رد على اعتراضات
الاعتراض الأول- الختان والمعمودية:
يجابهني صديقي بهذا الاعتراض قائلاً- مهلاً مهلاً- أفليس كتابنا هو كتاب الرموز التي انحلت في فرائض وطقوس؟ وإن كان كذلك فالختان كان رمزاً للمعمودية، وكان الختان في العهد القديم للطفل
الصغير فيصح إذا أن يعتمد ذلك الطفل في عصر النعمة وعهد الكنيسة.
لكن الكتاب المقدس يعلن لنا إعلاناً صريحاً أن الختان ليس رمزاً للمعمودية للأسباب الآتية:
(1) كان الناموس يحتم الختان على الطفل وهو في اليوم الثامن من دخوله إلى أرضنا، ولكن هل نجد في الكتاب أو في تقاليد الكنيسة أو في تعاليم الطوائف التي تعمد الأطفال هذا المبدأ؟ وهل تحتم أي طائفة ضرورة عماد الطفل في اليوم الثامن؟ إن لم يكن كذلك إذاً فالختان ليس رمزاً للمعمودية.
(2) كان الطفل الذي لا يختن في اليوم الثامن "تقطع تلك النفس من شعبها" ولكن هل الطفل الذي لا يعتمد في اليوم الثامن يقطع من شعبه؟ جواب المنطق والواقع هو- كلا. إذاً فالختان لم يكن رمزاً للمعمودية، لأنه لو كان رمزاً لها لا نطبق الرمز على المرموز إليه.
(3) كان الختان للذكور دون الإناث "ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم" (تك 17: 12) لكن المعمودية للذكور والإناث على السواء لذلك نقرأ عنها بصريح اللفظ "اعتمدوا رجالاً ونساء" (أعمال 8: 12) فأين الانطباق للتوفيق.
(4) كان الختان لوليد البيت والمبتاع بالفضة من ابن الغريب (تك 17: 13)، حتى أن إسماعيل الموصوف بأنه إنسان وحشي قد ختن هو الآخر، فهل يرضى لنا الحق المعلن في العهد الجديد بأن نعمد جوارينا وحتى أولئك الوحشين الذين يرغبون في العماد دون أن يتجددوا؟ أين انطباق الرمز على المرموز إليه؟
(5) كان الختان وصية يمارسها كل يهودي، سواء كان شريراً أم صالحاً- أما المعمودية فلا يصح أن يمارسها إلا الذين آمنوا فعلاً "من آمن واعتمد خلص" فأين الانطباق للتوفيق؟
(6) لم تقل الكنيسة الأولى في سفر الأعمال أن الختان كان رمزاً للمعمودية، فهل تعاليم الكنائس الحالية أعظم من تعليم المجمع المسيحي في الكنيسة الأولى، وهل التقاليد الكنسية أقدم من الحقائق الموحى بها من الله، لندرس كلمة الله وسنرى فيها كيف أن الرسل الأولين لم يعتقدوا أن الختان كان رمزاً للمعمودية، ففي الأصحاح الخامس عشر من سفر الأعمال نقرأ الحادثة الآتية: "وانحدر قوم من اليهود وجعلوا يعلمون الإخوة إنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا فلما حصلت منازعة ومباحثة ليست بقليلة معهم رتبوا أن يصعد بولس وبرنابا وأناس آخرون منهم إلى الرسل والمشايخ في أورشليم من أجل هذه المسألة فاجتمع الرسل والمشايخ لينظروا في هذا الآمر فبعد ما حصلت مباحثة كثيرة قام بطرس وقال لهم أيها الرجال الإخوة أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون والله العارف القلوب شهد لهم معطياً لهم الروح القدس كما لنا أيضاً وبعد ما سكت أجاب يعقوب قائلاً....أنا أرى أنه لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم" (أعمال 15: 1-21) وإلى هنا أقف لأتحدث قليلاً إلى أولئك الذين يقولون بأن المعمودية قد حلت محل الختان فأقول لو كانت المعمودية قد حلت محل الختان، أفما كان الأولى أن بطرس ويعقوب وبولس يحلون النزاع الذي قام بخصوص الختان بكلمة واحدة فيقولون للمتنازعين- إن الختان كان رمزاً للمعمودية، وقد جاءت المعمودية بدل الختان فلا ضرورة للختان بعد الآن؟ لكن المجمع الذي عقده الرسل لم يقل ذلك، لأنه لم يؤمن بذلك فما كان الختان يوماً رمزاً للمعمودية.
