Skip to main content

ما هي ألقاب ووظائف رئيس الملائكة ميخائيل؟ - أعماله الإلهية

الصفحة 5 من 6: أعماله الإلهية

أعماله الإلهية

1 - الخالق

إن لفظ «الخالق» لا يطلق علي أي مخلوق على الإطلاق مهما كانت عظمته, لأن الخلق هو عمل الله فقط, سواء الخليقة الظاهرة المرئية أو الخليقة غير الظاهرة وغير المرئية, سواء كانت ما في السموات أو ما على الأرض.

فلقد جاء عن الله (أعمال 24:17 - 26) «الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه. إذ هو يعطى الجميع حياة ونفسا وكل شيء وصنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض».

وفي (رؤيا 11:4) ما يترنم به الأربعة والعشرون شيخا قائلين: «أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة لأنك أنت خلقت كل الأشياء وهي بإرادتك كائنة وخلقت» وجاء عنه كذلك أنه:

«إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض» (إشعياء 28:40) .

«خالق الكواكب والنجوم» (إشعياء 26:40) .

«أنا صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها» (إشعياء 12:45) .

«هكذا قال الرب خالق السموات هو الله مصور الأرض وصانعها هو قررها» (إشعياء 18:45) .

«هكذا يقول الرب خالق السموات وناشرها باسط الأرض ونتائجها. معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا» (إشعياء 5:42) .

ونحن نعلم أن الله واحد لكنه أقانيم وكما أن الآب هو الخالق كذلك الابن أيضا هو الخالق. ولنلاحظ وحدة الأقانيم في القول «هكذا يقول الرب فاديك وجابلك من البطن أنا الرب صانع كل شيء ناشر السموات وحدي باسط الأرض من معي» (إشعياء 24:44) .

وأيضا جاء عنه «فإنه هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح» (عا 13:4) . وجاء عنه أيضا في صلاة إرميا «ها إنك قد صنعت السموات والأرض بقوتك العظيمة وبذراعك الممدودة لا يعسر عليك شيء» (إرميا 17:32) وأيضا في (مزمور 16:74, 17) يقول آساف «أنت هيأت النور والشمس. أنت نصبت كل تخوم الأرض والصيف والشتاء أنت خلقتهما».

وفي (مزمور 11:89, 12) يقول إيثان الأزراحي «المسكونة وملؤها أنت أسستها. الشمال والجنوب أنت خلقتهما» وأيضا في (مزمور 4:104, 5) «الصانع ملائكته رياحا وخدامه نارا ملتهبة. المؤسس الأرض على قواعدها فلا تتزعزع إلى الدهر والأبد».

والروح القدس أيضا هو الخالق فلقد جاء عنه في (مزمور 30:104) «ترسل روحك فتخلق. وتجدد وجه الأرض».

والمسيح ابن الله, هو الله الخالق.

فلقد جاء في الوحي الإلهي ما يأتي:

1 - في (يوحنا3:1) «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» وفي عدد 10 «كان في العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم». ولكون العالم قد ك و ن به فهذا برهان على أنه هو الإله الخالق.

2 - في (كولوسي 16:1) «فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض. ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق». لاحظ كلمة فيه, وبه, وله قد خ لق الكل.

3 - في (عبرانيين 2:1) «ابنه الذي به أيضا عمل العالمين» وفي (عبرانيين 10:1) «وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك». وفي (عدد 8) قال الرسول إن المسيح ابن الله هو الله الذي كرسيه إلى دهر الدهور وقال عنه إنه هو الرب الخالق الذي خلق الأرض والسموات.

4 - وفي (أم 27:8 - 30) يقول الابن الذي هو الحكمة «لما ثبت السموات كنت هناك أنا, لما رسم دائرة على وجه الغمر. لما ثبت السحب من فوق لما تشددت ينابيع الغمر, لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمه لما رسم أسس الأرض, كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذته فرحه دائما قدامه».

5 - وفي (رؤيا 16:22) يقول «أنا يسوع, أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير» وأصل داود تعني جابله وخالقه. وأيضا ربه كما قال في (مزمور 1:110) «قال الرب لربي» وإن كان بالناسوت أي بالتجسد ذرية داود. فهو بالحقيقة الخالق. فلو لم يكن كذلك ما كان قد قال إنه أصل داود.

نعم إن كل المخلوقات المنظورة وغير المنظورة السماوية والأرضية جميعها قد خلقها المسيح, وقد خلقها لأجل مجده «الكل به وله قد خلق» (كولوسي 16:1) وأيضا «لأن منه وبه وله كل الأشياء له المجد إلى الأبد» (رومية 36:11) .

وهو أيضا «فيه يقوم الكل» (كولوسي 17:1) «الذي هو البداءة» (كولوسي 18:1)أي الأصل والأساس لوجود كل الأشياء. «كل شيء به كان» (يوحنا3:1) .

ولقد برهن الرب يسوع في أيام جسده بأنه الخالق في معجزاته الكثيرة التي نذكر منها معجزتين:

الأولى: لقد خلق عينين للمولود من بطن أمه أعمى, مع أن هذا الأعمى لم يكن هو أول أعمى يفتح الرب عينيه بل قد فتح أعين عميان كثيرين لكن جميعهم كان يقول لكل واحد منهم أبصر (لوقا42:18) وفي الحال كان يبصر ويتبعه وهو يمجد الله (لوقا43:18) أما هذا الأعمى فلم يقل له أبصر. لكن يقول الكتاب إنه «تفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى وقال له اذهب واغتسل في بركة سلوام. فمضى واغتسل وأتى بصيرا» (يوحنا6:9, 7).

ومن هنا يأتي سؤال لماذا في هذه المعجزة بالذات فعل يسوع هكذا? وللإجابة على هذا السؤال نقول:

1 - من سؤال التلاميذ في ع 2 وجواب الرب لهم في ع 3 يتضح لنا الأمر فقد قالوا له عندما رأوا الأعمى «يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى و لد أعمى? أجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا أبواه ولكن لتظهر أعمال الله فيه». والعبارة الأخيرة تؤكد لنا لاهوت المسيح أي إن المسيح ابن الله هو الله ذاته. إذ إنه أظهر أعمال الله في ذلك الأعمى بإعادة البصر إليه.

2 - إن هذا الأعمى مولود بدون عينين من بطن أمه, فالذي يمنحه البصر لابد أن يخلق له عينين. ومن المعروف أن الإنسان خلق من التراب ولذلك الذي يكمل ما نقص في تكوين هذا الإنسان وهو في بطن أمه يكمله من التراب. وهذا ليس في سلطان أحد سوى الخالق, لذلك تفل يسوع على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى وهكذا خلق له من الطين عينين جديدتين.

ألا ترى معي أن هذا الأمر ضد المنطق الإنساني والطب, فلو كان هناك إنسان بصير طليت عيناه بالطين لكان معرضا أن يصاب بالعمى. لكن المسيح طلى عيني الأعمى ومن ذلك عمل للأعمى عينين. أليس هو الذي خلق آدم من تراب ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار نفسا حية?

ولقد أعلن الرب حقيقة شخصه لهذا الرجل الذي صنعت معه المعجزة إذ قال له: «أتؤمن بابن الله? أجاب ذاك وقال من هو يا سيد لأؤمن به? فقال له يسوع قد رأيته والذي يتكلم معك هو هو. فقال أؤمن يا سيد وسجد له» (يوحنا35:9 - 37).

