Skip to main content

الفصل السابع: لماذا جاء يسوع؟

إنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. (1 كورنثوس 15:3- 4)

إن أصل كل الشرور والآلام والمخاوف ليكمن في هذه الكلمة الصغيرة: الخطيئة. فهي التي قلبت طبيعة الإنسان، وخرّبت التوافق الباطني في حياته، وحطته من سمو مقامه وأوقعته في شراك إبليس.

إن جميع الاضطرابات العقلية، وجميع الأمراض، وشتى أنواع الدمار، ومختلف الحروب، تتأصل جذورها في الخطيئة. فهي التي تسلب العقول وتسمم الأفئدة. يصفها الكتاب المقدس بداء مروّع منهك يتطلب شفاء جذرياً، إعصار جامح، بركان يقذف حممه، مجنون أفلت من المصح! إنها أشبه بقاطع الطريق يترقب العابرين، أو أسد زائر يتعقب فريسته! إنها كالصاعقة تنقض على الأرض، أو المقصلة تقطع الرؤوس. هي سرطان أكول يشق طريقه إلى نفوس بني الإنسان، وتيار جارف هدام.

بسبب الخطيئة تتلطخ الجداول بجرائم الإنسان، وتهب رياح الفساد الخلقي، وينقلب ضوء النهار ظلاماً وتطفح كأس الحياة مرارة وتمسي السبل محفوفة بالمخاطر حافلة بالمهاوي تنزلق فيها أقدام المسافرين. مدمرة السعادة ومظلمة البصيرة. إنها تخنق الضمير وتقسي القلب، تثير الأحقاد وتسبب اللوعات. تعدنا بالمخمل فتلفنا بالكفن، تعللنا بالحرية فتفرض علينا نير العبودية، تعدنا بالرحيق فتسقينا المرارة، تعدنا بالحرائر فتكسونا المسوح.

بنو الإنسان كانوا تائهين في غمار ظلمات روحية منذ أجيال بعيدة وقد أعمتهم الخطية فراحوا يتحسسون طريقهم لعلهم يهتدون إلى المنفذ. كان الإنسان بحاجة إلى من يخرجه من تشويشه الذهني وتيهه الخلقي، إلى من يحرره من سجن إبليس ويحطم أقفال السجن ويفتح أبوابه. لقد كان بنو الإنسان، بقلوبهم الجائعة وأذهانهم الظمأى ونفوسهم الفارغة من كل أمل يبحثون عن معين، ولكن الشيطان كان يتفرس مزهواً بانتصاره الذي أحرزه في جنة عدن.

ومنذ عهد إنسان الغاب إلى عهد الإنسان المتحضر في مصر واليونان وروما ظل البشر الحائرون يسألون نفس الأسئلة:كيف الوصول إلى حالة أفضل؟ أي سبيل أسلك؟ كيف أتخلص من هذا الداء الوبيل؟ كيف أستطيع إيقاف هذا السيل الجارف؟ كيف التخلص من هذا الشرك الذي يحيق بي؟ وإذا كان ثمة طريق فأين هي؟

سبق أن رأينا في الكتاب المقدس أن الله هو إله المحبة. وقد أراد الله أن يعمل لخلاص الإنسان وتحريره من لعنة الخطيئة ولكن كيف يكون ذلك؟ إن الله هو إله عادل قدوس. ومنذ البداءة أُنذر الإنسان بأنه إذا أطاع إبليس وعصى الله، فسيموت روحاً وجسداً. ولكن الإنسان عصى الله عمداً، فوجب عليه أن يموت؛ وإلا أصبح الله كاذباً، لأن الله لا يستطيع ان يتراجع في قوله. لذلك عندما تمرد الإنسان على الله متعمداً أُقصى من حضرته. ولم يكن بإمكان الله أن يغفر خطيئة الإنسان مجاناً لأن الغفران المجاني يعني أن الله قد تراجع في قوله وكذب؛ لأن الله كان قد قال: "يوم تأكل منها موتاً تموت"[1].

إذا كان لا بد من إيجاد حل لأن الإنسان كان ضالاً لا معين له، متورطاً في حالة لا رجاء له بالخروج منها. وبلغت الحماقة بالإنسان إلى جحود الله ووجوده.

