Skip to main content

ما هي ألقاب ووظائف رئيس الملائكة ميخائيل؟

وما هي ألقاب ووظائف الرب يسوع؟ وهل الإثنان واحد ؟

ألقاب ووظائف الرب يسوع

أسماؤه الإلهية

1 - أسماؤه في العهد القديم.

2 - أسماؤه في العهد الجديد.

3 - التأمل في بعض أسمائه.

أسماؤه في العهد القديم

من المعروف لدينا أن الله له أسماء في العهد القديم, هذه الأسماء تعبر عن العلاقات الخاصة والصفات المختلفة التي بها يعلن الله نفسه للإنسان منها:

ألوهيم :

هذا الاسم يظهر الله في كمال قدرته ولاهوته الذي لا يحد ولا يدرك «الله لم يره أحد قط» نسمع صوته ونرى أعماله في الخليقة, أما شخصه فلم يره أحد قط ولا يقدر أن يراه لأنه ساكن في نور لا يدني منه.

وهذا الاسم, كما سبق الكلام في فصول سابقة يرد في صيغة الجمع أي الله في أقانيمه (تكوين 1:1) «في البدء خلق (ألوهيم) السموات والأرض».

يهوه :

ويرد هذا الاسم في (تكوين 2) لأن الإنسان ظهر على المسرح فيبين هذا الاسم علاقته كالرب مع الإنسان.

وفي (تكوين 16:7) نرى الاسمين معا في القول «والداخلات دخلت ذكرا وأنثى من كل ذي جسد كما أمره الله (ألوهيم). وأغلق الرب (يهوه) عليه» فالله في قضائه كان مزمعا أن يهلك كل المخلوقات الحية, وهذا مرتبط بالاسم (ألوهيم). ولكن في نعمته الغنية أغلق على نوح باب الفلك قبل نزول الدينونة, وهذا مرتبط بالاسم (يهوه).

وأيضا في (1صم 46:17, 47) قال داود «حتى تعلم كل الأرض أنه يوجد إله (ألوهيم) لإسرائيل, وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب (يهوه) لأن الحرب للرب وهو يدفعهم ليدنا».

وفي (2 أخ 31:18) «فلما رأي رؤساء المركبات يهوشافاط قالوا إنه ملك إسرائيل فحاوطوه للقتال فصرخ يهوشافاط وساعده الرب (يهوه) وحولهم الله (ألوهيم) عنه».

أدوناي :

وهذا الاسم يعني «السيد». في (مزمور 2:16) «قلت للرب (يهوه) أنت سيدي (أدوناي)».

أيليون :

وهذا الاسم يعني «الإله العلي». وجاء هذا الاسم في (تكوين 22:14) «فقال أبرام لملك سدوم رفعت يدي إلى الرب الإله العلي (يهوه أيليون) مالك السموات والأرض».

شدأي :

وتعني «القدير» في (تكوين 1:17) «وظهر الرب لأبرام وقال له أنا الله القدير (شداي) سر أمامي وكن كاملا».

ولقد جاءت هذه الأسماء مجملة في (مزمور 1:91, 2) «الساكن في ستر العلي (أيليون) في ظل القدير (شداي) يبيت. وأقول للرب (يهوه) ملجأي حصن إلهي (ألوهيم) فأتكل عليه».

يهوه صباءوت:

وهى تعني «رب الجنود». في (1صم 3:1) «وكان هذا الرجل (ألقانة) يصعد من مدينته من سنة إلى سنة ليسجد ويذبح لرب الجنود (يهوه صباءوت) في شيلوه».

إن كانت هذه الأسماء السابقة هي أسماء الله, والدارس لكلمة الله يلاحظ أن المسيح له كل المجد له ذات الأسماء السابقة.

1 - أدوناي وكما قلنا تعني «السيد» أو «المالك» أو (الرب الملك).

وجاء عن الرب يسوع في العهد الجديد أنه السيد. فقد قال لتلاميذه «أنتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لأني أنا كذلك. فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم» (يوحنا13:13, 14). وفي رسالة (يهوذا 24) «السيد الوحيد».

2 - أيليون وكما قلنا إن هذا الاسم يعني الإله العلي.

ولقد جاء عن المسيح ذات الاسم في العهد الجديد. ففي بشارة لوقا يقول الملاك للعذراء مريم «وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلي يدعي» (لوقا 31:1, 32) والاسم «ابن العلي» مثل الاسم «ابن الله» في المعنى أي ذات العلي والمعلن له. وفي (رومية 9:5) «المسيح الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد. آمين». وفي (فيليبي 9:2) «وأعطاه اسما فوق كل اسم» وفي (مزمور 27:89) «أنا أيضا أجعله بكرا أعلى من ملوك الأرض».

3 - شداي والتي تعني «القدير», «والذي فيه كل كفايتنا».

ففي (إشعياء 6:9) قيل عنه «ويدعى اسمه... إلها قديرا» وفي (رؤيا 3:15) «أيها الإله القادر على كل شيء» وفي (رؤيا 6:19) «فإنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء».

4 - يهوه صباءوت والتي تعني رب الجنود.

وواضح من كلمة الله أن الرب يسوع هو رب الجنود في معركة حياتنا (راجع أفسس1:6 - 3) مع (2كورنثوس3:10 - 5).

5 - يهوه ولقد جاء في العهد الجديد عن الرب يسوع نفس ما ورد عن يهوه في العهد القديم.

أ - في (مزمور 18:68) يخاطب داود الرب الإله قائلا : «صعدت إلى العلاء سبيت سبيا ... أيها الرب الإله».

وفي العهد الجديد يقول الرسول بولس عن المسيح: «لذلك يقول إذ صعد إلى العلاء سبى سبيا وأعطى الناس عطايا... الذي نزل هو الذي صعد» (أفسس8:4) .

ب - في (مزمور 1:97, 7) «والرب قد ملك... اسجدوا لله يا جميع الآلهة».وهنا نلاحظ سجود كل الآلهة للرب (يهوه).

وفي العهد الجديد جاء عن المسيح في (عبرانيين 6:1) : «وأيضا متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله».

ج - في (أم 4:30) يقول أجور عن الله «من صعد إلى السموات ونزل» ويقول المسيح عن نفسه في العهد الجديد: «وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يوحنا13:3) .

د - في (إشعياء 1:6 - 10) يتحدث إشعياء عن السيد الملك, رب الجنود, ويقتبسه البشير يوحنا في كلامه مطبقا إياها على الرب يسوع (يو 38:12 - 41).

« ليتم قول إشعياء النبي الذي قاله يا رب من صدق خبرنا ولمن إستعلنت ذراع الرب. لهذا لم يقدروا أن يؤمنوا.لان إشعياء قال أيضا. قد أعمى عيونهم واغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فاشفيهم. قال إشعياء هذا حين رأى مجده وتكلم عنه »

ه - - في (إشعياء 22:45, 23) يتكلم الله قائلا «بذاتي أقسمت, لي تجثو كل ركبة ويحلف كل لسان».

وفي العهد الجديد جاء عن المسيح: (رومية 11:14) «لأنه مكتوب أنا حي يقول الرب إنه لي ستجثو كل ركبة وكل لسان سيحمد الله» وفي (فيليبي 10:2, 11) «لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب».

و - في (إشعياء 12:48, 13) «أنا هو (أي الكائن بذاته) أنا الأول والآخر. ويدي أسست الأرض ويميني نشرت السموات».

وفي العهد الجديد في سفر الرؤيا يقول المسيح عن نفسه3 مرات «أنا هو الأول والآخر» (17:1, 8:2, 13:22).

ز - في (إرميا 10:17) «أنا الرب (يهوه) فاحص القلب ومختبر الكلى, لأعطى كل واحد طرقه حسب ثمر أعماله».

وفي العهد الجديد في (سفر الرؤيا 22:2) قال المسيح: «ستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله».

وهناك أسماء أخرى للرب يسوع مرتبطة بخدمات خاصة قائم بها لأجلنا مثل:

1 - يهوه يرأه :

والتي تعني «الرب يدبر» أو «يجهز لنا» (تكوين 14:22) .

ولقد قيل عن المسيح في (فيليبي 19:4) «فيملأ إلهي كل احتياجاتكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع» وفي (متى 6:2) «مد بر يرعى شعبي إسرائيل».

2 - يهوه رفا (مزمور 26:15) :

وتعني «الرب شافينا». وسنذكر فيما بعد قدرة المسيح على شفاء كافة الأمراض الجسدية, والنفسية والروحية.

3 - يهوه نسى :

وهى تعني الرب «رايتي» أو «المنتصر لنا» (خر 15:17) .

ولقد قيل في (1كورنثوس57:15) «ولكن شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح».

4 - يهوه شلوم (قض 24:6)

وتعني «الرب سلامنا».

ولقد جاء عن المسيح أنه سلامنا في (أفسس14:2) .

5 - يهوه روعي (مزمور 1:23)

وهى تعني «الرب راعينا».

ولقد جاء عن الرب يسوع أنه الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف في (يوحنا11:10 - 14). وأنه راعي الخراف العظيم في (عبرانيين 20:13) . وأنه رئيس الرعاة في (1 بطرس4:5) .

6 - يهوه صدقينو (إرميا 6:23)

وهى تعني «الرب برنا».

ومكتوب عن الرب يسوع في (1كورنثوس30:1) «قد صار لنا برا وقداسة».

وفي (2كورنثوس20:5) «جعل الذي لم يعرف خطية (المسيح) خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه».

7 - يهوه شمة (حز 35:48)

وهى تعني «الرب هناك».

ولقد قال الرب يسوع عن نفسه في (متى 20:18) «وحيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم».

8 - شيلون (تكوين 10:49و يش 1:18)

وتعني «سلام أو صانع السلام» كما في (أفسس15:2) صانعا سلاما .

وقال الرب في (متى 20:28) «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر».

نعم ما أمجد هذا الشخص العجيب الذي لا مثل له بين الورى ولا نظير له في السموات ليتبارك ويتعال اسمه جدا .

2 - أسماؤه في العهد الجديد

1 - يسوع: ويعني «يهوه يخلص أو المخلص» (متى 21:1, مرقس1:1, لوقا31:1, يوحنا17:1, أعمال 5:9, رؤيا 5:1, 6).

2 - عمانوئيل: ويعني «الله معنا» (متى 1 : 23) مع (إشعياء 14:7, 8:8 - 10).

3 - ابن الله: (متى 15:2, 33:14, مرقس1:1, 11 , لوقا35:1, يوحنا34:1, أعمال 37:8). وأيضا ابن الله الحي (متى 16:16, يوحنا69:6).

والابن الحبيب (متى 17:3, 5:17, لوقا13:9, كولوسي13:1).

وابن الله العلي أو ابن العلي (كولوسي 7:5, لوقا32:1).

ابن الله الوحيد (يوحنا14:1, 18 , 16:3, 18).

ابن الآب (2 يوحنا3).

4 - الرب: (متى 3:3, 3:21, 42:22 - 45 , مرقس3:1, 3:11, لوقا4:3, 8:5)

وأيضا رب داود (مرقس37:12, لوقا42:20, 44 , أعمال 34:2)

ورب السبت (لوقا 5:6)

الرب (لوقا76:1)

وينادى بالقول يا رب في (لوقا8:5, 46:6, يوحنا68:6, 15:21, 21 , أعمال 6:1, 6:9, 10, 13)

ورب الكل (أعمال 36:10, رومية 12:10)

ورب المجد (1كورنثوس8:2, يع 1:2)

ورب السلام (2تسالونيكي 16:3) .

5 - قدوس الله (مرقس24:1, لوقا35:1, لوقا34:4)

القدوس البار (أعمال 14:3) .

6 - المسيح ابن المبارك (مرقس61:14, 62)

والمسيح الرب (لوقا11:2)

ومسيح الرب (لوقا26:2, 20:9, أعمال 27:4)

ومسيح الله (لوقا20:9)

والمسيح ابن الله (يوحنا49:1, متى 16:16).

7 - الملك (متى 5:21, 11:25 - 13 , 2:2).

8 - الكلمة (يوحنا1:1, رؤيا 11:19 - 13).

9 - الله جاء عن المسيح حوالي (11) مرة (يوحنا1:1, أعمال 19:4, 34:16, رومية 5:9, عبرانيين8 :1,1 تيموثاوس16:3, يهوذا 4).

10 - الرب يسوع المسيح (أعمال 21:1, 24 , 59:7, 60 ,1تسالونيكي 11:3, 12 , يعقوب 1:1, رؤيا 20:22, 21).

11 - البكر (عبرانيين 6:2) مع (كولوسي 15:1) .

12 - رئيس الرعاة (1 بطرس4:5) .

13 - الحياة الأبدية (1 يوحنا2:1, 20:5).

14 - الإله الحق (1 يوحنا20:5) .

15 - السيد الوحيد (يهوذا 4).

16 - الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر (رؤيا 11:1, 6:21, 13:22).

إننا أمام هذه الأسماء الإلهية التي لقب بها المسيح يسوع والتي تدل على أنه هو الله ذاته وغيرها من الأسماء الموجودة في كلمة الله والتي لم نكتبها هنا لا يسعنا إلا أن ننحني ونقدم له السجود والعبادة تبارك اسمه إلى الأبد.


3 - التأمل في بعض أسمائه الإلهية

بعد أن أوردنا البعض مما تذكره أسفار العهد الجديد من الأسماء الإلهية التي لربنا يسوع المسيح, نتخير الآن بعض هذه الأسماء لنتحدث عنها.

1 - الله

«الله» اسم علم للذات الإلهية لا يمكن أن يلقب به سواه.

ونحن نعلم أن اللاهوت واحد ولا ينقسم ولا يتجزأ على الإطلاق.

فقد قال الوحي عن الآب «إنه الله أبونا» (2تسالونيكي 16:2) وعن الروح القدس أيضا إنه «الله» (أعمال 3:5 - 5).

أما عن المسيح ابن الله فقد جاء عنه هذا الاسم «الله» في مواضع مختلفة نحو 11 مرة في العهد الجديد. فلا ريب إذا أن المسيح هو «الله» ونذكر البعض منها الآن:

في (يوحنا 1:1) «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. والكلمة صار جسدا وحل بيننا» (يوحنا14:1) .

في (متى 21:1 - 23) «ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل الذي تفسيره (الله معنا) اقرأ (إشعياء 14:7) .

في (1تيموثاوس16:3) «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد».

في (1تيموثاوس11:1) يقول الرسول بولس لتيموثاوس «حسب إنجيل مجد الله المبارك» ومعروف أن الإنجيل هو إنجيل المسيح ومجد الله هو المسيح أيضا (عبرانيين 3:1) . فالمسيح إذا هو الله.

في (عبرانيين 8:1,9) «وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور» ولقد جاء نفس القول في (مزمور 5:45, 6).

ويؤيد ذلك أيضا قول المسيح في (يوحنا30:10) «أنا والآب واحد».

ولقد ارتبط بهذا الاسم العظيم أسماء أخرى مثل:

«الله العظيم» (تيطس 13:2) .

«الله القدير» (إشعياء 6:9) .

«الله المبارك إلى الأبد» (رومية 5:9) .

2 - الإله :

هذا الاسم «الإله» لقب به الله وحده دون سواه باعتباره فوق الكل ويعبد من الكل ويكرم من الكل. وكذلك لقب به المسيح وهذا دليل على أنه هو الله بذاته.

ونذكر هنا بعض الآيات:

في رسالة (كولوسي 9:2) «فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا» فكل اللاهوت بجوهره ومجده وجلاله حل في المسيح جسديا . وعلى هذا فهو الإله.

قال عنه توما عندما رآه بعد قيامته «ربى وإلهي» (يوحنا28:20) .

وفي (يهوذا 24, 25) «يوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج الإله الحكيم الوحيد مخلصنا له المجد».

وفي (الرؤيا 6:22) «الرب إله الأنبياء القديسين» قارن هذه الآية مع الآية 16 من نفس الأصحاح.

وفي (رؤيا 7:11, 6:19) «الرب الإله القادر على كل شيء».

وفي رسالة (1يوحنا20:5) «ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية». (أو الله الحقيقي).

3 - الرب :

وهذا الاسم أكثر شيوعا بالنسبة للرب يسوع. فجاء عنه هذا الاسم حوالي (650) مرة في العهد الجديد وهذا الاسم أيضا لقب به أقنوم الآب أنه «رب السماء والأرض» (أعمال 24:17) وعن الابن أنه «رب الكل» (أعمال 36:10) وعن الروح القدس أنه هو «الرب» (2كورنثوس17:3) .

وهذا يقودنا إلى الإيمان بأن المسيح هو الله والرب والإله.

فلقد جاء عنه بخصوص هذا الاسم:

في (لوقا11:2) «ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب».

وفي (لوقا43:1) قول أليصابات للعذراء مريم «من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي». وهذا الكلام لم تقله من ذاتها لكن قالته إذ امتلأت من الروح القدس.

قول اللص التائب «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك» (لوقا42:23) .

في (أعمال 36:10) في قول بطرس للسامعين في بيت كرنيليوس «يبشر بالسلام بيسوع المسيح هذا هو رب الكل».

في سفر (الرؤيا 16:19) «له على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب».

ويرتبط بهذا الاسم الكريم أيضا أسماء أخرى مثل:

«رب المجد» (1كورنثوس8:2, يع 1:2).

«رب الأرباب» (رؤيا 14:17, 16:19).

«رب الكل» (أعمال 36:10) .

«رب السبت» (متى 8:12, مرقس28:2, لوقا5:6).

«ربي» (لوقا43:11, يوحنا28:20, في 8:3).

4 - ابن الله :

جاء عنه في الوحي حوالي 50 مرة هذا الاسم:

فلقد قال عنه الآب في (2 بطرس17:1) وشهد عنه الروح القدس في (مرقس1:1) .

وقال هو عن نفسه في (يوحنا35:9, 36:10).

وذكره عن الملاك جبرائيل في بشارته للعذراء (لوقا32:1, 35).

وقد اعترف تلاميذه وجاهروا به في (متى 16:16, يوحنا34:1, 27:11).

وأيضا الملاحظون لأحداث الصلب مثل قائد المئة في (متى 54:27) .

وكذلك الشياطين عرفته (مرقس17:5) .

ويرتبط بهذا الاسم كما سبق ذكره أسماء أخرى مثل: الابن الوحيد وقد ورد هذا الاسم 5 مرات. وهذا باعتباره الابن الأزلي موضوع محبة الآب والذي لا يشاركه في التسمية آخر (يوحنا14:1, 18 , 16:3, 18 ,1 يوحنا9:4).

البكر وقد سبق الكلام عن هذا الاسم. ولقد ذ كر أيضا 5 مرات (رومية 29:8, كولوسي15:1, 18 , عبرانيين 6:1, رؤيا 5:1).

5 - يسوع :

هذا هو الاسم الذي كان أكثر شيوعا وينادى به أيام جسده على أرضنا أكثر من الأسماء الأخرى.

والعهد الجديد يبدأ بهذا الاسم ويختم به.

ففي بشارة متى أول العهد الجديد ص 1:1يقول: «كتاب ميلاد يسوع المسيح».

وفي سفر الرؤيا آخر سفر وفي الأصحاح الأخير والعدد الأخير يقول: «نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم» (رؤيا 21:22) .

ولقد سمي بهذا الاسم من الملاك قبل أن حبل به في البطن (لوقا21:2) إذ قال «فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» (متى 21:1) .

وكلمة يسوع تتكون من مقطعين «ياه شوع» في اللغة العبرية وهي تعني «يهوه المخلص» ومعروف أن اسم «يهوه» هو اسم الله في العبرية وهي تعني أيضا «الرب يخلص» فهذا الاسم مرتبط بعمله لذلك قيل «وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» لذلك قالت العذراء مريم بعد بشارة الملاك «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي» (لوقا46:1, 47).

وقال زكريا أبو المعمدان بعد أن انفتح فمه فتكلم, بعد ولادة يوحنا ابنه إذ ملأه الروح القدس «مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه وأقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه» (لوقا68:1, 69).

وفي يوم مولده قال الملاك في بشارته للرعاة: «لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. أنه و لد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لوقا10:2, 11).

وبعد أن كملت أيام تطهير العذراء مريم حسب شريعة موسى صعدوا بالطفل يسوع إلى أورشليم ليقدموه للرب ولكي يقدموا ذبيحة (لوقا22:2 - 24).

كان رجل في أورشليم اسمه سمعان وكان هذا الرجل بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه, فعندما دخل بالصبي يسوع أبواه, أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال «الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك» قال هذا بعد أن حمل ونظر الصبي يسوع (لوقا25:2 - 32).

وقيل بالوحي في (يوحنا17:3) «لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم».

وقال هو بنفسه للتلميذين يعقوب ويوحنا عندما قالا له «يا رب أتريد أن نقول أن تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا أيضا هذا القول عن سكان إحدى قرى السامريين بعد أن أعلنوا عدم قبولهم له فالتفت يسوع وانتهرهما وقال: «لستما تعلمان من إي روح أنتما لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص» (لوقا51:9 - 56).

وقال أيضا في بيت زكا «اليوم حصل خلاص لهذا البيت... لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» (لوقا9:19, 10).

وقالها مرة أخرى في بشارة يوحنا للجمع «لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم» (يوحنا47:12) وهذا ما صر ح به أيضا بطرس الرسول أمام شيوخ إسرائيل ورؤساء الشعب «وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص» (أعمال 12:4) .

وهذا ما أجاب به الرسول بولس وسيلا للسجان في (أعمال 30:16, 31) «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك».

