الرسل أطاعوا أمر سيدهم
ولنتقدم الآن قليلاً لنسأل هذا السؤال. هل أطاع الرسل أمر سيدهم القائل "من آمن واعتمد خلص" فلم يعمدوا إلا البالغين المؤمنين، أم أنهم عمدوا الأطفال فبمن عمدوا؟!
هل كان الرسل يطلبون التلمذة كشرط للعماد كما قال سيدهم "تلمذوهم وعمدوهم" أم عمدوا الأطفال على إيمانه والديهم؟! الإجابة الدقيقة ينبغي أن تأتي رأساً من كلمة الله، وسفر الأعمال هو السجل الموحى به من الله عن أعمال الكنيسة الأولى، فهو أصدق من التاريخ، وهو فوق التقاليد وقبلها. فلنسر مع هذا السفر لندرس حوادث العماد التي تمت في الكنيسة الأولى وسجلت على صفحاته، ولنرى من هم أولئك الذين عمدوهم الرسل الأولون.
1- معمودية يوم الخمسين:
أن أول حادثة للعماد في سفر الأعمال هي حادثة عماد الثلاثة آلاف الذين وعظهم بطرس فربحهم، وبعد أن ربحهم عمدهم وقد جاءت القصة في هذا الوضع" فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم رباً ومسيحاً. فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة. فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس وبأقوال أخر كثيرة كان يشهد لهم ويعظهم قائلاً اخلصوا من هذا الجيل الملتوي. فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس، وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أعمال 2: 36-42).
هذه صورة حقيقية سجلها لوقا في سفر الأعمال كما عرفها فلنتأمل فيها على ضوء هذه الملاحظات:
1- إن بطرس وعظ الجموع عن المسيح المصلوب، وخطيتهم التي ارتكبوها بصلبه.
2- إن ثلاثة آلاف من الذين سمعوا نخسوا في قلوبهم، أي تبكتوا على خطاياهم، والتبكيت أمر لا يحس به إلا المدرك لمعنى المسؤولية.
3- إن الشعور بالتبكيت قاد هؤلاء الذين أحسوا به إلى السؤال عن طريق الخلاص، فسألوا بطرس وسائر الرسل- ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟
4- إن بطرس طلب منهم أن يتوبوا إذ قال لهم "توبوا"، وكذلك طلب من كل واحد منهم أن يعتمد على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا بالقول "وليعتمد كل واحد منكم" ولم يطلب منهم أن يعمدوا أولادهم معهم بعد إيمانهم. وهذا يؤكد لنا أن طاعة فريضة المعمودية أمر شخصي.
5- إن الثلاثة آلاف قبلوا الكلمة بفرح، وقبول الكلمة ينتج التجديد والميلاد الثاني كما يقول بطرس "مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد". (1بط 1: 23).
6- إن الثلاثة آلاف بعد أن ولدوا الميلاد الثاني بقبول الكلمة اعتمدوا بالماء وانضموا للكنيسة.
7- إن الثلاثة آلاف واظبوا بعد ذلك على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات.
8- إن الثلاثة آلاف بعد أن صاروا هم أنفسهم مسيحيين حقيقيين لم يعمدوا أولادهم معهم، مما يرد على حجة القائلين إن العماد المتوقف على الإيمان كان في الكنيسة الأولى فقط، لأن الناس لم يكونوا مسيحيين بعد . ولنا أن نسأل لماذا لم يأمر بطرس أن يعتمد أولاد هؤلاء الثلاثة آلاف بعد أن آمنوا هم واعتمدوا فصاروا مسيحيين؟
9- إن التوبة شرط ضروري للعماد في كل الأجيال، لأن الإنجيل لا تتوقف وصاياه على جيل دون جيل. وأي شخص له ذرة من العقل والتفكير السليم يقول إن الطفل يسمع ثم يقوده السماع إلى التبكيت والتبكيت إلى السؤال- ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟ والسؤال إلى التوبة ونوال الميلاد الجديد، والميلاد الجديد إلى إتمام فريضة العماد، ثم الانضمام إلى الكنيسة وإطاعة تعليم الرسل والمواظبة على الصلوات؟ إن منطق الواقع إذاً يقول في وضوح أنه لم يكن بين أولئك الثلاثة آلاف طفل واحد، ولا شخص واحد لم يعترف بالمسيح كمخلص شخصي له. وهذا يؤكد لنا أن العماد ليس للأطفال.
