Skip to main content

عناصر الاختيار السديد

والآن ما هي الصورة التي رسمها الكتاب المقدس للرجل الأمين؟

نقرأ في سفر الأمثال الكلمات "أكثر الناس ينادون كل واحد بصلاحه. أما الرجل الأمين فمن يجده" (أم 20: 6).

كما يبحث الشاب المؤمن عن "المرأة الفاضلة", كذلك يجب على الفتاة المؤمنة أن لا توافق على الزواج من رجل غير أمين. لقد صدقت تلك الأخت الأمريكية المكرسة حين قالت "خير ألف مرة أن تبقى الفتاة بغير زوج من أن تتزوج رجلاً ينغص حياتها. ويتعب نفسيتها ويسلب منها سلام قلبها وروحها".

والرجل الأمين هو أولاً وقبل كل

كان أسعد زواج حدثنا عنه الكتاب المقدس هو زواج اسحق ورفقة, وعنه نقرأ الكلمات "وأخذ رفقة فصارت له زوجة وأحبها. فتعزى إسحق بعد موت أمه" (تك 24: 67). ولقد كان زواج اسحق ورفقة زواجاً سعيداً لأنه تأسس على الاختيار السديد.

فما هي العناصر التي يجب أن تتوفر في كل اختيار سديد؟!


(1) عنصر اختيار الأسرة

لقد رأى إبراهيم فساد وخلاعة وانحلال بنات الكنعانيين, وشعر بوحدة ابنه اسحق وبضرورة زواجه سيما بعد أن ماتت أمه, وكان أول ما فكر فيه إبراهيم هو "الأسرة" التي ينبغي أن يتزوج منها اسحق.

كان اسحق ابناً مهذباً, مطيعاً, مسالماً بطبيعته وتربيته.. كان ابن الموعد واهتم إبراهيم بأن يجد له الزوجة الفاضلة التي تسعد حياته وتملأ فراغ قلبه فقال لعبده لعازر الدمشقي "ضع يدك تحت فخذي. فأستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم. بل إلى أرضي وإلى عشيرتي تذهب وتأخذ زوجة لابني اسحق" (تك 24: 2 - 4).

اختيار الأسرة إذاً عنصر هام في اختيار شريكة الحياة.

قال لي شاب مؤمن: "رأيت فتاة جميلة, أعجبت جداً بها, وفكرت جدياً أن أتزوجها, ولكنني اكتشفت أن أختها متزوجة بشاب من دين آخر. فهربت منها".

قلت له: لماذا هربت؟ أجاب: عندما يتزوج إنسان فإنه يتزوج أسرة بأسرها.. أختها ستكون خالة أولادي, أخوها سيكون خالهم, أبوها سيكون جدهم.. وأنا أريد أن ينتمي أولادي لأسرة ذات مبادئ ومثل.

قلت له: ليباركك الرب.. إن اختيار الأسرة عنصر خطير في الزواج السعيد.


(2) عنصر الصلاة الحارة:

أخذ عبد إبراهيم عشرة جمال مولاه ومضى وجميع خيرات مولاه في يده, وذهب إلى آرام النهرين إلى مدينة ناحور, وأناخ الجمال خارج المدينة عند بئر الماء وقت خروج المستقيات.. ثم صلى..

وكانت صلاته على أساس الوعد الذي نطق به إبراهيم "الرب إله السماء الذي أخذني من بيت أبي ومن أرض ميلادي والذي كلمني والذي أقسم لي قائلاً لنسلك أعطى هذه الأرض هو يرسل ملاكه أمامك فتأخذ زوجة لابني من هناك" (تك 24: 6).

والصلاة المستجابة هي الصلاة المؤسسة على مواعيد الله ومشيئته المعلنة في كلمته "وهذه هي الثقة التي لنا عنده أنه طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا" (1يو 5: 14).

وكانت صلاته كذلك لطلب الإرشاد الإلهي للفتاة المنية للزواج من اسحق, ووضع علامة الرب ليتأكد بها من استجابة صلاته.

وهذه هي صلاة عبد إبراهيم "أيها الرب إله سيدي إبراهيم يسر لي اليوم واصنع لطفاً إلى سيدي إبراهيم. ها أنا واقف على عين الماء وبنات أهل المدينة خارجات ليستقين ماء فليكن أن الفتاة التي أقول لها أميلي جرتك لأشرب فتقول اشرب وأنا أسقي جمالك أيضاً هي التي عينتها لعبدك إسحق. وبها أعلم أنك صنعت لطفاً إلى سيدي" (تك 24: 12 - 14).

الصلاة إذا عنصر هام, بل هي العنصر الأهم لمعرفة مشيئة الله بخصوص شريكة الحياة أو شريك الحياة.

ويجدر أن أقول هنا إن الصلاة لطلب الإرشاد في الزواج يجب أن تبدأ قبل البحث عن الفتاة, لا بعد وجودها, ذلك لأننا إن وجدنا الفتاة أو الشاب قبل الصلاة فسوف تتشكل نظرتنا بالظروف ويتعذر علينا معرفة مشيئة الله الصالحة: وقد سبق أن قلت أن العبد قد وضع علامة للرب للتأكد من استجابة صلاته, وفي العهد الجديد, أولاد وبنات الله المولودين منه يسكن فيهم الروح القدس, ويقودهم قيادة واضحة حين يخضعون لصوته الإلهي اللطيف "لأن كل الذي ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (رو 8: 14).