وحري بنا أن نعرف أنه بهذا الاسم «يسوع» بعد قيامته وصعوده كانت تجرى المعجزات فعلى سبيل المثال:

في معجزة شفاء الأعرج عند باب الهيكل: الذي يقال له الجميل قال بطرس له «ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع الناصري قم وامش» (أعمال 6:3) .

وفي الحال تم الشفاء إذ يقول الكتاب «ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه فوثب ووقف وصار يمشى ودخل معهما (أي مع بطرس ويوحنا) إلى الهيكل» (أعمال 7:3, 8).

وأيضا في شفاء إينياس المضطجع على سرير منذ ثماني سنوات: إذ كان مفلوجا قال بطرس له «يا إينياس يشفيك يسوع المسيح قم وافرش لنفسك فقام للوقت» (أعمال 34:9) .

وبولس الرسول عندما ضجر من الروح النجس روح العرافة قال: «أنا أمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها فخرج في تلك الساعة» (أعمال 18:16) .

كما أننا يجب أن نلاحظ أن الاسم «يسوع» هو الاسم المعبر عنه كالإنسان الذي جاء لأجل الناس. لذلك يقول الرسول بولس في (1تيموثاوس4:2 - 6).

«الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع» وأيضا يقول في (2 تي 9:1, 10).

«الله الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة, لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية. وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل».

كما يجب أن نلاحظ أن كرازتنا جوهرها «يسوع المخلص» ففي (أعمال 26:8 - 38) في تقديم البشارة من فيلبس المبشر للخصي الحبشي يقول الوحي إن الخصي كان يقرأ النبي إشعياء وبصفة خاصة الأصحاح 53 «ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع».

وفي بيت كرنيليوس كانت بشارة بطرس الرسول لهم عن يسوع (أعمال 37:10 - 43).

وأيضا بسبب هذا الاسم يضطهد المؤمنون ففي (أعمال 40:5 - 42) قال الكهنة ورؤساء الشعب للرسل بعد أن جلدوهم «أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم أطلقوهم. وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه. وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل في البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح».

وقاوم شاول الطرسوسى كل من آمن به من رجال ونساء, حتى أظهر له الرب ذاته وقال له «أنا يسوع الذي أنت تضطهده» (أعمال 1:9 - 6).

فقال في اختباره أمام الملك أغريباس «فأنا ارتأيت في نفسي أنه ينبغي أن أصنع أمورا كثيرة مضادة لاسم يسوع الناصري» (أعمال 9:26, 10).

وقال أيضا بعد تجديده واختباره للرب «لأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا المائت» (2كورنثوس11:4) .

وأخيرا أقول ما جاء في (عبرانيين 8:13) «يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد».

وهو الأزلي والأبدي. هو الذي أعلن ذاته لشاول المضطهد والمجدف «أنا يسوع» (أعمال 5:9) .

ولقد خلص شاول عندما التقى به الرب وصار لا مضطهدا بل رسولا وخادما ليسوع المسيح. ولذلك يقول «بولس عبد يسوع المسيح» (رومية 1:1) .

وهو بذاته الذي قال في نهاية الإنجيل في (رؤيا 16:22, 17) «أنا يسوع... ومن يعطش فليأت ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجانا».

هذا هو يسوع غير المتغير في ذاته وفي محبته وفي انتظاره على الخطاة والمم جد فينا على اسمه.

فهل ترجع إليه نادما على ما صدر منك ضده فيقبلك ويخلصك ويضمن لك سعادة الحياة هنا في الزمان وفي الأبدية أيضا ?

ولا ننس أن يسوع هذا هو الديان للجميع بصفته ابن الله (يوحنا27:5) .

لذلك فالذين ينكرون اسمه الآن ولاهوته سيأتي الوقت قريبا ويعترفون به, أرادوا أو لم يريدوا.

كما هو مكتوب «لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (فيليبي 6:2 - 11).

وهناك بعض الأسماء الوظيفية المرتبطة بهذا الاسم المجيد مثل:

رئيس جند الرب (يش 4:5) .

رئيس الإيمان (عبرانيين 2:12) .

رئيس السلام (إشعياء 6:9) .

رئيس الكهنة (عبرانيين 14:4) .

رئيس الرؤساء (دانيال 25:8) .

رئيس الحياة (أعمال 15:3) .

رئيس الخلاص (عبرانيين 10:2) .

رئيس الرعاة (1 بطرس4:5) .

رئيس ملوك الأرض (رؤيا 5:1) .

6 - المسيح:

هذا الاسم يعني الممسوح, وهو أيضا للدلالة على تكريمه لله. وفي العهد القديم كان يمسح الأنبياء , والكهنة, والملوك قبل توليهم مناصبهم. وهذه الوظائف الثلاث هي نبويا للرب يسوع. فلقد جاء عنه في (مزمور 6:2) «أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي».

وأيضا في (مزمور 7:45) «أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك».

وفي (مزمور 1:2 - 3) «لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل. قام ملوك الأرض, وتآمر الرؤساء معا على الرب وعلى مسيحه قائلين لنقطع قيودهما ولنطرح عنا ربطهما».

وفي العهد الجديد تحقيقا لهذا. ففي (لوقا10:2, 11) قال الملاك للرعاة: «لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه و لد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب».

ولنلاحظ أن كلمة «مسيا» الواردة في الإنجيل هي كلمة يونانية لها ذات المعنى لكلمة «المسيح».

وواضح أيضا أن «المسيح» هذا كان منتظر الأمة الإسرائيلية كلها بكافة فئاتها, والدليل على ذلك ما قيل عن طريق الأشخاص:

سمعان الرجل البار التقى الممتلئ من الروح القدس «كان قد أوحى إليه الروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب» (لوقا26:2) .

أندراوس بن يونا الصياد جاء عنه «هذا وجد أولا أخاه سمعان فقال له قد وجدنا مسيا. الذي تفسيره المسيح» (يوحنا41:1) .

ونثنائيل المتعبد قال «يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل» (يوحنا49:1) .

اليهود في سؤالهم ليوحنا المعمدان عن طريق الكهنة واللاويين الذين أرسلوهم إليه قائلين له من أنت?. «فاعترف ولم ينكر وأقر أني لست أنا المسيح» (يوحنا19:1, 20). فسألوه وقالوا له «فما بالك ت عم د إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي» (يوحنا25:1) .

المرأة السامرية التي كانت تعيش حياة الشر ولم يكن لديها النور الكافي عن الأمور الإلهية قالت للمسيح: «أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء» (يوحنا25:4) وقالت لأهل مدينتها «هلموا انظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح» (يوحنا29:4) .

والسامريون أيضا «قالوا للمرأة السامرية إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم» (يوحنا42:4) .

وأهل أورشليم قالوا «أليس هذا هو الذي يطلبون أن يقتلوه وها هو يتكلم جهارا ولا يقولون له شيئا ألعل الرؤساء عرفوا يقينا أن هذا هو المسيح حقا .. ولكن هذا نعلم من أين هو. وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو» (يوحنا25:7 - 27).

وجمهور اليهود في شكايتهم لبيلاطس قالوا «إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا إنه هو مسيح ملك» (لوقا2:23) .

والكتبة قال عنهم يسوع وهو يعل م في الهيكل «كيف يقول الكتبة إن المسيح ابن داود» (مرقس35:12) .

ورئيس الكهنة قال له في المحاكمة «أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله» (متى 63:26, مرقس61:14).

والملاك السماوي الذي بشر الرعاة لقبه «المسيح» (لوقا11:2) .

يسوع نفسه قال عن نفسه للتلاميذ بعد قيامته «أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده» (لوقا26:24) .

وسمعان بطرس عندما سأل الرب التلاميذ قائلا «وأنتم من تقولون إني أنا» أجاب قائلا : أنت هو المسيح ابن الله الحي» (متى 15:16, 16).

والتلاميذ الاثنا عشر قالوا له «نحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي» (يوحنا69:6) .

وكثيرون من الجمع لما سمعوا كلامه «قالوا هذا هو المسيح» (يوحنا41:7) .

ومرثا أخت مريم ولعازر قالت له «أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم» (يوحنا27:11) .

وشاول الطرسوسى بعد مقابلة الرب به قيل عنه «وأما شاول فكان يزداد قوة ويحير اليهود الساكنين في دمشق محققا أن هذا هو المسيح» (أعمال 22:9) راجع أيضا (أعمال 3:17) .

وقال البشير يوحنا في رسالته الأولى (1:5) «كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد و لد من الله».

حتى الشياطين كانت تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول «أنت المسيح ابن الله» (لوقا41:4) . فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه أنه المسيح.

مما سبق يتضح لنا أن هذا الاسم «المسيح» كان معروفا وهو الشخص المنتظر أي الملك الموعود به (راجع دانيال 25:9مع يوحنا 41:1, 25:4).

ولذلك قال الملاك عند البشارة بالحبل به للعذراء مريم «ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد. ولا يكون لملكه نهاية» (لوقا32:1, 33).

ومن دراستنا لكلمة الله يتضح لنا أن اليهود كانوا يعرفون أن (المسيح) يسمى «ابن الله» والدليل على ذلك شهادة الكثيرين مثل:

نثنائيل (يوحنا49:1) «يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل».

بطرس (متى 16:16) «أنت هو المسيح. ابن الله الحي».

مرثا (يوحنا27:11) «أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم»

رئيس الكهنة (متى 63:26) «أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله» و ينبغي لنا أيضا أن نلاحظ أن القول «يسوع المسيح» يعني يسوع المولود من العذراء هو الملك الموعود به.

وفي بشارة الملاك للعذراء شمل هذه الأسماء فقال لها.

«وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك (المسيح) على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية» (لوقا31:1 - 33).

والرسل بعد قيامة الرب وصعوده ونزول الروح القدس لما بدأوا يبشرون بيسوع كانوا يقررون أن هذا هو ذات المسيح. على سبيل المثال راجع قول بطرس الرسول في خطابه الأول لأمة اليهود في (أعمال 29:2 - 31, 36) والتي نذكر منها عبارة واحدة «أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربا ومسيحا (ملكا )».

ومن الملاحظ أيضا أن كثيرين يؤمنون بيسوع لكنهم لا يؤمنون أنه هو «المسيح», والملك المنتظر, وابن الله. فهؤلاء يكون نصيبهم الطرح في جهنم النار حيث يصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين.

أما الذين يؤمنون به فكل واحد منهم يستطيع أن يقول: «لي الحياة هي المسيح» (فيليبي 21:1) .

وفي كل رحلة حياته يستطيع أن يقول أيضا «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (فيليبي 13:4) . والنهاية حياة أبدية ومساكنه دائمة مع المسيح. «لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا» (فيليبي 23:1) .

وبعد الاختطاف سوف ن ظهر جميعا أمام كرسي المسيح «لنوال المكافأة».

7 - الكلمة :

من ضمن الأسماء التي هي لأقنوم «الابن» هذا الاسم الذي جاء عنه في كتابات يوحنا الرسول «الكلمة».

فجاء عنه في (رؤيا 13:19) «وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله».

وفي بشارة يوحنا (1:1, 14). «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله (مع الله) وكان الكلمة الله, والكلمة صار جسدا وحل بيننا».

وفي العهد القديم جاء عنه «بكلمة الرب صنعت السموات» (مزمور 6:33) وأيضا أرسل (الله) كلمته فشفاهم» (مزمور 20:107) .

ويجب أن نلاحظ ما يقصد ب«الكلمة» فاللفظ أو العبارة أو المقالة ترد بصيغة المؤنث وبالتالي فالمفروض أن تكون الأفعال والصفات والضمائر الخاصة بها مؤنثة أيضا .

لكن «الكلمة» هنا المقصود بها ليس معني من المعاني, بل كما يتضح من النصوص السابقة هو «الله ذاته» أو بالحري أقنوم من أقانيمه. ولذلك يأتي الفعل المستعمل معها مذكرا وليس مؤنثا .

والاسم «الكلمة» في اللغة اليونانية هو «لوغوس», ويراد به «المعلن لله» أو «العقل المنفذ لمشيئة الله». وهذا الاسم لم يسمى به أحد سوى المسيح.

فموسى مثلا لم يدع «كلمة الله» (بل كليم الله).

وداود دعي «نبي الله» (أعمال 30:2) .

وإبراهيم دعي «خليل الله» (يعقوب 23:2) .

كما أن الخليقة لم تسم «كلمة الله» لكن قيل في (مزمور 6:33) «بكلمة الرب صنعت» ثم إن الكلمة هي «لسان حال» صاحبها الذي يعلنه ويظهره, لذلك دعي أقنوم الابن الذي يعلن الله منذ الأزل «الكلمة».

ونحن لم نعرف من هو الله في قداسته المطلقة ومحبته اللامحدودة إلا بأقنوم «الكلمة» فهو الأقنوم المعبر عن الله من الأزل وإلى الأبد, ولا يمكننا أن نعرف الله إلا عن طريق «الكلمة».

8 - أنا هو :

وهذا الاسم يعني «الكائن بذاته». ولم يقل أبدا أنا كنت أو أنا سأكون بل «أنا هو» السرمدي غير المتغير «يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد» (عبرانيين 8:13) .

والاسم «أنا هو» هو نفس الاسم «أهيه» في العهد القديم (خر 3 :14), الذي قاله الرب لموسى عندما سأله عن اسمه «فقال الله لموسى أهيه الذي أهيه».

ولقد قال المسيح مرارا وتكرارا عن نفسه هذا القول «أنا هو».

فقال في (يوحنا24:8) لليهود «إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم».

وفي (ع 27) «متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو».

ثم قال لهم مزيلا كل غموض في (ع 58) «الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» وعندئذ تأكد اليهود بما يعنيه من القول «أنا هو», لذلك «رفعوا حجارة ليرجموه» وفي حادثة أخرى أظهر ذاته بهذا الاسم, فعندما جاءوا ليقبضوا عليه في بستان جثسيماني, سأل هؤلاء القوم قائلا من تطلبون? أجابوه يسوع الناصري. قال لهم يسوع أنا هو. فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض» (يوحنا4:18 - 6).

فلم يقدروا على الوقوف أمام قوة كلمته ومجد شخصه.

ولقد قالها الرب كثيرا في بشارة يوحنا لكننا نكتفي بذكر ثمانية منها:

1 - أنا هو خبز الحياة (يوحنا35:6, 41, 48, 51).

2 - أنا هو نور العالم (يوحنا12:8, 5:9).

3 - أنا هو الباب (يوحنا7:10, 9).

4 - أنا هو الراعي الصالح (يوحنا11:10, 14).

5 - أنا هو القيامة والحياة (يوحنا25:11) .

6 - أنا هو الطريق والحق والحياة (يوحنا6:14) .

7 - أنا (هو) الكرمة الحقيقية (يوحنا1:15, 5).

8 - أنا هو لا تخافوا (يوحنا20:6)


صفاته الإلهية

1 - الأزلية الأبدية

إن معني كلمة «أزلي» هو لا بداية أيام له? وكلمة «أبدي» تعني لا نهاية أيام له والاثنان يقال عنهما سرمدي.

وهذه الألفاظ لا يمكن أن تقال عن أي مخلوق من سائر المخلوقات لكنها تقال عن الله وحده.

فقد جاءت عن الله في (دانيال 26:6) «القيوم إلى الأبد». وعن الروح القدس في (عبرانيين 14:9) «روح أزلي» وعن الابن في (رؤيا 12:22, 13) «أنا الألف والياء والبداية والنهاية. الأول والآخر».

وحيث إن الروح أزلي وهو «روح الآب», «روح ابنه» فبالتالي الآب والابن يكونان أزليين. يظن البعض أن ولادة المسيح هي بدء وجوده كأي إنسان آخر. ومن هنا تبدأ المشكلة في أذهانهم فيفهمون أننا جعلناه إلها وهو إنسان بينما الحقيقة عكس ذلك فهو الله قبل أن يكون إنسانا , وقد تنازل ليصير إنسانا دون أن يحدث أي تغيير في لاهوته, وهذا بحسب قدرته الفائقة. ولقد أوردنا في فصول سابقة آيات كثيرة من العهد القديم والعهد الجديد تثبت أنه هو الله قبل أن يكون إنسانا .

إن العقيدة الصحيحة هي أن «المسيح ابن الله» هو أقنوم إلهي كائن منذ الأزل, ولكن في الوقت المعين اتخذ ناسوتا ظاهرا ليس له مثيل بطريقة معجزية, اتخذه ليجئ إلى عالمنا هذا ظاهرا في الجسد, لغرض عظيم وهو تمجيد الله الذي أهانه الإنسان بعصيانه والتكفير عن خطايا البشر.

ولإثبات أن المسيح ابن الله هو الله الأزلي قبل أن يكون إنسانا دعنا نفتش معا في كلمة الله لنرى هذه الحقيقة:

1 - الإعلان الصريح في مزمور 7:2

في قول الرب لمسيحه «أنت ابني» وهذا هو إعلان في الكتاب المقدس عن الابن في بنوته الأزلية واسمه الشخصي. ولم يذكر هنا متى بدأت هذه البنوة, أو كيفية حدوثها هل بالولادة أم بالخلق. لأنها أزلية بوجود الله.

ومن حيث إنه لا بداءة له ولا هو مولود ولا مخلوق فهو ابن الله الأزلي. ثم إن اسم الآب يطلق على الله قبل أن نولد نحن منه روحيا وقبل أن نوجد, لذلك يقول الرسول بطرس «المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق» (1بطرس 1:1 ,2) يقول الابن في صلاته للآب في (يوحنا5:17) «والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم».

وهذا يؤيد جليا أن بنوة الابن للآب قبل تجسده هي بنوة في اللاهوت منذ الأزل بغير ولادة. لذلك لا يقال عنه «ولد الله» ولا يقال عن الآب «والده» وفي الإرسالية لا يقال إن الله أرسل ولده بل يقول «أرسل الله ابنه» (غلاطية 4:4) . بعد أن يقول «أنت ابني» يقول «أنا اليوم ولدتك».. وهذه الولادة لم تكن في الأزل لأنه لم يكن في الأزل زمان أو أيام أو يوم, فالمقصود بها هنا ولادته في الزمان بالجسد من العذراء والتي سطر عنها كثيرا في العهد الجديد. قيل «ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب» (لوقا11:2) وهذا ما قاله الملاك للرعاة. وأيضا ما قاله الرسول بولس «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة» (غلاطية 4:4) . وأيضا القول في (لوقا35:1) في بشارة الملاك للعذراء «القدوس المولود منك يدعى ابن الله».

2 - الإعلان الصريح في ميخا 2:5:

حيث يقول «أما أنت يا بيت لحم أفراتة, وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا, فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل» هذا هو كلام الآب عن ابنه الذي هو وحيده والواحد معه ومع الروح القدس كالله الواحد منذ الأزل وإلى الأبد.

لنلاحظ كلمة «مخارجه» والمقصود بها دائرة وجوده الأصلية فهي ليست بيت لحم التي على الأرض في فلسطين والتي لها بداية. لكن مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل وهنا يجب أن نلاحظ أن الأزل ليس هو أياما . لأن الأيام مرتبطة بالزمان وهي هنا على الأرض نتيجة دوران الأرض حول الشمس, لكن يقصد بها الأزل ذاته الذي كان هو فيه مع الآب والروح القدس في شركة سرمدية عجيبة, لكنه بالولادة من العذراء مريم في بيت لحم في الزمان خرج ليرى في العالم.

3 - الإعلان الصريح من شهادة يوحنا المعمدان الذي و لد قبل ولادة الابن بالجسد من العذراء (لوقا26:1, 31, 32):

في (يوحنا26:1 - 27) يقول المعمدان للمرسلين من الفريسيين الذين سألوه عن شخصه قائلين له «من أنت» (يوحنا19:1) . «فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي?» (يوحنا25:1) أجابهم يوحنا قائلا «أنا أعمد بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامى الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه» (يوحنا26:1, 27) وأكد هذا في الغد عندما رأي يسوع مقبلا إليه فقال «هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي (أي متقدم عليه في المقام والمنزلة) لأنه كان قبلي» (يوحنا30:1) .

وهنا كان قبلي يقصد بها طبيعته الإلهية لأنه و جد بطبيعته الإنسانية على الأرض بعد المعمدان بستة شهور.

وهنا نلاحظ أن المعمدان لم يحدد بدءا لأسبقية المسيح عنه مما يدل على أنه المسيح «الأزلي» كما نلاحظ أن المعمدان لم يقل يولد بعدي لكن قال «يأتي بعدي» دلالة على وجود المسيح بلاهوته قبل تجسده.

4 - الإعلان الصريح في قول المسيح في (يوحنا56:8 - 59):

بعد النقاش الذي كان بينه وبين اليهود قالوا له «ألسنا نقول حسنا إنك سامري وبك شيطان» (يوحنا48:8) فإذ به يعلن لهم هذه الحقيقة «الحق الحق. أقول لكم إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد» مما أثار فيهم الغيظ والغضب فقالوا له «الآن علمنا أن بك شيطانا . قد مات إبراهيم والأنبياء وأنت تقول إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يذوق الموت إلى الأبد, ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات والأنبياء ماتوا. من تجعل نفسك» (يوحنا52:8, 53) فأجابهم يسوع في ختام جوابه «أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأي وفرح» ونحن نعلم أن إبراهيم كان قبل المسيح حسب الجسد بنحو ألفى سنة «فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد. أفرأيت إبراهيم? أجابهم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن فرفعوا حجارة ليرجموه» (يوحنا56:8 - 59).

هنا لم يقل قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت بل يقول «أنا كائن» دون أن يحدد بدءا لكينونته هذه السابقة لإبراهيم إذ هو الكائن بلا بدء أو الكائن الأزلي.