(7) لو كانت المعمودية قد حلت محل الختان، فلماذا أختتن تيموثاوس بعد عماده بمدة طويلة (أعمال 16: 3) إن المنطق يقول: إنه لو كانت المعمودية جاءت بدل الختان لما ختن بولس تيموثاوس بحال ما.
(8) لقد أختتن المسيح في اليوم الثامن بحسب الناموس (لو 2: 21) ولكنه اعتمد في بدء خدمته (لو 3: 21-22) فلو كانت المعمودية قد جاءت محل الختان، فالشخص المختون لا يجب أن يعتمد، وبالأولى كان المسيح لا يعتمد إذ ما الداعي لإجراء فريضتين في معنى واحد؟ إذاً فالختان لم يكن رمزاً للمعمودية.
(9) بقيت بضعة آيات وردت في رسائل بولس تتعلق بهذا الموضوع أذكرها للتعليق عليها ففي رسالة كولوسي نقرأ "وبه أيضاً ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح مدفونين معه في المعمودية للموت التي فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات" (كولو 2: 13) وأمام هذه الآية يقول المعترضون أن الختان كان رمزاً للمعمودية ولكن لنأت للآية فهي تقول "وبه أيضاً ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح، فما هذا الختان الغير مصنوع باليد؟ أهو المعمودية بالماء وهي تجري على أيدي خادم من البشر؟ أم هو شيء آخر حدثنا عنه الكتاب؟ دون ريب إن هذا الختان الغير مصنوع بيد هو ما قصده الرسول بولس عندما قال "وختان القلب بالروح- أي ليس بيد- لا بالكتاب هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله" (رو 2: 29) نعم بعد هذا الختان الروحي في القلب يقول "مدفونين معه بالمعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات" فبعد أن يتطهر القلب بالتجديد بروح الله، حينئذ يموت الإنسان عن الخطية ويعتمد ليعلن أمام الملأ دفنه مع المسيح وقيامته معه للسلوك في جدّة الحياة، وأمام هذا النور الساطع يظهر لنا أن الختان لم يكن رمزاً للمعمودية، وإنما كان رمزاً لختان القلب بالروح.
وتوجد آية أخرى جاء فيها ذكر الختان وردت في رسالة رومية حيث يقول بولس "فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً وأخذ علامة الختان ختماً لبر الإيمان" (رو 4: 3-11) فأي ختم هذا الذي أخذه إبراهيم؟ ولماذا آخذه؟ الكتاب يقول "أنه أخذ علامة الختان ختماً لبر الإيمان" وأنه أخذ هذه العلامة بعد الإيمان؟ فهل نتعلم من هذه الآية أن الختان حل محل المعمودية؟ وهل المعمودية هي ختم الإيمان؟ لنعد إلى كلمة الله لنسمع حكمها، فالمعمودية لم تكن في يوم ما ختماً لبر الإيمان، وإنما ذلك الختم هو ما قال عنه بولس في رسالته إلى أفسس "الذي فيه أيضاً أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضاً إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس" (أفسس 1: 13) ومن هذه الآية نرى أن الختم ليس هو معمودية الماء بل هو روح الله في قلب الأبناء فالختان إذاً ليس رمزاً للمعمودية إنما هو رمز لختان القلب بالروح لا بالكتاب الذي مدحه من الله لا من الناس" (رو 2: 29)
(10)لقد أعطى الله وصية الختان للشعب الإسرائيلي لكي يحفظ ذلك الشعب من الاندماج بالأمم، ليكونوا وحدهم وليحفظوا أقوال الله ومواعيده، لذلك أطلق اليهود على كل أممي إنه "رجل أغلف" بعيد عن رعوية إسرائيل وغريب عن عهود الموعد. وعلى هذا كان الختان هو الطريق إلى عضوية الأمة اليهودية، لكن المعمودية ليست هي الطريق إلى عضوية الكنيسة بحال ما إذ يصرح الكتاب أن الطريق إلى عضوية الكنيسة هو نوال الخلاص كاختبار شخصي كما يقول صاحب سفر الأعمال "وكان الرب يضم كل يوم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أعمال 2: 47) فاليهودية كانت دين دولة، والطريق إلى التجنس بجنسية هذه الدولة هو الختان، لكن المسيحية هي دين الاختبار الشخصي "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16) "أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى" (يو 10: 9) وقال يسوع أيضاً "أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يو 14: 6) فهل وضح للقارئ الكريم أن الختان لم يكن رمزاً للمعمودية على الإطلاق؟