فروح الله يمنح سلاماً فياضاً للمؤمن المسلم تماماً لمشيئة الله, سيما في أمر خطير يرتبط بحياته وسعادته على هذه الأرض.

فلتكن صلاتك حارة, أمينة, هدفها مجد الله وبناء بيت يعبد فيه, ويكرم اسمه.. واحذر من أن تعرف كما فعل شاب انجليزي اسمه "جاكسون" أحب فتاة اسمها "بيتي" ورفع لله هذه الصلاة: "يا رب أرجو أن ترشدني إلى شريكة لحياتي, ولتكن هذه الفتاة هي "بيتي"!!".

إن صلاة من هذا الطراز بلا معنى.. إنها ليست لطلب الإرشاد الإلهي لكنها لفرض إرادة الإنسان على الله.

وحين تصلي لطلب إرشاد الله في الزواج يجب أن تتأكد تماماً من أن كل خطواتك تسير وفق مشيئة الله المعلنة في كلمته.. فإهمال ناحية ما قد يقودك إلى التردي في شباك العدو, وإلى زواج ليس بحسب مشيئة الله الصالحة المرضية الكاملة.


(3) عنصر التصرف في الصورة:

شكل العروس أو شكل العريس عنصر هام في الزواج.. ولا بد من الإحساس بالراحة والسرور في وجود الفتاة أو الشاب معاً, لأن الزواج شركة العمر كله.

وإذا نتابع قصة زواج إسحق, وهو كما قلت أسعد زواج سجله الكتاب المقدس نقرأ الكلمات "وإذا كان لم يفرغ بعد من الكلام إذا رفقة التي ولدت لبتوئيل ابن ملكة امرأة ناحور أخي إبراهيم خارجه وجرتها على كتفها, وكانت الفتاة حسنة المنظر جداً وعذراء لم يعرفها رجل. فنزلت إلى العين وملأت جرتها وطلعت. فركض العبد قائلاً للقائها وقال اسقيني قليل ماء من جرتك. فقالت اشرب يا سيدي. وأسرعت وأنزلت جرتها على يدها وسقته ولما فرغت من سقيه قالت أستقي لجمالك أيضاً حتى تفرغ من الشرب. فأسرعت وأفرغت جرتها في المسقاة وركضت أيضاً إلى البئر لتستقي فاستقت لكل جماله. والرجل يتفرس فيها صامتاً أأنجح الرب طريقه أم لا" (تك 24: 15 - 21).

الصلاة الأمينة, المخلصة, الحارة, لا تعني إلغاء استخدام العقل, بل على العكس تعطى للعقل تمييزاً ليفهم مشيئة الله, وعبد إبراهيم بعد أن صلى, وتمت العلامة التي وضعها في صلاته حرفياً.. وقف "يتفرس" في رفقة صامتاً ليعلم أأنجح الرب طريقه أم لا!!

لا بد إذا من الرضا عن "الصورة" عن الشكل الذي ستقضى معه بقية العمر!!


(4) عنصر التيقن من تمام الفكرة:

إلى هنا وكل شيء يسير في الطريق السليم مع إبراهيم.. لكن هل تمت الفكرة من كل الوجوه ليستريح قلبه لطلب يد هذه الفتاة لإسحق.

لا جدال في أن الله قد أعطى حكمة خاصة لهذا العبد الأمين. فالعلامة التي وضعها الرب للتأكد من معرفة مشيئته, لم يضعها اعتباطاً.. لقد أراد أن تكون الفتاة التي ستصبح زوجة لإسحق الطيب. المسالم. الوديع, هي فتاة الميل الثاني.. الفتاة المستعدة للخدمة والتضحية إلى أكثر مما يطلب منها "الفتاة التي أقول لها أميلي جرتك لأشرب فتقول اشرب وأنا أسقي جمالك أيضاً هي التي عينتها لعبدك إسحق"

والآن عليه أن يتأكد من وضع أسرتها.. أن يعرف أهلها.

"وحدث عندما فرغت الجمال من الشرب أن الرجل أخذ خزامة ذهب وزنها نصف شاقل وسوارين على يديها وزنهما عشرة شواقل ذهب. وقال بنت من أنت. أخبريني. هل في بيت أبيك مكان لنا لنبيت؟".

لقد طالما ادعينا أننا نعيش في عصر تقدمت فيه العلوم الإنسانية, ودرس فيه الإنسان مكنونات النفس البشرية. لكننا هنا أمام عبد إبراهيم الذي عرف في زمانه أكثر مما يعرف الكثيرين في عصرنا..

كانت أسئلته دقيقة وصريحة..

بنت من أنت؟!

هل أنت من عشيرة إبراهيم؟ هل أنت من بيت محافظ به مبادئ ومثل وأخلاق فاضلة؟

بنت من أنت؟

أخبرني؟!

هل في بيت أبيك مكان لنا لنبيت؟

كان إبراهيم غنياً جداً في المواشي والفضة والذهب "الرب.. أعطاه غنماً وبقراً وفضة وذهباً وعبيداً وإماء وجمالاً وحميراً" (تكوين 24: 35), وكان اسحق هو الوريث الوحيد لكل هذا الغنى وهذا المجد "وولدت سارة امرأة سيدي ابناً لسيدي بعدما شاخت فقد أعطاه كل ما له" (تك 24: 36).

والآن هل تربت هذه الفتاة في بيئة مماثلة؟ هل هي من بيت كريم؟

"هل في بيت أبيك مكانا لنا لنبيت؟"

لو أنها كانت من بيت فقير مملق, فإنها ستفاجأ بغنى إسحق ومجده, وستفقد إتزانها, ولن تستطيع المواءة بين ماضيها وتربيتها, وبين الحياة في مجد وغنى زوجها.. وبهذا لن تصلح للزواج من إسحق الكريم العظيم.