وفي كلام الله، في جنة عدن، وعيد لإبليس، ووعد للإنسان: "أضع عداوة بينكِ (الحية) وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه". "وأنت تسحقين عقبه" هذا هو بريق الأمل الذي ومض من السماء! هذا هو الوعد الذي يستطيع الإنسان أن يركن إليه ويتمسك به. لقد وعد الله بيوم يأتي فيه الفادي والمنقذ. وبذلك وضع الله في قلب الإنسان جذوة رجاء! وعلى مر القرون أيضاً حصلت مناسبات أخرى بدت فيها من السماء ومضات أخرى من الرجاء. وطوال حقبة العهد القديم قدم الله للإنسان الوعد بالخلاص إن هو آمن بالمخلص الموعود به. وابتدأ الله بتعليم شعبه بأن الإنسان لا يخلص إلا ببديل يدفع ثمن فداء الإنسان.

ولنرجع معاً لبرهة وجيزة إلى جنة عدن. قال الله: "يوم تأكل منها موتاً تموت". وأكل الإنسان منها، فمات.

ولنفرض أن الله قال حينذاك لآدم "لقد ارتكبت يا آدم غلطة، وهذه الغلطة إنما هي زلة من جانبك. صفحت عنك، لا تكرر فعلتك ثانية. لو حدث ذلك لكان الله كاذباً، لا قدوساً عادلاً. كان لا بد لله أن يصدق في كلمته: كان على الإنسان أن يموت روحاً وجسداً. كان عليه أن يتألم ويدفع جزاء خطاياه. وبما أن آدم هو رأس (أصل) الجنس البشري، لذلك عندما أخطأ آدم، أخطأنا جميعاً: "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطيّة إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطاء الجميع"[2].

فكيف يستطيع الله أن يكون باراً عادلاً ومع ذلك يبرر الخاطئ؟- لنتذكر أن كلمة تبرير تعني تنقية النفس من الذنب. فالتبرير ليس مجرد غفران؛ إنه يقتضي أن تُرفع الخطيئة وتطرح بعيداً كما لو أنها لم توجد مطلقاً. يجب أن يعاد الإنسان إلى ما كان عليه أصلاً، دون أن يبقى عليه وصمة ولا عيبة ولا مذمة!

وعلى مر القرون سعى بنو الإنسان في عماهم للرجوع إلى جنة عدن، وقد سلكوا سبلاً شتى إلا أنها باءت جميعها بالفشل. فالثقافة ضرورية ولكنها أعجز من أن ترجع الإنسان إلى الله وربما نجحت الديانات الزائفة بتخدير ألم الإنسان ولكنها لن تستطيع أن توصل الإنسان إلى هدفه.

ولا منظمات الشعوب والدول قادرة على إيجاد سلم دائم، ولو أفلحت في ذلك لخاطب بنو الإنسان الله بقولهم: "لسنا بحاجة إليك بعد الآن، فقد أحللنا السلام في الأرض، ونظمنا شؤون البشرية باستقامة وعدل". ولكن جميع هذه التخطيطات ما هي إلا عجلات، لا نجع فيها ولا شفاء، يستعملها العالم بانتظار الطبيب العظيم.

والتاريخ يحدثنا عن أول تحالف عقده بنو الإنسان ثم انتهى ببلبلة الألسنة في برج بابل. وفي كل مرة حاول البشر أن يعملوا منفردين عن الله كان مصيرهم الفشل والخراب.

والسؤال الذي ما زلنا بصدده هو: كيف يمكن أن يكون الله عادلاً- أي صادقاً تجاه طبيعته الذاتية وتجاه قداسته الذاتية- وفي الوقت نفسه يبرر الخاطئ؟ ليس بين البشر أحد بريئاً؛ لا يمكن انتظار أية معونة من بني الإنسان لأن الداء قد تسرّب إلى كل فرد منهم وتأصّل فيهم.

كان الحل الوحيد أن يتطوع شخص بريء ليموت روحياً وجسدياً، بصورة بديلية؛ وهكذا يحمل بدلاً عن الإنسان دينونة الإنسان وقصاصه، وموته. ولكن أين هذا البريء؟ أعلى الأرض؟- كلا فإن الكتاب المقدس يقول "الجميع أخطأوا"[3]. فلم يبق إذاً إلا احتمال واحد فقط: في الكون أجمع ليس إلا ابن الله الوحيد يستطيع أن يحمل خطيئات العالم.

إن الكتاب المقدس يعلمنا حقيقة الثالوث الأقدس: سر عجيب لن تصل إلى إدراكه عقولنا المحدودة. إن الكتاب لا يقول أن هناك ثلاثة آلهة، بل إله واحد معلن بثلاثة أقانيم: الله الآب، الله الابن، الله الروح القدس.

إن الأقنوم الثاني من الثالوث هو يسوع المسيح ابن الله، وهو معادل لله الآب. ليس هو ابناً بين أبناء آخرين وإنما هو ابن الله، الابن الوحيد الأوحد، الأزلي، وهو الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، "الله ظهر في الجسد" (1تي 3:16) المخلص الحي.

