السؤال رقم 1
ألا يتمتع الإنسان بإرادة حرة؟ ثم إننا لا نقع في الكتاب المقدس على تأكيد ضمان أبدي غير مشروط.
بالطبع، ليس من ضمان أبدي لا يرتكز على الإيمان الشخصي بالرب يسوع المسيح. ولكن طارح السؤال يتابع ويقول: " عندما يخلص الإنسان، يكون على مذبح الله ليحيا أو يموت، للخدمة أو للذبيحة، ولا يستطيع الشيطان ولا الألبسة أن يصلوا إليه، ما دام مبتغاه أن يبقى في ذلك المكان بنعمة الله"
في الواقع، لا يمتلك الإنسان إرادة مطلقة الحرية. فقبل أن يختبر الخلاص يكون عبدا للخطية، يقوده الشيطان ويأسر إرادته. وعندما يختبر الخلاص يصبح خادما للمسيح، فرحا بالقداسة ومسكنا لروح الله الحي. إذاً، أنا لم أخلص بوضع كياني على المذبح، بل بوضع ثقتي بالمسيح الذي قدم نفسه ذبيحة لأجل خطيتي. وخلاصي قائم ليس لأني أسلم حياتي، بل لأني محفوظ بقوة الله. فالنعمة المخلصة هي عينها النعمة الحافظة. ولست بهذه السهولة أختار أن أبقي نفسي في المكان الذي فيه أكون بأمان، بل الله اختارني، وأنا قلت " آمين " لاختياره. ولكن إذا اخترت أن أترك المسيح، فهل أهلك؟ تؤكد كلمة الله أن خراف المسيح لا يهلكون. فلنرجع ثانية إلى كلمات الرب يسوع الواردة في يوحنا 10: 27- 29 والتي تقول: " خرافي تسمع صوتي وأنا اعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد ولن يخطفها أحد من يدي، أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي"
لنتأمل قليلا في العدد السابع والعشرين. من هو خروف المسيح؟ إنه الإنسان الذي يسمع صوته ويتبعه. فإذا قال واحد: " أنا مؤمن مسيحي" ولكن لا يسمع صوت الراعي الصالح ولا يتبعه، فإن ذلك الإنسان يكون مرائيا وليس مسيحيا. يقول يسوع: " خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني" لاحظ الكلمة " أعرفها" لقد ذكرت قبلا أن الرب يسوع يقول في متى 7: 22و 23 مايلي: " كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يارب يارب، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ فحينئذ أصرح لهم إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" يتبين لنا من الكتاب المقدس أن الرب لن يقول أبدا لأية نفس في يوم الدين: " كنت أعرفك من قبل، لكن الآن لست أعرفك" بل يقول: " لم أعرفكم قط" باعتقادي هذه النقطة توضحالسؤال بكامله. يقول الرب لخرافه: " خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها" إذا، إذا كان المرء من خراف المسيح، فالرب يسوع يعرفه، ولكن لنحسب أن هذا الخروف مسخ جديا، وصار في عداد جداء الشيطان، وفي يوم الدينونة ظهر بين الجداء. في هذه الحالة الفرضية، لا يستطيع الرب يسوع أن يقول له: " لم أعرفك قط" بل يصح أن يقول له: " كنت أعرفك من قبل، ولكن الآن لست أعرفك" فبما أن هذه الحالة لم تحدث ولن تحدث، فالرب يعطي خرافه الذين يسمعون صوته، والذين يعرفهم، حياة أبدية.
وثمة من يطرح هذا السؤال: " ما هي الحياة الأبدية؟ إن كانت حياة آدم الروحية مشروطة، كان ينبغي لآدم أن يكون أبديا بالطبيعة" يدل هذا السؤال على أن الناس قلما يميزون بين الحياة التي منحها الله لآدم بالخلق، والحياة التي يمنحها إياها بالولادة الثانية. كانت حياة آدم حياة طبيعية وفسدت عندما سقط في الخطية، بيد أن الله يعطي المؤمنين حياة أبدية لا يمكن أن تفسد. لأنه إن كانت عرضة للفساد، فلن تكون أبدية. لذلك يقول الرب: " وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد" لن يضع الرب أية قيود أو شروط حول هذا الوعد: " لن تهلك إلى الأبد" إن الأصل اليوناني للكلمتين " يهلك " و " يخرب " هو واحد، ولذا تستطيع أن تصوغ الآية على الوجه التالي: " وأنا أعطيهم حياة أبدية، ولن يخربوا أنفسهم إلى الأبد"
الخراف تخرب نفسها بسهولة. كنا ذات يوم في نزهة، وبينما كنا نعبر جسرا سمعنا ثغاء خروف. توقفنا في نهاية الجسر وتطلعنا إلى جهة الثغاء فوجدنا خروفا وحيدا قد ضل طريقه. تبين لنا أن هذا الخروف رأى بقعة خضراء فاستهوته، وهكذا ترك قطيعه وراح يأكل حتى أمسى وحيدا لا يعرف طريق العودة. نظرنا إلى العلاء، فرأينا ثلاثة صقور تنتظر استسلام ذلك الخروف المسكين. يقول الرب يسوع: " خرافي لن تخرب نفسها أبدا. وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد" لِمَ لا؟ لأن الروح القدس يسكن فيهم.
تقول كلمة الله: " واثقا بهذا عينه أن الذي ابتدأ فيكم عملا صالحا، يكمل إلى يوم يسوع المسيح" (فيلبي 1: 6) قال يسوع قبلا: " وأنا أعطيها حياة أبدية" ثم قال: " لن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي" ويقول قائل: " أعلم أن الشيطان لا يستطيع أن يخطفني، وليس من ملاك يرغب في ذلك، والإنسان يعجز عن القيام بهذا العمل، ولكن أنا قد أخرب نفسي" إذا تهلك أليس كذلك؟ والرب يقول: " ولن تهلك" قبل أن يقول لك: " ولا يخطفها أحد من يدي" أيتمتع الإنسان بإرادة حرة مطلقة؟ لقد كان ذلك حين خلقه الله، ولكن هل هو الآن كذلك؟ أيتمتع الخاطئ بإرادة حرة؟ ماذا تقول كلمة الله؟ تقول أن الشيطان يأسر إرادة الإنسان، أو يكون الإنسان المأسورة إرادته إنسانا حرا؟ " ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة، أنتم عبيد للذي تطيعونه؟" (رومية 6: 16) إذا الإنسان عبد للخطية وللشيطان، وليس هو حرا. ولكن يأتي الإنجيل ويمنح الإنسان حق القرار، فإذا قرر إتباع المسيح، يحصل على الحياة الأبدية، بكل ما في الكلمة من معانٍ، وهذه الحياة هي عينها الحياة التي في ابن الله المبارك. هذه الحياة صارت في حوزة المؤمن، وهو صار مأسوراً بحبال محبة المخلص، ويأبى أن يكون حراً في ما بعد. إنه مسرور بكونه عبدا ليسوع المسيح، على غرار بولس.
- عدد الزيارات: 4201