"هل في بيت أبيك مكان لنا لنبيت؟"

"فقالت له أنا بنت بتوئيل ابن ملكه الذي ولدته لناحور. وقالت له عندنا تبن وعلف كثير ومكان لتبيتوا أيضاً".

إذاً فهي من عشيرة إبراهيم.

وهي في ذات الوقت قد تربت في بيت موفور الغنى وكريم.

"فخر الرجل وسجد للرب".

"وقال مبارك الرب إله سيدي إبراهيم الذي لم يمنع لطفه وحقه عن سيدي إذا كنت في الطريق هداني الرب إلى بيت إخوة سيدي".

استمر عبد إبراهيم في متابعة معرفة تمام الفكرة.

"فركضت الفتاة وأخبرت بيت أمها بحسب هذه الأمور. وكان لرفقة أخ اسمه لابان. فركض لابان إلى الرجل خارجاً إلى العين. وحدث أنه إذ رأى الخزامة والسوارين على يدي أخته ولإذ سمع كلام رفقة أخته قائلة هكذا كلمني الرجل جاء إلى الرجل وإذا هو واقف عند الجمال على العين. فقال ادخل يا مبارك الرب. لماذا تقف خارجاً وأنا قد هيأت البيت ومكانا للجمال. فدخل الرجل إلى البيت وحل عن الجمال. فأعطى تبناً وعلفاً للجمال وماء لغسل رجليه وأرجل الرجال الذين معه. ووضع قدامه ليأكل" (تك 24: 28 - 33).

البيت إذاً بيت كريم. وهناك تناسب بين البيئة التي تربت فيها رفقة, والتي تربى فيها اسحق.

بقي أن يتأكد العبد من ثلاثة أمور:

أولاً: إن رفقة لن تكون سبباً في إرجاع اسحق عن ما قصده الله في حياته.

ثانياً: إن رفقا توافق برضاها التام عن هذا الزواج.

ثالثاً: إن أسرة رفقة توافق على هذا الزواج موافقة صريحة. وهذه كلها عناصر جوهرية للزواج السعيد.

قال عبد إبراهيم بعد أن وضع قدامه الطعام "لا آكل حتى أتكلم كلامي" (تك 24: 33).

وقص عبد إبراهيم قصته كاملة, بغير خداع أو تزييف, وهنا أركز على القول بأن الزواج السعيد, هو الزواج الذي يتأسس على الصدق والإخلاص من البداية.. فلا خداع في أية ناحية من التفاصيل التي تخص الزواج القادم.. ذلك لأن الخداع عندما يكشف عنه القناع, لا بد أن يكشف عنه القناع سيولد مرارة في القلب ويجلب على الأسرة التعاسة والشقاء.

واستمع أفراد أسرة رفقة وعلى رأسهم "لابان وبتوئيل" إلى حديث عبد إبراهيم, ورد لابان وبتوئيل على العبد وقالا "من عند الرب خرج الأمر. لا نقدر أن نكلمك بشر أو خير. هوذا رفقة قدامك. خذها واذهب. فلتكن زوجة لابن سيدك كما تكلم الرب" (تك 24: 50 - 51).

وتأكد العبد أن رفقة لن تكون سببا في إرجاع إسحق عن ما قصده الله في حياته.. وأن أسرتها وثقت تماماً أن زواجهما من إسحق هو مشيئة الرب, ووافقت موافقة صريحة على هذا الزواج.

وهنا أقف مرة ثانية لأقول إن موافقة الأسرتين على الزواج أمر جوهري للزواج السعيد, فالشاب لا يتزوج فتاة ليعزلها عن أسرتها, والفتاة لا تتزوج شاباً لتفصله عن أسرته, وإنما الزواج يربط أسرتين معاً برباط الدم. وموافقة الأسرتين شرط أساسي للزواج السعيد. فليحذر كل شاب من أن يتزوج بغير رضا والديه ووالدي الفتاة التي اختارها, ولتحذر كل فتاة من أن تتزوج بغير رضا والديها ووالدي الشاب الذي وافقت على زواجه. ذلك لأن الأيام القادمة ستدفع كلا منهما إلى الإحساس بالذنب, وخصوصاً حين تدخل السحب القاتمة حياتهما.. وإن عاجلاً أو آجلاً ستزحف التعاسة إلى بيتهما ويدركان بعد فوات الأوان خطأ تصرفهما ورعونتهما.

وكان آخر ما لا بد أن يتأكد منه عبد إبراهيم هو موافقة "رفقة" برضى وسرور عن هذا الزواج.

"فدعوا رفقة وقالوا لها هل تذهبين مع هذا الرجل؟ فقالت أذهب" (تك 24: 58).

هنا تمت فكرة الزواج بكل جوانبها على أساس اختيار الأسرة, وعلى أساس الصلاة الحارة, وعلى أساس التفرس في الصورة, وعلى أساس التيقن من تمام الفكرة.. لذا فلا عجب أن يكون هذا الزواج أسعد زواج "فأدخلها إسحق إلى خباء سارة أمه وأخذ رفقة فصارت له زوجة وأحبها. فتعزى اسحق بعد موت أمه" (تك 24: 67).