الاعتراض الثاني- الولادة الجديدة والمعمودية:
يقول صديق معترض- ألم يقل المسيح لنيقوديموس "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 5) وأليس الميلاد من الماء والروح يعني المعمودية بالماء؟ وبدون معمودية الماء على هذا القياس لا نقدر أن ندخل ملكوت الله؟ لكنني أرجو أن يلاحظ قارئي العزيز، أن الآية تتكلم عن الميلاد لا عن العماد، والفرق بين الميلاد والعماد كالفرق بين السماء والأرض. فقد ذكر المسيح ضرورة الولادة الثانية في هذا الأصحاح ثلاث مرات فقال :
(1) إنها ولادة من فوق أي من السماء وليست من الأرض "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يو 3: 3).
(2) كما قال أنها ولادة من الروح "لا تتعجب إني قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب هكذا كل من ولد من الروح" (يو 3: 7 و8).
(3) وقال إنها ولادة من الماء والروح (يو 3: 5) فهل المعمودية تعطي للإنسان هذا الاختبار المجيد، اختبار الولادة من فوق، ومن الروح القدس، ومن الماء والروح. إن منطق الواقع يرينا أن عشرات من الذين تعمدوا في طفولتهم عاشوا طول حياتهم في الخطية ولم يختبروا قط معنى الولادة الجديدة. فلنرجع إذاً للكتاب لنسأله عن طريق الميلاد الجديد، أو الميلاد من فوق. يقول لنا يوحنا في غرّة إنجيله "إلى خاصته جاء- أي المسيح- وخاصته لم تقبله وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يو 1: 12 و13) وقد حلل أحد القسوس الإنجيلين وهو القس المحترم مرقس عبد المسيح هذه الآية فقال إن يوحنا نفى فيها:
1- حصول الميلاد الثاني عن طريق الوراثة بقوله "ليس من دم".
2- وكذلك نفى حصوله عن طريق القدرة والإرادة البشرية بقوله "ولا من مشيئة جسد".
3- وكذلك صرح الوحي بأنه ليس في مقدور الناس عامة بقوله "ولا من مشيئة رجل".
4- بل أكد الوحي أن اختبار الولادة الثانية هو من الله "المولود من الروح هو روح" (يو 3: 6).
لكن يقول قائل إذاً ما معنى كلمة الولادة من الماء التي قصدها المسيح في كلامه مع نيقوديموس؟ وللإجابة نقول، إن المسيح كان يتكلم مع معلم يهودي هو نيقوديموس، وكان نيقوديموس يعرف أن الماء جاء في العهد القديم كتشبيه لكلمة الله. وها نحن نعود إلى الكتاب لنأت بالدليل الساطع على هذا الاعتقاد ففي سفر أشعياء جاء "الماء" بمعنى "كلمة الله" وكواسطة للولادة أيضاً فقال أشعياء "لأنه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان إلى هناك بل يرويان الأرض ويجعلانها "تلد" وتنبت وتعطي زرعاً للزارع وخبزاً للآكل هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي" (أش 55: 10 و11)، وقد وافق الرسل في العهد الجديد على أن الولادة الجديدة هي نتيجة عمل كلمة الله في القلب بروح الله فقال بطرس "مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد" (1بط1: 23) وقال يعقوب "شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه" (يعقوب 1: 18) ويقول بولس عن تقديس الكنيسة "أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة" (أفسس 5: 26) ويفسر هذا قول المسيح لتلاميذه "أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به" (يو 15: 3) فكما أن الماء هو واسطة نقاء الجسد كذلك كلمة الله هي واسطة ولادة الإنسان وغسله من الخطية، من كل هذا نخرج بنتيجة واحدة هي أن الولادة الجديدة هي بعمل كلمة الله إذ يستخدمها روح الله، وهذا ما عناه المسيح عندما