2- معمودية أهل السامرة:
لنتقدم الآن لندرس حادثة أخرى من حوادث العماد، فكلما تعددت صور الكتاب استنار العقل واقتنع القلب. ففي الأصحاح الثامن من سفر الأعمال يصور لنا لوقا حادثة عماد أهل السامرة في هذه الكلمات "فانحدر فيلبس من السامرة وكان يكرز لهم بالمسيح ولما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالاً ونساء" (أعمال 8: 5 و12).
إن هذه الحادثة تؤكد لنا عدم وجود الأطفال بصورة قاطعة فلندرسها على ضوء هذه الملاحظات:
1- إن شعب السامرة صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح، أي آمنوا بالمسيح للخلاص وكذلك آمنوا بتعاليم ملكوته، مما دعاهم للتوبة عن السحر والانقطاع عن إتباع سيمون الساحر.
2- إنهم بعد أن آمنوا اعتمدوا رجالاً ونساء.
3- أن فيلبس لم يطلب منهم بعد أن اعتمدوا وصاروا أبناء وبنات الله أن يعمدوا أولادهم مما ينفي معمودية أولاد المؤمنين، فما بالك بمعمودية أولاد المسيحيين اسماً؟ إنها لا أساس لها في كلمة الله، وإلا أفلم يكن في السامرة أب لأولاد أو أم لأطفال، فيعتمد أولئك مع آبائهم وأمهاتهم؟ لكن لأن العماد لا يجوز للأطفال قال الكتاب المقدس "اعتمدوا رجالاً ونساءً" فنفى إطلاقاً جواز المعمودية للأطفال.
4- معمودية الخصى الحبشي:
ذكر لنا كاتب سفر الأعمال حادثة أخرى للعماد، هي حادثة عماد الخصى الحبشي، فقد كان الخصى في مركبته يقرأ في سفر أشعياء، وكلم ملاك الرب فيلبس أن يرافق ذلك الرجل في مركبته فذهب إليه وسأله "ألعلك تفهم ما أنت تقرأ. فقل كيف يمكنني إن لم يرشدني أحد؟ وطلب إلى فيلبس أن يصعد ويجلس معه، وأما فصل الكتاب الذي كان يقرأه فكان هذا مثل شاه سيق إلى الذبح ومثل خروف صامت أمام الذي يجزه هكذا لم يفتح فاه.....فأجاب الخصى فيلبس وقال أطلب إليك عن من يقول النبي هذا عن نفسه أما عن واحد آخر؟ ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع.... وفيما هما سائران في الطريق أقبلا على ماء فقال الخصى هوذا ماء ماذا يمنع أن أعتمد؟ فقال فيلبس إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز فأجاب وقال أنا أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله، فأمر أن تقف المركبة فنزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصى فعمده ولما صعدا من الماء خطف روح الرب فيلبس فلم يبصره الخصى أيضاً وذهب في طريقه فرحاً" (أعمال 8: 26-39)
وهذه القصة ترينا الأشياء الآتية:
(أولاً) إن الله يرسل من يرشد النفس المشتاقة المخلصة.
(ثانياً) إن فيلبس بشر الخصى عن المسيح وكلمه عن ضرورة العماد.
(ثالثاً) لذلك لما أقبلا على ماء سأل الخصى فيلبس- هوذا ماء ماذا يمنع أن أعتمد؟
(رابعاً) قال فيلبس للخصى إن المانع الوحيد للعماد هو عدم الإيمان، وإنه إن كان يؤمن من كل قلبه يجوز له أن يعتمد.