هنا أرى أنه لا بد من إضافة عنصر آخر هام أهمله الكثيرون من المؤمنين الشبان والفتيات في هذا العصر, ونتج عنه ما نراه من خراب وشقاء في حياة الكثيرين, هذا العنصر هو:


(5) عنصر الحياة المبررة:

أقصد بذلك أن لا يتزوج المؤمن فتاة غير مؤمنة, وأن لا تتزوج المؤمنة شاباً غير مؤمن.

إن الله مسئول عن إسعاد الزوجين حين يتم زواجهما بحسب مشيئته المعلنة في كلمته. أما إذا عصى المؤمن المولود من الله مشيئة الرب, وتزوج استحسانه,وبحسب نظر عينيه, واستجابة لنصائح غير المؤمنين من أصدقائه وأقربائه والمحيطين به, فاللوم كل اللوم في فوضى, وشقاء, وتعاسة حياته الزوجية يقع عليها, ولا حق له في التذمر بسبب سوء اختياره.

ما أكثر الشبان والفتيات الذين يتزوجون على عجل, ودون تفكير جاد, وتحليل سليم للشخص الذي سيشاركهم بقية العمر, وينظر الواحد منهم أو الواحدة منهن إلى النواحي الجميلة في شخصية الآخر دون النظر إلى النواحي التي تقود إلى إنهيار عش الزواج.

وكثيرون يتزوجون بتفاؤل أعمى, معتقدين أن صلاة القسيس والنطق بالعهود الزوجية سيحل أوتوماتيكياً كل الخلافات والمشاكل الموجودة بينهما.

هذه كلها أساليب غير كتابية, وتؤكد الإحصائيات أن الكثيرين يختارون الشريك غير المناسب ويقضون بقية العمر في الندم.

إن المؤمن والمؤمنة يستطيعان تجنب هذا الندم, لأن الله قد وعد بالإرشاد الواضح بخصوص اختيار شريك الحياة, بشرط أن يطلب المؤمن بإخلاص معرفة مشيئة الله.

إن الله قد أمر المؤمن المتجدد بعدم الزواج بفتاة غير مؤمنة, وأمر الفتاة المؤمنة بالامتناع عن الزواج بشاب غير مؤمن. وذلك بنصوص صريحة ولأسباب واضحة في العهدين القديم والجديد.

ففي سفر التثنية نقرأ الكلمات: "متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوباً كثيرة من أمامك.. لا تقطع معهم عهداً ولا تشفق عليهم., ولا تصاهرهم. بنتك لا تعط لابنه وبنته لا تأخذ لابنك. لأنه يرد ابنك من ورائي فيعبد آلهة أخرى فيحمى غضب الرب عليكم ويهلككم سريعاً" (تث 7: 1 - 4).

وفي رسالة كورنثوس الثانية نقرأ الكلمات: "لا تكونوا تحت نير من غير المؤمنين. لأنه أية خلطة للبر والإثم. وأية شركة للنور مع الظلمة. وأي اتفاق للمسيح مع بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن. وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان. فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً" (2 كو 6: 14 - 16).

هذه نصوص إلهية واضحة ومحددة ترينا أنه إذا كان الشخص مؤمناً متجدداً فعليه أن يعرف بما لا يدع مجالاً للشك أن الشريك المعين له من الله لا بد أن يكون مؤمناً متجدداً, ولا يمكن لله أن يناقض كلمته. وهو بالتأكيد يعطي بركته للمطيعين. "ليس الله إنسان فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي" (عد23: 19).

من الحجج الشائعة من أولئك الذين يريدون التلاعب بوصايا الله الحجة القائلة بأن الشاب المؤمن لا يجد الفتاة المؤمنة, وأن الفتاة المؤمنة لا تجد الشاب المؤمن. نقول أن هذه حجة باطلة, فحياة المؤمن المتجدد ملك لله, وعندما يسلم المؤمن قيادة للرب فسيقود بحكمته لاختيار الشريك الذي يملأ حياته سعادة "يختار لنا نصيبنا" (مز47: 4).

وهناك حجة ثانية تقول أن المؤمن إذا تزوج بغير مؤمنة أو العكس, فإنه سيقوده أو يقودها مع الأيام إلى خلاص الله, وهي حجة باطلة من أساسها لأنها مضادة لكلمة الرب لم يذكر قط في كلمته أن الزواج قد عمل لتجديد شريك الحياة أو شريكة الحياة, وما قاله بولس وبطرس بهذا الصدد (اقرأ 1 كو 7: 13, 14, 1 بط 3: 1, 2) كان بخصوص زوجين غير مؤمنين تجدد أحدهما وبقي الآخر في خطيته.

ويجدر بنا الآن عن السؤال: لماذا منع الله زواج المؤمن بغير المؤمنة أو المؤمنة بغير المؤمن؟!

(أ) إن هذا الزواج المختلط يسيء إلى من تتزوجه وتدعي أنك تحبه "أي نصيب للمؤمن من غير المؤمن" (2كو 6: 15).

إن المؤمن الذي يتزوج بغير المؤمنة يبدأ بفاصل سميك بينه وبينها.

فالمؤمن له طبيعتان, الطبيعة الجديدة المولودة من الله, والطبيعة العتيقة الموروثة من آدم. الطبيعة العتيقة تشتهي ما هو ضد روح الله, وستبقى في المؤمن طالما هو في هذه الحياة. لكن الطبيعة الجديدة التي أعطاها الله للمؤمن تشتاق إلى إرضاء الله, وتحتقر الخطية وتكرهها, وبهذه الطبيعة الجديدة يعمل الله فيك ليجعلك مشابهاً لصورة المسيح.