المعجزة الثانية - إقامة لعازر الميت بعد أن أنتن:

مع تقدم الإنسان في العلم وما وصل إليه من اكتشافات حديثة ولا سيما في هذا القرن لكنه مازال وسيظل عاجزا عن أن يقيم ميتا ولو كان له أربع ساعات فقط من موته. فكم بالحري بعد أربعة أيام وبعد أن قيل عنه «قد أنتن» (يوحنا39:11) لكن المسيح قد أقام لعازر بعد موته وبعد أن أنتن إذ كان له أربعة أيام. هذا الذي لما أصيب بالمرض أرسلت الأختان إلى يسوع قائلتين «يا سيد هوذا الذي تحبه مريض» (يوحنا3:11) , فلما سمع يسوع هذا قال: «هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله ليتمجد ابن الله به» (يوحنا4:11) ولقد مكث الرب بعد ذلك في الموضع الذي كان فيه يومين وبعد ذلك قال لهم «لعازر حبيبنا قد نام لكني أذهب لأوقظه فقال لهم علانية لعازر مات وأنا أفرح لأجلكم أني لم أكن هناك لتؤمنوا. ولكن لنذهب إليه» (يوحنا6:11 - 15).

كيف يفرح الرب لموت حبيب مثل لعازر? السبب هو أن هذا الموت سيعطى التلاميذ فرصة ليعرفوا من هو يسوع? ولكي يتأكدوا أنه هو الله المستطاع لديه كل شيء.

عندما جاء يسوع إلى القبر وكان مغارة وقد و ضع عليه حجر. قال يسوع «ارفعوا الحجر قالت له مرثا أخت الميت يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام» نعم قد تعفنت الجثة. فقال لها يسوع «ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله» (يوحنا40:11) ولما رفعوا الحجر «صرخ يسوع بصوت عظيم لعازر هلم خارجا فخرج الميت» (يوحنا43:11, 44).

لقد أقام موتى كثيرين غير هذا لكن ما فعله يسوع سابقا هو إرجاع الروح إلى الجسد حيث إن الجسد لم يكن قد تعفن بعد, مثل إقامة ابنة يايرس, والشاب ابن أرملة نايين. ولكن في هذه الحادثة كان الأمر يتطلب لا إرجاع الروح إلى الجسد فقط, بل إعادة تكوين جسده من جديد. بعد أن تعف ن وتحل ل. وهذا ليس في سلطان أحد إلا الله وحده. إذن ما فعله الرب يسوع يعلن عن أنه هو الله الخالق.

نعم بكل يقين نستطيع أن نقول ما قاله الرسول بولس «لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به» (1كورنثوس5:8,6) وأيضا «الله خالق الجميع بيسوع المسيح» (أفسس9:3) .

رغم وضوح ما سبق يقول المد عون أنهم شهود يهوه إن الله خلق ملاكا ودعاه إلها أي رئيسا وكلفه بخلقتنا فخلقنا وهو المعروف باسم ميخائيل رئيس الملائكة الذي و لد من العذراء وسمي يسوع, يا لها من ضلالة كبرى وعناد مرير. إن الله لم يتركنا لنرد عليهم, لكنه يرد عليهم من المكتوب «في البدء خلق الله (إيلوهيم) السموات والأرض» (تكوين 1:1) بدون أن يستخدم أي كائن كواسطة للخلق بل هو الخالق بنفسه كقول الكتاب في (تكوين 3:1) «وقال الله ليكن نور فكان نور» فالذي قال هو بذاته الذي بأمره كانت الأشياء «بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها, لأنه قال فكان. هو أمر فصار» (مزمور 6:33,9) ويقول في (إشعياء 34:44) «أنا الرب صانع كل شيء ناشر السموات وحدي باسط الأرض من معي؟».

وفي (إشعياء 12:48, 13) «أنا هو. أنا الأول وأنا الآخر ويدي أسست الأرض ويمين نشرت السموات» وفي (ملا خي10:2) «أليس إله واحد خلقنا»أي إن الذي خلقنا هو الإله الواحد الحي الحقيقي الذي لا إله غيره ولا شريك له. ومادام الابن الذي في ملء الزمان تجسد من العذراء هو الذي قبل تجسده خلقنا فيكون هو بعينه ذلك الإله الواحد الحقيقي الذي لا إله آخر غيره في الوجود كالآب وكالروح القدس. ولذلك جاء عنه في العهد الجديد في (يوحنا3:1) «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان».

ُينسب الخلق لله في (رومية 36:11) منه وبه وله كل الأشياء كذلك الابن باعتباره الله ينسب إليه الخلق المباشر للخليقة و صدورها منه فيقول في (كولوسي 1: 16) « فانه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين.الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل» ويقول في (عبرانيين 8:1 - 11) «وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك». «فهو الخالق» وكما جاء عنه كلمة «به» جاءت أيضا عن الله في القول السابق منه وبه وله كل الأشياء (رومية 39:11) .

كما أننا نلاحظ اشتراك الأقانيم في خلق الإنسان لذلك استخدم ما يدل على وحدانيته الجامعة فقال:

«وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» ثم يجب أن نلاحظ أن الرب يسوع عندما يأتي لاختطاف المؤمنين لا يختطف الأحياء فقط, ولكنه وإن كان يغير أجساد الأحياء, فإنه قبل ذلك يقيم الراقدين جميعهم دفعة واحدة وفي لحظة وفي طرفة عين بأجساد ممجدة. ثم بعد ذلك يقيم جميع الأشرار من الهاوية لإدانتهم فكيف يقام الأشرار جميعهم ويلبسون أجسادهم دفعة واحدة وبسرعة لو كان المسيح ليس هو الله? (1كورنثوس51:15 - 58 ,1تسالونيكي 13:4 - 18 , رؤيا 20).

نعم إنه الله الخالق لذلك يستطيع أن يفعل كل هذا.

وكما ثبت أنه الخالق للخليقة الأولى فهو أيضا الخالق للخليقة الجديدة لذلك جاء في (أفسس10:2) لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة وأيضا في (2كورنثوس17:5) . «إذا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة» لذلك هو القادر على حفظ خليقته سواء القديمة أو الجديدة فقد جاء عن الله في (إشعياء 25:40, 26) «فبمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس. ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه. من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء. لكثرة القوة وكونه شديد القوة لا يفقد أحد».

وأيضا جاء عن المسيح «ابن الله» في (عبرانيين 3:1) «حامل كل الأشياء بكلمة قدرته» وفي (كولوسي 17:1) يقول «وفيه يقوم الكل» وأيضا قيل في (2بط 5:3 - 7) «والأرض بكلمة الله قائمة».

وليس أنه حافظ للأرض وما عليها والسموات وما فيها فقط, لكنه هو أيضا المهتم والحافظ لمن هم فيه خليقة جديدة, الذين قال عنهم في (مزمور 3:16) «القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مشرطي بهم» لذلك قال عن التلاميذ الذين اختارهم في أيام جسده للآب: «حين كنت معهم في العالم كنت أحفظهم في اسمك الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب».

وقال عن المؤمنين جميعهم بصفتهم خرافه في (يوحنا27:10 - 30) «خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني وأنا أعطيها حياة أبدية, ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي».

وقد قال الرب يسوع في (يوحنا39:6) «وهذه مشيئة الذي أرسلني أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئا , بل أقيمه في اليوم الأخير» وفي (2تسالونيكي 3:3) «أمين هو الرب الذي سيثبتكم ويحفظكم من الشرير».

وقال بولس الرسول «لكني لست أخجل لأنني عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم» (2تيموثاوس 12:1) وعن الكنيسة جميعها قال: «على هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى 18:16) .

2 - غفار الخطايا

جاء عن الله في العهد القديم أنه غافر الذنوب والخطايا. ففي (عدد 18:14) «الرب طويل الروح كثير الإحسان يغفر الذنب والسيئة». وفي (مزمور 38:78) «أما هو فرؤوف يغفر الإثم ولا يهلك. وكثيرا ما رد غضبه ولم يشعل سخطه». وفي (مزمور 3:103) «الذي يغفر جميع ذنوبك».

وفي (مزمور 4:130) «لأن عندك المغفرة لكي يخاف منك». وفي (مزمور 5:86) «لذلك أنت يا رب صالح وغفور وكثير الرحمة لكل الداعين إليك» وقال نحميا (7:9) «وأنت إله غفور وحنان طويل الروح وكثير الرحمة فلم تتركهم». في (ميخا 18:7) «من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب».