(خامساً) إن الخصى اعتمد بالتغطيس في الماء بعد اعترافه بالإيمان إذ قال أنا أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله" وهذا يؤكد لنا ضرورة الإيمان للعماد. فهل يؤمن الطفل؟ إذا لم يكن في مقدوره أن يؤمن فلا يجوز إطلاقاً أن نعمده.
4- معمودية بولس الرسول:
في الأصحاح التاسع من سفر الأعمال نقرأ عن مقابلة الرب لبولس في طريق دمشق، ونقرأ عن خضوع بولس للرؤيا السماوية، وذهابه إلى بيت حنانيا، وفي بيت حنانيا نسمع حنانيا يقول لبولس "والآن لماذا تتوانى قم واعتمد واغسل خطاياك داعياً باسم الرب" (أعمال 22: 16) ونرى أن بولس "قام واعتمد" (أعمال 9: 18) وفي هذه الحادثة نرى
(أولاً) أن بولس تجدد في طريق دمشق عندما قابل الرب وقال له "يا رب ماذا تريد أن أفعل؟" (أعمال 9: 6).
(ثانياً) أن بولس بعد التجديد اعتمد بالماء. وهذا يؤكد لنا ضرورة الإيمان الشخصي قبل المعمودية، وبما أن الطفل لا يقدر أن يؤمن إيماناً شخصياً لأنه لا يدرك معنى الإيمان فلا يصح أن نعمده بحال ما.
5- معمودية بيت كرنيليوس:
إنه من الملذ لمن يدرس موضوع المعمودية لمعرفة حقيقته أن يدرس أيضاً قصة عماد بيت كرنيليوس فلنعد إلى الأصحاح العاشر من سفر الأعمال، فهناك نرى ذلك الرجل التقي كرنيليوس، وقد حضر بطرس ليحدثه مع جميع بيته وأقاربه عن يسوع المسيح المبشر بالسلام وهناك يسجل لنا الوحي هذه العبارات "فبينما بطرس يتكلم بهذه الأمور حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة فاندهش المؤمنون من أهل الختان كل من جاء مع بطرس لأن موهبة الروح القدس قد انسكبت على الأمم أيضاً، لأنهم كانوا يسمعونهم يتكلمون بألسنة ويعظمون الله، حينئذ أجاب بطرس أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضاً وأمر أن يعتمدوا باسم الرب" (أعمال 10: 44-48) وهنا نجد صورة تنطق في روعة عن ضرورة المعمودية حتى لأولئك الذين امتلأوا بالروح القدس قبل أن يعتمدوا، فإلى الذين يقولون إن أهم شيء هو أن يعتمد المؤمن بالروح القدس ولا ضرورة لعماد الماء، أقول- فلماذا أمر بطرس أن يعتمد أولئك الذين نالوا معمودية الروح القدس والنار؟ أما كان من الكفاية أن يهنئهم على اختبارهم ويذهب في سبيله؟ لكن بطرس أطاع أمر سيده القائل "تلمذوهم وعمدوهم.... من آمن واعتمد خلص" "فأمر أن يعتمدوا باسم الرب". وإنه من الأمور الواضحة في هذه القصة أننا نرى أن البيت كان خالياً من الأطفال، وأن الرسول لم يعمد طفلاً واحداً في ذلك البيت وإليك الأدلة الكتابية على ذلك.
(أولاً) كان كل من في البيت في سن تجعله يعرف معنى مخافة الرب (أع 10: 2).
(ثانياً) الذين حضروا العظة كانوا أهل البيت وأنسباء كرنيليوس وأصدقاؤه الأقربين عد 24 وكانوا في سن تؤهلهم أن يسمعوا ويدركوا عظة بطرس عد 33.
(ثالثاً) حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة عد 44-46).
(رابعاً) أمر بطرس أن يعتمد فقط أولئك الذين قبلوا الروح القدس عد 47.
(خامساً) كان كرنيليوس في قيصرية وهي على شاطئ البحر تماماً فالعماد أجرى بالتغطيس.