أما غير المؤمن فله طبيعة واحدة, هي الطبيعة العتيقة المضادة لله. وقد يكون غير المؤمن شخصاً مهذباً, مؤدباً, مثقفاً, ولكنه مع هذا كله لا يملك الطبيعة التي تشتاق إلى إرضاء الله وإعطائه مركز السيادة والقيادة في الحياة.

وعلى هذا فحين يتزوج المؤمن وهو يعيش بطبيعتين, شخصاً غير مؤمن يعيش بطبيعة واحدة, فإنه الأساس الوحيد للشركة بينهما سيكون هو "الطبيعة العتيقة", وعلى هذا فلن يكون هناك اتحاداً كاملاً بينهما. فالمؤمن يحب الرب يسوع وشريكه حياته لا تحبه.. ومن هنا ستكون بينهما فجوة واسعة.. ولن يكون زواجهما بالصورة المتكاملة التي قصدها الله.. وكيف يكون مع وجود هذا الانقسام في الولاء؟!

هنا تزحف التعاسة إلى البيت وتكون أسبابها:

(1) التمزق العاطفي.

(2) التفكير المادي التجاري

(3) الفراغ الروحي.

(4) الانقسام العقلي.

(5) الصراع الزوجي.

(6) عدم التوافق الجنسي.

(7) التوتر النفسي.

هب أن شاباً يعيش في القاهرة أراد الذهاب إلى الإسكندرية, قابلته في محطة القاهرة فتاة جميلة جذابة وبدأ الحديث معها وسألها: إلى أين أنت ذاهبة؟ فأجابت: إلى أسيوط. ورد عليها: هذا رائع.. أنا ذاهب للإسكندرية ويمكننا أن نستمتع بالحديث معاً أثناء الطريق.. هذا محال, لأن كلا منهما يسافر في اتجاه مضاد للآخر.

وما لا يمكن أن يقترحه أي إنسان ذكي بالنسبة إلى سفر من هذا الطراز, يحاوله الكثيرون في دائرة الزواج, فزواج المؤمن بغير المؤمنة – أو العكس – يعني أن المؤمن قد اختار أن يقضي حياته مع شخص مسافر إلى اتجاه مضاد تماماً لاتجاهه. وحينما تسير حياتان في اتجاهين متضادين فلا بد أن تباعد بينهما الأيام وستكون وسيلة اتصالهما الخطابات أو التليفونات. وهذا مما لا بد أن يصل إليه الزواج المختلط, ولا حق لك أن تدخل شخصاً تدعي أنك تحبه في مثل هذا المصير المؤلم.

(ب) إن هذا الزواج المختلط يسيء بالدرجة الأولى إليك.

لقد حذر الله شعبه من الزواج المختلط قائلاً "لأنه يرد ابنك من ورائي فيعبد آلهة أخرى فيحمي غضب الرب عليكم ويهلككم سريعاً" (تث 7: 4).

فالأمل الذي لديك في ربحك الطرف الغير مؤمن هو باليقين أمل واه ضعيف, أنا انحرافك أنت وراء الطرف غير المؤمن فهو ما تعلنه كلمة الله, وما لا بد أن يجلب عليك تأديب الرب.

نقرأ في سفر القضاة هذه الكلمات "فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين. واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء وأعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا آلهتهم. فعمل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب ونسوا الرب إلههم وعبدوا البعليم والسواري, فحمى غضب الرب على إسرائيل فباعهم بيد كوشان رشعتايم ملك أرام النهرين" (قض 3: 5 - 8).

ونقرأ في سفر الملوك الأول هذه الكلمات "وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فوعون موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات. من الأمم الذي قال عنهم الرب لبني إسرائيل لا تدخلون إليهم ةهم لا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم. فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة.. وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب كقلب داود أبيه., فذهب سليمان وراء عشتورث إلاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عين الرب ولم يتبع الرب تماماً كداود أبيه.. فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين" (1مل 11: 1- 9).

فهل أنت أكثر حكمة من سليمان الذي أمال نساؤه قلبه وراء آلهة أخرى حتى تتزوج من فتاة غير مؤمنة وتجلب على نفسك غضب الرب؟!؟

حدثنا التاريخ الأمريكي أن الفكاهي الأشهر مارك توين أحب فتاة أسمها "أوليفيا لانجدون" نشأت أوليفيا في بيت مسيحي, وتمسكت بعقائد دينية متينة.. لم يعلن مارك توين عن إيمانه بالمسيح, ولو أنه بدا أنه تأثر بحياة أوليفيا.. تزوج مارك توين أوليفيا, وفي بداية زواجهما كان مارك توين يصلي دائماً طالباً البركة على كل طعام, ويشترك مع زوجنه في قراءة الكتاب المقدس والصلاة, ولكنه لم يستمر في هذا.. وذات يوم قال لزوجته: "أوليفيا أنا لا أؤمن بالكتاب المقدس" وقليلاً قليلاً تسرب عدم إيمان مارك توين واستشرى كالسرطان في حياة زوجته.. ودخلت الأسرة في كارثة محرقة, وأراد مارك توين تقوية زوجته خلال المحنة فقال لها: "أوليفيا إن كان يعزيك أن تستندي على الإيمان المسيحي فافعلي" ولكن الجواب الذي ردت به على زوجها كان "إنني لا أستطيع فليس لدي أي إيمان"!!