يمكن لأي مخلوق سابق لإبراهيم مثل ميخائيل رئيس الملائكة أن يقول: أنا كنت قبل إبراهيم أو خلقت قبله لكنه لا يستطيع أن يقول «أنا كائن»أي كائن أزلي لأن هذا من صفات الله وحده. أما الابن فهو الوحيد الذي يستطيع أن يقول «أنا كائن» وهذا التعبير هو التفسير لاسم الجلالة العبراني «أهية» الخاص به له كل المجد والذي لم يستعمل لغيره, والدال على التفرد بالذات والوحدانية. لذلك إذ فهم اليهود ما يعنيه من قوله يقول الكتاب «فرفعوا حجارة ليرجموه». نعم لقد قال الرسول بولس عنه هذا القول المبارك «المسيح. الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد» وفي الأصل الله المبارك إلى الأبد. آمين (رومية 5:9) .

5 - الإعلان الصريح عن أزلية المسيح في سفر الرؤيا:

يظهر جليا في سفر الرؤيا أنه هو الله السرمدي الذي قال عن نفسه في (رؤيا 8:1) إنه «الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء» والذي قال عن نفسه (رؤيا 13:22) «إنه الألف والياء والأول والآخر» هو الذي قال عن نفسه أيضا «إنه الأول والآخر الذي كان ميتا فعاش» (رؤيا 8:2) وقال عن نفسه أيضا «أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتا وها أنا حي إلى أبد الآبدين. آمين» (رؤيا 17:1, 18) فالذي مات وقام (الابن المتجسد) هو الألف والياء البداية والنهاية الأول والآخر الكائن والذي كان والذي يأتي والقادر على كل شيء.أي الأزلي الأبدي أي الله السرمدي.

6 - الإعلان الصريح في إنجيل يوحنا (1:1 - 2) عن أزليته:

«في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله» من الجدير أن نلاحظ في هاتين الآيتين أنه لم يقل: في البدء خلق الكلمة أو في البدء تكو ن الكلمة أو في البدء و جد الكلمة بل يقال: «في البدء كان الكلمة»أي إنه لما وجد البدء كان الكلمة كائنا فهو لم يوجد مع البدء بل يفهم من هذا أنه سابق للبدء, إن كان هناك بدء يقصد به في هذه الآية. والسابق للبدء هو الأول أي أن الكلمة أزلي وليس أزلي إلا الله.

فالكلمة أقنوم الابن هو الله الأزلي, هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يقول عنه «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» فإنه كان هو مصدر كل شيء وخالق كل الأشياء فماذا يعني هذا البدء في (يوحنا 1:1) هو بلا شك بدء لا بدء له أي الأزل. لذلك قيل عن المؤمنين إن الله اختارهم من البدء (2تسالونيكي 13:2) .

وبالتطابق مع القول «اختارنا فيه (أي في الابن) قبل تأسيس العالم» (أفسس4:1) فيكون هنا البدء قبل تأسيس العالم أو الأزل, لذلك قيل عن وجوده السابق لكل شيء. «الذي هو قبل كل شيء» (كولوسي 16:1) مع ملاحظة أن كلمة «العالم» هنا لا تتضمن الجماد والنبات والحيوان والبشر فقط بل والملائكة أيضا . وهذا واضح من قول الرسول بولس عن نفسه مع الرسل «صرنا منظرا للعالم للملائكة والناس» (1كورنثوس9:4) ولذلك يقال عنه «كون العالم به» (يوحنا10:1) وأيضا في (دانيال 9:7) «وجلس القديم الأيام» وفي (تثنية 27:33) «الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت».

فالأولى تعني الذي لا بدء له. والثانية تعني الدائم أو الأزلي.

كما يجب أن نلاحظ القول «والكلمة كان عند الله» تدل بوضوح على أن الكلمة كان ملازما لله لأنه أحد أقانيم اللاهوت أزليا . وبما أن الله لا بدء له فبالتالي يكون الكلمة لا بدء له حيث إنه ملازم لله, كما إن كلمة «عند» لا يقصد بها المكانية أو الملكية بل يقصد بها الكينونة الأزلية التي لله ولكلمته, لذلك تأتي في اللغة الإنجليزية بمعني (مع) وهي تدل على الارتباط والتوافق.

7 - الإعلان الصريح في إشعياء 16:48في قول الابن:

«منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه». التواجد معا في وقت واحد أي الله الأزلي. «منذ الأزل إلى الأبد أنت الله» (مزمور 2:90) .

8 - الإعلان الصريح في سفر الأمثال:

من (أم 20:1) يتضح لنا أن الحكمة التي تنادي الجهال محذرة إياهم من الجهل وتطالبهم بالرجوع ثم تقول «وأفيض لكم روحي أعلمكم كلماتي».

«لأني دعوت... مددت يدي» (أم 20:1 - 28) وفي (أم 12:8 - 36) «أنا الحكمة أسكن الذكاء وأجد معرفة التدابير لي المشورة والرأي... لي القدرة بي تملك الملوك... من يجدني يجد الحياة» يتضح لنا أن الحكمة مع أنها صفة من صفات الله نفسه. وبالرغم من الوضوح أن الحكمة هو الله نفسه, لكنه في ذات الوقت يتكلم عن نفسه كشخصية متميزة عن الله فيقول «الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مسحت... إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد... لما ثبت السموات كنت هناك أنا... كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذته» (أم 22:8 - 35) فالحكمة مع أنه الله لكنه متميز عن الله أو بمعني آخر هو أقنونم الابن, وهنا نلاحظ أنه مسح من الآب أزليا في عدد (23) «منذ الأزل مسحت» ومن هنا يتبين قطعا أن الماسح أزلي والممسوح أزلي, والمسحة أزلية.

وهنا نرى أزلية الأقانيم الآب, والابن والروح القدس.

فأزلية كل واحد منهم معادلة لأزلية الآخر وهي أزلية الله.

وفي (أم 4:30) «من صعد إلى السماء ونزل ومن جمع الريح في حفنتيه? من صر المياه في ثوب? من ثبت جميع أطراف الأرض? ما اسمه? وما اسم ابنه? إن عرفت?».

فالسؤال الأول:

من صعد إلى السموات ونزل?

والجواب في (مزمور 17:68, 18) «والرب فيها... صعدت إلى العلاء... أيها الرب الإله» وفي (يوحنا13:3) «ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء, ابن الإنسان الذي هو في السماء».

والسؤال الثاني:

من جمع الريح في حفنتيه? من صر المياه في ثوبه?

والجواب في (مزمور 5:13, 6,7) «لأني أنا قد عرفت أن الرب عظيم وربنا فوق جميع الآلهة كل ما شاء الرب صنع في السموات وفي الأرض وفي البحار وفي كل اللجج المصعد السحاب من أقاصي الأرض. الصانع برقا للمطر. المخرج الريح من خزائنه» وأيضا في (مزمور 5:104,6) يقول «المؤسس الأرض على قواعدها فلا تتزعزع إلى الدهر وإلى الأبد كسوتها الغمر كثوب. فوق الجبال تقف المياه. وفي (أيوب 8:26) «يصر المياه في سحبه فلا يتمزق الغيم تحتها». وأيضا في (عاموس 13:4) «فإنه هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره الذي يجعل الفجر ظلاما ويمشى على مشارف الأرض يهوه إله الجنود اسمه» لذلك في (مزمور 23:107 - 32) يقول «النازلون إلى البحر في السفن... هم رأوا أعمال الرب وعجائبه في العمق. أمر فأهاج ريحا عاصفة فرفعت أمواجه يهدئ العاصفة فتسكن وتسكت أمواجها فيفرحون لأنهم هدأوا فيهديهم إلى المرفأ الذي يريدونه فليحمدوا الرب على رحمته وعجائبه لبني آدم... وليرفعوه في مجمع الشعب وليسبحوه في مجلس المشايخ».

وفي الإنجيل عن الابن المتجسد «فقام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت. ابكم فسكت الريح وصار هدوء عظيم, فخافوا خوفا عظيما وقالوا بعضهم لبعض, من هو هذا? فإن الريح أيضا والبحر يطيعانه» (مرقس39:4 - 41). وأيضا لما جاءهم ماشيا على البحر وهم معذبون بسفينتهم من الرياح والأمواج, لما دخل السفينة ومعه بطرس (الذي مشى على الماء لكن بسبب شكوكه ابتدأ يغرق لكن الرب يسوع نجاه) سكنت الريح «وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها حينئذ الذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله». (متى 22:14 - 33 , يوحنا16:6 - 21).

ونحن أيضا مع القائل عنه «الماشي على أعالي البحار» (أيوب 8:9) «والمتسلط على كبريائه» (مزمور 9:89) .

أما السؤال من ثبت جميع أطراف الأرض فالجواب في (مزمور 5:104) . وفي (إشعياء 12:48) «أنا هو أنا الأول وأنا الآخر, ويدي أسست الأرض, ويمين نشرت السموات أنا أدعوهن فيقفن معا»?

عن الابن يقول في (عبرانيين 10:1) «وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك».

أما السؤال الأخير: ما اسمه? واسم ابنه إن عرفت ومن هذا السؤال يتضح لنا من التوراة أن الله ( الآب ) الخالق العظيم والمعتني بكل خليقته له ابن موجود معه ومساو له في كل شيء. لم يذكر له بداءة ولا ولادة ولا خلق فهو الابن الأزلي كأبيه, والأزلي في وجوده مع أبيه وفي وحدته معه وفي الأعمال الإلهية. وهذا السؤال يكشف لنا أنه كما أن البحث جار والسؤال قائم عن الله ( الآب ) أبيه لأنه سام جدا فوق العقول فكذلك هو أيضا .

9 - الإعلان الصريح في استخدام العبارات والألفاظ التي تدل على وجوده السابق لتجسده مثل:

«جاء» التي تعلن عن وجوده بعيدا عن مرأى البشر ثم جاء إلى الذين لم يروه لذلك قال عن نفسه في بيت زكا «لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» (لوقا10:19) وقال بولس الرسول «صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا» (1تيموثاوس15:1) . كما استخدم لفظ «ظهر» الذي يعبر عن وجوده المخفي عن الأنظار ولكنه أعلن نفسه بالتجسد. لذلك يقول (1تيموثاوس16:3) «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد».

وفي (2تيموثاوس 9:1, 10) «الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة. لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية. وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل».

وفي (تيطس 9:2) يقول «لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس» وأيضا استخدمت كلمة «أرسل» مثل ما جاء عنها في (غلاطية 4:4) «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس».

وفي (يوحنا2:17) «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته».

وفي (رومية 3:8) «لأنه ما كان الناموس عاجزا عنه في ما كان ضعيفا بالجسد فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية, ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد». ومثلها كثير في العهد الجديد.

كما استخدمت كلمة «أخلى» في (فيليبي 6:2) «الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد» هذا ما يدل على وجوده قبل تجسده في مجد وعظمة لاهوته لكونه هو الله.

كما إنه استخدم لفظ خرجت فقال له كل المجد لتلاميذه (يوحنا27:16, 28) «لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم أني من عند الله خرجت... خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم. وأيضا أترك العالم وأذهب إلى الآب» لاحظ أنه خرج من تلقاء ذاته وهي تعني ظهر بذاته. مما يدل على أنه ليس جزءا من الآب وأخرجه الآب من ذاته, بل إنه كان معه أزلا ومعادلا له.

10 - الإعلان الصريح عن أزليته عن طريق الرمز (عبرانيين 1:7 - 5):

«لأن ملكي صادق هذا ملك سالم كاهن الله العلي الذي استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه, المترجم أولا ملك البر ثم أيضا ملك ساليم أي ملك السلام بلا أب. بلا أم. بلا نسب. لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة. بل هو م شبه بابن الله. هذا يبقى كاهنا إلى الأبد».

والآن بعد أن تأملنا في أزلية المسيح «ابن الله» التي منها أثبتنا أن المسيح هو الله وجدت من اللازم أن نجيب على بعض التساؤلات الخاصة ببعض آيات عسرة الفهم يحر فها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضا لهلاك أنفسهم (2 بطرس16:3) . ويستند عليها المضادون الذين يعرضون أنفسهم للهلاك بأفكارهم, وأيضا يبلبلون أفكار البسطاء عن معرفة الحق.

السؤال الأول:

إن كان المسيح «أقنوم» الابن هو الله الأزلي الأبدي فلماذا قيل عنه في (كولوسي 15:1 - 17) «الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة» ألا يدل هذا على أنه أول خليقة الله أو مولود منه. وعلى هذا لا يكون هو الله?

قبل أن أجيب على هذا السؤال يلزم أن نتكلم عن كيفية تفسير آية عسرة الفهم, كمقدمة عامة للفائدة لنفهم الآيات فهما يتفق مع كل الكتاب المقدس وهكذا نكون كما قال الرسول بولس لتيموثاوس. «مفصلا كلمة الحق بالاستقامة» (2تيموثاوس 15:2) . فأول كل شيء ينبغي أن نفسر الكتاب المقدس كما قال بولس الرسول «قارنين الروحيات بالروحيات» (1كورنثوس12:2, 13).

ثانيا : أن يكون التفسير موافقا لكلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة كما قال بولس الرسول لتيموثاوس «إن كان أحد يعلم تعليما آخر ولا يوافق كلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة والتعليم الذي هو حسب التقوى, فقد تصلف وهو لا يفهم شيئا . بل هو متعلل بمباحثات ومماحكات الكلام التي منها يحصل الحسد والخصام والافتراء والظنون الردية ومنازعات أناس فاسدي الذهن وعادمي الحق يظنون أن التقوى تجارة تجنب مثل هؤلاء» (1تيموثاوس3:6 - 5).

ثالثا : أن نربط الآية المراد تفسيرها بالآيات السابقة واللاحقة لها و (بقرائنها).

رابعا : العودة إلى أصول الكلمات في اللغات الأصلية.

والآن: دعنا نوضح معني العبارة «بكر كل خليقة» التي يستخدمها بعض المزورين لكلمة الله والقائمين بالتضليل بخصوص لاهوت ربنا يسوع المسيح وأزليته. يقولون في سؤالهم:

إن هذه العبارة تدل على أن المسيح «ابن الله» أول خليقة الله أو أول مولود منه وعلى هذا لا يكون هو الله يهوه. وهذا الفهم الخاطئ يتعارض مع سياق الحديث في هذا الأصحاح الذي ترد فيه هذه العبارة.

فالقرينة تؤكد أن المسيح هو «الخالق» في عدد 16 «فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم سلاطين أم رياسات. الكل به وله قد خلق» فكيف يكون المسيح الخالق هو أول مخلوقات الله في ذات الوقت?

مع ملاحظة أن الخليقة لم تخلق بالمسيح فقط بل خلقت أيضا فيه,أي إنه له كل المجد لم يكن خالقها فقط, بل كانت في تفكيره وعقله قبل خلقها وتصميمها وهي تدل أيضا على أن الخليقة خلقت بمقتضى سلطانه الشخصي, وحقه الذاتي غير المكتسب, الأمر الذي يدل على أنه في ذاته هو المبدع الأصلي للعالم وليس مخلوقا خلقه الله.

ثم يجب أن نلاحظ بعد عبارة «بكر كل خليقة» تأتي كلمة «فإن فيه خلق» وحرف الفاء هنا في كلمة «فإن» إنما جاءت للسببية أي تعني «لأنه», ولذلك فالمسيح لم يدع بكر كل خليقة لأنه هو أول شخص خلقه الله كما يقول هؤلاء القوم!. بل دعي بهذا الاسم لأن كل الخليقة خلقت فيه وبه وله (كولوسي 16:1) .

وإذا كان الأمر كذلك فلا يمكننا أن نستخدم الكلمة حرفيا , بل ينبغي أن نفحص الأمر بأكثر تدقيق لنعرف ما تعنيه هذه العبارة في كلمة الله.

ماذا تعني كلمة بكر?

1 - نجد أن كلمة البكر في الكتاب المقدس لا تعني دائما الأول في الوجود فقد قال الله عن الشعب القديم على فم موسى لفرعون «هكذا يقول الرب. إسرائيل ابني البكر» (خر 22:4) ومن هنا نسأل: ترى هل هذا الشعب هو أول الشعوب في خلقه?!! كلا بل تعني «الشعب المحبوب» لذلك قال لهم في (ملا 2:1) «أحببتكم قال الرب». فالبكر هنا تعني المحبوب والمسيح هو المحبوب من الآب كما قال هو بنفسه للآب «لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم» (يوحنا24:17) .

ولذلك قيل عنه في النص كالبكر «ابن محبة الآب» (كولوسي 13:1) . كما أنها تعني أنه الشعب الذي تبناه, فقد قيل عنهم «ولهم التبني» (رومية 4:9) . وأيضا قيل عنهم في (تثنية 28: 13) «فيجعلك الله رأسا لا ذنبا» وعليه تكون كلمة البكر تعني أيضا الأسبقية في المقام.

وهذا ما كان لهذا الشعب من حيث مركزه بين الشعوب.

2 - البكر يعني القدرة والقوة كما قال يعقوب أبو الأسباط لابنه رأوبين «رأوبين أنت بكر قوتي وأول قدرتي» (تكوين 4:49) .

وواضح أن المسيح هو قوة الله كما قال بولس الرسول «فبالمسيح قوة الله» (1كورنثوس24:1) .

3 - البكر هو أعلى شخص كما قيل عن داود في (مزمور 27:89) «أجعله بكرا أعلى من ملوك الأرض». فهل داود بكر بمعني أول ملك يملك على الأرض? أو أنه أول مولود من يسى أبيه? مع أن ترتيبه الثامن بين إخوته وأحدثهم سنا .

لكن الواضح أنها تعني ما أخذه من الله في مركزه الملكي من أولوية. الأمر الذي تدل عليه كلمة «أعلى» في نفس العبارة, ومن المعروف والواضح أن المسيح كإنسان هو أعلى شخص في الوجود «لذلك رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم» (فيليبي 9:2) .

4 - البكر: هو الشخص الذي له نصيب اثنين في الميراث (تثنية 15:21)أي إن الابن البكر له امتيازات وحقوق خاصة. فهو الوكيل المفوض من أبيه في التسلط على كل العائلة, وواضح في (عبرانيين 1:1 - 4) أن المسيح هو «الوارث لكل شيء» وأيضا «صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم».

ثم يجب أن نلاحظ أن كلمة «بكر» جاءت في مواضع مختلفة للدلالة على معان أخرى, مثل: ما قاله الكتاب عن الشرير في (أيوب 13:18) «يأكل أعضاءه بكر الموت» فهل للموت مولود أول? أم إن المعنى مجازي ومقصود به ما للموت من قوة تفوق على البشر?

وأيضا في (عبرانيين 23:12) يقول الكتاب المقدس عن مؤمني العهد الجديد إنهم «كنيسة أبكار» فهل كل منا أول مولود أو أول مخلوق مع ملاحظة أن أول مولود فرد وليس أفرادا ? هل نحن مؤمني العهد الجديد أول من آمن ولا يوجد قبلنا مؤمنون, مع ملاحظة أن مؤمني العهد القديم سابقون لنا إذا هذه العبارة مجازية وتعني أن الله جعل لنا الأولوية في المركز على غيرنا كما قيل: «ويكون الآخرون أولين والأولون آخرين» (متى 16:20) .

يقولون بكل أسف إن المعنى المجازي الذي تتكلمون به عن كلمة «بكر» بالنسبة للمسيح ليس صحيحا ولا يصح معه إلا المعنى الحرفي. إذ إن كلمة بكر تعني حرفيا (أول مولود) طبقا للأصل اليوناني (طبعاً وهذا قول خاطئ قواعدياً كما سنرى بعد قليل). ؟؟؟ لذلك فإنه وحده مخلوق لأنه أول مولود.

ألا تتفق معي في أنه إذا كان المسيح بكر كل خليقة بمعني أنه المخلوق قبل غيره بولادته قبل غيره أيضا , هكذا يتحتم معه أن كل خليقة مولودة بعده. وهذا لم يحدث بالمرة, لأن كل خليقة هي مخلوقة غير مولودة سواء كانت هذه الخليقة هي جماد أو نبات أو حيوان أو إنسان أو ملاك.

لذلك قيل عن الله أنه «أبو الأرواح» (عبرانيين 9:12) ولم يدع والد الأرواح وعليه مادام كل خليقة " غير مولودين من الله بل مخلوقين منه " فالابن لم يكن «بكر كل خليقة» بمعني أول مواليد أبيه, لأنه ليس لأبيه في كل الخليقة مواليد حتى ولا الملائكة.

خلاصة القول

ليس لكلمة «بكر»أي معني حرفي يدل على ولادة أو خلق للابن إنما تعني:

أ - محبوب الله (كولوسي 12:1) .

ب - قوة الله (1كورنثوس24:1) .

ج - - الوارث لكل شيء (عبرانيين 1:1) و «الكل له» (كولوسي 16:1) .

د - الأولوية والأفضلية والرياسة. فهو رئيس وسيد الخليقة, وهو الذي أبدعها وأنشأها. لذلك يرد عنه هذا القول «وفيه يقوم الكل» (كولوسي 17:1) . وبمعني أنه العلة في بقاء كل شيء, كما كان السبب في وجود كل شيء.

ه- «الذي هو قبل كل شيء» (كولوسي 17:1) بغير تحديد بدء, مما يدل على أنه البكر بمعني السابق الأزلي لكل الخليقة, بما ينفى عنه الخلق والولادة.

و - من الفاء في كلمة «فإنه»كما سبق الكلام تعني أن كل الخليقة خلقت فيه وبه وله (كولوسي 15:1 - 16) وبالتالي لا يمكن أن يكون مخلوقا أو مولودا على الإطلاق.