وكل هذا يثبت لنا أن العماد هو أمر ضروري بعد الإيمان، وأن الذين اعتمدوا في بيت كرنيليوس لم يكن بينهم طفل واحد، وأنهم اعتمدوا بالتغطيس. وإلا فهل يعقل أن الطفل امتلأ من الروح القدس؟ وهل يستطيع الطفل أن يتكلم بألسنة وبعظائم الله؟ أترك للضمير المخلص الجواب.
6- معمودية سجان فيليبي:
إذ نستمر في سفر الأعمال، الذي هو السجل المقدس الموحى به من الله عن تعاليم الكنيسة الأولى نرى حادثة عماد سجان فيليبي، ومرات كثيرة يحتج المعارضون للمعمودية الكتابية، بأن سجان فيليبي اعتمد هو والذين له أجمعون، أي هو وأطفاله. مع أن هذا الاستنتاج لا يستند على الحقيقة في شيء.
أولاً) لأنه يعارض القانون الإلهي "من آمن واعتمد خلص" و(ثانياً) أنه يناقض ما جاء في القصة ذاتها. فالقصة تأتي في الكتاب على هذا النحو، بعد أن حدثت الزلزلة في السجن نتيجة صلوات الرسولين أخرج حافظ السجن بولس وسيلا وسألهما "يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص فقالا آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك." وليس هناك من يقول أن معنى هذا الكلام أن إيمان السجان يخلص أهل بيته حتى ولو عاش أهل بيته في الخطية، لأن هذا يناقض قول الكتاب "لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رو 10: 13) وإنما المعنى الذي قصده الرسولان هو أن الإيمان بالمسيح يخلصه كما يخلص كذلك بيته في حالة إيمان كل فرد فيه برسالة الخلاص.... وهذا هو المعنى الذي فهمه السجان، لذلك أخذهما إلى بيته "فكلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب" (أع 16: 32) وهذا دليل واضح على أن كل أفراد العائلة كانوا في سن تؤهلهم لسماع كلمة الرب أي أنه لم يكن بينهم أطفال غير مدركين. وقد آمن السجان وأهل بيته بدليل معاملته الطيبة للرسولين، وتقديم المائدة لهما، ثم نقرأ أنه اعتمد هو والذين له أجمعون وبما أن الذين له كانوا مدركين فقد آمنوا وبعد ذلك اعتمدوا وفقاً لقول السيد "من آمن واعتمد خلص... تلمذوهم وعمدوهم" وكانت النتيجة لذلك أنه نهلل وكذلك "تهلل جميع بيته" (أع 16: 34) مما يؤكد أن الذين اعتمدوا كانوا مدركين لما فعلوا، وقد فرحوا بفرح الخلاص الذي يحس به كل من يؤمن ويطيع الرب. أفليس من الواضح الجلي أنه لم يكن هناك طفل واحد في هذا البيت، إذ أنه لا يعقل قط أن بولس وسيلا يكسران وصية الرب فيعمدا طفلاً قبل أن يؤمن ويصبح تلميذاً حقيقياً للسيد؟!
7- معمودية ليدية وبيتها
إن قصة ليدية بياعة الأرجوان لا تحتل سوى مكاناً صغيراً في سفر الأعمال لكنها واضحة كل الوضوح وإليك كلمات الكتاب عن هذه القصة "فكانت تسمع امرأة اسمها ليدية بياعة أرجوان من مدينة ثياتيرا متعبدة لله ففتح الرب قلبها لتصغي إلى ما كان يقوله بولس فلما اعتمدت هي وأهل بيتها طلبت قائلة إن كنتم قد حكمتم إني مؤمنة بالرب فادخلوا بيتي وامكثوا- فألزمتنا". وهنا نرى امرأة تؤمن هي ومن معها في البيت وتعتمد هي وهم. والسؤال الآن من هم أهل بيت هذه المرأة؟ هل كان لها أطفال اعتمدوا معها؟! هل كانت متزوجة؟ إن الكتاب لا يذكر لنا شيء عن زواجها وإنما يذكر أن بيت ليدية كان مقراً للإخوة فيقول "فخرجا من السجن ودخلا عند ليدية فأبصرا الإخوة وعزياهم ثم خرجا" (أعمال 16: 40) ولا يبعد أن يكون أهل بيتها هم مساعديها الذين كانوا يشتغلون معها في تجارة الأرجوان، وعلى كل حال فليس هناك دليل قط على وجود أطفال في ذلك البيت. كما أننا نرى أن المدينة كانت على نهر وهذا دليل على أن العماد قد تم بالتغطيس.