الزواج ليس حقل مرسلى لربح شريك أو شريكة الحياة للمسيح, فلا تدخل شركة من هذا الطراز تحطم مثلك وتزعزع إيمانك.

(جـ) إن هذا الزواج المختلط يسيء إلى أولادك.

إنه يسيء إليهم إذ سينشأون وسط قيم متناقضة فقيم المؤمن روحية, كتابية, سماوية, وقيم غير المؤمن, جسدية, نفسانية, أرضية.. كدت أقول شيطانية!!

ويا للتمزق الروحي والنفسي والعقلي وهم يعيشون وسط هذا التناقضات.

نقرأ في سفر نحميا الكلمات "في تلك الأيام أيضاً رأيت اليهود الذين ساكنوا نساء أشدودات وعمونيات وموبيات, ونصف كلام بينهم باللسان الأشدودي ولك يكونوا يحسنون التكلم باللسان اليهودي بل بلسان شعب وشعب. فخاصمتهم ولعنتهم وضربت منهم أناساً ونتفت شعورهم واستحلفتهم بالله قائلاً لا تعطوا بناتكم لبنيهم ولا تأخذوا بناتهم لبنيكم ولا لأنفسكم. أليس من أجل هؤلاء أخطأ سليمان ملك إسرائيل ولم يكن في الأمم الكثير ملك مثله وكان محبوباً إلى إلهه فجعله ملكاً على كل إسرائيل. هو أيضاً جعلته النساء الأجنبيات يخطيء" (نح 1: 22: 26).

(د) إن هذا الزواج المختلط يسيء إلى الرب وإلى غرضه في حياتك.

قال نحميا "فهل نسكت لكم أن تعملوا كل واحد هذا الشر العظيم بالخيانة ضد إلهنا بمساكنة نساء أجنبيات" (نح 13: 27).

إن الزواج بغير المؤمنين هو شر عظيم, وخيانة ضد الله, لأن الله خلقنا لا لنعيش لأنفسنا بل لنعيش له ولمجد "لأن ليس أحد منا يعيش لذاته ولا أحد يموت لذاته. لأننا إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن" (رو 14: 7, 8)

فإن وضعت غرامك بشخص ما خارج دائرة سيادة الله, فإن هذا يعني أنك قررت الحياة على مستوى منخفض.

إن البيت المسيحي يمجد الله, حين يكون الزوجان معا ملكاً للرب يسوع المسيح, ويعيشان في طاعته. هنا يكون البيت مركزاً لشهادة لامعة للمجتمع المحيط به, والأولاد الذين يولدون في بيت كهذا يستمتعون ببركة إلهية خاصة في حياتهم.

نقرأ في إنجيل لوقا الكلمات "كان في أيام هيرودس ملك اليهود كاهن اسمه زكريا من فرقة أبيا وامرأته من بنات هرون واسمها أليصابات. وكانا كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم"

(لو 1: 5 - 7)

من هذين الزوجين البارين ولد يوحنا المعمدان أعظم مواليد النساء. إن من يدخل في شركة زواج مختلط لا يستطيع أن يضم صوته إلى صوت يشوع قائلاً "أما أن وبيتي فنعبد الرب" (يش 24: 15). إذ أن بيته سيكون منقسماً على ذاته.

حدثنا الراعي الراحل "بيتر الدرزفلد" عن أم كانت عضواً بكنيسته جاءت إليه ذات يوم وهي مبتهجة بفتاة تعرف بها ابنها المؤمن "جون" ففكر في الزواج بها.. قالت له: "إنها فتاة جذابة.. جميلة.. وأسرتها مثقفة مهذبة.. والفتاة ليست مستعبدة لأي عادة رديئة.. لأنها تغني بصوت رخيم, وهي موسيقارة من الطراز الأول" ورد عليها الراعي قائلاً "كل هذا يبدو جميلاًَ, ولكن اخبريني: ما هو اختبارها مع الرب؟".

وبدأ أن سؤاله قد شوه جمال الصورة التي رسمتها الم لفتاة ابنها.. وقد ردت الأم في غضب ظاهر "لا تقلق بالك, فأنا أعتقد أنها ستواظب مع جون على حضور الكنيسة."

استطرد القس الدرزفلد قائلاً "إنك لم تجيبي على سؤالي. ما هو اختبارها مع الرب؟ من هو إلهها؟ هل نؤمن بالكتاب المقدس الذي يؤمن به جون؟ هل نحب الرب الذي يحبه؟ هل اختبرت الخلاص الذي اختبره؟ هل هي في طريقها إلى ذات السماء التي سيذهب إليها؟ إن لم تكن كذلك فهي ليست الفتاة المناسبة لابنك. ولا يهم مدى ثقافتها, أو براعتها الموسيقية, أو جاذبية شخصيتها."

لقد كانت كلمات الراعي مع أنها تبدو في ظاهرها خشنة أرق وأخلص نصيحة لهذه الأم.

أذكر أنه منذ سنوات طويلة جاءتني فتاة مؤمنة تسألني عن رأي في اختيارها لأحد اثنين.. قسيس مولود من الله, ولكنه ما زال فقيراً.. وشاب غني غير مؤمن .. وأجبت: تزوجي القسيس.. قالت : ولكن مرتبه ضعيف ولن تكون حياتنا المادية مريحة قلت: تزوجي القسيس.

ولم تسمع نصيحتي.. تزوجت الشاب الغني ومنذ تزوجته ضاعت الابتسامة التي كانت تملأ وجهها, وما رأيتها مرة "إلا والدموع تملأ عينيها.