قال لنيقوديموس "إن كان أحد لا يولد من الماء (أي الكلمة) والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 6) وإليك ما قاله دكتور تورى بحاثة الكتاب المشهور بهذا الخصوص "من الجلي أن المعمودية ليست هي الولادة الجديدة، وهذا الأمر واضح مما جاء في (1كورنثوس 4: 15) إذ يقول الرسول "لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح ولكن ليس آباء كثيرون لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" فيقول بولس الرسول للقديسين في كورنثوس أنه ولدهم ثانية، ولو كانت المعمودية هي وسيلة الولادة الجديدة لكان هذا يفيد حتماً أنه عمدهم مع أنه يقول "أشكر الله إني لم أعمد أحداً منكم إلا كريسبس وغايس... لأن المسيح لم يرسلني لأعمد بل لأبشر لا بحكمة كلام لئلا يتعطل صليب المسيح" (1كو 1: 14-17) فيؤكد الرسول أنه لم يعمدهم وهكذا نرى جلياً أن الولادة أن الولادة الجديدة ليست هي المعمودية وإنما هي نتيجة قبول كلمة الله، أي إنجيل الله، كما يقول لهم "ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1كو 4: 15) فهل أدركت أيها القارئ العزيز أن الولادة الجديدة ليست هي المعمودية، وأن الآية لا تتحدث عن العماد بل عن الميلاد الجديد، وأن الميلاد الجديد بكلمة الله وروح الله؟ فليباركك الله، وليضيء لك بنور الحق الوضاح.
الاعتراض الثالث- موعد الآب للآباء والأبناء:
قالت لي إحدى الأخوات الكريمات مرة ألم يقل الكتاب "لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد" (أعمال 2: 39) فكيف لا نعمد أطفالنا والموعد لهم؟ ولكي نعرف ما هو هذا الموعد الذي تكلم عنه بطرس لنعد إلى كلمات الكتاب ففي ذات الأصحاح التي ذكرت فيه هذه الآية قال بطرس عن المسيح "وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب سكب هذا الذي أنتم ترونه وتبصرونه" (أعمال 2: 33) وقال الرب يسوع لتلاميذه قبل صعوده "وها أنا أرسل إليكم موعد أبي فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لوقا 24: 49) ومرة أخرى أوصاهم "أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني" (أعمال 1: 4) ومن هذه الآيات نرى أن الموعد الذي تكلم عنه بطرس كان موعد الروح القدس الذي رآه الناس يوم الخمسين بعد أن ملأ التلاميذ في العلية، واندهشوا إذ سمعوا كل واحد لغته التي ولد فيها.... فلما نخسوا وجاؤوا لبطرس قال لهم بطرس "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد كل من يدعوه الرب إلهنا" (أعمال 2: 38 و39).
فالتوبة والمعمودية بالماء وقبول دعوة الرب، شروط ضرورية لنوال عطية الروح القدس أي "موعد الآب" ولنلاحظ أن بطرس قد وضح لسامعيه أن هذا الوعد "هو لكل من يدعوه الرب إلهنا" سواء من اليهود أو نسلهم أو الأمم الذين على بعد أي أن موعد الروح القدس للأفراد الذين أطاعوا دعوة الرب. هذه الحقيقة تؤكدها كلمات بولس في رسالة غلاطية "لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع لننال بالإيمان موعد الروح" (غلا 3: 14) ولنلاحظ أن من تأثيرات هذه العطية هو أن "يتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً" (أع 2: 17) "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً" (أع 1: 8) فهل يقدر الطفل أن يتنبأ، ويشهد للمسيح، ويدرك معنى الرؤى والأحلام؟ فإذا كان الطفل لا يدرك هذه الأمور، فليس من المعقول أن الله يعطي عطاياه لمن لا يدركونها، ولكن بعد أن يكبر الإنسان ويدرك ويفهم ويصبح خليقة جديدة في المسيح ينال بعدئذ موعد الروح كما جاء في رسالة غلاطية "فإن كنتم للمسيح فأنتم إذاً نسل إبراهيم وحسب الموعد ورثة.... ثم بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب" غلاطية (3: 29، 4: 6).