يعلم الكتاب أن يسوع المسيح ليست له بداية: لم يخلق خلفاً. ويؤكد الكتاب أن السموات وما فيها من ربوات ربوات الكواكب والنجوم والشموس به خلقت، والأرض صنع يديه. إن "أصل" يسوع المسيح محاط بالسر نفسه الذي يحاط به "أصل" الله. والكتاب المقدس يقول بهذا الصدد: "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله"[4]. ونجد في الكتاب أيضاً أن يسوع هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليفة... فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين الكل به وله خُلق. الذي هو قبل كل شيء. وفيه يقوم الكل[5]. ومفاد العبارة الأخيرة أن الكون بأسره قائم متماسك بفضل قوة يسوع. ولولاها لتناثر الكون إلى ملايين ملايين الذرات ...

ويقول الكتاب أيضاً "أنت يا رب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك. هي تبييد ولكن أنت تبقى وكلها كثوب تبلى وكرداء تطويها فتتغير ولكن أنت أنت وسنوك لن تفنى"[6].

قال المسيح عن ذاته "أنا هو الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر". لذلك فيسوع وحده قادر على إرجاع الإنسان إلى الله. ولكن هل يريد؟ فإذا أراد فمعنى ذلك أنه كان عليه أن يأتي إلى الأرض ويأخذ صورة عبد ويصبح في شبه الناس ويضع نفسه ويطيع حتى الموت. وعليه أيضاً أن يحارب الخطيئة والشيطان عدو النفوس وينتصر عليهما. عليه أن يحرر الخطاة من عبودية الخطيئة، وأن يفك قيود الأسرى ويطلق حريتهم بدفعه الثمن، وذلك الثمن هو دمه الثمين. وكان عليه أن يُحتقر ويرذل من البشر، وأن يكون رجل أوجاع و مختبر الحزن، أن يكون مضروباً من الله، وأن يثخن بالجراح لأجل آثام البشر ويُسحق لأجل معاصيهم. عليه أن يصالح الإنسان مع الله، وبذلك يكون أعظم وسيط يعرفه التاريخ. عليه أن يكون بديلاً عن الناس ويموت عوضاً عن الخاطئ. عليه أن يقوم بكل ذلك طوعاً واختياراً.

شكراً لله لأن هذا كله قد حدث بالفعل: أطل الله من علو سمواته، فرأى البشر في عالمهم وقد حلت عليهم الدينونة واللعنة وفغرت الجحيم فاها لابتلاعهم. رآك ورآني مقيدين بسلاسل الخطيئة وحبائل الشر ونحن نرسف تحت أغلالنا. واتخذ الله قراره في عليين. واحنت الملائكة والجند السماوي رؤوسها في قدسية وخشوع عندما أمير الأمراء ورب الأرباب الذي يستطيع أن يخلق الكواكب بكلمة من فيه مضى في عربته المحلاة بالجواهر متخطياً الأبواب اللؤلؤية ونازلاً إلى الأرض. وبينما الكواكب ترنم معاً، وأجواق الملائكة ينشدون تسبيحه، نزل ووضع نفسه وصار إنساناً.

جاء يسوع المسيح ليظهر الله للإنسان، لينبئنا عن محبة الله لنا واهتمامه بحياة كل واحد منا. هو الذي أخبرنا عن رحمة الله ونعمته وطول أناته. هو الذي وعدنا بالحياة الأبدية.

ولكن المسيح فعل أكثر من ذلك: أنه شاركنا في الدم واللحم ليستطيع أن يموت [7]"أُظهر لكي يرفع خطايانا"[8]. جاء " ليبذل نفسه فدية عن كثيرين"[9]. إن غرض المسيح من مجيئه إلى هذا العالم هو أن يقدم حياته كذبيحة لأجل خطايا البشر. جاء ليموت. وكان شبح الموت يتراءى كغمامة مخيمة على سنواته الثلاث والثلاثين.

في ليلة مولد المسيح ارتعد الشيطان. حاول أن يذبحه وهو بعد طفل رضيع. وماذا قصد هيرودس حين أصدر أمره بذبح كل الأطفال، ماذا قصد سوى أن يمد يده العاتية ويفتك بحياة يسوع!

في جميع أيام حياته على الأرض لم يرتكب خطية واحدة، فهو الإنسان الوحيد الذي عاش بلا خطية. ولذلك أمكنه أن يقف ويتحدى البشر قائلاً " من منكم يبكتني على خطية"[10]. تعقبه أعدائه ليلاً ونهاراً ولكنهم لم يمسكوا عليه خطيئة واحدة. فهو إذاً بلا لوم وبلا عيب.

