الإنسان
تكوين 1: 26 إلى الآخر
بعد هذا رأى الله أنه ليس على الأرض أحد من المخلوقات، التي صنعها يعرف الله ويحبه، ليس بين المخلوقات من يقدر أن يتكلم معه ويشكره بكلام مفهوم. لذلك قرر الله أن يعمل أجمل الخلائق كلها، قرر أن يخلق الإنسان ليكون أجمل من الأزهار وأحلى من كل الحيوانات... لماذا؟ لأنه سيكون على صورة الله، أي مشابهاً لله، وسيعرف الله ويحبه ويشكره، ويرنم له ويسبحه. الإنسان مختلف عن الأزهار والحيوانات والنجوم، لأن هذه جميعها ليس لها عقل أو إرادة، ولكن الإنسان يدرك كل ما يعمل ويفهم ما حوله. ولأن الإنسان كان لا بدّ ان يختلف عن باقي المخلوقات، فالله خلقه بطريقة خاصة. أخذ الله من تراب الأرض وصنع جسم الإنسان وما أعظم قدرة الله! من التراب صنع هذا الجسم الجميل الدقيق!! وكيف صار هذا الجسم حياً؟ يقول الكتاب أن الله نفخ في أنفه (أنف الجسم المصنوع من التراب) نسمة حياة، يعني أن الله نفخ في روحه في الجسم الترابي، فصار حياً يتنفس برئتيه، ويرى بعينيه، ويسمع بأذنيه، ويتكلم بفمه، ويتحرك برجليه. الحياة التي كانت في الجسم كانت من حياة الله نفسه...
كيف نعرف أن هذا صحيح؟ من الكتاب المقدس، وهو الوحيد الذي يحكي لنا قصة الخليقة.
ونلاحظ أن جسم الإنسان مدهش وجميل من الداخل كما هو من الخارج. في داخل جسمك قلب يدق، ورئتان تتنفسان الهواء، ومعدة تهضم الطعام، وأعضاء أخرى كثيرة. من غير الله يستطيع أن يصنع هذا؟ لا يوجد طبيب مهما كان عظيماً استطاع أن ينتهي من دراسة جسم الإنسان المدهش هذا. ولكن ليست هذه هي المعجزة، لأن الله خلق أيضاً أعضاء الإنسان للحيوانات. إذاً بماذا يمتاز الإنسان؟
آه!.. أعظم شيء ميّز الله به الإنسان الذي صنعه على صورته، هو أنه أعطاه قدرة على التفكير، وأنه يستطيع أن يتكلم ويعبر عن الشيء الذي يفكر فيه. وأيضاً الإنسان يستطيع أن يختار بين الخير والشر. الحيوانات لا تعرف ذلك ولا تستطيع أن تميّز. الإنسان فقط هو الوحيد بين المخلوقات الذي يستطيع أن يعرف الله ويحبه، ويعبر عن محبته لله بالكلام، فيتحدث مع خالقه.
وهكذا تمت كل خليقة الله كما أراد لها الله أن تكون، ورأى الله كل ما عمله، فإذا هو حسن جداً. وقصد الله أن يكون الإنسان سيداً وملكاً على جميع المخلوقات. لذلك جعل الله كل الأشياء، التي صنعها تحت سلطان الإنسان. طبعاً كان على الإنسان أن يخدم الله ويطيعه، لأنه صنعة يديه.
تصور معي مقدار غنى الإنسان وسعادته... الأرض الجميلة بكل ما عليها من نبات وحيوان وطيور كانت ملكه، وله أن يتمتع بكل ما فيها، وليس ذلك فقط، بل أن الله الذي صنع كل هذه وأعطاها له لأنه يحبه. كان يعتني به، ويحفظ حياته دائماً. أليست هذه هي السعادة؟ وأية سعادة أعظم من هذه؟
- عدد الزيارات: 1868