وفي سفر الخروج مكتوب عنه «غافر الإثم والمعصية والخطية» (خر 7:34) وقال دانيال «للرب إلهنا المراحم والمغفرة» (دانيال 9:9) وفي (إشعياء 7:55) «ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب إلهنا فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران».

أما عن الابن فقد جاء عنه ما يدل على أنه يهوه مانح الغفران كالآب تماما ففي (أعمال 31:5) عن طريق بطرس والرسل «إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموهم عل قين إياه على خشبة. هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا . ليعطى إسرائيل التوبة وغفران الخطايا».

وقال يسوع عن نفسه «لأن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا» (مرقس10:2) لذلك. قال للمفلوج «مغفورة لك خطاياك» (مرقس5:2) .

وقال للخاطئة التائبة «مغفورة لك خطاياك» (لوقا48:7) وفي (كولوسي 13:3) «كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضا». وفي (أعمال 43:10) يقول بطرس الرسول في بيت كرنيليوس عن المسيح «له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا». وفي (أفسس7:1) «الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا» وقال لتلاميذه بعد قيامته «هكذا هو مكتوب. وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وأن يكرز باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدئا من أورشليم» (لوقا46:24, 47).

وقال بطرس في يوم الخمسين للرجال الذين تعامل معهم روح الله القدوس «توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا. فتقبلوا عطية الروح القدس» (أعمال 38:2) وقال الرسول يوحنا للمؤمنين: «أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غ فرت لكم الخطايا من أجل اسمه» (1يوحنا12:2) وقد قال الرب يسوع بنفسه لشاول الطرسوسي عندما ظهر له في الطريق إلى دمشق «أنا الآن أرسلك إليهم. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلماك إلى نور. ومن سلطان الشيطان إلى الله. حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين» (أعمال 17:26, 18) هذا هو يسوع المسيح ابن الله الذي أحبنا وجاء من السماء إلى أرضنا متجسدا وحمل خطايانا في جسده على الخشبة ومات لأجلنا ليهبنا الغفران بدمه الكريم إذا آمنا باسمه واحتمينا في دمه.

3 - المحيي

قيل عن الله في العهد القديم «جابل روح الإنسان في داخله» (زكريا 1:12) ويقول الحكيم (جامعة 7:12) «فيرجع التراب إلى الأرض كما كان وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها» وقال داود الملك للرب «في يديك أستودع روحي» (مزمور 5:31) وقال أليهو «لأنه عن قليل يأخذني صانعي» (أيوب 22:32) .

وفي العهد الجديد جاء عن المسيح ابن الله ما يدل على أنه الله, كالآب تماما الذي بيده آجال البشر لأنه هو خالقهم وله مطلق التصرف فيهم. فقال لبطرس عن يوحنا الحبيب «إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجئ فماذا لك» (يوحنا22:21) . وقال له إستفانوس «أيها الرب يسوع اقبل روحي» (أعمال 59:7) .

ولقد قال في إنجيل يوحنا «كما أن الآب يقيم الأموات ويحيى, كذلك الابن أيضا يحيى من يشاء» (يوحنا21:5) .

قال المسيح لمرثا «أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد» (يوحنا25:11) .

وهو المحيى للأموات بالذنوب والخطايا, فلقد قال له كل المجد «الحق الحق أقول لكم إنه تأتي ساعة وهي الآن, حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون» (يوحنا25:5) .

نعم لا يقدر أن يميت الحي أو يحيي الميت بأمره إلا الله الذي هو رب الموت والحياة «الرب يميت ويحيي» (1صم 6:2) . وبما أن المسيح كما سبق هو رب الحياة والموت وله القدرة عليهما معا فهو الله وهو الذي يمنحنا الحياة بل هو مصدر الحياة وبه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس (يوحنا4:1) .

4 - مانح الخلاص

جاء عن الرب يهوه في الكتاب المقدس أنه المخلص, هكذا قد جاء عن المسيح أنه هو المخلص. وهذا ما يثبت أن المسيح هو الرب يهوه إله العهد القديم والجديد. فلقد جاء عن الله في العهد القديم ما يثبت أنه المخلص ففي (تكوين 18:49) قال يعقوب أبو الأسباط «لخلاصك انتظرت يا رب» وفي (مزمور 20:68) قال داود «الله لنا إله خلاص» وفي (مزمور 14:118) «قوتي وترنمي الرب وقد صار لي خلاصا». وفي (إشعياء 2:12, 3) «هوذا الله خلاصي فأطمئن ولا أرتعب. لأن ياه يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصا . فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص».

وقال المرنم في (مزمور 1:27) «الرب نوري وخلاصي ممن أخاف». وقال في (مزمور 22:38) «أسرع إلى معونتي يا رب يا خلاصي» وفي (مزمور 1:62, 2) «إنما لله انتظرت نفسي. من قبله خلاصي. إنما هو صخرتي وخلاصي وملجأي».

وفي سفر هوشع يقول «وأما بيت يهوذا فأرحمهم وأخلصهم بالرب إلههم» (هو 2:1, 7).

ولقد جاء في العهد الجديد: في (تيطس 4:3) «ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه. لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا» وفي (2تيموثاوس 8:1, 9) «بحسب قوة الله الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة. لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة» وفي (1تيموثاوس3:2, 4) «لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون».

وكما قيل عن الله أنه المخلص, هكذا قيل عن المسيح لأنه بذاته هو الله فجاء في (تيطس 6:3) «يسوع المسيح مخلصنا» وفي (2تيموثاوس 9:1, 10) «الله الذي خلصنا... وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود».

وقال الرسول بولس في اختباره «صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا» (1تيموثاوس15:1) .

لذلك قيل في (أعمال 23:13) «أقام الله لإسرائيل مخلصا يسوع», ولذلك قبل أن حبل به في البطن سمي «يسوع» (لوقا21:2) .

ولماذا سمى بيسوع?

الجواب: في (متى 21:1) «فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» ونفس الاسم «يسوع» يعني يهوه المخلص ولذلك ترنمت مريم أمه وهي حبلى به قائلة: «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي» (لوقا46:1, 47) وعند مولده قال الملاك للرعاة «إنه و لد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لوقا11:2) وفي الهيكل عندما حمله سمعان البار على ذراعيه «بارك الله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب» (لوقا28:2 - 31).

وفي مدة خدمته على أرضنا أسكت تذمر يوحنا ويعقوب بسبب رفض إحدى قرى السامريين قبوله بالقول «لستما تعلمان من أي روح أنتما. لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل لي خلص» (لوقا55:9 - 56). وفي بيت زكا قال الرب يسوع عن نفسه «لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» (لوقا10:19) وقال له كل المجد في إرساليته: «لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم (يوحنا17:3) . وقال أيضا «لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم» (يوحنا47:12) .

وقال عنه بطرس الرسول أمام رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل «وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص» (أعمال 12:4) .

وعندما قال سجان فيلبى لبولس وسيلا «يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص. فقالا آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص» (أعمال 30:16, 31).

ومن الواضح من المكتوب أنه بموته خلصنا من الدينونة والهلاك الأبدي, وعبودية إبليس والخطية (رومية 1:5,8) وهو بذاته يخلصنا الآن بحياته (رومية 10:5) وقريبا سيخلصنا من الغضب بمجيئه (رومية 9:5) «وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي» وفي (عبرانيين 25:7) «فمن ثم يقدر أن يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله. إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم».

إذا إن كان عمل الخلاص ينسب إلى الله وحده. فمن الآيات السابقة يتضح لنا أن المخلص الوحيد هو المسيح.

إذا هو الله بذاته(إشعياء 10:43, 11) «أنا هو. قبلي لم يصور إله وبعدى لا يكون أنا الرب يهوه وليس غيري مخلص».

