعة خانقة، والمطر اليومي مصدر إزعاج دائم. ولم يكن لدينا ما نأكله سوى جراية الميدان. ولكي تجعل الحياة مقبولة نوعاً ما، جادت البحرية بعلبة بيرة لكل جندي مرة في الشهر، لإدخال البهجة إلى قلوب الجنود. طبعاً رحَّبنا بتلك المعاملة الكريمة، مع أن علبة البيرة في الشهر لا تعتبر ذات قيمة لمن تعوَّدوا شرب البيرة باستمرار. وعليه فقد وضعت خطة بالإتفاق مع بعض زملائي الذين لا يشربون البيرة إطلاقاً، على أن يبيعوني حصتهم. وكان ذلك بالطبع ضد الأنظمة. ولكن كان من المتعارف عليه في كتيبتنا أن وسام حسن السلوك يعطى للمجنَّد إذا لم يُقبض عليه مُتلبِّساً بأية مخالفة للأنظمة.

كنت في كل مرة أجمع عدداً من علب البيرة الساخنة، فأختلي بها في خيمتي لأفتحها وأشرب محتوياتها. وفي يوم حارّ دخلت خيمتي ومعي أكثر من عشر علب بيرة. أخذت أفتحها واحدة واحدة بطعنها بحربة صدئة كانت معي. شربت محتويات عدة علب، وبدأت أشعر بتأثيرها في أعصابي. ثم طعنت علبة أخرى لأفتحها. وبعد عدة طعنات انفتحت أخيراً، وتدفقت منها البيرة الساخنة باتجاه باب الخيمة. وإذا بقائد مجموعتنا يدخل الخيمة في تلك اللحظة فيقع رشاش البيرة على وجهه وملابسه. وليس ذلك فقط، بل وجدني ثملاً وحولي كل تلك العلب التي لا يحق لي أن أشربها.

كان ذلك الرئيس صديقي. لكني خالفت الأنظمة. ولم أستطع استرجاع صداقتي وشركتي معه إلاّ بعد عدة أسابيع.

ليس هناك شركة مع رئيس عن غير طريق الطاعة، فقد قال يسوع "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبُّني، والذي يحبّني يحبّه أبي وأنا أحبّه وأظهر له ذاتي" (يوحنا 14: 21).

إن خطر العصيان قد بيَّنه الله بوضوح في قوله "ولماذا تدعونني يا رب يا رب، وأنتم لا تفعلون ما أقوله. كل من يأتي إليّ ويسمع كلامي ويعمل به أريكم من يشبه. يشبه إنساناً بنى بيتاً وحفر وعمَّق ووضع الأساس على الصخر. فلما حدث سيل صدم النهر ذلك البيت فلم يقدر أن يزعزعه، لأنه كان مؤسساً على الصخر. وأما الذي يسمع ولا يعمل فيشبه إنساناً بنى بيته على الأرض من دون أساس، فصدمه النهر فسقط حالاً وكان خراب ذلك البيت عظيماً" (لوقا 6: 46- 49).

إن حياة القائد مع الطاعة هي الحافز الأقوى المؤثّر على أتباعه. فهم يرون حياته فيغمرهم التّحدّي الكبير لإبراز انتمائهم وطاعتهم.

إن العناصر الثلاثة للشركة هي الكلمة والصلاة والطاعة، وهي للقائد واجب إلزامي مطلق، إنه بحاجة لإختبار قوة الله في حياته وخدمته على أساس يوميّ. فالشركة مع الله هي الموصِّل الذي يجعل تلك القوة فاعلة، وبدونها يصبح القائد مجرد منظّم للجهود البشرية. إلاّ أنه يصبح بها أداة بين يديّ الله يستعملها لإتمام مقاصده على هذه الأرض.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 13826