ومن هنا يتضح...

1 - العبارة «بكر كل خليقة» عبارة مجازية تعني أمورا ذكرناها ولا تعني حرفية المعنى ولا يفوتنا بهذه المناسبة أن نختم بالقول إن الابن كما أنه «بكر كل خليقة» (كولوسي 15:1) كذلك هو بكر من الأموات (كولوسي 18:1, رؤيا 5:1)أي إنه في دائرة الخليقة الجديدة هو أيضا الأعلى مرتبة ومقاما . ولو أنه طبعا الأول زمنا كما يفهم من العبارة «باكورة الراقدين» في قول الرسول بولس «لكن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين» (1كورنثوس20:15) .

نعم هو الأرقى والأسمى بين كل المقامين من الأموات. إنه بكر من الأموات ولذلك ترد بعدها عبارة «لكي يكون متقدما في كل شيء».

ونفس المعنى السابق ينطبق أيضا على الآية التي وردت في (رومية 29:8) وفي (عبرانيين 6:1) ففي الأولى يقول «ليكون هو (المسيح) بكرا بين إخوة كثيرين». إنهم كل الذين و لدوا ولادة ثانية بالإيمان به (يوحنا11:1, 12) ونالوا الحياة الجديدة فيه وكلمة البكر هنا تعني أنه أصبح له حق الأولوية والسيادة عليهم. وأما العبارة الثانية «متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله» (عبرانيين 6:1) فهي تشير إلى سموه وأفضليته عن كل الخليقة مما يستوجب سجود كل الملائكة له عند ظهوره القريب وملكوته.

2 - إن هؤلاء القوم الذين يدعون أنهم «شهود يهوه» لم يكتفوا بالهجوم على لاهوت ربنا يسوع المسيح من خلال العبارة «بكر كل خليقة» قائلين: إنها تعني حرفيتها «المولود الأول أو المخلوق الأول, لكنهم استخدموا عبارة أخرى جاءت في (يوحنا14:1, 16:3, 18 , يوحنا9:4) وهي كلمة الوحيد والتي تعني حرفيا «المولود الوحيد» قائلين: إنه (أي المسيح ابن الله) هو المخلوق الأول والمخلوق الوحيد, وبالتالي له بداية ولا يمكن أن يكون هو الله, وحيث إنه تبرهن في الكلام السابق أن الابن ليس بكرا بمعني المولود الأول حرفيا , بل تعني السمو رتبة والأفضلية مقاما وما له من حقوق على القياس الإلهي غير المحدود نظرا لأنه الخالق, نتج عن ذلك أيضا بالضرورة أن عبارة المولود الوحيد لا يمكن أن تؤخذ حرفيا , بل مجازيا فقط كاستعارة مستمدة من أسلوبنا البشري لإيضاح المعنى المقصود حسب فكر الله ليصل إلى قلوبنا وهي تعني ما للمولود الوحيد من نسبة شخصية مع أبيه, من محبة فريدة ومن وحدة في الطبيعة والصورة والبهاء والجوهر.

3 - كما يجب أن نلاحظ في (يوحنا14:1) أن الروح القدس يؤيد قصده في استعماله هذه الكلمة للابن على سبيل التشبيه في قوله «والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب» وأيضا في (يوحنا18:1) أضاف إليها كلمة أخرى تبرز التشبيه أيضا إذ قال الله لم يره أحد قط, الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب. فهل الآب له حضن يحتضن فيه الابن بالمعنى الحرفي? أبدا , إذا فليس الابن مولودا وحيدا للآب بالمعنى الحرفي, بل هي تعبيرات مجازية تقرب المفهوم إلينا, ويؤيد ذلك ما جاء عن إسحق في (تكوين 2:22) حيث يقول الرب لإبراهيم «خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق» وفي (عبرانيين 17:11) قول الرسول بولس عنه «قد م الذي قبل المواعيد وحيده» مع العلم بأن إسحق لم يكن الابن الوحيد المولود لإبراهيم. بل يوجد (إسماعيل من هاجر) وآخرون من قطورة زوجته الأخرى (تكوين 25: 1 - 2). ومن هنا يفهم أن كلمة «الوحيد» لإسحق (مع أنه ليس المولود الوحيد) تدل على انفراد إسحق بمركز البنوة في أسمى معانيها. إن كان هكذا أفلا يجوز أن نستعمل عبارة الابن مجازيا للابن الوحيد الحبيب للدلالة على تفرده دون غيره بمركز البنوة الحقيقية في أسمى معانيها الإلهية, وبما له من محبة خاصة في قلب الآب.

نعود لنتذكر أخيرا ما قيل عن الابن في تأملاتنا السابقة (هو الابن في الأزل بغير ولادة).

- لا من أم طبيعية كولادته بالجسد في الزمان بقوة الله من العذراء.

- لا من أم روحية كولادتنا نحن من الله (يوحنا12:1, 13) بكلمة الله (1بطرس 23:1) .

وليس

- الآب هو أبا الابن لأنه ولده ولا الابن هو ابن الآب لأنه و لد منه بل إن هذه العلاقة هي علاقة إلهية أزلية.

لذلك: لم يقل له الآب ولدى بل «أنت ابني» (مزمور 7:2) .

ولم يقل الرسول عنه أرسل الله ولده بل «أرسل الله ابنه» (غلاطية 4:4) وفي (متى 17:3) لم يقل الآب عن ابنه هذا هو ولدى بل «هذا هو ابني» وحتى بعد ولادته بالجسد من العذراء بقوة الروح القدس سمي أيضا «ابن الله» (لوقا35:1) .

ولم يدع أبدا ولد الله, لأن بنوته أزلية وبغير ولادة أما قول إشعياء (إشعياء 6:9) «يولد لنا ولد» فهذا من ناحية بنوته للعذراء نفسها كمولود منها بالجسد.

السؤال الثاني:

«إن كان المسيح ابن الله, هو الله الأزلي الأبدي فلماذا قيل عنه في سفر الرؤيا (رؤيا 14:3) «بداءة خليقة الله» أليس هذا يدل على أنه هو أول خليقة حية خلقها الله وبالتالي لا يكون هو الله?

وللرد على هذا الاعتراض نقول:

هذه الآية لا تقول إن المسيح هو أول مخلوق خلقه الله, بل «إنه بداءة خليقته» وبداءة الخليقة تعني أصلها أو مصدرها وهذا المعنى مستمد من معني الكلمة في الأصل اليوناني فهذه الآية تدل على أن «المسيح هو أصل الخليقة ورأسها ومصدرها» سواء للخليقة الأولى أو الخليقة الجديدة, ولقد دعي المسيح في (كولوسي 18:1) البداءة -أي الأصل أو أصل كل شيء كان في البدء وأبدأ كل شيء لذلك جاء عنه في (يوحنا3:1) «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» وفي (كولوسي 16:1) «فإنه فيه خ لق الكل, الكل به وله قد خلق» وفي الأصحاح الذي قال فيه عن نفسه إنه «بداءة خليقة الله» (رؤيا 14:3) أعلن فيه أنه الله ذاته إذ أعلن:

1 - عدم محدودية علمه (رؤيا 15:3) .

2 - أنه الله الديان (رؤيا 16:3) .

3 - أنه الله الغني (رؤيا 18:3) .

4 - أنه الرب المحب لشعبه وله أن يوبخهم ويؤدبهم (رؤيا 19:3, عبرانيين 5:12).

5 - أنه المكافئ لشعبه (رؤيا 21:3) .

6 - أنه الله الذي يجب أن يسمع ويخضع له الكل (رؤيا 22:3) .

7 - أنه عريس شعبه الذي يطلب بعواطف القلب التعبدية له ويعد بالأفراح الناتجة عن ذلك (رؤيا 20:3, نش 2:5, 5).

8 - يعلن عن وحدته مع الروح القدس كالله الواحد في قوله: من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس (رؤيا 22:3) .

السؤال الثالث:

إن كان المسيح ابن الله هو الله الأزلي, فلماذا قال عن نفسه بصفته الحكمة: «الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم» (أم 22:8) أليس المقصود بكلمة قناني هو «صنعني» وبالتالي يكون الابن مخلوقا وله بداية?

الرد: ؟؟؟ (يجب زيادت الجدول)

قبل أن نوضح التفسير الصحيح لهذا النص الكتابي نضع بين يدي القارئ مقارنة بين الحكمة في سفر الأمثال والابن في العهد الجديد.

بالمقارنة بين الحكمة في سفر الأمثال وابن الله في العهد الجديد يتضح لنا أن «الحكمة ليست معني من المعاني أو صفة من الصفات, لكنها هي ذات الله أو «الله الابن» ومما يثبت أن «الحكمة» المذكورة في سفر الأمثال هي «المسيح ذاته» القول: «منذ الأزل مسحت», ومن المعلوم أن الملك إذا مسح صار مسيحا من تاريخ المسحة, ومسحة ربنا يسوع المسيح منذ الأزل بلا تاريخ, لأنها قبل التاريخ قبل كون العالم. ولذلك في (مزمور 2:90) يقول: «من قبل أن تولد الجبال أو أبدأت الأرض والمسكونة منذ الأزل إلى الأبد أنت الله». فمسحة الحكمة الذي هو المسيح أزلية بلا بداية.

وهذا مؤيد للقول «لما ثبت السموات كنت هناك أنا, لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمه, لما رسم أسس الأرض كنت عنده صانعا . وكنت كل يوم لذته فرحة قدامه» (أم 27:8 - 30).

وهذا ما يجعلنا نقول إنه لا يمكن أن يقول أحد إنه يوجد مخلوق يعمل مع الله في الخلق ويكون مع الله صانعا لأن المخلوق لا يكون قبل الخلق ولا يعمل في الخلق إلا من كان سابقا في بدئه عن الخلق وليس قبل الخلق إلا الخالق. ولا خالق إلا الله الأزلي الموجود منذ الأزل وإلى الأبد.

وعلى هذا القياس فالحكمة الذي هو «ابن الله» هو الكائن الأزلي العامل مع الآب في الخلق والذي كان لذته وفرحه قدامه قبل الخلق.

إن المتكلم الذي يقول «الرب قناني» أو «اقتناني» أول طريقه بدأ حديثه بالكلمات «أنا الحكمة, لي المشورة والرأي, بي تملك الملوك أنا أحب الذين يحبونني عندي الغني والكرامة».

أليست هذه الكلمات خارجة من فم الحكمة الذي هو الله الابن?

وهل في استطاعة مخلوق حتى ولو كان أول الخلائق وأسماها وأعظمها أن يقول العبارات السابقة?

كلا, لكن الله وحده هو الذي في سلطانه هذا, فهو الذي له المشورة والرأي وبه تملك الملوك وهو الذي يحب الذين يحبونه.

وفي الأصحاح الأول «الحكمة تنادى في الخارج ارجعوا عند توبيخي هأنذا أفيض لكم روحي, أعلمكم كلماتي» (أم 20:1 - 26).

فمن ذا الذي له المشورة والرأي? إلا الذي تنبأ عنه إشعياء قائلا : «لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه. ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام» (إشعياء 6:9) .

ومن هو ذاك الذي يفيض بروحه على الراجعين إليه إلا ذاك الذي قال عنه بطرس «يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل بشر» (أعمال 17:2) .

ثم من جانب ثالث نقول: إن الحكمة تلازم الله ملازمة أزلية, فأزلية الله وأزلية الحكمة لا يفترقان.. ثم نسأل سؤالا لهؤلاء القوم الذين يقولون: (إن الحكمة خلق وله بداية) هل الله كان بلا حكمة قبل أن يخلق الحكمة لنفسه? إن الحكمة تقول في (أم 22:8) «الرب قناني أول طريقه» إن كلمة «قناني» تعني اقتناني لنفسه, وليس صنعني أو أنشأني.

وهنا نرى واضحا شخصين أزليين هما القاني والمقني أو المقتني وهنا نرى وجود الابن مع الآب قبل الخلق أو في الأزل ونلاحظ في العبارة «الرب قناني» إعلانا عن وحدة الابن مع الله لأن الحكمة هي ملك الله الخاص أزليا لا من وقت معين, والملازمة له أزليا .

ولذلك يقول الرسول بولس في (رومية 27:16) «حسب أمر الإله الأزلي لإطاعة الإيمان لله الحكيم وحده بيسوع المسيح له المجد إلى الأبد آمين».

فشخص الابن هو الملازم الذاتي لله الذي لا يفارقه, لذلك قيل عنه «ابنه الذي هو بهاء مجده» (عبرانيين 2:1,3) وأيضا في (زكريا 7:13) يقول الله عنه بخصوص بذله على الصليب بعد تجسده: «استيقظ يا سيف على راعى وعلى رجل رفقتي يقول رب الجنود».

وقول الحكمة الذي هو الابن «الرب قناني أول طريقه» يدل على ما لحكمة الله من أهمية, بحيث إن الله لا يبدأ طريقه أو يعمل أي عمل من أعماله إلا بها. ولذلك يقول في (أم 7:4) «الحكمة هي الرأس»أي رأس أو أول أو بداءة كل طريق لله. ولنلاحظ ما جاء في (مزمور 24:104) يثبت ذلك أكثر فيقول «ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت» وأيضا في (أم 19:3) يقول الحكيم «الرب بالحكمة أسس الأرض, أثبت السموات بالفهم» وهذا عين ما جاء في العهد الجديد في (يوحنا3:1) «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» وفي (عبرانيين 1:1,2) «الله كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي به أيضا عمل العالمين» لذلك قيل عنه ما قيل عن الحكمة أنه الأول (رؤيا 8:2) , البداءة أو الأصل لكل شيء (كولوسي 18:1) , المتقدم في كل شيء (كولوسي 18:1) وبداءة (أصل ومصدر) خليقة الله (رؤيا 14:3) هذا كله معناه أن: الحكمة الأزلية في (أم8) هو الابن الأزلي منشئ ومصدر الخليقة فهو سابق لها لأنه أصل أصولها, لذلك قيل عنه في (كولوسي 13:1 - 17) «ابن محبته الكل به وله قد خ لق الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل» أبعد هذا نقول: إن الحكمة هو ملاك أو رئيس ملائكة قد خلقه الله أول خليقته?

وهل يستطيع الملاك أو رئيس الملائكة أن يقول «أنا الحكمة أسكن الذكاء وأجد معرفة التدابير» (أم 12:8) .

وهل يستطيع ملاك إن كان هو حكمة الله أن يقول ما قاله الابن في (لوقا49:11) «قالت حكمة الله, إني أرسل إليهم أنبياء ورسلا». في حين أن المسيح نفسه يقول عن ذلك في (متى 34:23) «ها أنا أرسل إليكم».

وهل ممكن للملاك أن يقول «منذ الأزل مسحت» (أم 23:8) وكلمة مسحت تعني «تعينت من الله».

أنني لست أدري ماذا يستفيد هؤلاء القوم من تضليلهم للناس? هل يأخذون أموالا ؟. أم مراكز للشهرة? ألا يعلمون أن «العالم يمضى وشهوته» (1يوحنا17:2) .

ألم تصل إليهم كلمات الحكمة «لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه?» أينفعهم المال أو المراكز أو الشهرة بعد وصولهم للنار الأبدية لأنهم أنكروا لاهوت ربنا يسوع المسيح بل جدفوا عليه أيضا . ونسوا القول المكتوب في (يوحنا36:3) «والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله» وأيضا «كل من ينكر الابن ليس له الآب أيضا ومن يعترف بالابن فله الآب أيضا» (1يوحنا22:2) .

ألم يدركوا ما قيل عن إبليس في (يوحنا44:8) «ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأن ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب».

ولذلك يقول الرسول يوحنا في (1 يوحنا22:2) «من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الآب والابن». إن كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعا (2يوحنا9).

أخيرا

إن الآية التي تقول إن «الرب قناني أول طريقه, من قبل أعماله, منذ القدم, منذ الأزل» لا تدل على أن أقنوم الابن قد ولد في الأزل ولا في الزمان, بل تدل على أنه كان موجودا منذ الأزل. لأن قوله «قناني» أو اقتناني منذ الأزل يدل على وجوده حينذاك. إذ إن الشيء لا يقتني إلا إذا كان موجودا أولا . ليفتح الرب القلب أولا ثم الذهن لمعرفة الحق. آمين.

السؤال الرابع:

إن كان المسيح هو «الله الابن» الأزلي, وإن كان هو الحكمة. فكيف يقول في (أم 24:8 - 26) «إذ لم يكن غمر أبدئت. إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبل أن تقررت الجبال قبل التلال أبدئت. إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة» ألا يثبت هذا كما نقوله إن المسيح ابن الله هو رئيس الملائكة ميخائيل المفوض من الله بعد خلقه بكل شيء?

وللرد نقول:

في إجابتنا على السؤال السابق برهنا أن الحكمة هو الله ذاته «أقنوم الابن». ولكونه يقول: «أنا الحكمة» ثم يقول «مسحت» أو «عينت من الله» فهذا أكبر دليل على أن المتكلم أحد أقانيم الله وهو الابن.

وبخصوص كلمة (أبدئت) التي تكررت مرتين فهي لا تعني على الإطلاق أن الابن قد خلق في الأزل بل بالعكس تدل على وجوده منذ الأزل, لأن الذي «يمسح» أو «يعين» لابد أن يكون موجودا قبل أن يمسح أو يعين.

كما أن كلمة «أبدئت» لا تعني خلقت على الإطلاق أو كونت أو أنشئت ففي الإنجليزية Was Broughtforth وهي تعني «أظهرت» (تجليت في أعمال الخلق) أو أعلنت أو استحضرت للعمل.

من جانب آخر الذي قال «أنا الحكمة» يصف نفسه بصفات الله غير المحدودة ولا يذكر عن نفسه شيئا يدل على أنه مخلوق لأن المتكلم هنا حكمة الله أو الله متخذا لنفسه اسم «الحكمة» فهل من الممكن أن الحكمة تقول عن نفسها أو يقول «الله الحكمة» عن نفسه: إني ولدت أو أبدئت? هل لحكمة الله أو لله الحكمة بداية, حاشا. إذا فالكلمة هنا تعني «أبديت (من كلمة يبدو) أو أظهرت» لأن الله بطبيعة الحال موجود منذ الأزل ولما بدأ يخلق الخلائق ظهر بحكمته أو بدت حكمته في العمل أو بمعني آخر إن وجود الله السابق لأعماله أمر طبيعي بالنسبة لله.

إذا حكمة الله أزلية وأعمال الله أظهرتها من أولها, ليس ذلك فقط بل من النص نعرف أن الحكمة نفسها لأزليتها بدت في الميدان للبدء في العمل قبل أن تظهرها أعمالها التي عملتها.

وهذا يدل على أن الحكمة ليست صفة أظهرتها الأعمال بل شخصا له وجوده الذاتي. وبما أن الملائكة من ضمن الأعمال التي عملتها حكمة الله أو المصنوعات والخلائق التي صنعتها وخلقتها ينتج أن الشخص الذي «أظهر» أو «أبدي» لم يكن ملاكا بل هو الله الابن الأزلي الخالق لأنه يقول «كنت عنده صانعا» (أم 30:8) ويقول: الرب عن نفسه في (أم 17:15) «الصانع هذا كله» وفي (إشعياء 24:44) يقول «صانع كل شيء».

إذا الحكمة الصانعة لا يمكن أن تكون إلا الله الصانع.

الملخص:

أولا - «بكر كل خليقة» (كولوسي 16:1) تعني:

ما لابن الله من أولوية وأفضلية وسيادة وكذلك تعني المحبوب من الآب وهو سيد ورئيس الخليقة كلها لأنه مبدعها ومنشئها فهو الأزلي والسابق لكل الخليقة والخالق لها وبالتالي لا يمكن أن يكون مخلوقا , أو مولودا على الإطلاق.

ثانيا - الوحيد أو «المولود» الوحيد» (يوحنا14:1, 18) تعني:

ما للمولود الوحيد من نسبة شخصية مع أبيه من محبة فريدة ومن وحدة معه في الطبيعة والبهاء والجوهر.

ثالثا - بداءة خليقة الله (رؤيا 14:3) تعني:

أنه أصل الخليقة ومصدرها ومنشئها.

رابعا - «الرب قناني أول طريقه» (أم 22:8) تعني:

أن الابن كان موجودا منذ الأزل لأن قوله «قناني» أو «اقتناني» منذ الأزل يدل على وجوده حينذاك, لأن الشيء لا يقتني إلا إذا كان موجودا أولا . والعبارة اقتناني أول طريقه, فذلك لأن أقنوم الابن هو الذي يظهر الله ويعلن مقاصده ويتممها.

وهنا لا يقصد بالاقتناء المعنى الحرفي الذي هو الحيازة والتملك بل يقصد المعنى الروحي الذي يتوافق مع وحدانية الله وثباته.

خامسا - «منذ الأزل مسحت.. إذ لم يكن غمر أبدئت» (أم 24:8 - 26) تعني:

ظهور الابن أو تجليه في ميدان العمل للبدء في العمل.

2 - عدم المحدودية

إن كل كائن حي مخلوق سواء يرى أو لا يرى هو محدود بالمكان الموجود فيه وبالزمان أيضا ,أي بداية ونهاية.

أما الله الخالق, فهو لا يمكن أن يحد بالمكان ولا بالزمان. فهو لا يخلو منه زمان ولا مكان. لذلك قال عن نفسه في (إرميا 23:23, 24):

«العلي إله من قريب يقول الرب ولست إلها من بعيد, إذا اختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما أراه أنا يقول الرب? أما أملأ أنا السموات والأرض يقول الرب».