فهل أدركت يا قارئي العزيز، أن الموعد المذكور في الآية هو موعد الروح القدس؟ بل هل أدركت أن كلمة "أولادكم" لا تعني أطفالكم، فقد قال يوحنا المعمدان للفريسيين "يا أولاد الأفاعي" (متى 12: 34).
وقال المسيح عن أورشليم "يا أورشليم كم مرة أردت أن أجمع أولادك.... ولم تريدوا" (لو 13: 34).
وقال أيضاً لليهود "لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم" (يو 8: 39) كل هذه الآيات ترينا أن لفظة الأولاد لا تعني بالضرورة الأطفال، فموعد الروح ليس للأطفال بل للمؤمنين المدركين، والآية لا ذكر فيها للمعمودية، لأن المعمودية بالماء لم تكن في يوم ما وعداً من الوعود الإلهية بل هي فريضة ضرورية يجب أن يطيعها "كل مؤمن".
الاعتراض الرابع: المعمودية وفلك نوح
حدثني صديق محترم مرة عن هذه الآية لكي يحبذ فكرة العماد بالرش قال "إذ كان الفلك يبني الذي فيه خلص قليلون أي ثماني أنفس بالماء.... الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية، لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح" (1بط 3: 20-21) وقد ابتسم صديقي وقال، كان الماء من فوق الفلك، والفلك مثال المعمودية فيصح أن نعمد بالرش لكن صديقي نسي الحقائق الآتية:
(1) ن نوح دخل الفلك أولاً ثم جاز الماء أي المعمودية، والفلك كان رمزاً للمسيح الذي يحمي من يلتجئ إليه (رو 8: 1-2) فلا بد أن يلجأ الإنسان لفلك النجاة الرب يسوع وبعد ذلك يعتمد بالماء.
(2) أن الثماني أنفس لم يكن فيهم طفل واحد بل كانوا نوحاً وزوجته، وأولاده الثلاثة مع زوجاتهم وكلهم من البالغين.
(3) أن الفلك قد اجتاز طوفان ماء وليس رذاذ ماء. فالماء، فالماء انصب عليه من السماء، وخرج من الأرض كما يقول الكتاب "انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم، وانفتحت طاقات السماء" (تك 7: 11) فكان الفلك محصوراً بين ماء الأرض وماء السماء أي مدفوناً في وسط الماء، وهذه هي المعمودية دفن مع المسيح، ولنلاحظ أن الماء الذي نزل من السماء لم يكن رذاذاً بل "انفتحت طاقات السماء" (تك 7: 11).
(4) أن المعمودية هي سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح، والقيامة يسبقها الدفن، ولا يعقل أن الإنسان يدفن برش قليل من التراب على رأسه.
ومن هذه الآية نرى أن بطرس نفى معمودية الرش ولم يحبذها، كما نفى أيضاً معمودية الأطفال.
الاعتراض الخامس- ذنوب الآباء والأبناء
قال لي أحدهم مرة ألم يقل الله "أنا الرب إلهك إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي" (تث 5: 9) إذاً فأطفال غير المؤمنين سيذهبون إلى جهنم لا محالة، والعماد وحده هو الذي ينقذ الطفل من هذا العقاب الأليم.
ولست أدري أي عقيدة مرعبة هذه التي يعتنقها القائلون بهذا الكلام؟! أن نتصور الله الرحيم المحب الشفوق، وهو يقذف بملايين الأطفال من كل الأديان والأمم والشعوب والألسنة إلى بحيرة النار والكبريت مع أنهم لم يرتكبوا ذنباً ولا خطية سوى أنهم "لم يعتمدوا بالماء مع أن هذه العقيدة ضد كلمات السيد القائلة "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" وقد يقول قائل إذاً ما هو التفسير الصحيح لافتقاد الله لذنوب الآباء في الأبناء؟ ولكي نفهم معنى هذه الكلمات ينبغي أن ندرسها في مواضعها، فالله لم يذكر افتقاد ذنوب الآباء في الأبناء إلا بالارتباط مع السجود للأوثان وصنع التماثيل، فقال الله في سفر الخروج "لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض... لأني أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي" (خر 2: 5) والمتأمل يرى أن العقاب هنا على الأبناء الذين يتبعون آباءهم في السجود للأوثان وفي بغض الله وكراهيته لذلك قال الرب "في الجيل الثالث والرابع من مبغضي" وطبيعي أن الطفل لا إدراك له للسجود للأوثان، ولا يمكن أن يتعمد كراهية الله وبغضه فالآية لا ذكر فيها للأطفال، بل لأشخاص توارثوا الخطية وكبروا فيها وتعمدوا عملها... والآية لا ذكر فيها إطلاقاً عن المعمودية كطريق للخلاص أو للغفران ويكفي أن أورد هنا جزءاً مما جاء في كتاب شرح أصول الإيمان لمؤلفه الدكتور اندرواس وطسون والذي راجعه وأتمه القس إبراهيم سعيد- جاء في الكتاب مايلي صفحة 331.