وقال عنه بطرس «الرب والمخلص يسوع المسيح» (2بط 20:2) ويقول الرسول يوحنا «ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصا للعالم» (1يوحنا14:4) .

5 - معطى الحياة الأبدية ومصدرها وحافظها

إن «الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح» (أفسس4:2) وفي (كولوسي 12:2, 13) «الله الذي أقامه من الأموات أحياكم معه».

لقد جاء شاب غني, سائلا الرب يسوع قائلا : «أيها الرب المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية» (مزمور 17:10) . وعندما تحدث إليه الرب بما يعلن أن الأعمال الصالحة لا تهب الإنسان الحياة الأبدية, وأنه لم يستطع أحد من البشر أن ينفذ الناموس لذلك ثبت حكم الموت على الإنسان فجلب الموت واللعنة.

وفي نهاية الحادثة مضى هذا الشاب في طريقه حزينا (لوقا18:18 - 26 مع متى 16:19 - 22 , مرقس17:10 - 22).

ولقد شهد الله عن ابنه «وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة. ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة» (1يوحنا10:5 - 12) وأيضا يقول «بهذا أظهرت محبة الله فينا أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به» (1يوحنا9:4) . لذلك يقول الرسول يوحنا «فإن الحياة أظهرت. وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا» (1يوحنا2:1) وأيضا «وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الأبدية» (1يوحنا25:2) وقال الرسول بولس في (رومية 23:6) «لأن أجرة الخطية هي موت. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا» وقال الرب يسوع في صلاته للآب في (يوحنا92:17) عن ذاته «إذ أعطيته سلطانا على كل جسد ليعطى حياة أبدية لكل من أعطيته» وقال في (يوحنا27:10, 28) «خرافي... أنا أعطيها حياة أبدية». وقال لسامعيه «لأن هذه هي مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير» (يوحنا40:6) . وقال أيضا «الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية» (يوحنا47:6) .

6 - مانح التوبة .. والإيمان

أولا : يصر ح لنا الإنجيل أن المسيح هو الذي يمنح البصيرة بصفته الله فقيل «فتح ذهنهم ليفهموا الكتب» (لوقا45:24) . وفي (أعمال 14:16, 15) «وكانت تسمع امرأة اسمها ليدية متعبدة لله ففتح الرب قلبها فلما اعتمدت... طلبت قائلة: إن كنتم قد حكمتم أني مؤمنة بالرب فادخلوا بيني» وفي (1يوحنا20:5) «ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق».

ثانيا : قيل في العهد القديم لله «توبني فأتوب لأنك الرب» (إرميا 18:31) وقيل عنه في العهد الجديد «أعطى الله الأمم التوبة للحياة» (أعمال 18:11) وهو نفس ما قيل عن المسيح ابن الله.

مما يدل على أنه هو الله معطى التوبة كالآب تماما في (أعمال 31:5) لقد رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا ليعطى إسرائيل التوبة فهو الله العامل في المبشرين للتبشير وفي الخطاة للتوبة إليه والإيمان به.

7 - فادي ومقتني شعبه والمكفر عنهم

جاء في العهد القديم عن الله (2أخ 18:30, 19) «الرب صالح يكفر عن كل من هيأ قلبه لطلب الله الرب إله آبائه وليس كطهارة القدس».

وجاء عن المسيح في العهد الجديد ما يدل على أنه هو الله ذاته في (عبرانيين 17:2) «من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء. لكي يكون رحيما ورئيس كهنة أمينا في ما لله حتى يكف ر خطايا الشعب» وفي (1يوحنا2:2) قيل عنه «وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا». وقد كفر بموته على الصليب كما كف ر الله ببذله لابنه لذلك في (رومية 25:3) «الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره».

وجاء عن الله في العهد القديم في (تثنية 6:32) «الرب تكافئون بهذا?... أليس هو أباك ومقتنيك (أي الذي اشتراك) هو عملك وأنشأك».

وقيل في (مزمور 2:74) «اذكر جماعتك التي اقتنيتها منذ القدم» هكذا جاء عن المسيح ابن الله في العهد الجديد ما يثبت أنه هو الله المقتني فيقول في (أعمال 28:20) «كنيسة الله التي اقتناها بدمه».

وفي (1كورنثوس20:6) «لأنكم أشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله».

وفي (1بطرس 18:1) «عالمين أنكم أفتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب بل بدم كريم دم المسيح».

وعن الأشرار قيل «وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكا سريعا» (2بط 1:2) .

8 - معطى الروح القدس

جاء في كلمة الله في (رومية 5:5) عن الروح القدس هذا القول «الروح القدس المعطى لنا» ومن هنا يأتي سؤال من هو معطى الروح القدس لنا في كلمة الله في (يوئيل 27:2 - 32) «إني أنا الرب إلهكم وليس غيري ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر».

وقال الرب يسوع في (يوحنا16:14, 17) «وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد, روح الحق» وفي (يوحنا26:14) «وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء».

كذلك قيل عن المسيح ابن الله إنه «مانح الروح القدس» ففي سفر الأمثال قال بصفته الحكمة «هأنذا أفيض لكم روحي» (أم 23:1) .

وفي (يوحنا26:15) يقول هو بنفسه «متى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي» «إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم» (يوحنا7:16) .

وفي خطاب بطرس الوارد في (أعمال 32:2, 33) قال: «فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك. وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب. سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه».

يقول المعمدان في (يوحنا33:1, 34) «لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعم د بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله».

لذلك يقال عن الروح القدس في (متى 20:10) «روح الآب» وأيضا في (غلاطية 6:4) «روح الابن» ويقال عنه أيضا «روح المسيح» (رومية 9:8) .

فلو لم يكن الابن هو الله كالآب تماما . لما سمي الروح القدس بالمرة «روح الابن» كما سمي «روح الآب», وكما سمي أيضا «روح الله» (رومية 14:8) فالابن إذا هو الله.

9 - الديان لجميع البشر

جاء في كلمة الله أن «الله ديان الجميع» (عبرانيين 23:12) . وفي (مزمور 6:50) يقول داود «وتخبر السموات بعدله لأن الله هو الديان» وإذ نحن نقل بصفحات الكتاب المقدس نجد أن المسيح هو ديان الجميع فقد جاء عنه: «الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن» (يوحنا22:5) . ومن هنا يواجهنا سؤال يفرض نفسه إن كان الابن ليس هو الله فكيف يتنازل الله عن ملكه وقضائه ويشرك معه أحدا من مخلوقاته رغم أن الدينونة من القضايا المختصة بالله وحده?.

وحاشا له أن يشرك معه أحدا آخر. ولكن الحقيقة هي أن الابن والآب واحد (يوحنا30:10) . أقنوم الابن الذي تجسد وفدانا هو الذي يدين في يوم الدينونة. لأنه هو الله الفادي وهو الله الديان العادل. والآب أعطاه «سلطانا أن يدين أيضا لأنه ابن الإنسان» (يوحنا27:5) .

وقال بطرس في بيت كرنيليوس «وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بأن هذا هو المعين من الله ديانا للأحياء والأموات. له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا» (أعمال 42:10, 43).

ولذلك يقول الروح القدس في (أعمال 30:17, 31) «فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل. لأنه أقام يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل, برجل قد عينه مقدما للجميع إيمانا إذ أقامه من الأموات» وجاء عنه في (رومية 16:2) «في اليوم الذي يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح» وقيل عنه في (1كورنثوس5:4) «سينير خفايا الظلام ويظهر آراء القلوب» وفي (2تيموثاوس 1:4) «يقول الرسول بولس لتيموثاوس «أنا أناشدك إذا أمام الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته».

وأيضا في (1بطرس 5:4) «هو على استعداد أن يدين الأحياء والأموات».