عاش يسوع حياة متواضعة، تخلى عن سمعته، ولم يقبل مجداً من الناس. ولد في اسطبل وعاش مغموراً في قرية الناصرة حيث زاول النجارة. جمع من حوله فريقاً من صيادي السمك فجعلهم تلاميذه. سار بين الناس كرجل عادي، ولم يلبس نفسه أية هيئة خارجية ممتازة، ولم يحاول أن يظهر أية مظاهر دنيوية متميزة وتواضع إلى درجة لم يصل إليها إنسان آخر في العالم.

كان يعلّم كمن له سلطان حتى أذهل الناس وجعلهم يتعجبون ويقولون "لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان"[11]. إن كل كلمة نطق بها يسوع قد تأيدت صحتها تاريخياً وعلمياً ومنطقياً. ولم توجد أي ثغرة في تعاليمه الأخلاقية. كانت نظرته الأخلاقية صحيحة كل الصحة لا في عصره فحسب بل في كل العصور.

النبوات التي فاه بها صادقة كل الصدق. فقد تنبأ بوقوع أحداث كانت ما تزال في احشاء الغيب. وحاول علماء الناموس أن يصطادوه بأسئلتهم الخبيثة فلم يجدوا عليه مأخذاً لأن أجوبته كانت صريحة حاسمة، لا التباس في معانيه ولا تردد في كلماته. لقد كانت عنده كل المعرفة ولذلك تكلم بسلطان وثقة تامة وبساطة تمكنت الجماهير معها من الاستماع إليه بفرح ولذة. كانت أقواله تشع ببريق وبساطة أذهلا أعداءه. وكانت معالجته لكبرى المشاكل بطريقة حاذقة جعلت رجل الشارع لا يجد أية صعوبة في متابعته.

لقد شفى الرب يسوع المريض والأعرج والأعمى، وابرأ الأبرص وأحيا الميت، وكذلك طرد الأرواح النجسة، وسكّن العناصر وهدّأ العواصف، وجلب السلام والفرح لألوف من الناس. لم تبدُ عليه أية علامة من علائم الخوف ولم يكن قط عجولاً. كانت حياته خالية من الصدف إذ كان يتصرف بكل ترتيب ودقة ويتحلى أعظم مقدار من التروّي وسعة الصدر، ولم يخالجه القلق أو التردد بشأن عمله.

أمام بيلاطس وقف وقال برصانة: "لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق"[12]كما أخبر الجمهور الحانق أن بأمرته فيالق من الجند السماوي. واتجه إلى الصليب بعزّة وإباء مدفوعاً بيقين راسخ وتصميم أكيد ومتمماً النبوة التي قيلت بصدده قبل ثماني مئة عام " كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها لم يفتح فاه"[13].

اتجه يسوع إلى الصليب كالملك المنتصر المكلل بالعزة والمجد وهو يدرك المهمة التي جاء لإنجازها: جاء ليخلص الخطاة ويسكّن غضب الله ويشتري البشر من سوق عبودية الشيطان. جاء ليقهر إبليس إلى الأبد وليغلب القبر والجحيم. وانجازاً لذلك لم يكن له إلا سبيل واحد ومسلك واحد.

تنبأ الأنبياء عن موته قبل حصولها بآلاف السنين. أولاً في جنة عدن. ثم أشير إلى هذا الموت بالوعظ والقصص والنبوءات. فابراهيم بينما كان ينحر ذبيحته سبق فرأى موت المسيح. وكان بنو إسرائيل يرمزون إلى موته بحَمل الذبيحة. الدم السائل على مذبح بني إسرائيل كان رمزاً إلى حمل الله الذي يرفع الخطيئة. تنبأ داود عن موت المسيح في أكثر من مزمور، كما خصص أشعياء فصولاً كاملة من كتابه للتنبؤ بموت المسيح.

أعلن يسوع عن نفسه قائلاً "الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف[14]"أي أنه يملك السلطان والحرية ليبذل حياته. وقال أيضاً: وقال أيضاً: "هكذا ينبغي أن يرفع أبن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به"[15]. خلال الأحقاب البعيدة التي سبقت ولادته كان يسوع يعرف أن يوم موته يدنو بسرعة. ومنذ ولادته من العذراء كان الصليب مرتسماً أمام عينيه. من المهد حتى الصليب كان الموت غرض المسيح وهدفه.