س- هل معاقبة الأبناء من أجل خطايا الآباء توافق عدل الباري؟
ج- نعم أنها توافق ذلك لأن الأبناء الذين يعاقبون على خطايا آبائهم يكونون قد سلكوا مسالك آبائهم الشريرة وتبعوا قدوتهم الرديئة واستحسنوا أفعالهم السيئة أو على الأقل لم يرفضوها ولا حزنوا عليها.
س- فكيف تفسر إذاً ما قيل في (حز 18: 20) "الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن؟"
ج- إن المشار إليه بقول النبي هو الابن الذي لا يسلك في مسلك أبيه الشرير كما يبان من الأصحاح (18: 14، 17) "وإن ولد ابناً ورأى جميع خطايا أبيه التي فعلها، فرآها ولم يفعل مثلها فإنه لا يموت بإثم أبيه. حياة يحيا" وأما التهديد المتضمن في قول الرب "أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء" فإنه يقع على الابن الذي يتمثل بأبيه الشرير مثل ناداب بن يربعام الذي "عمل الشر في عيني الرب وسار في طريق أبيه" (1مل 15: 26) وذلك يظهر أيضاً من ألفاظ التهديد ذاتها، إذ يقول الله "أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي" أ.هـ
وأعتقد أنه بعد هذا الشرح صار من الواضح أنه لا توجد صلة بين المعمودية وافتقاد ذنوب الآباء في الأبناء.
الاعتراض السادس- المعمودية وخطية آدم:
يقول لي صديق كريم- وخطية آدم التي توارثناها إلى أين تذهب؟ وكيف يذهب الطفل بها إلى السماء، والعماد وحده هو طريق العفو والغفران؟ وكلام كهذا يبدو مناقضاً لكلمة الله، فكلمة الله تقول "لأنه لا بد أننا جميعاً نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيراً كان أم شراً" (2كو 5: 10) فأي شر عمل الطفل حتى يدان عليه؟! وفي موضع آخر نقرأ كلمات السيد "وها أنا آتي سريعاً وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله" (رؤ 22: 12) فأي عمل شرير اقترفه الطفل يجازيه الرب الديان العادل عليه؟
لقد أراد بيلاطس أن يبرئ المسيح فسأل اليهود قائلاً- وأي شر عمل؟ فصرخوا بلا سبب- اصلبه أصلبه. وكم من أناس يقولون بلا مبرر معقول إن الطفل غير المعتمد هالك لا محالة: وهؤلاء يرد عليهم المسيح بالقول "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" أما خطية آدم فقد انتهى حسابها في الصليب، وكما توارثها البشر دون مسؤوليتهم وبغير إرادتهم، كذلك رفعها الله عن الجميع في الصليب فقال يوحنا المعمدان وهو يشير للمسيح "هو ذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو 1: 29) ونلاحظ أن الآية تذكر كلمة "خطية" في صيغة المفرد، لا خطايا العالم في صيغة الجمع، وما هي الخطية التي اشترك فيها العالم بدون إرادته؟ خطية آدم بلا جدال، ولذلك جاء السيد ورفع خطية العالم، ودفع أجرة خطية آدم، دون أن يستشير البشر أو يطلب موافقتهم على ذلك، لأجل ذلك لا نجد آية واحدة في الكتاب ترينا أن الناس سوف يدانون على خطية آدم، لكن الكتاب يؤكد أن "كل واحد سيحمل حمل نفسه" (غلا 6: 5) وعلى هذا الأساس الحقيقي يمكننا أن نقول أن كل أطفال الأرض سيذهبون إلى السماء لو ماتوا قبل سن الإدراك والتمييز بين الخير والشر، لأن دم المسيح قد سدد إلى التمام أجرة هذه الخطية التي يسمونها "الخطية الجدية" مبارك اسم الله إلى الأبد.... فهل بعد ذلك نقول أن المعمودية تخلص من الخطية الأصلية وأين الدليل في الكتاب؟!