من الواضح في كلمة الله أن المسيح هو الذي سيحاسب المفديين أمام كرسيه كما هو مكتوب في (2كورنثوس10:5) «لأنه لابد أننا جميعا ن ظهر أمام كرسي المسيح, لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا».

وفي (رومية 10:14) «لأننا جميعا سوف نقف أمام كرسي المسيح». وأنه أيضا سيحاسب جميع الشعوب الأحياء عند ظهوره وتأسيس ملكه العتيد فيقول: «ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده, ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء» (متى 31:25 - 32).

وهو الذي سيدين الأموات أمام العرش العظيم الأبيض: «ثم رأيت عرشا عظيما أبيض والجالس عليه الذي من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع, ورأيت الأموات كبارا وصغارا واقفين أمام الله وانفتحت أسفار, وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة, ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم» (رؤيا 11:20, 12).

لنلاحظ القول «الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن. والقول, ورأيت الأموات صغارا وكبارا واقفين أمام الله ودين الأموات بحسب أعمالهم» يؤكد لنا أن المسيح هو الله الديان الذي قال عنه إبراهيم «ديان كل الأرض» (تكوين 25:18) , وقال بولس الرسول في (2تيموثاوس 8:4) «وأخيرا قد و ضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا».

ولذلك كما قيل عن الله في العهد القديم «من ذا الآتي... بثياب حمر...? أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص. ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد, فدستهم بغضبى ووطئتهم بغيظي. فر ش عصيرهم على ثيابي, فلطخت كل ملابسي... فدست شعوبا بغضبى وأسكرتهم بغيظي وأجريت على الأرض عصيرهم» (إشعياء 1:63 - 6) هكذا أيضا جاء عن المسيح في العهد الجديد «وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب» (رؤيا 15:19 - 16). «هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب» (رؤ14:17)

أقنوم الابن

لقد تكلمنا سابقا عن «الله» وقلنا إن الله واحد, ذات واحدة جوهر واحد لكن (ثلاثة أقانيم), وقلنا إن الأقانيم ليسوا أجزاء في الله وليس الله مركبا في ثلاثة أقانيم, لكن الله واحد وكل أقنوم هو الله وليس جزءا من الله.

الآب هو الله والابن هو الله, والروح القدس هو الله. جوهر واحد ولكن أقانيم ثلاثة, متحدون غير منفصلين ولكن متميزون عن بعضهم, متحدون في اللاهوت وفي الصفات الإلهية ولكن متميزون في بعض أعمالهم.

يقول قائل إن هذا فوق العقل, هذا صحيح لأن الله فوق العقل ولابد أن يكون هكذا لأننا نعتقد أن الله لا يكون على قدر العقل أبدا وإلا لا يكون هو الله.

الصنم يعمله الإنسان على قدر عقله, على قدر ما يتصور من صفات يصنعها في الصنم, أما الله فغير محدود, ولكن العقل محدود, ولذلك فالله فوق العقل لكنه ليس ضد العقل.

) ولقد تكلمنا عن أقنوم الآب وأقنوم الروح القدس. وأما الآن فلنتكلم عن أقنوم الابن:

يظن البعض أننا كمسيحيين عقيدتنا في كلمة «الابن» أنه قد جاء بالتزاوج, أو جاء عن طريق الإنجاب بواسطة الآب, أو لأنه أحدث منه زمانا أو لأنه أقل منه مقاما , لذلك أطلقنا عليه «ابن الله» ولذلك يتهموننا بأننا قد جدفنا على الله وأشركنا به. وهم بكل أسف لم يعرفوا معني كلمة (ابن الله).

فنحن:

لا نؤمن إطلاقا بما سبق, ولم يرد ذلك في كتاب الله المقدس بعهديه.

بل إن ما جاء في الكتاب المقدس عنه ينص على أن الله روح لا أثر للمادة فيه, لم يلد ولم يولد وأنه لا شريك له أو نظير, ولم يتخذ لنفسه زوجة أو صاحبة, وأنه لا يزيد ولا ينقص على الإطلاق.

كما يجب أن نلاحظ أن هناك دينونة رهيبة ستقع على كل من يتكلمون بالكلمات الصعبة على الرب يسوع (يهوذا 14, 15) والذي سوف يدينهم هو بنفسه. لأنه ديان الأحياء والأموات (أعمال 42:10) .

ثم دعنا نفكر في الأمر سويا , لو كان المسيح ابن الله بالولادة أو بالإنجاب عن طريق الآب لكان الله في ثالوثه كالآتي (الآب والأم والابن) لأنه حيث الولادة فلابد من الأمومة.

ولكن الله في ثالوثه لم يكن هذا بل هو (الآب والابن والروح القدس) ولذلك لا يمكن أن تكون بنوة الابن إلا البنوة الروحية وحدها.

ثم إنه لم يدع «ابن الله» لأنه خلق بواسطة الله, كما يدعى الملائكة والبشر لأنهم خلقوا بواسطته ولم يدع «ابن الله» لأنه أقرب الخلائق إلى الله بل هو «ابن الله» من الأزل قبل كل الأزمنة وقبل وجود أي مخلوق من المخلوقات (وأن الله أعلن ذاته بهذه الصورة) «الآب والابن والروح القدس».

فهو من هذه الناحية فريد في شخصه وفريد في مركزه وفريد في مهمته ولذلك جاء عنه في الوحي أنه:

«ابن الله الوحيد» (يوحنا18:1) , (يوحنا16:3) .

أي الذي ليس له نظير في بنوته لله وشخص لا نظير له في بنوته لا يكون ملاكا أو إنسانا أو مخلوقا , لأن كل واحد من هؤلاء ليس وحيدا بل له نظير.

ثم إن الاصطلاح «ابن الله» ليس لقبا للمسيح بل هو اسمه بعينه (يوحنا18:3) بينما الاصطلاح «أبناء الله» مجرد لقب للملائكة والبشر يراد به الإشارة إلى علاقة من العلاقات أو صفة من الصفات.

أما الاسم فيراد به التعبير عن الشخصية نفسها. إن بنوة الملائكة لله ترجع إلى كونهم مخلوقين منه مباشرة فهم أبناء بالخلق. أما بنوة المؤمنين فمن باب النعمة وليس من باب الاستحقاق, لكن بنوة المسيح حق من حقوقه الذاتية. لذلك:

لا يجوز الخلط بين بنوة المسيح وبنوة الخلائق بأي وجه من الوجوه. ثم ينبغي أن نلاحظ أن الكتاب المقدس لم يقل عن المسيح «ولد الله» بل ابن الله. والفروق بين الاصطلاحين كثيرة نذكر منها:

1 - قد يكون هناك والد مجرد من كل معاني الأبوة وقد يكون هناك شخص فيه كل معاني الأبوة, دون أن يكون له أولاد مولودون منه, فالتوالد إذا حالة جسدية أما الأبوة فحالة روحية.

2 - الاصطلاح «ولد الله» يظهر بداية للمولود. وهذه البداية ابتدأت بالولادة, أما الاصطلاح «ابن الله» فله مدلولاته الروحية الخاصة التي سنتكلم عنها فيما بعد.

3 - الاصطلاح «ولد الله» يظهر عدم التساوي بين الوالد والمولود من حيث الأسبقية في الزمن فدائما الوالد أكبر وأسبق من المولود, وهذا ما لا يتوافق مع الله في أقانيمه.

4 - الاصطلاح «ولد الله» يظهر أن المولود له محدوديته بالزمان والمكان, وهذا ما لا يتوافق مع المسيح الأزلي غير المحدود.

5 - الاصطلاح «ولد الله» يستلزم وجود أم وتزاوج , وحاشا أن نقول عن الله هكذا, لأن الله منزه عن هذه الأمور.

6 - الاصطلاح «ولد الله» يعلن عن تسيد شخص على الآخر, فالوالد دائما له السلطان على المولود. ولكن أقانيم الله غير ذلك تماما .

7 - الاصطلاح «ولد الله» يعطى التساوي بين المسيح «ابن الله» والخلائق الأخرى وهذا ما لم يكن على الإطلاق.