كم أتمنى أن يمتنع خدام الرب الأمناء عن عقد أي زواج بين اثنين يكون أحدهما غير مؤمن.. إن هذا التصرف قد يوقف مد التعاسة الذي يزحف على بيوت الكثيرين.

هذا كله يصل بنا إلى سؤال خطير: من هو المؤمن الذي يصلح لي, ومن هي المؤمنة التي تصلح أن كون زوجة تسعدني؟

يقين أنه لا يمكن أن يصلح كل مؤمن لكل مؤمنة, وأعود فأكرر أن الرب يقود المؤمن المكرس إلى شريكة الحياة المعينة من لدنه "أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها. وأنصحك عيني عليك" (مز32:8). ومع ذلك فهناك ميزات أكيدة لا بد من مراعاتها وأنت تطلب إرشاد الله.

إن دراستنا لعدد غير قليل من الأزواج السعداء ترينا أن أفضل شريك للحياة هو الشخص.

- الذي تشعر بالسعادة في وجودك معه.

- الذي تعجب بشخصياته وصفاته.

- الذي يشاركك اهتمامك وطموحك.

- الذي ترب في بيئة وحضارة كالبيئة والحضارة التي تربيت فيها.

- الذي تتفق اعتقاداته الكتابية مع عقائدك حتى لا يكون هناك خلاف بينكما في اختيار الكنيسة التي تنضمان إليها.

- الذي يسهل عليك قبول مقاييس وأسلوب حياته.

- الذي يتقارب معك في المستوى العلمي والتفكير العقلي حتى تتأكد من الاستمتاع بمشاركته في أفكارك وأحاديثك.

- الذي تحبه مع معرفتك بنقط القوى والضعف في حياته, وتعرف جيداً بأن الحب لن يغير شخصيته الأساسية, أو عاداته, أو أساليب تصرفاته, أو مميزاته الشخصية.

إن شخصية المرء قبل الزواج ستبقى كما هي بعده, وهذه الحقيقة تساعد على اختيار الشريك الذي يتناسب مع الصورة التي رسمتها بذهنك إذ أه سيبقى بنفس صفاته بعد الزواج كما كان قبله.

- الذي يعرف كيف يتعامل مع الجنس الآخر.

- الذي يعرف كيف يشاركك آلامك كما يشاركك مسراتك.

- الذي يعرف كيف يعالج المواقف الصعبة بهدوء وحكمة.

- الذي يحب الإنسان الداخلي فيك, أكثر من حبه لجمالك الخارجي.

- وأهم من هذا كله الذي يشارك تكريسك, وحبك, وخدمتك للرب يسوع فاديك.

وفي عبارة واحدة فإن المؤمن الذي يصلح لك هو الذي "يسير في نفس طريقك" مع المسيح.


(6) عنصر الأمور الصغيرة

هناك أمور صغيرة قد يعتبرها البعض غير جوهرية, ولكنها تعمل عمل الذباب في الزواج, ذلك الذباب الذي قال عنه كاتب سفر الجامعة "الذباب الميت ينتن ويخمر طيب العطار" (جا 10: 1).

وسأضع هذه الأمور مع هذه الباقة من النصائح:

(أ) كن أمينا ودقيقاً فيما تقدمه من معلومات عن نفسك احذر من أن تخدع من تتزوجها أو أن تخدعي من تتزوجيه من جهة: السن.. المركز المالي.. المستوى العلمي.. الحالة الصحية.

إن الزواج شركة عمر, وكل خداع سيكتشف إن آجلاً أم عاجلاً, وحين يتزوج إنسان على أساس الخداع في أي دائرة من دوائر الحياة, يعتبر الطرف المخدوع نفسه ضحية.. ويمتلئ قلبه مرارة, ويفقد ثقته في شريك حياته.. وتلون مرارة نفسه كل جوانب حياته الزوجية.

لقد زوج لابان ابنته ليعقوب بالخداع, وعن هذا نقرأ الكلمات:

"ثم قال يعقوب للابان أعطني امرأتي لأن أيامي كملت.. فجمع لابان جميع أهل المكان وصنع وليمة. وكان في المساء أنه أخذ ليئة ابنته وأتى بها إليه. فدخل عليها.. وفي الصباح إذ هي ليئة. فقال للابان ما هذا الذي صنعت بي أليس براحيل خدمت عندك. فلماذا خدعتني" (تك 29: 1 - 29).

وكانت نتيجة هذا الزواج الذي بني على الخداع, أن ليئة عاشت في جو الكراهية "ورأى الرب أن ليئة مكروهة" (تك 29: 31), وجو المذلة "الرب قد نظر إلى مذلتي" (تك 29: 32), والفجوة العميقة التي وجدت بينها وبين زوجها.

فقل الصدق الكامل في المعلومات التي تقدمها عن نفسك.. حتى لا تتسرب مرارة الإحساس بالخداع إلى بيتك.

(ب) استشر والديك

في الأيام القديمة كان الأب يتولى زواج ابنه, وكان الزوج يطلب فتاته من أبيها.. العصر الحديث قلب هذه المعايير.. ولكنني أنصحك حين تقبل على الزواج أن تستشير والديك. إن لهما من الخبرة في الحياة ما يجنبك الكثير من كوارث الأيام, وفوق خبرتهما هناك حبهما الشديد لك.. والحب إحساس مرهف دقيق.