الاعتراض السابع: عماد أهل البيت:
لقد تحدثت فيما سبق عن كل الحوادث التي ذكر فيها عماد أهل البيت، وشرحت في وضوح مبني على الكلمة المقدسة عدم وجود أطفال في تلك البيوت إطلاقاً، وأضيف على ذلك أن عبارة "أهل بيته أو جميع بيته" من الممكن أن يستخدمها الوحي ومع ذلك فلا تعني كل فرد في المنزل من الصغير للكبير ففي (1صم 1: 21) نقرأ "وصعد الرجل القانة وجميع بيته ليذبح للرب الذبيحة السنوية ونذره" ومع هذا فالسجل المقدس يؤكد لنا أن زوجته حنة وابنها صموئيل لم يصعدا لتقديم الذبيحة السنوية فيقول "ولكن حنة لم تصعد لأنها قالت لرجلها متى فطم الصبي آتي به" (1صم 1: 21) ومع ذلك لم يتعارض هذا مع استعمال العبارة "مع جميع بيته" فإذا كان الوحي يعلن أن جميع البيت ليس بالضرورة كل من فيه فلماذا نستند على الهواء لتثبيت عقائد ليست من الكتاب في شيء؟
الاعتراض الثامن: عماد الأطفال على إيمان والديهم:
قد يقول قائل، إن معمودية المؤمنين المدركين، كانت ضرورية في بداية خدمة الكنيسة الأولى، ولكن الآن الكنيسة تأسست ولذا وجب أن نعمد الأطفال على إيمان والديهم، وهذا الاعتراض لا أساس له في الكتاب المقدس، فالذي يقول أن الطفل يعمد على إيمان والديه، كأنه يعلم أن الإيمان هو عمل وراثي، مع أن الكتاب المقدس أكد لنا في مواضع كثيرة أن الخلاص هو اختبار شخصي بحت، وأرانا أنه لا فرق بين المسيحي اسماً، وبين أي شخص في دين آخر وأن نهاية المسيحي اسماً الجحيم، كنهاية أي وثني أو شرير لم يعرف الله، فلا بد أن يختبر الإنسان الخلاص شخصياً حتى تغفر خطاياه ويذهب للمساء.
فهل الولادة الجديدة لأبناء الأشرار وليست لأبناء المؤمنين؟
وهل رسالة التوبة للخطاة من الأديان الأخرى وليست للخطاة المنتمين اسماً للمسيح؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا نعظ في الكنائس المسيحية بضرورة التوبة، وكل الحضور من المسيحيين اسماً ومن المسيحيين حقاً؟!
إن الحق الواضح هو أن الكتاب يعلم بأن الخلاص ليس بالوراثة بل بالإيمان الشخصي وإليك الآيات التي تثبت ذلك "كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يو 1: 12، 13).
"هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16).
"لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رو 10: 13) "لأني لست أستحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهودي أولاً ثم لليوناني" (رو 1: 17) "هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (لوقا 15: 10)
من كل هذه الآيات نرى أن إنجيل المسيح هو إنجيل الفرد، وأن ديانة الوراثة ديانة باطلة "لا تبتدئوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أباً لأن الله قادر أن يصنع من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم" (لوقا 3: 8)
لقد حاول اليهود قديماً أن يعتمدوا على الوراثة فقالوا للسيد "إننا ذرية إبراهيم....أبونا هو إبراهيم" (يو 8: 33، 39)، ولكن السيد أجابهم "أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعلموا" (يو 8: 44) وبهذا هدم المسيح كل اعتماد على الوراثة ونادى بوجوب الاختبار الشخصي للخلاص.