وفي (أفسس6:4) يقول الوحي عن الآب له الكل, وأنه على الكل وبالكل وفي كل المؤمنين.

وكذلك الروح القدس لأنه هو الله ذاته, قيل عنه للدلالة على عدم محدوديته «من قاس روح الرب ومن مشيره في علمه» (إشعياء 13:20) وقال صوفر النعماتي عن الله:

«أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي. هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل. أعمق من الهاوية فماذا تدرى. أطول من الأرض طوله... وأعرض من البحر» (أيوب 7:11 - 9).

وقال أيضا داود عن وجود الله في كل مكان في (مزمور 7:139 - 12).

«أين أذهب من روحك, ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر فهناك أيضا تهديني يدك وتمسكني يمينك, فقلت إنما الظلمة تغشاني فالليل يضئ حولي. الظلمة أيضا لا ت ظلم لديك والليل مثل النهار يضئ كالظلمة هكذا النور».

هذا بالنسبة لله سواء في أقنوم الله الآب أو أقنوم الروح القدس. فإن كان الرب يسوع له ذات الصفات السابقة. إذا لابد أن يكون هو الله ذاته. ويتضح لنا ذلك فيما يلي:

1 - من جهة أن الرب يسوع ابن الله لا يخلو منه زمان:

فقد قال للمؤمنين: «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (متى 20:28) .

2 - ومن جهة أنه لا يخلو منه مكان:

فقد قال أيضا «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم» (متى 20:18) .

3 - وما يدل على أنه ذات الله:

قال أيضا عن نفسه أنه يهوه غير محدود والموجود في كل مكان كالآب تماما وكالروح القدس أيضا : «وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يوحنا13:3) .

4 - ما يدل على وجوده في كل مكان وزمان وعنايته بكل الخليقة:

سواء كانت سماوية أو أرضية حسبما ورد في (عبرانيين 3:1) «حامل كل الأشياء بكلمة قدرته».

5 - مما يثبت وجوده في كل مكان ملازمته لكل المؤمنين في وقت واحد ولكل واحد على حدة:

قول الرسول لتلميذه تيموثاوس «الرب يسوع المسيح مع روحك» (2تيموثاوس 22:4) وقوله «نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم أيها الإخوة» (غلاطية 18:6) وما قاله الرب يسوع عن نفسه في (متى 20:28) .

6 - ومما يدل على وجوده في كل مكان مع عدم التحيز بحيز:

هو سماعه واستجابته لصلوات المؤمنين في وقت واحد حيث قال «ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله لكي يتمجد الآب بالابن» (يوحنا13:14, 14) وأيضا «تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض» (فيليبي 10:2) .

7 - في (مرقس20:16) :

«ثم إن الرب يسوع بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة» ففي هذه الأقوال نرى:

أن المسيح هو الرب الذي ارتفع إلى السماء, وفي الوقت نفسه كان يعمل مع تلاميذه في كل مكان وفي كل وقت, ويثبت الكلام الذي يتكلم به على أفواههم بالآيات التابعة.

وكذلك في (متى 19:28, 20) وعدهم أنه يكون معهم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. فكيف يكون معهم جميعا في وقت واحد ما لم يكن هو الله غير المحدود والذي يملأ كل الوجود!.

3 - العالم بكل شيء

من المعروف للجميع أنه لا يعلم كل شيء حتى الغيب سوى الله تعالى اسمه, فقال له داود في (مزمور 1:139 - 6) «يا رب اختبرتني وعرفتني. أنت عرفت جلوسي وقيامي, فهمت فكري من بعيد, مسلكي ومربضي ذريت وكل طرقي عرفت. لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يا رب عرفتها كلها من خلف ومن قدام حاصرتني وجعلت على يدك. عجيبة هذه المعرفة فوقي ارتفعت لا أستطيعها».

وفي (1صم 3:2) قيل عنه «الرب إله عليم».

وأيضا في (إرميا 10:17) قال عن نفسه «أنا الرب فاحص القلب, ومختبر الكلى لأعطى كل واحد حسب طرقه, حسب ثمرة أعماله».

فإن كان المسيح عالما بكل شيء. فمن يكون هو? لابد أن يكون هو الله.


يهوه والمسيح

مما سبق يتضح لنا أن:

المسيح ابن الله, له ذات علم الله «يهوه» إله العهد القديم ونحن لا نؤمن بإلهين, بل بإله واحد.

إذا : من يكون هذا الذي له صفات الله ذاتها?

نعم إنه هو الله الابن. الأزلي, والموجود في كل مكان, والعالم بالسر والغيب وكل شيء.

1 - المسيح يعرف ما في القلوب وما يدور في الأفكار:

أ - يعرف أفكار وقلوب المقاومين له:

1 - عندما أحضر إليه المجنون الأعمى والأخرس وشفاه قالت كل الجموع «ألعل هذا ابن داود?» أما الفريسيون فلما سمعوا قالوا «هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين فعلم يسوع أفكارهم» (متى 22:12 - 25).

2 - في معجزة شفاء ذي اليد اليابسة يوم السبت يقول الإنجيل عن الفريسيين إنهم «تشاوروا عليه لكي يهلكوه فعلم يسوع وانصرف من هناك» (متى 14:12, 15). ويقول البشير لوقا: «أما هو. فعل م أفكارهم» (لوقا7:6, 8).

3 - عندما ذهب الفريسيون إليه وتشاوروا لكي يصطادوه بكلمة, وأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيروديسيين وقالوا له «أيجوز أن نعطى جزية لقيصر أم لا. (فعلم يسوع خبثهم) وقال لماذا تجربونني يا مراءون» (متى 15:22 - 21) ويقول مرقس إن الرب يسوع «علم رياءهم» (مرقس15:12) ويقول لوقا الطبيب «فشعر بمكرهم» (لوقا23:20) .

4 - عندما قدموا إليه مفلوجا يحمله أربعة أنزلوه من السقف بعد أن نقبوه قال للمفلوج «يا بني مغفورة لك خطاياك. وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون في قلوبهم لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف. من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده, فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون في أنفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم» (مرقس3:2 - 12).

وفي (لوقا18:5 - 25) «فشعر يسوع بأفكارهم» وفي (متى 2:9 - 7) «فعلم يسوع أفكارهم».

5 - عندما طلب قوم من اليهود منه آية من السماء ليجربوه يقول الكتاب المقدس: «فعلم أفكارهم» (لوقا16:11, 17).

ب - يعرف أفكار وقلوب التلاميذ جملة:

1 - لما جاء التلاميذ إلى العبر ونسوا أن يأخذوا خبزا . وقال لهم يسوع «انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين. ففكروا في أنفسهم قائلين إننا لم نأخذ خبزا فعلم يسوع وقال لهم لماذا تفكرون في أنفسكم يا قليلي الإيمان أنكم لم تأخذوا خبزا» (متى 5:16 - 8).

2 - عندما داخلهم فكر من عسى أن يكون أعظم فيهم «فعلم يسوع فكر قلبهم» (لوقا46:9) .

3 - علمه بما يحدث منهم عند المحاكمة والصلب فقال لهم قبل حدوث الأمر «كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة» (متى 31:26, مرقس27:14) وقال لهم «هوذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركونني وحدي» (يوحنا32:16) .

4 - في نهاية حديثه الوداعي لتلاميذه قالوا له «هوذا الآن تتكلم علانية ولست تقول مثلا واحدا . الآن نعلم أنك عالم بكل شيء ولست تحتاج أن يسألك أحد» (يوحنا30:16, 31).

ج- يعرف أفكار وقلوب التلاميذ أفرادا :

1بطرس :

عندما أظهر الرب لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم, أخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلا حاشاك يا رب لا يكون لك هذا لكن الرب لم يخدع فيمن هو المتكلم هل بطرس أم الشيطان يتكلم على فم بطرس, لذلك قال لبطرس «اذهب عني يا شيطان أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس» (متى 21:16 - 32 , مرقس23:8).

الرب يسوع الذي يعلم كل شيء, أعلن لبطرس ما سيحدث بالنسبة لهم وما هو مطلوب منه ففي (لوقا31:22, 32) قال له «سمعان. سمعان هوذا الشيطان قد طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. لكني طلبت من أجلك لكي لا يفني إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك».

عندما قال سمعان للرب «يا رب أنني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت» فقال الرب «أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكرني ثلاث مرات أنك تعرفني» (لوقا33:22, 34).

وفي إنجيل متى «فأجاب بطرس وقال وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبدا . قال له يسوع الحق أقول لك إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات قال له بطرس: ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك» (متى 33:26 - 35). والواقع أثبت صدق علم الرب فلقد أنكر سمعان الرب أمام الجارية وأنكر قدام الجميع ولعن وحلف أنه لم يعرف يسوع (متى 69:26 - 75).

في عتاب الرب له بعد القيامة عند بحر طبرية إذ كرر له عبارة «أتحبني» لم يتركه قبل أن يقول جوابه النهائي «يا رب أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف أني أحبك» (يوحنا17:21) . وهذا اعتراف بربوبيته وعلمه بكل شيء ومعرفته الخاصة بقلب بطرس وبقلبك وكذلك أخبره أيضا بما سيكون في مستقبله (يوحنا18:21, 19).

2 - يهوذا:

لقد عرف نيته قبل أن يخونه فقال للتلاميذ عندما قالوا «ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي... أليس أني أنا اخترتكم الاثني عشر وواحد منكم شيطان. قال عن يهوذا سمعان الإسخريوطي لأن هذا كان مزمعا أن يسلمه وهو واحد من الاثني عشر» (يوحنا69:6 - 71).

3 - نثنائيل :

لقد عرف المسيح نثنائيل قبل أن يأتي إليه, بل رآه في مكانه وهو بعيد عنه بالجسد, وكان يعلم ما يدور من حديث بينه وبين فيلبس وعدم تصديقه له ولاسيما عندما سمع أن «يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة». لذلك عندما «رأي يسوع نثنائيل مقبلا إليه فقال عنه هوذا إسرائيلي حقا لا غش فيه. قال له نثنائيل من أين تعرفني أجاب يسوع وقال له قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك. أجاب نثنائيل وقال له يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل» (يوحنا45:1 - 49).

4 - توما :

هذا واحد من تلاميذ المسيح الذي عندما قال الرب يسوع لهم «لعازر مات... لنذهب إليه» (يوحنا14:11, 15) قال هو «لنذهب نحن أيضا لكي نموت معه» (يوحنا16:11) وهو الذي قال للرب يسوع «يا سيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق. قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا5:14, 6).

وبعد قيامة الرب وإخبار التلاميذ له بذلك إذ لم يكن معهم حين جاء يسوع قال لهم: «إن لم أبصر في يديه أثر المسامير, وأضع إصبعي في أثر المسامير, وأضع يدي في جنبه لا أؤمن» (يوحنا24:20, 25) لقد كان الرب يعلم ما قاله توما عنه في غيابه بالجسد دون أن يعلمه به أحد لذلك جاء يسوع بعد ثمانية أيام حيث كان التلاميذ ومعهم توما وقال لتوما «هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا» (يوحنا26:20, 27) هذا مما جعل توما يدرك أن يسوع هو الرب الإله الموجود في كل الوجود والعالم بكل شيء رغم تجسده لذلك قال له: «ربى وإلهي» (يوحنا28:20) .

5 - يوحنا وبطرس :

لقد أظهر لهما الرب معرفته بالأشخاص وما يفعلونه, فلما «جاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح, فأرسل بطرس ويوحنا قائلا : اذهبا وأعدا لنا الفصح لنأكل. فقالا له: أين تريد أن نعد ? فقال لهما: إذا دخلتما المدينة يستقبلكما إنسان حامل جرة ماء اتبعاه إلى البيت حيث يدخل وقولا لرب البيت يقول لك المعلم: أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي? فذاك يريكما علية كبيرة مفروشة. هناك أعدا. فانطلقا ووجدا كما قال لهما. فأعدا الفصح» (لوقا7:22 - 13).

د - يعرف أسماء الأشخاص دون أن يخبره أحد:

1 - عندما جاء اندراوس بأخيه سمعان بعد أن قال له قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح يسوع, «فنظر إليه يسوع وقال أنت سمعان بن يونا. أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس» (يوحنا40:1 - 42).

2 - عندما دخل واجتاز في أريحا وإذا رجل في هذه المدينة قصير القامة اسمه زكا رئيس للعشارين « طلب أن يرى يسوع من هو. وإذ لم يقدر من الجمع صعد إلى جميزة لكي يراه. فلما جاء يسوع إلى المكان نظر إلى فوق فرآه وقال له: «يا زكا أسرع وانزل» (لوقا1:19 - 6).

فهذا هو الذي قال لإسرائيل قديما في (إشعياء 1:43) «لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك .أنت لي» وفي العهد الجديد يقول في (يوحنا3:10) «فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها» وأيضا «أعرف خاصتي» (يوحنا14:10) وأيضا «خرافي أنا... أعرفها» (يوحنا27:10) .

ه - يعرف ماضي حياة الناس:

في حديثه مع السامرية قالت له: «يا سيد أعطني هذا الماء لكي لا أعطش ولا آتي إلى هنا لأستقي قال لها يسوع اذهبي وادعي زوجك وتعالى إلى ههنا. أجابت المرأة وقالت ليس لي زوج. قال لها يسوع حسنا قلت ليس لي زوج لأنه كان لك خمسة أزواج والذي لك الآن ليس هو زوجك. هذا قلت بالصدق عندئذ قالت له أرى أنك نبي» (يوحنا15:4 - 19).

و - يعرف تاريخ مرض الناس:

في حادثة مريض بركة حسدا الذي تألم من المرض (ثماني وثلاثين سنة) «هذا رآه يسوع مضطجعا وعلم أن له زمانا كثيرا» فقال له أتريد أن تبرأ» (يوحنا5:5, 6).

ز - يعرف الجميع وما في الإنسان:

لذلك جاء بخصوص هذا القول «لكن يسوع لم يأتمنهم على نفسه لأنه كان يعرف الجميع ولأنه لم يكن محتاجا أن يشهد أحد عن الإنسان لأنه علم ما كان في الإنسان» (يوحنا24:2) .

ح - يعلم ما يجول في الأفكار دون أن يسمع كلاما وما يحدث مع الناس دون أن يقول له أحد:

1 - في حادثة الفريسي والخاطئة: عندما جاءت من ورائه باكية لم يذكر الكتاب أنها تكلمت بكلمة لكن كل دمعة من عينيها كانت تتكلم, لم يعلم الفريسي ما تتكلم به هذه المرأة في قلبها وشعورها باحتياجها إلى يسوع, لذلك تذمر الفريسي وتكلم في نفسه قائلا «لو كان نبيا لعلم من هذه المرأة التي تلمسه وما هي إنها خاطئة» فعلم يسوع ما في قلبه وعاتبه.

وعلم حاجة المرأة فقال لها «مغفورة لك خطاياك إيمانك قد خلصك اذهبي بسلام» (لوقا48:7 - 50) نعم إن الرب عالم الغيب وعارف الأسرار وكاشفها.

2 - نازفة الدم: بعد أن تألمت من أطباء كثيرين وأنفقت كل ما عندها وصارت إلى حالة أردأ, أخيرا سمعت بيسوع, جاءت له بإيمان قائلة في قلبها ولو

مسست هدب ثوبه لشفيت, وبالفعل شقت الطريق رغم الزحام ووصلت إليه ولمست ثيابه لمسة الإيمان وللوقت جف ينبوع دمها. « فللوقت التفت يسوع

بين الجمع شاعرا في نفسه بالقوة التي خرجت منه وقال من لمس ثيابي. فقال له تلاميذه أنت تنظر الجمع يزحمك وتقول من لمسني. وكان ينظر حوله

ليرى التي فعلت هذا » (مرقس30:5 - 33) ويقول البشير لوقا (46:8) إن الرب يسوع قال «قد لمسني واحد لأني علمت أن قوة خرجت مني» عندئذ

إذ وجدت المرأة أنها لم تستطع أن تختبئ جاءت وهي خائفة ومرتعدة عالمة بما حصل لها وخرت وقالت له الحق كله (مرقس33:5) .

3 - في حادثة موت لعازر أخي مرثا ومريم: لقد أرسلت الأختان إليه قائلتين له «هوذا الذي تحبه مريض» (يوحنا3:11) فلما سمع يسوع قال هذا المرض ليس للموت, بل لأجل مجد الله ليتمجد ابن الله به (يوحنا4:11) ثم مكث الرب يسوع في الموضع الذي كان فيه يومين. ثم أعلنها لتلاميذه قائلا لهم دون أن يخبره أحد بذلك لأنه العالم بكل شيء «لعازر حبيبنا قد نام لعازر مات» (يوحنا11:11, 14).

ط - يكشف خبايا القلوب لأنه يعلمها:

1 - مع أنه لا يوجد عمق أعمق من قلب الإنسان كما هو مكتوب في (مزمور 6:64) «داخل الإنسان وقلبه عميق» ولكن الله يقول في (إرميا 1:17) «أنا الرب فاحص القلب ومختبر الكلى». وفي (رؤيا 23:2) «وستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب». وقد بره ن على ذلك في حادثة المرأة الزانية التي أمسكت في ذات الفعل وأتى بها الكتبة والفريسيون إليه قائلين له يا معلم: هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل, وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم.. فماذا تقول أنت? «أما يسوع فانحني إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض. ولما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم: من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم, خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين» (يوحنا2:8 - 11).

لقد كشف ما في داخل قلب كل واحد أمام عينيه لأنه يعرف ما في داخل قلوبهم جميعا وهو القائل «لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زني, قتل, سرقة, طمع, خبث, مكر, عهارة, عين شريرة, تجديف, كبرياء, جهل» (مرقس21:7, 22).

نعم إننا نقول مع سليمان الحكيم «لأنك أنت وحدك قد عرفت قلوب بني البشر» (1ملوك 39:8) ونصغي إلى ما قاله داود الملك لابنه سليمان «لأن الرب يفحص جميع القلوب ويفهم تصورات الأفكار» (1 أخ 9:28) .

2 - عندما تكلم إلى الجموع التي أتت إليه في غد الشبع الذي أشبعهم فيه بخمسة الأرغفة والسمكتين فأتوا ليختطفوه ويجعلوه ملكا فأعثرهم كلامه لأنهم لم يفهموه كان هذا في كفرناحوم فتراجع حتى من التلاميذ كثيرون إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه وقال «كثيرون من تلاميذه إذ سمعوا إن هذا الكلام صعب من يقدر أن يسمعه. فعلم يسوع في نفسه أن تلاميذه يتذمرون على هذا فقال لهم... ولكن منكم قوم لا يؤمنون لأن يسوع من البدء علم من هم الذين لا يؤمنون ومن هو الذي يسلمه» (يوحنا61:6 - 64).

ى - كان يعلم المستقبل وما سوف يحدث قبل حدوثه:

1 - «لما قربوا (الرب يسوع ومعه تلاميذه) من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون, حينئذ أرسل يسوع تلميذين قائلا لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما فللوقت تجدان أتانا مربوطة وجحشا معها فحلاهما وأتياني بهما, فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع وأتيا بالأتان والجحش» (متي 2:21 - 7).

2 - لقد سأله التلاميذ على انفراد قائلين: «قل لنا متى يكون هذا? وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر» ولقد أجابهم يسوع في (متى 3:24 - 41).

3 - لما أقبل إليه جمع كثير, قال لفيلبس «من أين نبتاع خبزا ليأكل كل هؤلاء وإنما قال هذا ليمتحنه لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل» (يوحنا5:6, 6).

ك - كان يعلم ويعرف جميع الأمور الخاصة به:

1 - كان يعلم لماذا جاء إلى العالم, ولذلك في مجمع الناصرة يوم السبت عندما دخل ود فع إليه سفر إشعياء النبي وفتح السفر وقرأ القول «روح الرب على لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم وجلس... فابتدأ يقول لهم: إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم» (لوقا16:4 - 21) وفي (لوقا10:19) في بيت زكا قال «لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» وفي (يوحنا10:10) قال: «أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل».

2 - كان يعلن لتلاميذه بعد أن عرفوه أنه ابن الله أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم فيتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم (متى 21:16) . لذلك في عتابه بعد القيامة مع تلميذي عمواس قال لهما «أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهم الأمور المختصة به في جميع الكتب» (لوقا26:24, 27).

وأيضا في قوله للتلاميذ بعد القيامة «هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث» (لوقا44:24 - 46).

ولقد تكلم مع التلاميذ قبل صلبه عن موته وقيامته وإرسال الروح القدس لهم وكذلك عن الآلام والضيقات التي يواجهونها (يوحنا27:12) قال الرب يسوع للآب: «الآن نفسي قد اضطربت وماذا أقول أيها الآب نجني من هذه الساعة ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة».

وفي (يوحنا23:12, 24) قال الرب يسوع «قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير». وكان يتحدث عن موته وقيامته ونتائج عمله هذا.

وفي (يوحنا1:13) مكتوب «أما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى» وفي (يوحنا33:13) قال لتلاميذه «يا أولادي أنا معكم زمانا قليلا بعد. ستطلبونني. وكما قلت لليهود حيث أذهب أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا, أقول لكم أنتم الآن».

وفي (يوحنا18:14 - 20) قال لتلاميذه «لا أترككم يتامى. إني آتي إليكم. بعد قليل لا يراني العالم أيضا وأما أنتم فترونني. إني أنا حي فأنتم ستحيون. في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم في وأنا فيكم» وأيضا «سمعتم أني أنا قلت لكم أنا أذهب ثم آتي إليكم. لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب» (يوحنا28:14) .