واحذر أن تستهزئ بأبيك أو تحتقر أمك لأنك أصبحت أكثر منهما علماً أو مالاً.. واذكر كلمات أجور ابن متقية مسا:

"العين المستهزئة بأبيها والمحتقرة إطاعة أمها تقورها غربان الوادي وتأكلها فراخ النسر" (أم 30: 17)

(جـ) لا تتزوج بغير رضا والديك ووالدي فتاتك:

لقد تزوج عيسو بغير رضا والديه, وكان زواجه سبباً في مرارتهما, ولما كان عيسو ابن 40 سنة اتخذ زوجة يهودت ابنة بيري الحثي وبسمة ابنة أيلون الحثي. فكانتا مرارة نفس لإسحق ورفقة, (تك 26: 34, 35).

بل كان أكثر من ذلك سبباً في ملل أمه من الحياة "وقالت رفقة لإسحق مللت حياة من أجل بناة حث. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض فلماذا لي حياة" (تك 27: 46).

وكان مع هذا كله سبباً في تكدير اسحق أبيه "رأى عيسو أن بنات كنعان شريرات في عين اسحق أبيه" (تك 28: 8).

وكثيرون يقدمون على الزواج بغير رضا والديهم, ويكونون سبباً في حزن الآباء وتكدير حياتهم ومرارة نفوسهم.

إن الزواج الذي بحسب مشيئة الرب سيرضى عنه كل الأطراف, والدا الزوج ووالدا الزوجة, وسيقول الجميع "من الرب خرج الأمر" (تك 24: 50).

هذه هي العناصر الجوهرية في الاختيار, والتي تؤدي في اعتقادنا للزواج السعيد فادرسها بتدقيق. واطلب إرشاد الله في ضوئها ومن سار على الدرب وصل.

أول شيء الرجل المؤمن كإبراهيم, فالأمانة الحقيقية مصدرها الإيمان الحقيقي "فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً" (رو 4: 3).

 

والرجل الأمين هو ثانياً الرجل الممتلئ بالعاطفة الحية كيعقوب, لقد أحب يعقوب راحيل, كان دليل حبه لها استعداد للتضحية من أجلها "فخدم يعقوب براحيل سبع سنين, وكانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها" (تك 29: 20).

والرجل الأمين هو ثالثاً الرجل الصبور كأيوب "قد سمعتم بصبر أيوب" (يع 5: 11).

والرجل الأمين هو رابعاً رجل البصيرة والتمييز الروحي كداود اسمعه وهو يتحدث إلى سليمان ابنه "وأنت يا سليمان ابني أعرف إله أبيك واعبده بقلب كامل ونفس راغبة لأن الرب يفحص جميع القلوب ويفهم كل تصورات الأفكار فإذا طلبته يوجد منك, وإذا تركته يرفضك إلى الأبد" (1أخ 28: 9).

والرجل الأمين هو خامساً رجل الصلاة كإيليا "كان إيليا إنسانا تحت الآلام مثلنا وصلى صلاة أن لا تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر. ثم صلى أيضاً فأعطت السماء مطراً, وأخرجت الأرض ثمارها" (يع 5: 17, 18).

والرجل الأمين هو سادساً رجل الطهارة كدانيال. "أما دانيال فجعل في قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه. فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس" (دا 1: 8).

لقد أوصى بولس ثيموثاوس قائلاً "لا يستهن أحدا بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الإيمان في الطهارة" (1 تي 4: 12).

"أما الشهوات الشبابية فاهرب منها واتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي" (1 تي: 2: 22).

والرجل الأمين هو سابعاً رجل المبادئ المسيحية كبولس الذي كتب لتيموثاوس قائلاً "وأما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني وأناتي ومحبتي وصبري واضطهادي وآلامي" (2 تي 3: 10, 11).

هذه هي صفات الرجل الأمين, والفتاة المؤمنة يجب أن ترى هذه الصفات في الشاب الذي سيشاركها حياتها وعمرها قبل أن توفق على الزواج به.

ويقينا أن هناك عوامل أخرى وراء كل اختيار خاطئ.

ذات مرة اجتمعت بعدد غير قليل من الشبان والشابات في ندوة دار الحديث فيها حول "الزواج".. قلت لهم: قبل أن أبدأ الحديث أريد أن أسأل كل واحد منكم وكل واحدة منكن هذا السؤال: لماذا تتزوج ولماذا تتزوجين؟!

كانت الإجابات كما يلي:

+ إنني سأتزوج لأن "ماما" تقول لي أن هذا مصير كل فتاة, ومن الأفضل أن أصل عاجلاً إلى مصيري المحتوم.

+ سأتزوج لأن كل زميلاتي في الدراسة يتزوجن, فلماذا أشذ عن الجموع.

+ سأتزوج لأنني أريد أن أؤسس لنفسي بيتاً ولا بد من فتاة تشتغل وتكسب لتساعدني في هذه الأيام الصعبة على تأسيس بيتي.

+ سأتزوج لأشبع دافعي الجنسي بطريقة حلال.

+ سأتزوج لأني أخشى أن يفوتني قطار الزواج.

+ سأتزوج لأن المجتمع يزعجني دائماً بالسؤال: لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟

ومن هذه الإجابات خرجت بالأسباب التي تدفع الكثيرين إلى الزواج وهي إما أسرية, أو اجتماعية, أو مادية, أو جنسية لكنها في مجموعها لا تكون الأسس الصالحة للزواج السعيد, وتدفع الشاب أو الفتاة إلى الاختيار الخاطئ الذي يولد الحسرة والندم بقية العمر.

  • عدد الزيارات: 16394