Skip to main content

تقديم الكتاب

الاختبار هو المعلم الأعظم الذي يأخذ بيد كل فرد، وهو الجامعة الكبرى للإنسان في هذا الوجود.

وعندما يتكلم الاختبار يسكت كل صوت معارض، ذلك لأن صوت الاختبار هو صوت الواقع، وصوت الواقع أبلغ من منطق المترافع.

ويبدو هذا الحق جلياً في قصة ذاك الشاب الأعمى الذي فتح رب المجد عينيه، فقد أراد الفريسيون أن يبعدوه عن الإيمان بشخص المسيح الكريم، بقولهم "نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ" ولكن الشاب الذي عاد إليه نور البصر بعد طول ظلام أجابهم بلغة الاختبار قائلاً "أخاطئ هو. لست أعلم. إنما أعلم شيئاً واحداً إني كنت أعمى والآن أبصر" وهكذا أبطل صوت الاختبار حجة الفريسيين المعارضين.

والمسيحية تظل صورة بلا حياة بالنسبة للمرء الذي لم يختبر قوتها في قلبه، ولم تغير تأثيراتها أهداف حياته.

والسواد الأعظم ممن يدينون بالمسيحية اليوم، مسيحيتهم في عقولهم لا في قلوبهم، وهي مسيحية صناعية لا تغني ولا تشبع من جوع، لأنها عبارة عن مجموعة من العقائد تلقنها أصحابها في دور من أدوار حياتهم دون أن يختبروا فاعلية هذه العقائد في نفوسهم.

لكن المسيحية الحقة هي مسيحية الاختبار الشخصي مع الله، فالشخص الذي لم تشبعه ملذات العالم، ولم ترو ظمأ قلبه، يلجأ إلى الله، فيختبر أنه نبع القوة في حياة البشر، ويدرك من الاختبار أن الخطية هي سر شقاء الفرد، والأسرة، والمجتمع، ويتأكد أنه في مقدور الإنسان أن يختبر بنفسه خلاص الله.

ويقوده اختباره لخلاص قوة الصلاة، ويجعله يلبس بنفسه قيادة الله. فتصير حياته في مختلف مناحيها رغم ما يمكن أن يكتنفها من آلام، حياة ضاحكة هنيئة مليئة بالمسرات.

وكتاب "صوت الاختبار" الذي بين يدي القارئ الكريم هو سجل حافل بشتى المواضيع التي تتصل باختبار الفرد.

والغرض الأسمى من كتابة هذا الكتاب هو أن يجعلك تمسك بالله بكلتا يديك ويزيل الشكوك العالقة برأسك، ويقودك أن تختبر الله في داخل قلبك، وتتلذذ به في أعماقك، فتقول مع يوحنا الرسول الحبيب: "الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا. الذي شاهدناه ولمسته أيدينا .. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به" بل تضم صوتك مع صوت أيوب بعد أن تعمق اختباره مع الله قائلاً "بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد".

فإن أوصلك هذا الكتاب المتواضع إلى هذا الاختبار الثمين، وأزاد إيمانك بشخص المسيح الكريم، فقد أدى رسالته الكبرى، وليس عليك إلا أن تنحني شاكراً أمام الله، الذي منه وبه وله كل الأشياء، والذي إليه نقدم كل سجود وحمد.

شبرا مصر في 17 سبتمبر 1954

القس لبيب ميخائيل

  • عدد الزيارات: 2904