وفي (يوحنا3:13) مكتوب «يسوع وهو عالم أن الآب قد دفع إليه كل شيء إلى يديه وأنه من عند الله خرج وإلى الله يمضي».

وفي (يوحنا5:16 - 7) قال لتلاميذه «الآن فأنا ماض إلى الذي أرسلني وليس أحد منكم يسألني أين تمضي. لكن لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم. لكني أقول لكم. الحق إنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم».

وفي (يوحنا16:16) قال لتلاميذه «بعد قليل لا تبصرونني ثم بعد قليل أيضا ترونني لأني ذاهب إلى الآب».

وفي (يوحنا28:16) قال لتلاميذه: «خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضا أترك العالم وأذهب إلى الآب». لذلك قال له التلاميذ «الآن نعلم أنك عالم بكل شيء» (يوحنا30:16) .

وفي (يوحنا32:16) قال لتلاميذه: «هوذا تأتي ساعة, وقد أتت الآن. تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركونني وحدي. وأنا لست وحدي لأن الآب معي».

وفي (يوحنا26:15) قال أيضا «متى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي».

وفي (يوحنا4:18) عندما جاء إليه يهوذا الخائن والجند والخدام من عند رؤساء الكهنة والفريسيين بمشاعل ومصابيح وسلاح يقول الوحي «فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال لهم من تطلبون».

وفي (يوحنا28:19) عن علمه باكتمال الآلام يقول الوحي «بعد هذا رأي يسوع أن كل شيء قد كمل, فلكي يتم الكتاب قال: أنا عطشان».

وفي (مرقس30:8) في تعليمه للتلاميذ مكتوب «وابتدأ يعل مهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة ويقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم» وهذا نفس ما ورد في (لوقا51:9) .

وفي (لوقا37:22) قبل أن يسل م لي صلب قال للتلاميذ «لأني أقول لكم إنه ينبغي أن يتم في أيضا هذا المكتوب وأحصي مع أثمة. لأن ما هو من جهتي له انقضاء».

وفي (لوقا7:24) الرجلان اللذان كانا عند القبر بعد قيامة المسيح اللابسان الثياب البراقة (الملاكان) قالا للنسوة عند القبر «لماذا تطلبن الحي بين الأموات. اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل قائلا : إنه ينبغي أن يسل م ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم. فتذكرن كلامه».

وفي (يوحنا14:3) في كلامه مع نيقوديموس «وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان».

وفي (يوحنا33:7) قال للخدام الذين أرسلهم الفريسيون ورؤساء الكهنة ليمسكوه: «أنا معكم زمانا يسيرا بعد ثم أمضي إلى الذي أرسلني. ستطلبونني ولا تجدونني, وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا».

وفي (يوحنا1:16 - 4) قال للتلاميذ من جهة ما ينتظرهم من آلام لأنه كان يعلمها: «قد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا. سيخرجونكم من المجامع بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله. وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفوني, لكن قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أني أنا قلته لكم ولم أقل لكم من البداية لأني كنت معكم».

) وفي (يوحنا19:15) «ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم».

) وفي (يوحنا33:16) «قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام. في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم».

من الآيات السابقة يتضح لنا أنه كان يعلم:

1 - لماذا جاء إلى العالم.

2 - رسالته وإتمامها.

3 - تلاميذه وأحوالهم, فكان يعلم من ينكره ومن يسلمه أيضا , ومن يشك فيه.

4 - موته ومتى يكون.

5 - طريقة موته والآلام التي يجتاز فيها بالصليب.

6 - دفنه ومدة بقائه في القبر.

7 - قيامته وإرسالية التلاميذ للشهادة.

8 - ما يجتاز فيه التلاميذ بعد موته وقيامته وصعوده من آلام نتيجة الشهادة لاسمه.

وهنا يواجهنا هذا السؤال:

إذا كان المسيح ابن الله هو الله والعالم بكل شيء أفلا تثبت أقواله الواردة في (مرقس32:13) .

«وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن.. إلا الآب» عدم معرفته ليوم أو ساعة مجيئه مما يدل على أنه ليس عالما بكل شيء وبالتالي ليس هو الله.

الرد:

أولا : إن الآية في صيغتها السابقة تضع المسيح ابن الله في مركز فريد بين خلائقه فهي تتحدث عن:

أ - البشر: في القول «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد «أي أحد من البشر».

ب - الملائكة الذين في السماء: في القول فلا يعلم بها ولا الملائكة الذين في السماء.

ج -الابن: في القول فلا يعلم بها ولا... الابن «فلو كان الابن في مستوى البشر وهو مجرد إنسان لكان وضع نفسه مع البشر وما كان انفرد بالقول ولا الابن».

ثانيا : بالرجوع إلى قرينة هذه الآية من نفس الأصحاح, نجد المسيح يقول: «وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتيا في سحاب بقوة كثيرة ومجد, فيرسل حينئذ ملائكته ويجمع مختاريه من الأربع رياح. من أقصاء الأرض إلى أقصاء السماء» (مرقس26:13, 27).

وفي هذه الآية نلاحظ أن الملائكة ملائكة المسيح وأنه هو الآتي بالقوة والمجد الكثير. فكيف إذا لا يعلم المسيح باليوم والساعة?

ثالثا : ولكي يكون الجواب واضحا ينبغي لنا أن نأخذ ولو فكرة بسيطة عن البشائر الأربع وموضوع كل بشارة:

أ - بشارة متى: كتبت لليهود وتتحدث عن المسيح الملك ومفتاحها هو «أين هو المولود. ملك اليهود?» (متى 5:2) .

ب - بشارة مرقس: كتبت للرومان. وتتحدث عن المسيح العبد الخادم ومفتاحها هو «لأن ابن الإنسان لم يأت لي خدم بل لي خدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين» (مرقس45:10) .

ج - بشارة لوقا: كتبت لليونانيين. وتتحدث عن المسيح الإنسان الكامل ومفتاحها هو «إني لا أجد علة في هذا الإنسان» (لوقا4:23) وأيضا «بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا» (لوقا47:23) .

د - بشارة يوحنا: ك تبت للمؤمنين وللعالم أجمع. وتتحدث عن المسيح ابن الله ومفتاحها هو «وآيات أخر كثيرة صنع يسوع. أما هذه فقد ك تبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه» (يوحنا30:20 - 31).

إن الآية السابقة جاءت في بشارة مرقس فقط دون البشائر الثلاث الأخرى ونحن نعلم أن بشارة مرقس تتكلم عن المسيح وهو في مركز الاتضاع كالعبد.

وفي (يوحنا15:15) يقول الرب لتلاميذه «العبد لا يعلم ما يعمل سيده». مع أنه السيد الذي كل الخلائق هي عبيده «أخلى نفسه آخذا صورة عبد» (فيليبي 6:2 - 8). فكيف يكون في إتضاعه «عبد يهوه» ويعلم اليوم والساعة?

لأن المسيح أخذ «صورة عبد» صار عبدا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان . فارتضى بخدمة العبيد والطاعة حتى موت الصليب لذلك يرد عنه القول إن الابن لا يعلم اليوم والساعة, ونلاحظ أن المسيح وإن كان قد أخلى نفسه آخذا صورة عبد لكنه في نفس الوقت كان هو السيد العظيم العالم بكل شيء. ولأنه صار في مقام العبد فما كان ليبلغ أحدا بشيء إلا ما يكلف به من قبل الله سيده. وهو في هذا بخلاف الأنبياء قديما الذين لم يكونوا يعرفون أكثر مما يعلنه الله لهم لكي يبلغوه بدورهم للبشر بل وفي بعض الأحيان ينطقون بأشياء أسمى من أفكارهم عندما يقول الرب في نبوة عاموس (2:3) «إياكم فقط عرفت من جميع قبائل الأرض». هذا لا يعني أنه لا يعرف جميع البشر وعندما يقول السيد في (مت 12:25) للعذارى الجاهلات «الحق أقول لكن إني ما أعرفكن» لا تعني أنه يجهلهن وعندما يقول في (2تيموثاوس 19:2) «يعلم الرب الذين هم له» لا تعني أنه لا يعلم الآخرين. وهكذا هنا عدم معرفة الابن للساعة لا تعني جهله بها بل أنه ليس من اختصاصه باعتباره العبد أن يتحدث عنها.

وقد تنبأ العهد القديم عن المسيح كعبد في (إشعياء 6:49, 7) فقال «قليل أن تكون لي عبدا لإقامة أسباط يعقوب ورد محفوظي إسرائيل. قد جعلتك نورا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض, هكذا قال الرب فادي إسرائيل قدوسه للمهان النفس لمكروه الأمة لعبد المتسلطين».

وفي (إشعياء 1:49 - 3) «الرب من البطن دعاني من أحشاء أمي ذكر اسمي. وجعل فمي كسيف حاد في ظل يده خبأني وجعلني سهما مبريا في كنانته أخفاني وقال لي أنت عبدي إسرائيل الذي به أتمجد».

وفي (إشعياء 13:52 - 15) يظهر لنا مدى سمو هذا العبد العجيب فيقول: «هوذا عبدي يعقل يتعالى ويرتقى ويتسامى جدا كما اندهش منك كثيرون, كان منظره كذا مفسدا أكثر من الرجل وصورته أكثر من بني آدم. هكذا ينضح أمما كثيرين من أجله يسد ملوك أفواههم لأنهم أبصروا ما لم يخبروا به وما لم يسمعوه فهموه».

وخلاصة القول:

إن هذه العبارة قد جاءت في بشارة مرقس التي فيها المسيح في صورة إتضاع لا كالإنسان فقط, بل كالعبد أيضا ومن المعروف أن العبد لا يعلم ما يعمل سيده, لذلك لا عجب في القول «أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها, ولا الابن».

4 - نور السموات والأرض

مكتوب في كلمة الله في (1يوحنا5:1) إن «الله نور وليس فيه ظلمة البتة» لذلك كما قال داود في (مزمور 12:139) «الظلمة أيضا لا تظلم لديك. والليل مثل النهار يضئ كالظلمة هكذا النور».

في (حبقوق 3:3, 4) «الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه وكان لمعان كالنور» فإن كان المسيح يسوع ابن الله هو النور فبالتبعية يكون هو الله. أما إذا كان نوره مستمدا مثلنا من الله فلا يكون هو الله.

فالمسيح هو نور في ذاته وطبيعته نور فإن كان هذا ما يتضح لنا فيما بعد فيكون هو الله.

لقد جاء عنه في الكتاب المقدس.

في (إشعياء 2:9) «الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيماً . الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور» (متى 16:4) .

وفي (إشعياء 6:42) «أنا الرب. قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم, لتفتح عيون العمى, لتخرج من الحبس المأسورين, من بيت السجن الجالسين في الظلمة».

وفي (إشعياء 6:49) «قد جعلتك نورا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض».

وفي (يوحنا4:1) «فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور يضئ في الظلمة والظلمة لم تدركه».

(يوحنا6:1 - 9) «كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور, لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم».

وفي (يوحنا19:3) «وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة».

وفي (يوحنا12:8) «ثم كلمهم يسوع أيضا قائلا أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة».

وفي (يوحنا35:12, 36) «فقال لهم يسوع (للجمع) النور معكم زمانا قليلا بعد فسيروا مادام لكم النور لئلا يدرككم الظلام. والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب. مادام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور».

وفي (ي - و 46:12) «أنا جئت نورا إلى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة».

وفي (أفسس14:5) «لذلك يقول استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح».

وفي (1يوحنا8:2) «وصية جديدة أكتب إليكم ما هو حق فيه وفيكم, أن الظلمة قد مضت والنور الحقيقي الآن يضئ».

وفي (رؤيا 23:21) «والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها».

وفي (يوحنا5:9) «مادمت في العالم فأنا نور العالم».

من الآيات السابقة نلاحظ أن ما قيل عن الله قيل أيضا عن المسيح, إذا لابد أن يكون المسيح هو الله.

لقد قيل عن الله في (يعقوب 17:1) إنه أبو الأنوار وفي (مزمور 1:104, 2) «باركي يا نفسي الرب. يا رب إلهي قد عظمت جدا مجدا وجلالا لبست. اللابس النور كثوب».

فالمسيح هو النور الحقيقي (يوحنا9:1)

الذي في أيام تجسده على أرضنا كانت حياته تنير دائما في جميع الظروف وتكشف الظلام من حولها وتوبخ الآخرين وهي غير موبخة من أحد.

وفي نوره الفاحص لم يخدع من أحد حتى الفريسيين كان يكشف ما في قلوبهم من أمور خفية (لوقا39:7 - 50 , لوقا44:11).

5 - القدرة على كل شيء

القدرة هي أعظم الصفات الإلهية وأظهرها.

لأنه تعالى اسمه وتبارك إلى الأبد يفعل ما يريد. وأعظم ألقاب الله هو «القدير» لأنه تفرد بالقدرة وحده. لذلك قال لإبراهيم قديما «أنا الله القدير سر أمامي وكن كاملا» (تكوين 1:17) وقال لموسى «أنا أظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء» (خر 3:6) .

وفي (تكوين 3:48) قال يعقوب ليوسف «الله القادر على كل شيء ظهر لي في لوز في أرض كنعان وباركني» وقال أيضا في نبوته عن يوسف «من إله أبيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك تأتي بركات السماء من فوق وبركات الغمر الرابض تحت بركات الثديين والرحم» (تكوين 25:49) .

وفي (إشعياء 6:13) «ولولوا لأن يوم الرب قريب قادم كخراب من القادر على كل شيء».

وفي (يوئيل 15:1) وفي (2كورنثوس18:6) يقول «وأكون لكم أبا وأنتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء».

ويظهر الكتاب المقدس قدرة الله على كل شيء:

«عظيم في المشورة قادر في العمل» (إرميا 19:32) .

«ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يذله» (دانيال 37:4) .

إن «الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم» (متى 9:3) .

إن «ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا» (رومية 21:4) .

«ولكنه سيثبت لأن الله قادر أن يثب ته» (رومية 4:14) .

«والله قادر أن يزيدكم كل نعمة» (2كورنثوس8:9) .

«والقادر أن يفعل فوق كل شيء أكثر جدا مما نطلب أو نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا» (أفسس20:2) .

«لأنني عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم» (2تيموثاوس 12:1) .

«إذ حسب أن الله القادر على الإقامة من الأموات» (عبرانيين 19:11) .

«الساكن في ستر العلي في ظل القدير يبيت» (مزمور 1:91) .

«القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس» (لوقا49:1) .

«مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية» (رومية 20:1)

فإن كان المسيح ابن الله له ذات صفات الله فيكون هو الله ذاته. فإن كان هو القدير والقادر على كل شيء.

(1) قدرة الابن في العهد القديم:

بلا شك يكون هو الله لأنه ليس أحد قادرا على كل شيء سوى واحد وهو الله فقد قيل عن «الابن» في التوراة ما يدل على أنه القادر على كل شيء كالآب في:

1 - (إشعياء 6:9) «ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا» (أي الإله القدير).

2 - وفي (أم 14:8) «أنا الفهم. لي القدرة».

(2) قدرة الابن في العهد الجديد:

3 - في (رؤيا 15:11 - 17) الأصوات العظيمة التي صارت في السماء قائلة «قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه فسيملك إلى أبد الآبدين. والأربعة والعشرون شيخا قائلين أيها الرب الإله القادر على كل شيء الكائن, والذي كان والذي يأتي لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت.

4 - وفي (رؤيا 3:15) الغالبون على الوحش وصورته وسمته وعدد اسمه يقولون في ترنيمتهم للخروف «عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء».

5 - وأيضا في (رؤيا 6:19) «هللويا فإنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء». فهو «الحامل كل الأشياء بكلمة قدرته» (عبرانيين 3:1) .

«كما إن قدرته الإلهية قد و هبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة» (2 بطرس3:1) .

وقال نيقوديموس معلم ورئيس اليهود الذي جاء إلى يسوع ليلا «يا معلم ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه» (يوحنا1:3,2) وقال الذين رأوا الأعمى منذ ولادته الذي خلق له يسوع عينين من الطين, قالوا لبعضهم البعض «كيف يقدر إنسان خاطئ أن يعمل مثل هذه الآيات» (يوحنا16:9) .

وعندما جاء إليه أعميان يصرخان إليه قال لهما «أتؤمنان أني أقدر أن أفعل هذا قالا له نعم يا سيد» وقد انفتحت أعينهما (متى 27:9 - 30).

وعندما جاء إليه الأبرص «سجد له قائلا يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني» (متى 2:8, مرقس40:1).

لقد قيل عنه:

«يقدر أن يخلص إلى التمام» (عبرانيين 25:7) .

«ويقدر أن يعين المجر بين» (عبرانيين 18:2) .

«وبحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء» (فيليبي 21:3) .

«وقادر أن يرثى لضعفاتنا» (عبرانيين 25:4) .

نعم إنه القادر على كل شيء فكيف لا يكون هو الله بذاته?

إن كل نبي أرسله الله إلى هذه الأرض أجرى معجزات, لكنه لم يفعلها بقوته الشخصية بل بقوة الله. أما المسيح له المجد فقد أجرى المعجزات بقوة لاهوته.

قدرته المعلنة في سلطانه الفائق:

إنه صاحب السلطان, ولم يكن مثيل لسلطانه على الإطلاق, لأنه الرب القادر على كل شيء. لذلك قيل عنه في تعليمه «لأنه كان يعل مهم كمن له سلطان وليس كالكتبة» (متى 29:7) وعندما أخرج الروح النجس من الرجل الذي كان في الهيكل مكتوب «فتحيروا كلهم حتى سأل بعضهم بعضا قائلين: ما هو هذا التعليم الجديد لأنه بسلطان يأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه» (مرقس27:1) .

والآن لنتقدم إلى الأمام لندرس الأمور العظمى التي أظهرت سلطانه وقدرته الإلهية الفائقة:

1 - سلطانه الإلهي على الطبيعة

أ - الطبيعة لابد لها أن تطيعه لأنه خالقها ففي (مرقس35:4 - 41) عندما كان في السفينة وقال للتلاميذ «لنجتز إلى العبر. فصرفوا الجمع وأخذوه كما كان في السفينة فحدث نوء عظيم فكانت الأمواج تضرب إلى السفينة... حتى صارت تمتلئ وكان هو في المؤخرة على وسادة نائما فأيقظوه فقام, وانتهر الريح وقال للبحر اسكت. ابكم. فسكنت الريح وصار هدوء عظيم وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا فإن الريح أيضا والبحر يطيعانه».

وفي (متى 23:8 - 27) يقول بعد صنع المعجزة.. «فتعجب الناس قائلين أي إنسان هذا فإن الرياح والبحر جميعا تطيعه».

نعم هذا هو الشخص الذي نرى «أعماله وعجائبه في العمق» (مزمور 24:107) والذي قيل عنه «أمر فأهاج ريحا عاصفة فرفعت أمواجه, يهدئ العاصفة فتسكن وتسكت أمواجها. فيفرحون لأنهم هدأوا فيهديهم إلى المرفأ الذي يريدونه فليحمدوا الرب على رحمته وعجائبه لبني آدم» (مزمور 25:107 - 32).

ب - بعد إشباع الجموع ألزم تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العبر إلى بيت صيدا حتى يكون قد صرف الجمع. ولما صار المساء كان هو على البر وحده وأما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الأمواج لأن الريح كانت مضادة وفي الهزيع الرابع من الليل أتاهم ماشيا على البحر. فلما أبصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين إنه خيال ومن الخوف صرخوا. فللوقت كلمهم يسوع قائلا : تشجعوا. أنا هو لا تخافوا. فصعد إليهم إلى السفينة فسكنت الريح, والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: بالحقيقة أنت ابن الله (متى 22:14 - 32), (مرقس48:6 - 51).

وهنا أسأل من هو هذا الذي يسير على البحر ولا يغرق?

وعند دخوله السفينة تسكن الرياح ويهدأ البحر?

لقد سار بطرس على الماء لكن بأمر من يسوع ولكن لما رأي الريح شديدة خاف وابتدأ يغرق فما كان عليه إلا أن صرخ قائلا «يا رب نجني ففي الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له: لماذا شككت يا قليل الإيمان» (متى 28:14 - 32).

نعم بطرس يغرق. لكن يسوع لن يغرق, بل ينجي من كاد يغرق إذا من هو هذا? إنه ابن الله الأزلي القادر على كل شيء. تبارك اسمه إلى أبد الآبدين.

2 - سلطانه على النباتات

عندما كان راجعا من بيت عنيا في الصباح إلى المدينة «وجاع فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا فقط. فقال لها : لا يكن فيك ثمر بعد إلى الأبد. فيبست التينة في الحال» (متى 18:21, 19).

3 - سلطانه على المادة

في عرس قانا الجليل حول الماء إلى خمر: «قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء فملأوها إلى فوق ثم قال لهم يسوع استقوا الآن» (يوحنا7:2) «هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه» (يوحنا11:2) .

4 - سلطانه الإلهي على كافة الأمراض

(متى 35:14 - 36) «وأحضروا إليه جميع المرضى وطلبوا إليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط. فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء» وفي (متى 30:15, 31) «فجاء إليه جموع كثيرة معهم عرج وعمي وخرس وشل وآخرون كثيرون, وطرحوهم عند قدمي يسوع فشفاهم حتى تعجب الجموع إذ رأوا الخرس يتكلمون والشل يصحون والعرج يمشون والعمي يبصرون ومجدوا إله إسرائيل».

وفي (مرقس32:1 - 34) «ولما صار المساء إذ غربت الشمس قدموا إليه جميع السقماء والمجانين وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب فشفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة».