ويجب أن نلاحظ أيضا أن البشر يدعون أبناء الله بالخلق للدلالة علي:

أ - أنه مصدر وجودنا, كما هو وارد في (تثنية 6:32) «أليس هو أباك ومقتنيك هو عملك وأنشأك» وفي (ملاخي 10:2) «أليس أب واحد لكلنا. أليس إله واحد خلقنا». وفي (1كورنثوس6:8) «لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له».

ب - أنه صاحب العناية بكل البشر كخلائقه ولكن بصفة خاصة بالمؤمنين كما هو وارد في (مزمور 13:103) «كما يترأف الآب على البنين يترأف الرب على خائفيه». «أبو اليتامى وقاضى الأرامل الله في مسكن قدسه» (مزمور 5:68) وفي (متى 26:6) «انظروا إلى طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها» وفي (متى 29:10, 30) «أليس عصفوران يباعان بفلس وواحد منها لا يسقط على الأرض بدون أبيكم وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة».

ج -ما علينا من واجب الخوف والطاعة كما هو وارد في (ملاخي 6:1) «الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده. فإن كنت أبا فأين كرامتي وإن كنت سيدا فأين هيبتي قال لكم رب الجنود».

إن المؤمنين هم أبناء الله بالولادة الثانية والتبني كقول الوحي في (غلاطية 26:3) «لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع». وفي (1يوحنا12:1, 13) «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين و لدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله». وفي (أفسس5:1) «إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته»وعلى المؤمنين التجاوب مع هذه النعمة بالسلوك بالتدقيق, كقوله في (1بطرس 17:1) «إن كنتم تدعون أبا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف» وفي (متى 16:5) «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات».

ويجب أن نميز بين بنوة البشر لله على أساس الخلق, وبين بنوة المؤمنين لله على أساس الفداء, وبين بنوة المسيح الأزلية للآب فهو ابن الله الوحيد. ومدلول بنوته للآب مختلف تماما فبينما يدعى البشر أبناء الله لأنهم من صنع يديه وخليقته العاقلة نجد المسيح يدعى ابن الله باعتباره الله المعلن في الجسد وخالق كل الأشياء, وبينما نجد المؤمنين يدعون أبناء الله على أساس الفداء, نجد أن المسيح هو الذي صنع الفداء وهو الذي أعطانا سلطانا أن نصير أولاد الله (يوحنا12:1) .

وهذا التمييز واضح في كل الكتاب المقدس وإليك الأمثلة الآتية:

1 - في (متى 27:11) وفي (لوقا 22:10) «كل شيء قد د فع إلى من أبي. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب. ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له». وفي (يوحنا 35:3) «الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده».

وفي (يوحنا15:10) يقول «كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب». وهذه الأقوال لا يمكن أن تنطبق على أحد إلا على ابن الله الوحيد.

2 - وأيضا في (متى 17:3) في حادثة العماد «وصوت من السماء قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت».

وفي (مرقس6:12, 8) ترد هذه العبارة عن الله «فإذ كان له أيضا ابن واحد حبيب إليه أرسله أيضا إليهم أخيرا قائلا : إنهم سيهابون ابني فأخذوه وقتلوه وأخرجوه خارج الكرم».

وفي (يوحنا16:3) «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية».

في العبارات السابقة نلاحظ أنه الابن الحبيب الوحيد, وهذا ما لا يمكن أن يقال على آخر سواه.

3 - يظن البعض أن الاصطلاح «ابن الله» قد جاء عنه في الإنجيل فقط, لكن بالرجوع إلى التوراة نرى إشارات واضحة عن هذا الأقنوم فقد جاء عنه في (مزمور 7:2) «أنت ابني» وفي سفر الأمثال (4:30) «من ثبت جميع أطراف الأرض. ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت?» ومن الملاحظ في كلمة الله أن للمسيح بنوتين:

البنوة الأولى :

بنوة أزلية في اللاهوت قبل التجسد في هذا العالم والتي يعبر عنها في (مزمور 7:2) بالقول «أنت ابني», قبل أن يقول «أنا اليوم ولدتك». لأنه لو كانت هناك بنوة واحدة بالولادة في الزمان لكان قد قيل «أنا اليوم ولدتك فأنت ابني» ولكن القول «أنت ابني» أولا يدل على أن المسيح ابن الله أزليا . كما أننا نلاحظ أن العبارات التي استخدمت في العهد الجديد تدل على ذلك, مثل أرسل, وظهر, وجاء, وخرج, كلها عبارات تدل على الوجود الأزلي قبل التجسد. وإليك بعض الأمثلة وإن كنا نتكلم بعد ذلك بالتفصيل عن أزليته:

في (غلاطية 4:4) «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة».

في (رومية 3:8) «أرسل الله ابنه في شبه جسد الخطية» (أي في جسد مشابه لجسدنا تماما . ولكن خال من الخطية)».

وفي (1تيموثاوس16:3) «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد».

ولذلك لما تكلم إشعياء عن ولادته ثم ذكر اسمه قال:

«ويدعى عجيبا مشيرا . إلها قديرا (الله القدير) أبا أبديا (أبا الأبدية)» (إشعياء 6:9) .

ب - البنوة الثانية في الزمان عندما و لد في الجسد:

هذه البنوة المشار إليها في (مزمور 2) بالقول «أنا اليوم ولدتك».

ويقول عنها في (إشعياء 6:9) «يولد لنا ولد».

وفي بداية بشارة متى ولوقا قصة ميلاده بالتفصيل. وهذه البنوة تختلف عن بنوة كل البشر والملائكة لله كمخلوقاته العاقلة وتختلف أيضا عن بنوة المؤمنين الروحية لله كمن أخذوا طبيعته الأدبية (يوحنا29:3) .

أنا والآب واحد

في حديث الرب الوداعي مع تلاميذه في ليلة آلامه كشف لهم النقاب عن ذاته مباشرة إذ قال لهم «أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي» (يوحنا21:14)أي آمنوا بي أنني الله وسرعان ما كشف لهم عن اتحاده كأقنوم بالآب, لأنه كما رأينا سابقا , أن الله واحد في جوهره لكن جامع في أقانيمه, وأن الآب هو الله والابن هو الله والروح القدس هو الله. لذلك.

قال لتوما ردا على سؤاله عندما قال للرب «لسنا نعلم أين تذهب. فكيف نقدر أن نعرف الطريق قال له يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا5:14, 6).

ثم يعلن بعد هذا الكلام مباشرة للتلاميذ عن الوحدة والاتحاد بينه وبين الآب, لئلا يتسرب لأذهان التلاميذ أن الآب شخص منفصل بذاته عنه, فيقول «لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا . ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه» (يوحنا7:14) . وبالرغم من هذا الإعلان فقد كشف التلاميذ عن عدم معرفتهم وقصر إدراكهم في سؤال فيلبس للرب وطلبه إذ قال على الفور للرب «يا سيد أرنا الآب وكفانا» (يوحنا8:14) عندئذ رفع الرب الستار تماما لي عرف التلاميذ الوحدانية العجيبة والاتحاد العظيم للأقانيم فقال له «أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأي الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في . الكلام الذي أكلمكم به, لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال. صدقوني أني في الآب والآب في . وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها» (يوحنا9:14 - 11). وفي إنجيل يوحنا 29:10, 30 يقول الرب «أبي هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي» لكن لئلا يتسرب للأذهان أن الآب أعظم من الكل حتى من الابن, قال بعد هذا الكلام مباشرة «أنا والآب واحد» والضمير «أنا يأتي أولا قبل «الآب»أي إن الابن والآب واحد في العظمة الإلهية واللاهوت .

مع ملاحظة :

أنه لا يليق إطلاقا بأي مخلوق مهما كان أن يساوى نفسه بالآب لكن هنا أقنوم الابن لم ير مانعا أن يساوى نفسه بالآب, ولذلك اعتبره اليهود هنا مجدفا فتناولوا حجارة ليرجموه (يوحنا31:10) .