لقد عانى من الآلام ما لم يعانه أحد من قبل: ساعات نزاعه المروّع في جثسماني، قبله الخائن، التوقيف، والمحاكمة أمام رئيس الكهنة، وفي قصر الحاكم الروماني، وفي قصر هيرودس، المعاملة الخشنة على يد الجنود الأجلاف، المشاهد المرعبة إذ كان بيلاطس يحاول تبرئته وكان الكهنة والشعب يصرخون مطالبين بدمه، الجلد والسياط، والمسير من أورشليم إلى الجلجثة، والمسامير في يديه وقدميه، إكليل الشوك غارزاً في جبينه، سخرية اللص به وشتمه إياه وتحديه له: "خلصت الآخرين فخلّص نفسك".

سألني البعض لماذا مات المسيح على الصليب بمثل هذه السرعة، إذ لم تتجاوز مدة احتضاره ست ساعات بينما ظل غيره من المصلوبين يعانون أهوال الموت يومين أو ثلاثة أيام؟- إن يسوع كان متعباً منهكاً عندما وصل إلى الصليب، ولكنه مات بملء اختياره محدداً اللحظة التي فيها يسلم الروح.

عُلق بين السماء والأرض، فلم تخرج من فمه كلمة استعطاف لكنه فاه بكلمتين تفصحان عن فظاعة الألم الذي كان يعانيه: "أنا عطشان". كان الآب يطالب بموت الخاطئ أو بديلٍ عنه وها المسيح هو البديل.

ليست المسامير قيدته بل ربط المحبة هي التي قيدته بقوة فائقة: "ولكن الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا"[16].

مات لأجلك ولأجلي! حمل خطايانا في جسده على الخشبة. كما قال أحدهم: " تأملوا يسوع معلقاً على الصليب! نكس رأسه واحنى جبينه. اختبر في أعماق قلبه رهبة "الانفصال" عن الله وذلك نتيجة لخطايا البشر؛ وانظروا كيف استطاع أن يخلق من قبوله لهذا الموقف شيئاً عظيماً يحرزه لا لنفسه بل ليوزعه على أولئك الذين صار بديلاً لهم. أمام هذا الفيض من الآلام المروعة نشعر بعجزنا عن الإدراك والتعليل ونسمع هاتين الكلمتين "قد أُكمل".

وليس الموت الجسدي هو أقسى ما في الأمر" فقبل يسوع مات كثيرون مستشهدين. إن أروع وأشد وأقسى ما في الجلجلثة هو موت يسوع المسيح الروحي تحمل نتيجة الخطيئة، وسبر غور الحزن عندما الله ستر وجهه عنه وتركه حتى صرخ: "إلهي إلهي لماذا تركتني". وفي هذه الساعة التي هي أوج تاريخ الإنسانية، وقف يسوع وحيداً ونطق بهذه الكلمات، وكانت بمثابة ومضة من نور انبثقت لتكشف بعض ما كان يقاسيه، ولكن هذه الومضة، كما يقول الدكتور كامبل مورغان، كانت من الشدة والضياء بحيث لا تقوى العين على احتمالها. ويضيف أن هذه الكلمات نطقت لكي تفهم الإنسان أن هناك الكثير من الأشياء التي لا يعرف الإنسان عنها شيئاً.

إن الذي لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه. عندما علق على الصليب صار خطيئة، وصار متروكاً من الله؛ ولكونه بلا خطيئة صار للقصاص الذي حمله قيمة عظيمة تفوق كل إدراك. وإن كان المسيح بحمله الخطية قد خلق تلك القيمة التي لم يكن هو محتاجاً إليها، فلصالح من خلقها وحققها إذن؟

أما كيف تم ذلك الفداء في أعماق الظلام فلن يتوصل الإنسان أبداً إلى معرفته! وإنما أعرف شيئاً واحداً: يسوع حمل في جسده على الخشبة خطاياي، ووقف حيث كان ينبغي أن أقف. وآلام الجحيم التي كانت نصيبي وجزائي تكومت عليه. فأصبحت السماء مفتوحة أمامي. إن جميع النماذج والتقدمات والرموز في العهد القديم قد تمت الآن، فلا حاجة بعد ليدخل الكهنة إلى قدس الأقداس مرة في السنة. ينبغي للذبيحة المثلى أن تكون جزائية فادية، استرضائية مصالحة، كافية. وكما وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة هكذا المسيح.. "قُدم مرة لكي يحمل خطايا كثيرين".

الآن وقد وضع أساس الفداء فما على الخاطئ إلا أن يؤمن بالابن فيكون له سلام مع الله. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية"[17].