وفي (مرقس10:3) «لأنه كان قد شفى كثيرين حتى وقع عليه ليلمسه كل من فيه داء». وفي (ص 55:6, 56) «فطافوا جميع تلك الكورة المحيطة وابتدأوا يحملون المرضى إلى حيث سمعوا أنه هناك وحيثما دخل إلى قرى أو مدن أو ضياع ووضعوا المرضى في الأسواق وطلبوا إليه أن يلمسوا ولو هدب ثوبه وكل من لمسه شفي».

وفي لوقا (ص 19:6) «وكل الجموع طلبوا أن يلمسوه لأن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع».

وفي (ص 40:4) يقول «وعند غروب الشمس جميع الذين كان عندهم سقماء بأمراض مختلفة قدموهم إليه فوضع يديه على كل واحد منهم وشفاهم».

شفاء الأصم الأعقد (مرقس31:7 - 37).

فالمسيح له المقدرة على شفاء الأمراض بكلمة (لوقا8:5) , ومن على بعد أيضا (لوقا5:4) .

ولقد شفى المسيح كثيرا جدا من المرضى مثل:

غلام قائد المئة (متى 5:8 - 13 , لوقا1:7 - 11).

والمفلوج (متى 1:9 - 28 , مرقس1:2 - 13 , لوقا18:5 - 26),

ومريض بركة بيت حسدا الذي ظل في مرضه 38 سنة (لوقا1:5 - 9) ,

وشفاء المجنون الأعمى الأخرس (متى 22:12 - 23)

والمرأة المنحنية (لوقا10:13 - 17),

وذا اليد اليابسة (متى 10:12 - 13 , مرقس1:3 - 6 , لوقا6:6 - 11)

ونازفة الدم (متى 20:9 - 22),

وحماة بطرس (متى 14:18 - 5) ,

وتطهير برص كثيرين (متى 1:8 - 4 , مرقس40:1 - 45 , لوقا 12:5 - 14 , لوقا 11:17 - 19)

وأيضا شفاء الأصم الأعقد (مرقس31:7 - 37),

وإعادة أذن ملخس عبد رئيس الكهنة التي قطعها بطرس بسيفه (متى 51:26)

وإعطاء البصر للعميان (متى 27:9 - 31 , مرقس22:8 - 26 , متى 30:20 - 34 , لوقا6:9 - 7 , متى 22:12 - 23).

5 - سلطانه على الأرواح الشريرة

يقول البشير مرقس في بشارته «لأنه بسلطانه يأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه» (مرقس27:1) وفي (مرقس11:3) «والأرواح النجسة حينما نظرته خرت له وصرخت قائلة إنك أنت ابن الله» (لوقا41:4) .

وفي بشارة متى يقول الوحي لنا «فأخرج الأرواح بكلمة وجميع المرضى شفاهم» (متى 16:8, مرقس34:11).

تحرير الأخرس المجنون (متى 32:9, 33).

تحرير مجنون كورة الجدريين (متى 28:8 - 34 , مرقس1:5 - 20 , لوقا26:8 - 39).

إخراج الشيطان الذي فشل في إخراجه التلاميذ (مرقس17:9 - 26 , متى 14:17 - 18 , لوقا37:9 - 43).

تحرير الإنسان الذي كان في المجمع يوم السبت وبه روح نجس (مرقس23:1 - 27 , لوقا33:4 - 37).

تحرير ابنة الكنعانية (متى 22:15 - 28 , مرقس25:7 - 30).

6 - سلطانه على الخلائق غير العاقلة

أ - قال الرب له كل المجد لبطرس «اذهب إلى البحر وألق صنارة والسمكة التي تطلع أولا خذها ومتى فتحت فاها تجد إستارا فخذه وأعطهم عني وعنك» (متى 27:17) وهكذا صار كما قال.

ب - بعد فشل سمعان الليل كله في اصطياد أية سمكة قال له المسيح: «ابعد إلى العمق وألقوا شباككم للصيد» (لوقا4:5) وعندما ألقوها على كلمته أمسكوا سمكا كثيرا جدا فصارت شبكتهم تتخرق (لوقا5:5, 6).

ج -بعد قيامة المسيح من الأموات وظهوره للتلاميذ مرات مختلفة ذهب بطرس ومن معه ليتصيدوا سمكا وتعبوا الليل كله ولم يمسكوا شيئا , لكن جاءهم يسوع وبعد أن سألهم قائلا «يا غلمان ألعل عندكم إداما . وأجابوه لا. قال لهم: ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا. فألقوا ولم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك» (يوحنا5:21, 6).

7 - سلطانه على تسديد الأعواز

أ - عندما جاء إليه الجمع الكثير من مدينة صيدا وتحنن عليهم وشفى مرضاهم «فإذا صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء, والوقت قد مضى. اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعاماً» (متى 14:14, 15) لكن كيف يكون هذا والقادر على كل شيء موجود? فلما قالوا ليس عندنا ههنا إلا خمسة أرغفة وسمكتان, قال ائتوني بها إلى هنا فأمر الجموع أن يتكئوا على العشب. ثم أخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر وأعطى الأرغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع فأكل الجميع وشبعوا ثم رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشرة قفة مملوءة والآكلون كانوا نحو خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد» (متى 17:14 - 21 , مرقس34:6 - 44, لوقا12:9 - 17 , يوحنا5:6 - 14).

ب - عند جانب بحر الجليل, عندما صعد إلى الجبل وجلس هناك واجتمع إليه جموع كثيرة ومكثوا معه ثلاثة أيام وليس لهم ما يأكلون, قال لتلاميذه «إني أشفق على الجمع ولست أريد أن أصرفهم صائمين لئلا يخوروا في الطريق, وسأل تلاميذه قائلا كم عندكم من الخبز فقالوا سبعة وقليل من صغار السمك فأمر الجموع أن يتكئوا على الأرض وأخذ سبعة الخبزات والسمك وشكر وكسر وأعطى تلاميذه والتلاميذ أعطوا الجمع فأكل الجميع وشبعوا ثم رفعوا ما فضل من الكسر سبعة سلال مملوءة والآكلون كانوا أربعة آلاف ماعدا النساء والأولاد» (متى 32:15 - 35).

8 - سلطانه على الموت

قال هو بنفسه «لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيى. كذلك الابن أيضا يحيى من يشاء» (يوحنا21:5) ونرى هذا واضحا في:

أ - إقامة الموتى جسديا :

إقامة ابنة يايرس «طليثا قومي» (مرقس41:5)

إقامة الشاب ابن أرملة نايين «أيها الشاب لك أقول قم» (لوقا14:7) .

إقامة لعازر بعد أن أنتن إذ كان له أربعة أيام في القبر «لعازر هلم خارجا» (يوحنا43:11) .

ب - إحياء وقيامة الموتى روحيا بصوته:

«تأتي ساعة وهي الآن, فيها يسمع الأموات (روحيا ) صوت ابن الله والسامعون يحيون» (يوحنا25:5) .

ج -في قيامة نفسه بعد موته:

قال له كل المجد «لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضا» (يوحنا18:10) وفي (يوحنا19:2 - 22) قال لليهود «انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه أما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع».

د - في قيامة الأموات:

«إذ مكتوب تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة» (يوحنا28:5, 29).

بالنسبة للمؤمنين الراقدين: مكتوب «فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد» (1كورنثوس2:15) وأيضا «الأموات في المسيح سيقومون أولاَ» (1تسالونيكي 16:4) .

9 - سلطانه الإلهي في اختطافنا

1 - في قيامة الراقدين.

2 - في تغيير أجسادنا نحن الأحياء «الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده. بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء» (فيليبي 21:3) اقرأ (1كورنثوس15 , أفسس13:4 - 18).

10 - سلطانه على البشر وعلى القلوب

لقد كانت كلماته خارقة للقلب وتأثيرها فعالا , فعندما كان مجتازا من مدينته رأي إنسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متى فقال له اتبعني. فقام وتبعه (متى 9:9) وعندما جاءوا إلى بيت فاجى عند جبل الزيتون أرسل تلميذين قائلا لهما «اذهبا إلى القرية التي أمامكما فللوقت تجدان أتانا مربوطة وجحشا معها فحلاهما وأتياني بهما. وإن قال لكما أحد شيئا فقولا الرب محتاج إليهما. فللوقت يرسلهما, فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع» (متى 2:21, 3,6) وليس ذلك فقط بل كان له سلطان عجيب في تبكيت الجموع (يوحنا2:8 - 11).

ولقد أثر بكلماته وسلطانه وعمل نعمته في الملايين ولازال أيضا وسيظل. ولذلك حتى في تعليمه قيل عنه بالوحي «لأنه يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة» (متى 29:7) .

11 - قدرته وسلطانه على مغفرة الخطايا

قالها للمفلوج «ثق يا بني مغفورة لك خطاياك. ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا حينئذ قال للمفلوج قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك فقام ومضى إلى بيته» (متى 2:9,6) وقالها للمرأة الخاطئة التي جاءت إليه في بيت سمعان الفريسي (لوقا48:7) .

12 - له القدرة والسلطان لإعطاء الحياة الأبدية

«إذ أعطيته سلطانا على كل جسد ليعطى حياة أبدية لكل من أعطيته» (يوحنا2:17) .

13 - له السلطان على كل قوات السماء

«الذي هو في يمين الله. إذ قد مضى إلى السماء. وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له» (1 بطرس22:3) . و «لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (فيليبي 9:2 - 11).

«أخضع كل شيء تحت قدميه وإياه جعل رأسا فوق كل شيء للكنيسة» (أفسس 22:1) .

14 - له القدرة على إعطاء تلاميذه القوة

«بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا» (يوحنا5:15) ولقد أثبت في هذا القول أنه الإله القدير, وأنه يمنح القدرة لمن يشاء. ولقد أعطى تلاميذه سلطانا على صنع المعجزات باسمه (مرقس17:16, 18) وقال الرسول بولس «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (فيليبي 13:4) .

وقد ظهرت هذه القوة في:

1 - شفاء الرجل الأعرج من بطن أمه «الموجود عند باب الهيكل الذي يقال له الجميل» (أعمال 1:3 - 8).

2 - شفاء إينياس (أعمال 32:9 - 35).

3 - أقام بطرس طابيثا (أعمال 36:9 - 42).

خلاصة القول:

هل من الممكن أن يكون هذا الشخص, الذي سلطانه بلا حدود وقدرته فائقة إنسانا عاديا , أو يكون رئيس ملائكة أو ملاكا ? أو نبيا من الأنبياء?

كلا. فرئيس الملائكة والملائكة لم يظهروا سلطانا أمام الشيطان. كما فهمنا من حادثة مخاصمة إبليس لميخائيل رئيس الملائكة عن جسد موسى (يه 9) وكثير من الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى هذه الأرض أجروا معجزات, لكن لم يفعلوها بقوتهم الشخصية بل بقوة الله.

أما هذا الشخص العجيب فقد أجرى المعجزات بقوة لاهوته لأنه ابن الله.

نعم له السلطان المطلق والقدرة غير المحدودة على كل شيء. الذي مات لأجلنا ليفتدينا هو بذاته الذي يستطيع وحده فقط أن يحررك من نير الشيطان والخطية, ويكسر القيود ويفك السلاسل ويجعلك حرا طليقا .

فأقبل إليه بالإيمان.

6 - غير المتغير

إن الله «ليس عنده تغيير ولا ظل دوران» (يعقوب 17:1) .

) وفي (ملا 6:3) قال الرب لبني إسرائيل «لأني أنا الرب لا أتغير».

وكذلك جاء عن الابن هذا القول «السموات هي عمل يديك. هي تبيد ولكن أنت تبقى وكلها كثوب تبلى, فتتغير ولكن أنت أنت وسنوك لن تفنى» (عبرانيين 1:1 - 12) وجاء عنه في (مزمور 25:102, 26) «من قدم أسست الأرض والسموات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى. تغيرهن فتتغير وأنت هو وسنوك لن تنتهي» وفي هذا خلوده الذاتي كالله وعدم قابليته للتغيير.

ف«يسوع المسيح هو هو أمسا (الأزل) واليوم (الزمان) وإلى الأبد (أي طوال الأبدية) (عبرانيين 8:13) .

وهنا نلاحظ أنه تنتفي عنه إمكانية «التغير»كالله المتجسد أعني في لاهوته وناسوته معا باعتباره الله والإنسان في آن واحد وهذا واضح من القول «يسوع المسيح».

يظن البعض أن المسيح ابن الله قد أصابه تغيير نتيجة لتجسده ولكن الروح القدس ينفى تماما في القول «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسدا وحل بيننا (أي نصب خيمته بيننا) ورأينا مجده (مجده الشخصي)» (يوحنا1:1 - 14) ولنلاحظ أنه منذ تجسده فصاعدا أصبح لا الله باعتبار لاهوته فقط كما كان في الأول ويظل إلى أبد الآبدين بل الإنسان أيضا . فقيل عنه في تجسده «الله أرسل ابنه في شبه جسد الخطية» (غلاطية 4:4) وفي صباه وهو على الأرض قيل «من مصر دعوت ابني» (متى 15:2) , وفي المعمودية قيل «هذا هو ابني» (متى 17:3) .

وفي خدمته قيل «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر» (يوحنا18:1) وفي موته بالجسد قيل «صولحنا مع الله بموت ابنه» (رومية 10:5) .

وفي قيامته وصعوده بالجسد الذي به مات وقام قيل «الذي نزل هو الذي صعد أيضا فوق جميع السموات» (أفسس10:4) .

وعن رجوعه في مجيئه إلينا بنفس هذا الجسد «وتنتظروا ابنه من السماء الذي أقامه من الأموات يسوع» (1تسالونيكي 10:1) .

ومما يؤيد عدم انتهاء شخصيته بموته, وأنه الابن المتجسد الذي مات بجسده وقام بجسده أيضا قول الرسول بولس عنه في (رومية 3:1, 4) «عن ابنه. الذي صار من نسل داود من جهة الجسد وتعي ن ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات. يسوع المسيح ربنا» وقوله أيضا لتيموثاوس في (2 تي 8:2) «اذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي» كما أنه «ابن الله» بإنسانيته التي بها و ضع قليلا عن الملائكة.

«ولكن الذي و ضع قليلا عن الملائكة يسوع نراه مكللا بالمجد والكرامة» (عبرانيين 9:2) .

وعن مجيئه العتيد إلينا «السموات التي منها أيضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء» (فيليبي 2:3, 21).

وأيضا في سفر الرؤيا «هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض» (رؤيا 7:1) .

هذا هو الكلمة «ابن الله» الذي «صار جسدا» الله الأزلي الأبدي الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران والذي صار جسدا والذي يظل إلى الأبد إلها وإنسانا بجسده بغير انتهاء ولا تحويل ولا تغيير, إلا أنه كان هنا إنسانا في حال الإتضاع «وضع قليلا» عن الملائكة أما هناك فهو بجسده الإنسان الممجد نراه مكللا بالمجد والكرامة. كان هنا بجسد مثلنا بلا خطية لكنه سكب للموت نفسه, ليحيي نفوسنا وليسفك دمه ليفي ما علينا ويعفو عنا, أما الآن في المجد فهو كإنسان يحيا بجسده بقوة حياة لا تزول التي سيجعلها قوة حياة أجسادنا بعد تغييرها لتكون خالدة في المجد. كان هنا بجسد تختفي فيه أنوار أمجاده التي لم يظهر منها إلا القليل على جبل التجلي, أما في المجد تشع من جسده الإنساني كل أنوار مجده الإلهي, التي عندما ظهر بها مرة لشاول جعله يسقط صريعا على الأرض وصار أعمى, وأمامها ترتعب جميع قبائل الأرض وتظلم الشمس ولا يعطى القمر ضوءه (أعمال 3:9 - 9 , متى 29:24, 30).

نعم, يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد. له كل المجد.

7 - القدوس

نحن نعلم أنه لا يوجد في العالم أجمع من حاز أو يحوز كمال القداسة من يوم سقوط آدم وحواء إلى يوم القيامة. ولا يمكن أن يقال عن أحد إطلاقا «القدوس» إلا الله وحده فقد قال لشعبه قديما في (لا 44:11) «إني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس» وفي (لا 26:20) «وتكونون لي قديسين لأني قدوس أنا الرب» وفي (1بطرس 16:1) «كونوا قديسين لأني أنا قدوس».

وفي تسبيحة المفديين في (خر11:15) «من مثلك معتزا في القداسة».

وصلت حنة أم صموئيل قائلة عنه «ليس قدوس مثل الرب» (1صم 2:2) وفي (مزمور 9:99) «علوا الرب إلهنا واسجدوا في جبل قدسه لأن الرب إلهنا قدوس».

ومن جهة اسمه قال لموسى أن يكلم هرون وبنيه قائلا : «ولا يدنسوا اسمي القدوس أنا الرب» (لا 2:22) .

ويقول صاحب المزمور «لأنه به تفرح قلوبنا لأننا على اسمه القدوس اتكلنا» وفي (إشعياء 15:57) مكتوب «لأنه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الأبد القدوس اسمه».

فالله وحده هو القدوس ولا يعادله في قداسته أحد من البشر ولا من الملائكة, من خلائق ترى أو لا ترى, ولكوننا أدركنا أن الله واحد لكنه جامع أقانيم لذلك فكل أقنوم يطلق عليه قدوس فقيل عن الآب في الوحي إنه «القدوس» في القول الذي قاله الرب يسوع في (يوحنا11:17) «أيها الآب القدوس».

كذلك قيل عن الابن في (لوقا35:1) «القدوس المولود منك».

وعن الروح القدس إنه القدوس في (مزمور 11:51) «وروحك القدوس» وإنه «روح القداسة» (رومية 4:1) ونعود إلى أساس حديثنا وهو أقنوم الابن شخص المسيح ونسأل سؤالا :

هل هو القدوس... بالفعل?

نحن نعلم أنه ليس قدوس إلا الله لأن البشر جميعهم زاغوا وفسدوا وليس فيهم بار ولا واحد. «وليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد» (رومية 1:3 - 12) وبالتالي إن كان المسيح هكذا يكون هو الله.

نعم بكل تأكيد إن المسيح هو الله القدوس.

فعندما بشر الملاك العذراء بولادته قال لها «لذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله» (لوقا35:1) فبما أن المسيح هو القدوس الكامل لذلك فهو ابن الله.أي إن هذه القداسة هي البرهان الواضح الدال على لاهوته وقالت العذراء مريم وهي تعظم الرب عنه «لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس» (لوقا49:1) .

وفي خطاب بطرس أمام الإسرائيليين بعد شفاء المقعد عند باب الهيكل الجميل قال لهم: «ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار» (أعمال 14:3) لقد وبخهم لأنهم أنكروا القدوس البار أي أنكروا الإله القدوس.

وفي صلاة التلاميذ في (أعمال 27:4) قالوا: «اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته. هيرودس وبيلاطس» وهنا نرى إتماما للنبوة الواردة في المزمور الثاني واعترافا بلاهوت المسيح وقداسته.

وفي رسالة العبرانيين جاء عنه «قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات» (عبرانيين 26:6) .

وفي (أعمال 27:2) قيل عنه «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادا» وأيضا (أعمال 35:13) .

وجاء عنه في (رؤيا 7:3) «هذا يقوله القدوس الحق».

وقيل عنه في (عبرانيين 15:4) «مجر ب في كل شيء مثلنا بلا خطية». لقد شهد كاتب العبرانيين أن المسيح قدوس بار بلا خطية.

وهذا ما شهد المسيح لنفسه به, عندما قال لخصومه وأعدائه والمقاومين له «من منكم يبك تني على خطية» (يوحنا46:8) .

وقال الرسول يوحنا وهو يصف المسيح «وتعلمون أن ذاك أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية» (1يوحنا5:3) .

ويصفه بطرس الرسول قائلا «فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا و جد في فمه مكر» (1بطرس 21:2, 22), ويصفه الرسول بولس قائلا «الذي لم يعرف خطية» (2كورنثوس21:5) .

هذا هو المسيح الذي جاء إليه ذات مرة شاب غني رئيس وقال له «أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية» فقال له «لماذا تدعوني صالحا ? ليس أحد صالحا إلا واحدا وهو الله» (متى 16:19, 17) وهنا لا يقصد الرب يسوع أنه ليس صالحا لأنه ليس هو الله!

فهو لم يقل له لا تدعوني صالحا بل قال له لماذا تدعوني صالحا ? وقصد الرب من ذلك أمرين:

الأول: أن يعلن حقيقة شخصه لذلك الشاب.

والثاني: أن يعلن ضعف الإنسان وفشله وعجزه الكامل في عمل الصلاح.

لقد سأله الشاب,أي صلاح أعمل. وهو سؤال يفترض أن في الإنسان قدرة على عمل الصلاح. وهذا غير صحيح «فليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد» (رومية 12:3) ولذلك قال الرب له «ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله». لقد شجب الرب ظن ذلك الشاب في محاولة عمل الصلاح. هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى أراد أن يعلن حقيقة شخصه لذلك الشاب. إنك تدعوني صالحا فلماذا تدعوني كذلك. هل هي مجاملة منك لي أم إنه إيمان حقيقي بأني الله. لماذا تدعوني صالحا ?? ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله والرب الذي قال هذا الكلام هنا هو بعينه الذي قال في مناسبة أخرى «أنا هو الراعي الصالح». لقد شهد عن صلاحه, لأنه هو الله.