لذلك قال لهم يسوع «أعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي بسبب أي عمل منها ترجمونني أجابه اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف, فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها أجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة. إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله ولا يمكن أن ينقض المكتوب فالذي قد سه الآب وأرسله إلى العالم أتقولون له إنك تجدف لأني قلت إني ابن الله? إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي, ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه» (يوحنا32:10 - 38).أي إن الطبيعة الإلهية واحدة في الاثنين وأن الاثنين واحد في اللاهوت رغم التميز في الأقنومية.

لذلك قيل «فطلبوا أيضا أن يمسكوه» (يوحنا39:10) .

سؤال (1) :

يقول غير المؤمنين بلاهوت المسيح إن العدد 34.. الذي نصه: «أجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة» يرينا أن المسيح شخص إلهي بنفس المركز الذي يقال فيه عن البشر إنهم آلهة وذلك بناء على ما قاله بنفسه.

لكن بالتأمل في السبب في هذا القول ينتهي الادعاء. فهو قد قال في (يوحنا30:10) «أنا والآب واحد» وهنا تظهر وحدانية الآب والابن, الأمر الذي فهمه اليهود وتناولوا بسببه حجارة ليرجموه وقالوا له وأنت إنسان تجعل نفسك إلها لذلك دفع المسيح تهمة التجديف بالكلام السابق في (ع 34, 35) وهذه الكلمات مأخوذة من (مزمور 6:82) حيث نرى الله متحدثا بها إلى القضاة باعتبار أنهم يحكمون بين الناس بحسب ناموس الله. ولكن مع مركزهم العظيم هذا فالله يقول لهم «مثل الناس تموتون» (مزمور 27:82) وأيضا قال الرب لموسى بالنسبة لهرون: «هو يكون لك فما وأنت تكون له إلها» (خر 13:4 - 16) هنا إلها «عن موسى» باعتبار أنه مصدر كلمة الله إلى هرون, فموسى يستقبل من الله الكلام. وكان بالنسبة لهرون «إلها» يعطيه الكلام الذي ينطق به الله.

لذلك قال المسيح لليهود ما معناه :

إذا كان كتابكم قد قال عن قضاتكم وهم بشر يموتون ويسقطون أنهم آلهة, ولكون هذا الكلام «كلام الله» الثابت, فلم تتهموا آساف كاتب هذه الكلمات بالتجديف. أليس بالأولى أن تقبلوا من قدسه الآب وأرسله إلى العالم? أو بعبارة أخرى:

إن كان هكذا بالنسبة لقضاتكم, فلماذا تقولون لي أنا المسيح الذي كرسني الآب وأرسلني لعمل الفداء إنني أجدف لأني قلت إني ابن الله?

وإذ جاز أن يقال عن قضاتكم وهم خطاة إذ يقول لهم: «حتى متى تقضون جورا وترفعون وجوه الأشرار» (مزمور 2:82) «إنهم آلهة».

فالابن الوحيد المعصوم من الخطأ الذي مسحه الآب من الأزل أتقولون له إنك تجدف لأني قلت «أنا ابن الله».

لذلك يقول لهم المسيح «إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا لسبب الأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه» (يوحنا37:10, 38).

وهنا يظهر الفرق بين تسمية القضاة وموسى«بأنهم آلهة, وبين شخصه المبارك الذي هو الله الحقيقي».

فهؤلاء (القضاة وموسى) هم آلهة بالاسم فقط بمعني رؤساء.

أما هو, تبارك اسمه إلى أبد الآبدين فهو الله الحقيقي فهو ليس نظيرهم بل هو الرب إلههم كما قيل عنه «اسجدوا له يا جميع الآلهة» (مزمور 7:97) . الذي في أيام جسده وهو صبي صغير قيل عن المجوس عندما أتوا إليه إنهم: «خروا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا, ذهبا ولبانا ومراً» (متى 11:2) هذا الذي قيل عنه وهو في مياه الأردن ليعتمد «وإذا السموات قد انفتحت له» (متى 16:3) وقيل عنه أيضا «لأن الرب ملك كبير على كل الآلهة» (مزمور 3:95) كما أن كل الآلهة هم مقامون منه كقوله «بي تملك الملوك ويقضى العظماء عدلا . بي تترأس الرؤساء والشرفاء. كل قضاة الأرض» (أم 15:8, 16) وكلهم يخطئون. أما هو فهو المعصوم من كل خطأ.

أبعد هذا نساويه بهؤلاء الذين قيل عنهم إنهم «آلهة» أم نجله ونكرمه ونعبده لأنه ذات الله الذي يستحق أن يعبد.

ولكننا أيضا نلاحظ أن المضادين للاهوت المسيح والمتهكمين عليه بالكلمات الصعبة, الذين دينونتهم لا تتواني وهلاكهم لا ينعس (2 بطرس3:2) لا يكف ون عن الكلام بل بسوء فهم لبعض الكلمات الحلوة التي نطق بها الرب يسوع يضللون الكثيرين فإن اقتنعوا بالسابق لن يكفوا عن التضليل بل يقولون:

سؤال (2) :

إن كان الرب يسوع الله الابن قال «أنا والآب واحد» (يوحنا30:10) فلماذا قال «لأن أبي أعظم مني» في (يوحنا28:14) ? وكيف تنادون بمساواة الابن بالآب وها هو الابن يقول بلسانه لأن أبي أعظم مني?

ونحن إذ نسمع هذا التساؤل لا يمكننا السكوت, لكننا نجيب على كل سائل ونحن نرجو الرجوع معا إلى قرينة الكلام, لأننا لا يمكننا أن نفهم آية من الكتاب المقدس فهما سليما بعيدا عن قرينتها. والآن ماذا قال المسيح في حديثه قبل أن يذكر هذه الكلمات السابقة?

لقد قال «لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضى إلى الآب» وعندما يقول المسيح «أمضي إلى الآب» هذا معناه. أنه لا يشير إلى لاهوته الذي يملأ السماء والأرض, والذي لم يترك حضن الآب قط (يوحنا18:1) , بل يشير إلى «ناسوته» كالإنسان. ومن هذه الناحية فإن الآب أعظم من الابن في مركزه الذي أخذه كالإنسان بعد تجسده واتخاذه صورة ومركز العبد بالنسبة لأبيه (فيليبي 6:2 - 8) . مع الملاحظة أنه في تجسده قد صار ليس أقل من الآب فقط «ولكن الذي و ضع قليلا عن الملائكة يسوع نراه مكللا بالمجد والكرامة» (عبرانيين 9:2) ويجب أن نلاحظ أن هذا لا يمس لاهوته إطلاقا ولا يمس مساواته بالآب لأنه في ذات الأصحاح يقول «الذي رآني فقد رأي الآب» (يوحنا9:14) ويؤكد وحدانيته مع الآب في قوله «إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا» (يوحنا23:14) وفي سفر الرؤيا (13:5) نرى أن كل «خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين» وهكذا نعود إلى (يوحنا30:10) لنسمع القول منه «أنا والآب واحد» مقدما نفسه عن الآب دون أن يكون في هذا اختلاسا . فهما واحد في الجوهر منذ الأزل وإلى الأبد ثم إن مجيئه إلى العالم هو ظهور في العالم بهيئة واضحة دون أن يترك السماء لأن اللاهوت لا يتحيز بمكان بل موجود في كل مكان. ثم إنه لم يأت إلى العالم بإرادة الآب بالاستقلال عن إرادته بل جاء بمحض إرادته هو أيضا .

لذلك قال في (يوحنا27:16) «من عند الآب خرجت».

وأيضا في (فيليبي 6:2, 7) «أخلى نفسه آخذا صورة عبد... وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب» وهنا نرى إرادته ظاهرة, وأيضا قد جاء بمحض إرادة الآب والروح القدس معا . لذلك قال له كل المجد على لسان إشعياء:

«والآن السيد الرب أرسلني وروحه» (إشعياء 16:48) .

