الفصل الأول: الله في اختبار الفرد - الله في إعلانات الكتاب
الله في إعلانات الكتاب
هل يكفي أن نعتمد على العلم في معرفة الله والتيقن من وجوده؟ إن العلم بأدلته الجامعة القاطعة، يكشف النقاب عن الله القدير الجبار، ولكنه يشيع إحساساً بالحقارة في قلب الإنسان وفي ذات الوقت يعجز عن أن يعطينا إعلاناً واضحاً عن صفات الله العلي العظيم.
فالعلم يثبت أن الشمس أكبر من الأرض بمقدار مليون وربع مرة! فكم يكون الفرد بالنسبة إلى الأرض؟ وكم يكون بالنسبة إلى الشمس؟ وكم يكون بالنسبة إلى المجموعة الفلكية في هذا الكون الفسيح!؟ إلا ذرة كربون حقيرة لا تكاد ترى إلى بالمجهر!! وهل يعتني الله العظيم القدير بهذا الإنسان الضئيل الحقير؟ بحق ردد داود في المزمور "أيها الرب سيدنا ما أمجد اسمك في كل الأرض حيث جعلت جلالك فوق السموات ... إذ أرى سمواتك عمل أصابعك القمر والنجوم التي كونتها فمن هو الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده" مزمور 8: 1 و 3- 5
وأمام هذا الإحساس بالضعة والحقارة، تملأ الشكوك عقل الإنسان من جهة عناية الله به! وإذاً فلا بد من رسالة من السماء تريح قلب الإنسان؛ وتعلن له حب الله وحنانه ورعايته؛ وتخرجه من ظلمات الشكوك إلى نور اليقين؛ وهذا الإعلان السماوي هو الوحي، كلمة الله الموحى بها منه، وهو السبيل الوحيد للإعلان الصحيح عن صفات الله، وعن موقفه وشعوره من جهة الإنسان.
فماذا يقول الكتاب المقدس عن الله؟
1- إن الكتاب المقدس يعلن لنا أن الله روح:
وهذا ما قاله المسيح له المجد في حديثه مع المرأة السامرية "الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" يوحنا 4: 24، وماهو الروح! إن المعنى الوحيد لهذه الكلمة نجده في كلمات الرب يسوع التي تحدث بها لتلاميذه الخائفين "انظروا يدي ورجلي إني أنا هو. جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" لوقا 24: 39 فالروح ليس له جسد هيولي، ومع ذلك فإن له وجوداً وقدرة!! ومهما يكن الأمر فليس في وسعنا نحن الذين نعيش في عالم المادة أن نتصور الله بالصورة الحقيقية، لأن مقاييسنا ومعاييرنا مرتبطة بهذه الأرض.
2- إن الكتاب المقدس يعلن لنا أن الله كائن أزلي:
هذه هي اللغة التي نجدها في ثنايا الكتاب، فهو يرينا أن الله فعل، والله أحب، والله تضايق مع المتضايقين، والله فرح، وهذا يؤكد لنا أن الله كائن أزلي موجود، يشعر، ويحس، ويفكر، ويحب، ويغفر، ويعطف علينا في آلامنا وتجاربنا.
3- إن الكتاب المقدس يعلن لنا أن الله قدوس بار:
من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا، تظهر لنا قداسة الله، وكم من مرات نسمع في ثنايا الوحي المقدس "كونوا قديسين لأني أنا قدوس" ونقرأ كلمات حبقوق "عيناك أطهر من أن تنظرا الشر ولا تستطيع النظر إلى الجور" حب 1: 13، وقداسة الله هي التي دبرت موت المسيح، لأنها تتطلب الحكم العادل ضد الخطية، وفي ذات الوقت ترتب للإنسان طريق الخلاص، ولأن الله الذي نعبده إله قدوس بار، أرسل لنا ابنه الحبيب الوحيد، لكي يفتح لنا الطريق للاقتراب منه، ولكننا إذا تجاهلنا الوسيلة التي عينها لخلاصنا، وفشلنا في طاعة وصاياه. فإننا لن نستطيع أن نطلب منه الرحمة في يوم العقاب.
4- إن الكتاب المقدس يعلن لنا أن الله محبة:
وهذا ما سجله يوحنا التلميذ الحبيب قائلاً "الله محبة" 1 يو 4: 8، لكن فلنحذر الفكر القائل: بأنه ما دام الله محبة، فكل شيء سوف يكون جميلاً، وأنه لن يدان أحد من أجل خطاياه لأن الله محبة!! فهذا فكر خاطيء يتعارض مع قداسة الله التي تتطلب دينونة الخطية. فمحبة الله رتبت طريق الفداء "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" يو 3: 16، لكن قداسة الله لا بد أن توقع على الخاطىء غير التائب العقاب.
- عدد الزيارات: 11498