إنني أرى في صليب المسيح ثلاثة أمور:

أولاً: الصليب دلالة على عمق خطيئة الإنسان. ولا نلومنّ الشعب في ذلك اليوم على اقتياد يسوع إلى الصليب، لأننا نحن جميعاً ملومون أيضاً على السواء. ليس جنود الرومان ولا الجمهور هم الذين سمروه على الصليب بل الخطية- خطيتك وخطيتي- هي التي دفعته إلى هذا الموت الطوعي.

ثانياً: في الصليب تتجلى محبة الله التي لا يسبر غورها. وإذا خامرك شك في محبة الله فألق نظرة عميقة طويلة إلى الصليب لأن الصليب أقوى وأفصح تعبير عن محبة الله.

ثالثاً: الصليب هو طريق الخلاص الوحيد. قال يسوع "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي"[18]. وليس لك من سبيل للخلاص من الخطيئة والجحيم إلا بأن تماثل المسيح في صلبه. لو كانت المبادئ الأخلاقية والعيشة الصالحة أو سواها قادرة على أن تخلص لما مات المسيح. كان من الضروري أن يأخذ مكانك بديل. المسيح هو البديل. لكن البشر لا يقبلون هذه الحقيقة لأن الصليب لا يدع مجالاً لكبرياء الناس وادعائهم وثقتهم بذواتهم.

كثيرون يتساءلون ألا يمكن أن أخلص بالعيش حسب القاعدة الذهبية؟ أو باتباع وصايا المسيح وتعاليمه؟ أو بالعيش حسب المبادئ الأخلاقية التي نادى بها يسوع؟ كلا! حتى ولو عشت بموجب تعاليم يسوع فأنت خاطئ! ثم من ذا الذي عاش من مولده حتى موته وفقاً للتعاليم التي نادى بها المسيح؟ إنك فشلت وتعديت وصايا الله وعصيت إرادته، فأنت خاطئ. فكيف تتخلص من هذه الخطية؟ ثمة طريق واحد. وهو أن تحضر خطيئتك أمام الصليب وتسأل الغفران.

ويروى أن الملك شارل الخامس (Charles- quint) كان مديوناً لتاجر بمبلغ كبير. وعندما استحق الدفع عجز الملك عن الدفع بسبب افلاسه. فأقام التاجر حفلة كبيرة على شرف الملك، وعندما جلس الضيوف إلى المائدة وقبل أن يُحضر الطعام، وضعت أمام التاجر قصعة بها نار تشتعل. وما كان من التاجر إلا أن أخرج الصك من جيبه وألقاه في النار حتى أمسى رماداً. عند ذاك ارتمى الملك على عنق التاجر الشهم باكياً شاكراً!

وهكذا نحن كنا مديونين لله. واستحق وقت الدفع، لكننا كنا عاجزين عنه. وقام الله بدعوة العالم أجمع إلى مأدبة الأخبار السارة. وفي غمرة النزاع على الصليب أحرق الله خطاياك وخطاياي حتى لم يعد لها أثر.

يقول الكتاب المقدس" بدون سفك دم لا تحصل مغفرة"[19]. وكثيرون يعترضون: أن هذا الكلام لما تشمئز منه النفس! وكيف نؤمن بدين المجزر! ويقول آخرون: نحن لا نفهم لماذا يطلب الله الدم. ولا نستطيع أن نفهم لماذا وجب أن يموت المسيح لأجلنا. يقولون إن فكرة الكفارة بدم المسيح المسفوك أصبحت فكرة رجعية قديمة! ومع ذلك كله فإن الكفارة ما تزال قائمة نجدها في الكتاب المقدس وفي قلب المسيحية. يتميز الدين المسيحي بمناداته بهذا التعليم: الكفارة بواسطة الدم. لا خلاص لنا بدون الكفارة. إن الدم في الواقع هو الرمز لموت المسيح.

ويبين لنا الكتاب المقدس عن الدم أنه:

أولاً: يفدي "أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح"[20]. إن المسيح لم يفدنا من الشيطان فحسب بل من الناموس أيضاً لأن الناموس(الشريعة) يدينني ولكن المسيح قد وفى جميع المطالب. إن كل ما في الأرض من ذهب وفضة وجواهر ما كانت لتستطيع أن تفتديني، ولكن ما عجزت عنه تلك حققه موت المسيح. وتعني كلمة فدى: استنقذ بدفع مال أو نحوه، أو اشترى ثانية. فنحن كنا مبيعين للشيطان بلا مقابل ولكن المسيح اشترانا ثانية وخلصنا.

ثانياً: انه يقربنا "كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح اجنبين ...وغرباء عن عهود الموعد لا رجاء لكم ... ولكن الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح"[21]."إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع". الخاطئ المفدي لن يمثل أبداً لمواجهة دينونة الله لأن المسيح قد تحمل دينونته.