مدلول الاصطلاح «ابن الله» ومعانيه

تكلمنا فيما سبق عن الله, ووحدانيته وأقانيمه.

لكن مجرد ذكر اسم «ابن الله» يجعل أفكار الناس تنصرف نحو العائلة البشرية. فيتصورون أن الابن مولود من الآب وأن الآب أكبر من الابن وهذا التفكير غير صحيح على الإطلاق, لأنه لا توجد ولادة في اللاهوت, وأيضا لا اشتقاق أي ليس الابن مشتقا من الآب.

سؤال (3) :

ما المقصود من الاسم المسيح «ابن الله»?

 

إنه يعني مدلولات روحية نذكر البعض منها, لأننا لا نستطيع أن ن لم بكل معاني هذا الاسم العجيب الفائق الإدراك لأنه «ليس أحد يعرف الابن إلا الآب» (متى 27:11) :

1 - المدلول الأول ... المحبة :

لذلك جاء في (يوحنا35:3, يوحنا20:5) «الآب يحب الابن» وفي (كولوسي 13:1) يوصف بالقول «ابن محبته» وفي (يوحنا18:1) يقول عنه «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب».

ويجب أن نلاحظ هنا أن الآب ليس له حضن بالمعنى الحرفي المادي بل المعنى الروحي العظيم وهو التآلف والحب والاتحاد وما يتبع ذلك من الإحاطة بكل الأسرار والمقاصد الباطنية.

إن الآية لا تقول «إن الابن كان في حضن الآب أو سيكون في حضنه», بل تقول «الذي هو في حضن الآب» ومعني ذلك أن حضن الآب هو مركز الابن الدائم فهو مركزه قبل ظهوره على أرضنا وأثناء وجوده عليها وبعد انتقاله منها فالأقانيم في وحدة متصلة غير منفصلة.

كما يجب أن نلاحظ أن محبة الآب للابن أزلية وهذا ما صرح به المسيح في صلاته للآب «أيها الآب... لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم» (يوحنا24:17) .

 

2 - المدلول الثاني ... المعادلة للآب :

الذي يطالع ما جاء في (يوحنا17:5, 18) عندما قال الرب يسوع لليهود الذين كانوا يطردونه ويطلبون أن يقتلوه «أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل» يدرك أنهم فهموا المعنى الخاص بالاسم «ابن الله» حتى إنه قيل عنهم: «من أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا إن الله أبوه معادلا نفسه بالله».

وفي (يوحنا7:19) قالوا لبيلاطس «لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يموت لأنه جعل نفسه ابن الله» وهذه المعادلة لم يختلسها اختلاسا لكنها حقه الخاص به, ففي (فيليبي 6:2) «الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله».

وفي (يوحنا30:10) يقول عن نفسه «أنا والآب واحد».

وهذه بعض الآيات التي تظهر المعادلة بين الآب والابن:

أ - أعمال اللاهوت :

«أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل» (يوحنا17:5) .

«لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك» (يوحنا19:5) .

ب - في قيامة الأموات :

«لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيى من يشاء» (يوحنا21:5) .

ج- الإكرام :

«لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله» (يوحنا23:5) .

د - الحياة :

«كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضا أن تكون له حياة في ذاته» (يوحنا26:5) .

ه- الإيمان به :

«الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني» (يوحنا44:12) .

و - الرؤية له :

«الذي يراني يرى الذي أرسلني» (يوحنا45:12) .

«والذي رآني فقد رأي الآب» (يوحنا9:14) .

ز - القبول له :

«الذي يقبلني يقبل الذي أرسلني» (يوحنا20:13) .

«ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني» (لوقا48:9) .

ح - المعرفة به :

«لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه» (يوحنا7:14) .

ط - الازدراء به :

«والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني» (لوقا 16:10) .

ى - المحبة له :

«والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي» (يوحنا21:14) .

ك - البغضة له :

«وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي» (يوحنا24:15) .

ل - من حيث الامتلاك :

«كل ما للآب فهو لي» (يوحنا15:16) .

م - من حيث المجد :

«والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم» (يوحنا5:17) وأيضا في (لوقا 26:9) يقول «لأن من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين».

3 - المدلول الثالث .... إعلان الله :

من الواضح في كلمة الله أن «الله لم يره أحد قط» لكن أقنوم الابن هو الذي أعلنه فيقول «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر» (يوحنا18:1) وكلمة «خبر» تعني كشف ما أغلق على البشر فهمه من جهة اللاهوت. ولذلك قيل عنه في (كولوسي 15:1) «الذي هو صورة الله غير المنظور» بصفته المعلن لله. لاحظ أن الوحي لم يقل عن هذا الأقنوم إنه خلق على صورة الله, كما قيل عن آدم الأول المخلوق من التراب (تكوين 26:1, 27) ولم يقل إنه صار على صورة الله بل يقول إنه «صورة الله»أي إنه في ذاته هو «صورة الله» أو «المعلن» لله.

ولقد ورد في الكتاب المقدس عن صورة الشيء أنه «ذات الشيء» أو نصه فقد قال الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس «تمسك بصورة الكلام الصحيح»أي بذات الكلام الصحيح (2تيموثاوس 13:1) وقال في العبرانيين «لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء»أي «لا نفس حقيقة الأشياء» أو ذاتها (عبرانيين 1:10) .

إذن فالمقصود بكلمة صورة الله هو «ذات الله» أو «الله معلنا» إذ إن الصورة هي الشيء المنظور الذي يمثل حقيقة كائنة, سواء كانت هذه الحقيقة ظاهرة لنا أم غير ظاهرة. لذلك في (عبرانيين 3:1) جاء عنه هذا القول: «بهاء مجد الله ورسم جوهره» ولذلك قال لفيلبس «الذي رآني فقد رأي الآب» (يوحنا9:14) .

إن ما فعله الشيطان لحرمان البشر من التمتع بالله هو أنه «أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله» (2كورنثوس4:4) أما بالنسبة لنا نحن المؤمنين فمكتوب «لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح» (2كورنثوس6:4) .

4 - مدلولات أخرى:

ومن دراسة كلمة الله الحية نلاحظ أن البنوة تدل على الوحدة في الصورة الإلهية (فيليبي 6:2, كولوسي 15:1, عبرانيين 3:1)

وتدل أيضا على المقام الإلهي لأننا نقرأ في (متى 37:21) أنه أرسل ابنه إلى الكرامين قائلا : «إنهم يهابون ابني» لأن الابن يحمل اسم أبيه ومقامه. ومن جهة الإكرام أيضا لاحظ (يوحنا23:5)

كما أن هذه البنوة تدل على الوحدانية في جوهر اللاهوت «أنا والآب واحد» (يوحنا30:10)

كما أنها تدل أيضا على أنها وحدة فريدة لا مثيل لها (يوحنا18:1)

كما أنها وحدانية سرية فائقة: «ليس أحد يعرف الابن إلا الآب» (متى 27:11) .

أخيرا نقول إن المسيح نفسه قد شهد عن نفسه إنه هو

ابن الله والمعلن لله (يوحنا35:9, 9:14, 18:1).

وأنه الكائن (يوحنا18:8) ,

البداية والنهاية (رؤيا 13:22) ,

والموجود في كل مكان وزمان (متى 20:18, 28, 20),

وغافر الذنوب والخطايا (لوقا 48:7) ,

وأنه الديان للأحياء والأموات (يوحنا25:5) .

وقبل العبادة والسجود من البشر (متى 33:14)

وقبل الاعتراف بأنه الرب والإله (يوحنا29:20)

وقد شهد أنه الطريق والحق والحياة (يوحنا6:14) .

ألقاب ووظائف رئيس الملائكة ميخائيل
الصفحة
  • عدد الزيارات: 27702