فهل تعتمد أيها القارئ على إيمان وراثي أم على إيمان اختباري؟ وهل اعتمدت بناء على إيمانك الشخصي أم بناء على إيمان والديك؟! أذكر أن وصية السيد وصية فردية شخصية لأنه قال "من آمن واعتمد خلص" (مرقس 16: 16).
الاعتراض التاسع: التقاليد والمعمودية:
يحاول الكثيرون أن يعلموا بعماد الأطفال، بحجة أن التقاليد تعلم به، وأن معظم الطوائف تعمد الأطفال، وأن تعليم معمودية المؤمنين تعليم جديد.
لكنني أجيب كل من يقول هذا الكلام بهذه الأسئلة الفاحصة أيهما أقدم سفر الأعمال وبشائر الرسل أم تقاليد الكنيسة؟
وإذا كانت البشائر وسفر الأعمال ورسائل الرسل، كلها تعلم بمعمودية المؤمنين البالغين، فأيهما التعليم الجديد، تعليم الكتاب أم تعليم التقاليد؟! إن تعليم الكتاب هو أقدم التعاليم لذلك يقول خان المسيحي الهندي المشهور "إن معمودية الأطفال، لم يسمع لها في التاريخ قط إلا في نهاية القرن الثاني". فهل نثق في تعاليم التقاليد أم في تعاليم الكتاب القديم.
أما من جهة اتفاق الأغلبية على عماد الأطفال فليس ذلك حجة قوية، فقد تتفق الأغلبيات على الخطأ في كثير من الأحوال، وقد هتفت الأغلبية ضد المسيح أمام بيلاطس صارخة "أصلبه أصلبه" مع أنها لم تجد في المسيح علة.
ولقد قال الرب يسوع مرة موبخاً الذين ينفذون التقاليد، ويهملون كلمة الله هذه الكلمات الشديدة "هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً. وباطلاً يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس، لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس.... رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم....مبطلين كلام الله بتقليدكم الذي سلمتموه" (مرقس 7: 6-8، 9، 13).
فما هو موقفك بإزاء الحق الإلهي؟ هل تضعه أولاً أم تضع التقاليد فوقه؟ إن الكتاب المقدس كتاب كامل قال عنه الرسول "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (2تي 3: 16، 17) وقال صاحب المزامير "ناموس الرب كامل يرد النفس" (مز 19: 7) فهل يحتاج الكتاب الإلهي، إلى وصايا وتعاليم البشر؟!
الاعتراض العاشر: إسرائيل والسحابة.
قد يرى بعضهم في الآية القائلة "وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر" (1كو 10: 22) أنها تعلم بعماد الأطفال إذ يقولون أنه من الممكن أنه كان هناك أطفال في جماعة إسرائيل، وأنهم قد مروا هم أيضاً تحت السحابة، ولكن الرد هو أنه إذا كان مرورهم تحت السحابة قد صار معمودية، إذاً فنقدر أن نقول أن البقر والغنم والعربات والخيول التي مرت تحت السحابة قد اعتمدت هي الأخرى وكذلك اعتمد جسد يوسف المحنط الذي كانت تحمله العربة.... ولكن الحقيقة هي أن كلمة "جميع" في استعمالها الكتابي لا تعني بالضرورة الأطفال أيضاً، فنقرأ في سفر العدد هذه الآيات "فرفعت كل الجماعة صوتها وصرخت وبكى الشعب تلك الليلة، وتذمر على موسى وعلى هرون جميع بني إسرائيل" (عدد 14: 1 و2) فهل صرخ الأطفال وبكوا وتذمروا على موسى وعلى الله؟ (عب 3: 16) نحن نعلم أن الأطفال لم يكن في استطاعتهم أن يتذمروا ضد الله، إذ لم يكن في إمكانهم أن ينطقوا بالكلمات. كما نرى أن الذين اعتمدوا وذكرهم بولس هم "الآباء" "إن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اعتمدوا لموسى في البحر".. وإن هؤلاء الآباء هم الذين أكلوا طعاماً واحداً روحياًن وشربوا شراباً واحداً روحياً لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح (1كو 10: 2 و3 و4) ومع ذلك فمنهم من تذمر،وجرب المسيح، وتنجس. ولا يعقل أن هذه الكلمات قيلت عن الأطفال.
- عدد الزيارات: 4232