ثالثاً: إنه يهبنا الصلح(السلام): "عاملاً الصلح بدم صليبه بواسطته سواءٌ كان ما على الأرض أم ما في السموات"[22]. فالعالم لن يعرف السلام إلا في صليب يسوع المسيح. وأنت لن تعرف السلام مع الله، سلام الضمير وسلام النفس وسلام الروح ما لم تقف عند أقدام الصليب وتوحد نفسك مع المسيح بالإيمان. هناك سر السلام، السلام مع الله.

رابعاً: إنه يبرر "فبالأولى كثيراً ونحن متبررون الآن بدمه نخلص به من الغضب"[23]. بالدم ينقلب موقفنا تجاه الله: الخطية والدينونة ينقلبان إلى غفران ومسامحة. والخاطئ التائب المغتسل بدم المسيح ليس كالسجين الذي أطلق سراحه بعد انتهاء مدة عقوبته ويظل محروماً من حقوقه كمواطن؛ إن الخاطئ التائب تغفر خطاياه بدم المسيح ويسترد جميع حقوق المواطن الكاملة "من سيشتكي على مختاري الله. الله هو الذي يبرر. من هو الذي يدين. المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضاً الذي هو أيضاً يشفع فينا"[24].

خامساً: إنه يطهر " إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية"[25]. والكلمة الرئيسية في هذا العدد هي لفظة كل، فالدم لا يطهر جزءاً من خطايانا بل يطهرها كلها.

وإليكم القصة التالية: في إحدى المدن الكبرى أقيمت مأدبة عظيمة دعي إليها عدد من الأشخاص المرموقين وكان بين الضيوف الواعظ الشهير قيصر مالان. وعزفت إحدى الفتيات على البيانو ألحاناً شجية وأنشدت أغاني عذبة. فطرب الجميع بالعزف والإنشاد. إذ ذاك تقدم الواعظ بلطف ولباقة غلبت عليهما الجرأة فقال للفتاة: فكرت وأنا أصغي إليك في هذه الأمسية، في المساهمة الكبرى التي يمكنك المساهمة فيها لو وقفت حياتك ومواهبك على خدمة المسيح. أنت تعلمين أيتها الآنسة أنك في نظر الله لست أفضل من سكير عربيد أو زانية فاجرة. ولكني سعيد جداً بأن أخبرك أن دم المسيح ابن الله يطهر من كل خطية.

وما كان من الفتاة، إزاء هذه "القحة"، إلا أن انهالت عليه تقريعاً وتوبيخاً. أما هو فأجابها: أيتها الآنسة، أنا ما قصدت الإساءة إليك. وإنني أصلي لكي يبكتك روح الله. ورجع الجميع إلى بيوتهم، ورجعت الشابة أيضاً. ولكنها لم تجد إلى النوم سبيلاً، إذ ظل وجه الواعظ متمثلاً أمامها وظلت كلماته تدوي في أعماق ذهنها وقلبها. وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل نهضت من فراشها وتناولت قلماً وقرطاساً، وهكذا ابتدأت شارلوت اليوت، والدموع تنهمر من مآقيها بدأت تكتب قصيدتها المشهورة:

كما أنا آتي إلى           فادي الورى مستعجلا

إذ قلت نحوي أقبلا           يا حمل الله الوديع

يا رب إني مجرم                فليغسلن قلبي الدم

إني إليك أقدم                يا حمل الله الوديع

كما أنا لا برّ لي              أدنو من الفادي العلي

عن طلبتي لا تغفل            يا حمل الله الوديع

ولكن ليست هذه هي النهاية فإن المسيح لم يترك معلقاً على الصليب وجداول الدماء تتدفق من يديه وجنبه وقدميه. ها هو يُنزل من على الصليب ويوضع بكل عناية في قبر ويدحرج حجر كبير على باب القبر وتقف شلة من الجند لحراسته. ويظل تلاميذه طيلة يوم السبت في العلية مكتئبين قانطين، ومضى اثنان منهم في طريقهما نحو عمواس.

وفي فجر عيد الفصح تنطلق مريم ومريم المجدلية وسالومي إلى القبر ليدهنّ جسد يسوع. وما إن يبلغن المكان حتى يجدن القبر خالياً. وينظرن ملاكاً واقفاً عند مكان الرأس يسألهن "من تطلبن" ويجبنه "إننا نطلب يسوع الناصري" فيرد عليهن الملاك بكلمات هي أعظم كلمات بهجة سمعتها البشرية "إنه ليس هنا ولكنه قام".