8- معمودية تلاميذ أفسس
ولنتقدم الآن إلى الحادثة الأخيرة التي سجلها الوحي عن العماد وهي حادثة عماد تلاميذ أفسس التي كتبها لوقا في الوضع الآتي "فحدث فيما كان أبلوس في كورنثوس أن بولس بعد ما اجتاز في النواحي العالية جاء إلى أفسس فإذ وجد تلاميذ قال لهم هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم؟ قالوا له ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس فقال لهم فبماذا اعتمدتم؟ فقالوا بمعمودية يوحنا فقال بولس إن يوحنا عمدّ بمعمودية التوبة قائلاً للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي بالمسيح يسوع فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع" (أعمال 19: 1-5).
هنا نجد جماعة اعتمدوا مرتين، مرة بمعمودية يوحنا، ومع أنها كانت من السماء، ولكنها لم تكن المعمودية المسيحية الصحيحة لذلك علمهم بولس أن يوحنا إنما جاء ليفتح الطريق للمسيح "فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع" أي اعتمدوا مرة ثانية بالمعمودية المسيحية بعد أن أراهم الرسول ضرورتها.
فأي واحد له قليل من الإخلاص لنفسه، وقليل من الشجاعة في حياته لا يطرح عن نفسه الخوف من الناس ويؤمن تمام الإيمان بمعمودية المؤمنين ثم يعتمد بناء على هذا النور إن كان من أبناء النور.
وأي فرق بين الذين اعتمدوا في طفولتهم وبين أولئك الذين كانوا في أفسس؟ بل أن هناك فرقاً، ذلك هو أن أولئك اعتمدوا بالمعموديتين عن معرفة، فعرفوا أن الأولى ليوحنا والثانية للمسيح أما الذي اعتمد في طفولته فلم يفهم شيئاً من ذلك، بل أخذه أهله إلى الخادم، فغطسه الخادم أو رشه بماء، والطفل لا يدري أهو يستحم على يدي أمه أو يعتمد على يدي الخادم! فإلى أولئك الذين يقولون نحن اعتمدنا في طفولتنا أوجه هذا للسؤال- هل كنتم حين اعتمدتم مؤمنين أو كنتم أطفالاً غير مدركين؟ وإن كان الجواب الطبيعي هو أنكم كنتم غير مدركين بل كنتم أطفالاً مقادين وأنكم الآن أدركتم وتبكتم على خطاياكم وتجددت. إذاً فلا بد أن تعتمدوا مرة أخرى- معمودية صحيحة لأنها معمودية الاختبار والاختبار كما اعتمد تلاميذ أفسس.
هذه الحوادث جميعها، حادثة عماد الثلاثة آلاف يوم الخمسين، وأهل السامرة، والخصى الحبشي، وبولس الرسول، وبيت كرنيليوس، وبيت السجان، وبيت ليدية، وأهل أفسس، قد أثبت لنا عدم جواز عماد الأطفال إذ لم يعمد طفل واحد في كل أولئك الذين عمدهم الرسل، لأن الرسل أطاعوا أمر سيدهم القائل "تلمذوهم وعمدوهم" فلم يعمدوا فرداً واحداً إلا بعد أن تلمذوه للمسيح، والأطفال لا يتتلمذوا فلا يجوز أن نعمدهم بحال ما.
- عدد الزيارات: 3905