على هذا الواقع العظيم ترتكز خطة الله في الفداء. فلولا القيامة لما وجد الخلاص. إن المسيح سبق فتنبأ عن قيامته عدة مرات. وفي إحدى المناسبات صرّح "كما مكث يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هكذا ينبغي أن يكون ابن الإنسان في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ". تنبأ عن قيامته وقام حقاً!

لكل حدث تاريخي أدلة وبراهين تؤيده وتسانده. فينبغي أن تتوفر لصالح الحدث موضوع البحث اثباتات من شهود عاصروا الحادث. وهناك من البراهين التي تؤكد قيامة الرب يسوع من الأموات أكثر من تلك التي تؤكد أن يوليوس قيصر قد وُجد أو أن الاسكندر الكبير مات في سن الثالثة والثلاثين. ومن المستغرب أن يقبل المؤرخون آلافاً من الحوادث التي لا ترتكز إلا على أدلة واهية، بينما ينظرون إلى حدث القيامة التاريخي العظيم الذي هو غني بالحجج والبراهين، ينظرون إليه بعيون يغشها الشك. عقول تخامرها الريبة. ومشكلة أولئك الناس أنهم لا يريدون أن يؤمنوا، فبصيرتهم قد أعميت وغلبهم التحيز إلى درجة استحال عليهم، معها، قبول حقيقة قيامة المسيح المجيدة استناداً إلى شهادة الكتاب المقدس وحدها.

وللقيامة عدة معانٍ:

أولاً: إن المسيح هو الله، الاله الحق! أجل إنه الله ظهر في الجسد.

ثانياً: إن الله قد قبل عمل المسيح الكفاري على الصليب، وهذا العمل كان ضرورياً لخلاصنا "الذي أسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا"[26].

ثالثاً: إنها تؤكد للبشر وجود دينونة عادلة.

رابعاً: إنها تضمن لنا أن أجسادنا سوف تقام في اليوم الأخير "ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار من الراقدين"[27].

وتعلمنا الأسفار المقدسة أجسادنا، كمسيحيين، توضع في القبر عندما نموت ولكنها سوف تقام

في صباح يوم القيامة. حينئذ يبتلع الموت في غلبة وانتصار. لأن شوكة الموت قد زالت بفضل قيامة المسيح، وأصبحت منذ الآن مفاتيح الموت بيده. وهو يقول "أنا هو... الحي وكنت ميتاً وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت"[28]. ويسوع وعدنا "إني أنا حي فأنتم ستحيون".

خامساً: إنها تعني أيضاً ان الموت قد نُقض، وقوة الموت حُطمت، والخشية من قد أُزيلت. وأصبح بإمكاننا أن نردد مع المرنم" إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني"[29].

ونتيجةً لقيامة المسيح استطاع بولس أن يتطلع إلى الموت بروح طافحة بالأمل وهو يقول" لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح"[30].

لولا قيامة المسيح لما كان هناك رجاء في المستقبل. والكتاب المقدس يعدنا بأننا سنقف يوماً ما وجهاً لوجه أمام المسيح، ونملك أجساداً مشابهة لجسده.

سأراه وجهاً لوجه

سأرى مخلصي المسيح

فأي غبطة ستغمرني

عندما أبصر يسوع المسيح الذي مات من أجلي!

سأراه وجهاً لوجه

بعيداً ما وراء السحب...

وسأراه في مجده المتألق.

عن قريب سأراه!

[1]- تكوين 2: 17

[2]- رومية 5: 12

[3]- يوحنا 3: 23

[4]- يوحنا 1:1

[5]- كولوسي 1: 15-17

[6]- عبرانيين 1: 10- 12

[7]- عبرانيين 2: 14

[8]- 1 يوحنا 3: 5

[9]- متى 20: 28

[10]- يوحنا 8: 46

[11]- يوحنا 7 :46

[12]- يوحنا 19: 11

[13]- أشعيا 53: 7

[14]- يوحنا 10: 11

[15]- يوحنا 3: 14 - 15

[16]- رومية 5: 8

[17]- يوحنا 3: 16

[18]- يوحنا 14: 6

[19]- عبرانيين 9: 22

[20]- 1 بطرس 1: 18-19

[21]- أفسس 2: 12 - 13

[22]- كولوسي 1: 20

[23]- رومية 5: 9

[24]- رومية 8: 33-34

[25]- 1 يوحنا 1: 17

[26]- رومية 4: 25

[27]- 1 كونثورس 15: 20

[28]- رؤيا 1: 18

[29]- مزمور23: 4

[30]- فيلبي 1: 21

  • عدد الزيارات: 2928