بل كان يقصد أيضا أن يقول لهذا الشاب أتدعوني صالحا بمقياس الصلاح البشري? أم تدعوني صالحا بمقياس الصلاح الإلهي?. وإذا كنت تقصد أنني صالح بمقياس الصلاح الإلهي فهذا يعني أنني الله. لأنه ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله. فإذا اعترفت بحق صلاحي بالمقياس الإلهي وجب عليك أن تعترف بأنني الله.

نعم إن المسيح هو الصالح, المنزه عن الخطأ لأنه هو الله المتجسد.

نعم هذا هو الشخص العجيب الذي يكشف الخبايا ويظهر ما في القلوب, ويوبخ منه الجميع لكن لا يوبخه أحد لأنه القدوس البار, أما كل البشر فجميعهم أشرار.

في ذات مرة جاء الكتبة والفريسيون إليه وهو في الهيكل بينما كان يعل م الشعب وقدموا إليه امرأة أمسكت في ذات الفعل «زنا». ولما أقاموها في الوسط قالوا له «يا معلم هذه المرأة أمسكت في ذات الفعل وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ت رجم. فماذا تقول أنت? قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه» (يوحنا2:8 - 6). لكن المسيح العالم بكل شيء له كل المجد «انحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض ولما استمروا يسألونه انتصب. وقال لهم: من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر. ثم انحني أيضا إلى أسفل وكان يكتب على الأرض. وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم فخرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين» (يوحنا6:8 - 9) . لقد كشف لكل واحد خباياه, وخطاياه. فكيف يظلون أمام قداسته ونور عينيه ويقول الكتاب: «بقي يسوع وحده والمرأة» لأنه القدوس المنزه عن الخطأ. ولقد غفر لهذه المرأة لأنه من حقه وحده أن يغفر الخطايا, وفي نفس الأصحاح الذي بكت فيه الجميع وأظهر خباياهم وخطاياهم, تحداهم قائلا «من منكم يبكتني على خطية» (يوحنا46:8) ولم يستطع أحد أن ينطق بكلمة لأنه القدوس الذي بلا شر ولا دنس.

لذلك شهد عنه بيلاطس الوالي الروماني مرارا , وهو يحاكمه قائلا «لست أجد فيه علة واحدة» (يوحنا31:18) وقالت زوجته أيضا له عن هذا القدوس «إياك وذلك البار» (متى 19:27) . وقال عنه أحد اللصين الذي أنار الله قلبه لزميله «أولا أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله» (لوقا40:23, 41) وقال عنه قائد المئة الذي أشرف على صلبه «بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا» (لوقا47:23) .

نعم هذا هو الذي عندما لطم من أحد الخدام الواقفين أمام رئيس الكهنة إذ كان يحاك م, قال له: «إن كنت قد تكلمت رديا فاشهد على الرديء وإن حسنا فلماذا تضربني» (يوحنا23:18) . لقد قال عنه إشعياء النبي «على أنه لم يعمل ظلما ولم يكن في فمه غش» (إشعياء 9:53) وقال عنه بطرس «الذي إذ شتم لم يكن يشتم عوضا وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضى بعدل» (1بطرس 3:2) .

نعم هذا هو الذي شهدت له حتى الشياطين بأنه هو الله القدوس. ففي كفر ناحوم لما دخل المجمع وأخذ يعلم, كان في مجمعهم «رجل به روح نجس فصرخ قائلا : آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري. أتيت لتهلكنا. أنا أعرفك من أنت, قدوس الله». ولذلك لاق به وحده أن يقول «إن رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء» (يوحنا30:14) .

ورئيس العالم هو إبليس الذي أذل البشر ونال من جميع الناس مبتغاه, ولكنه لم ينل شيئا من المسيح لأنه الإله القدوس القدير على كل شيء


أعماله الإلهية

1 - الخالق

إن لفظ «الخالق» لا يطلق علي أي مخلوق على الإطلاق مهما كانت عظمته, لأن الخلق هو عمل الله فقط, سواء الخليقة الظاهرة المرئية أو الخليقة غير الظاهرة وغير المرئية, سواء كانت ما في السموات أو ما على الأرض.

فلقد جاء عن الله (أعمال 24:17 - 26) «الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه. إذ هو يعطى الجميع حياة ونفسا وكل شيء وصنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض».

وفي (رؤيا 11:4) ما يترنم به الأربعة والعشرون شيخا قائلين: «أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة لأنك أنت خلقت كل الأشياء وهي بإرادتك كائنة وخلقت» وجاء عنه كذلك أنه:

«إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض» (إشعياء 28:40) .

«خالق الكواكب والنجوم» (إشعياء 26:40) .

«أنا صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها» (إشعياء 12:45) .

«هكذا قال الرب خالق السموات هو الله مصور الأرض وصانعها هو قررها» (إشعياء 18:45) .

«هكذا يقول الرب خالق السموات وناشرها باسط الأرض ونتائجها. معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا» (إشعياء 5:42) .

ونحن نعلم أن الله واحد لكنه أقانيم وكما أن الآب هو الخالق كذلك الابن أيضا هو الخالق. ولنلاحظ وحدة الأقانيم في القول «هكذا يقول الرب فاديك وجابلك من البطن أنا الرب صانع كل شيء ناشر السموات وحدي باسط الأرض من معي» (إشعياء 24:44) .

وأيضا جاء عنه «فإنه هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح» (عا 13:4) . وجاء عنه أيضا في صلاة إرميا «ها إنك قد صنعت السموات والأرض بقوتك العظيمة وبذراعك الممدودة لا يعسر عليك شيء» (إرميا 17:32) وأيضا في (مزمور 16:74, 17) يقول آساف «أنت هيأت النور والشمس. أنت نصبت كل تخوم الأرض والصيف والشتاء أنت خلقتهما».

وفي (مزمور 11:89, 12) يقول إيثان الأزراحي «المسكونة وملؤها أنت أسستها. الشمال والجنوب أنت خلقتهما» وأيضا في (مزمور 4:104, 5) «الصانع ملائكته رياحا وخدامه نارا ملتهبة. المؤسس الأرض على قواعدها فلا تتزعزع إلى الدهر والأبد».

والروح القدس أيضا هو الخالق فلقد جاء عنه في (مزمور 30:104) «ترسل روحك فتخلق. وتجدد وجه الأرض».

والمسيح ابن الله, هو الله الخالق.

فلقد جاء في الوحي الإلهي ما يأتي:

1 - في (يوحنا3:1) «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» وفي عدد 10 «كان في العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم». ولكون العالم قد ك و ن به فهذا برهان على أنه هو الإله الخالق.

2 - في (كولوسي 16:1) «فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض. ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق». لاحظ كلمة فيه, وبه, وله قد خ لق الكل.

3 - في (عبرانيين 2:1) «ابنه الذي به أيضا عمل العالمين» وفي (عبرانيين 10:1) «وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك». وفي (عدد 8) قال الرسول إن المسيح ابن الله هو الله الذي كرسيه إلى دهر الدهور وقال عنه إنه هو الرب الخالق الذي خلق الأرض والسموات.

4 - وفي (أم 27:8 - 30) يقول الابن الذي هو الحكمة «لما ثبت السموات كنت هناك أنا, لما رسم دائرة على وجه الغمر. لما ثبت السحب من فوق لما تشددت ينابيع الغمر, لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمه لما رسم أسس الأرض, كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذته فرحه دائما قدامه».

5 - وفي (رؤيا 16:22) يقول «أنا يسوع, أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير» وأصل داود تعني جابله وخالقه. وأيضا ربه كما قال في (مزمور 1:110) «قال الرب لربي» وإن كان بالناسوت أي بالتجسد ذرية داود. فهو بالحقيقة الخالق. فلو لم يكن كذلك ما كان قد قال إنه أصل داود.

نعم إن كل المخلوقات المنظورة وغير المنظورة السماوية والأرضية جميعها قد خلقها المسيح, وقد خلقها لأجل مجده «الكل به وله قد خلق» (كولوسي 16:1) وأيضا «لأن منه وبه وله كل الأشياء له المجد إلى الأبد» (رومية 36:11) .

وهو أيضا «فيه يقوم الكل» (كولوسي 17:1) «الذي هو البداءة» (كولوسي 18:1)أي الأصل والأساس لوجود كل الأشياء. «كل شيء به كان» (يوحنا3:1) .

ولقد برهن الرب يسوع في أيام جسده بأنه الخالق في معجزاته الكثيرة التي نذكر منها معجزتين:

الأولى: لقد خلق عينين للمولود من بطن أمه أعمى, مع أن هذا الأعمى لم يكن هو أول أعمى يفتح الرب عينيه بل قد فتح أعين عميان كثيرين لكن جميعهم كان يقول لكل واحد منهم أبصر (لوقا42:18) وفي الحال كان يبصر ويتبعه وهو يمجد الله (لوقا43:18) أما هذا الأعمى فلم يقل له أبصر. لكن يقول الكتاب إنه «تفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى وقال له اذهب واغتسل في بركة سلوام. فمضى واغتسل وأتى بصيرا» (يوحنا6:9, 7).

ومن هنا يأتي سؤال لماذا في هذه المعجزة بالذات فعل يسوع هكذا? وللإجابة على هذا السؤال نقول:

1 - من سؤال التلاميذ في ع 2 وجواب الرب لهم في ع 3 يتضح لنا الأمر فقد قالوا له عندما رأوا الأعمى «يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى و لد أعمى? أجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا أبواه ولكن لتظهر أعمال الله فيه». والعبارة الأخيرة تؤكد لنا لاهوت المسيح أي إن المسيح ابن الله هو الله ذاته. إذ إنه أظهر أعمال الله في ذلك الأعمى بإعادة البصر إليه.

2 - إن هذا الأعمى مولود بدون عينين من بطن أمه, فالذي يمنحه البصر لابد أن يخلق له عينين. ومن المعروف أن الإنسان خلق من التراب ولذلك الذي يكمل ما نقص في تكوين هذا الإنسان وهو في بطن أمه يكمله من التراب. وهذا ليس في سلطان أحد سوى الخالق, لذلك تفل يسوع على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى وهكذا خلق له من الطين عينين جديدتين.

ألا ترى معي أن هذا الأمر ضد المنطق الإنساني والطب, فلو كان هناك إنسان بصير طليت عيناه بالطين لكان معرضا أن يصاب بالعمى. لكن المسيح طلى عيني الأعمى ومن ذلك عمل للأعمى عينين. أليس هو الذي خلق آدم من تراب ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار نفسا حية?

ولقد أعلن الرب حقيقة شخصه لهذا الرجل الذي صنعت معه المعجزة إذ قال له: «أتؤمن بابن الله? أجاب ذاك وقال من هو يا سيد لأؤمن به? فقال له يسوع قد رأيته والذي يتكلم معك هو هو. فقال أؤمن يا سيد وسجد له» (يوحنا35:9 - 37).

المعجزة الثانية - إقامة لعازر الميت بعد أن أنتن:

مع تقدم الإنسان في العلم وما وصل إليه من اكتشافات حديثة ولا سيما في هذا القرن لكنه مازال وسيظل عاجزا عن أن يقيم ميتا ولو كان له أربع ساعات فقط من موته. فكم بالحري بعد أربعة أيام وبعد أن قيل عنه «قد أنتن» (يوحنا39:11) لكن المسيح قد أقام لعازر بعد موته وبعد أن أنتن إذ كان له أربعة أيام. هذا الذي لما أصيب بالمرض أرسلت الأختان إلى يسوع قائلتين «يا سيد هوذا الذي تحبه مريض» (يوحنا3:11) , فلما سمع يسوع هذا قال: «هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله ليتمجد ابن الله به» (يوحنا4:11) ولقد مكث الرب بعد ذلك في الموضع الذي كان فيه يومين وبعد ذلك قال لهم «لعازر حبيبنا قد نام لكني أذهب لأوقظه فقال لهم علانية لعازر مات وأنا أفرح لأجلكم أني لم أكن هناك لتؤمنوا. ولكن لنذهب إليه» (يوحنا6:11 - 15).

كيف يفرح الرب لموت حبيب مثل لعازر? السبب هو أن هذا الموت سيعطى التلاميذ فرصة ليعرفوا من هو يسوع? ولكي يتأكدوا أنه هو الله المستطاع لديه كل شيء.

عندما جاء يسوع إلى القبر وكان مغارة وقد و ضع عليه حجر. قال يسوع «ارفعوا الحجر قالت له مرثا أخت الميت يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام» نعم قد تعفنت الجثة. فقال لها يسوع «ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله» (يوحنا40:11) ولما رفعوا الحجر «صرخ يسوع بصوت عظيم لعازر هلم خارجا فخرج الميت» (يوحنا43:11, 44).

لقد أقام موتى كثيرين غير هذا لكن ما فعله يسوع سابقا هو إرجاع الروح إلى الجسد حيث إن الجسد لم يكن قد تعفن بعد, مثل إقامة ابنة يايرس, والشاب ابن أرملة نايين. ولكن في هذه الحادثة كان الأمر يتطلب لا إرجاع الروح إلى الجسد فقط, بل إعادة تكوين جسده من جديد. بعد أن تعف ن وتحل ل. وهذا ليس في سلطان أحد إلا الله وحده. إذن ما فعله الرب يسوع يعلن عن أنه هو الله الخالق.

نعم بكل يقين نستطيع أن نقول ما قاله الرسول بولس «لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به» (1كورنثوس5:8,6) وأيضا «الله خالق الجميع بيسوع المسيح» (أفسس9:3) .

رغم وضوح ما سبق يقول المد عون أنهم شهود يهوه إن الله خلق ملاكا ودعاه إلها أي رئيسا وكلفه بخلقتنا فخلقنا وهو المعروف باسم ميخائيل رئيس الملائكة الذي و لد من العذراء وسمي يسوع, يا لها من ضلالة كبرى وعناد مرير. إن الله لم يتركنا لنرد عليهم, لكنه يرد عليهم من المكتوب «في البدء خلق الله (إيلوهيم) السموات والأرض» (تكوين 1:1) بدون أن يستخدم أي كائن كواسطة للخلق بل هو الخالق بنفسه كقول الكتاب في (تكوين 3:1) «وقال الله ليكن نور فكان نور» فالذي قال هو بذاته الذي بأمره كانت الأشياء «بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها, لأنه قال فكان. هو أمر فصار» (مزمور 6:33,9) ويقول في (إشعياء 34:44) «أنا الرب صانع كل شيء ناشر السموات وحدي باسط الأرض من معي؟».

وفي (إشعياء 12:48, 13) «أنا هو. أنا الأول وأنا الآخر ويدي أسست الأرض ويمين نشرت السموات» وفي (ملا خي10:2) «أليس إله واحد خلقنا»أي إن الذي خلقنا هو الإله الواحد الحي الحقيقي الذي لا إله غيره ولا شريك له. ومادام الابن الذي في ملء الزمان تجسد من العذراء هو الذي قبل تجسده خلقنا فيكون هو بعينه ذلك الإله الواحد الحقيقي الذي لا إله آخر غيره في الوجود كالآب وكالروح القدس. ولذلك جاء عنه في العهد الجديد في (يوحنا3:1) «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان».

ُينسب الخلق لله في (رومية 36:11) منه وبه وله كل الأشياء كذلك الابن باعتباره الله ينسب إليه الخلق المباشر للخليقة و صدورها منه فيقول في (كولوسي 1: 16) « فانه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين.الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل» ويقول في (عبرانيين 8:1 - 11) «وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك». «فهو الخالق» وكما جاء عنه كلمة «به» جاءت أيضا عن الله في القول السابق منه وبه وله كل الأشياء (رومية 39:11) .

كما أننا نلاحظ اشتراك الأقانيم في خلق الإنسان لذلك استخدم ما يدل على وحدانيته الجامعة فقال:

«وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» ثم يجب أن نلاحظ أن الرب يسوع عندما يأتي لاختطاف المؤمنين لا يختطف الأحياء فقط, ولكنه وإن كان يغير أجساد الأحياء, فإنه قبل ذلك يقيم الراقدين جميعهم دفعة واحدة وفي لحظة وفي طرفة عين بأجساد ممجدة. ثم بعد ذلك يقيم جميع الأشرار من الهاوية لإدانتهم فكيف يقام الأشرار جميعهم ويلبسون أجسادهم دفعة واحدة وبسرعة لو كان المسيح ليس هو الله? (1كورنثوس51:15 - 58 ,1تسالونيكي 13:4 - 18 , رؤيا 20).

نعم إنه الله الخالق لذلك يستطيع أن يفعل كل هذا.

وكما ثبت أنه الخالق للخليقة الأولى فهو أيضا الخالق للخليقة الجديدة لذلك جاء في (أفسس10:2) لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة وأيضا في (2كورنثوس17:5) . «إذا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة» لذلك هو القادر على حفظ خليقته سواء القديمة أو الجديدة فقد جاء عن الله في (إشعياء 25:40, 26) «فبمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس. ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه. من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء. لكثرة القوة وكونه شديد القوة لا يفقد أحد».

وأيضا جاء عن المسيح «ابن الله» في (عبرانيين 3:1) «حامل كل الأشياء بكلمة قدرته» وفي (كولوسي 17:1) يقول «وفيه يقوم الكل» وأيضا قيل في (2بط 5:3 - 7) «والأرض بكلمة الله قائمة».

وليس أنه حافظ للأرض وما عليها والسموات وما فيها فقط, لكنه هو أيضا المهتم والحافظ لمن هم فيه خليقة جديدة, الذين قال عنهم في (مزمور 3:16) «القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مشرطي بهم» لذلك قال عن التلاميذ الذين اختارهم في أيام جسده للآب: «حين كنت معهم في العالم كنت أحفظهم في اسمك الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب».

وقال عن المؤمنين جميعهم بصفتهم خرافه في (يوحنا27:10 - 30) «خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني وأنا أعطيها حياة أبدية, ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي».

وقد قال الرب يسوع في (يوحنا39:6) «وهذه مشيئة الذي أرسلني أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئا , بل أقيمه في اليوم الأخير» وفي (2تسالونيكي 3:3) «أمين هو الرب الذي سيثبتكم ويحفظكم من الشرير».

وقال بولس الرسول «لكني لست أخجل لأنني عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم» (2تيموثاوس 12:1) وعن الكنيسة جميعها قال: «على هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى 18:16) .

2 - غفار الخطايا

جاء عن الله في العهد القديم أنه غافر الذنوب والخطايا. ففي (عدد 18:14) «الرب طويل الروح كثير الإحسان يغفر الذنب والسيئة». وفي (مزمور 38:78) «أما هو فرؤوف يغفر الإثم ولا يهلك. وكثيرا ما رد غضبه ولم يشعل سخطه». وفي (مزمور 3:103) «الذي يغفر جميع ذنوبك».

وفي (مزمور 4:130) «لأن عندك المغفرة لكي يخاف منك». وفي (مزمور 5:86) «لذلك أنت يا رب صالح وغفور وكثير الرحمة لكل الداعين إليك» وقال نحميا (7:9) «وأنت إله غفور وحنان طويل الروح وكثير الرحمة فلم تتركهم». في (ميخا 18:7) «من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب».

وفي سفر الخروج مكتوب عنه «غافر الإثم والمعصية والخطية» (خر 7:34) وقال دانيال «للرب إلهنا المراحم والمغفرة» (دانيال 9:9) وفي (إشعياء 7:55) «ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب إلهنا فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران».

أما عن الابن فقد جاء عنه ما يدل على أنه يهوه مانح الغفران كالآب تماما ففي (أعمال 31:5) عن طريق بطرس والرسل «إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموهم عل قين إياه على خشبة. هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا . ليعطى إسرائيل التوبة وغفران الخطايا».

وقال يسوع عن نفسه «لأن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا» (مرقس10:2) لذلك. قال للمفلوج «مغفورة لك خطاياك» (مرقس5:2) .

وقال للخاطئة التائبة «مغفورة لك خطاياك» (لوقا48:7) وفي (كولوسي 13:3) «كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضا». وفي (أعمال 43:10) يقول بطرس الرسول في بيت كرنيليوس عن المسيح «له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا». وفي (أفسس7:1) «الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا» وقال لتلاميذه بعد قيامته «هكذا هو مكتوب. وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وأن يكرز باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدئا من أورشليم» (لوقا46:24, 47).

وقال بطرس في يوم الخمسين للرجال الذين تعامل معهم روح الله القدوس «توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا. فتقبلوا عطية الروح القدس» (أعمال 38:2) وقال الرسول يوحنا للمؤمنين: «أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غ فرت لكم الخطايا من أجل اسمه» (1يوحنا12:2) وقد قال الرب يسوع بنفسه لشاول الطرسوسي عندما ظهر له في الطريق إلى دمشق «أنا الآن أرسلك إليهم. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلماك إلى نور. ومن سلطان الشيطان إلى الله. حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين» (أعمال 17:26, 18) هذا هو يسوع المسيح ابن الله الذي أحبنا وجاء من السماء إلى أرضنا متجسدا وحمل خطايانا في جسده على الخشبة ومات لأجلنا ليهبنا الغفران بدمه الكريم إذا آمنا باسمه واحتمينا في دمه.

3 - المحيي

قيل عن الله في العهد القديم «جابل روح الإنسان في داخله» (زكريا 1:12) ويقول الحكيم (جامعة 7:12) «فيرجع التراب إلى الأرض كما كان وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها» وقال داود الملك للرب «في يديك أستودع روحي» (مزمور 5:31) وقال أليهو «لأنه عن قليل يأخذني صانعي» (أيوب 22:32) .

وفي العهد الجديد جاء عن المسيح ابن الله ما يدل على أنه الله, كالآب تماما الذي بيده آجال البشر لأنه هو خالقهم وله مطلق التصرف فيهم. فقال لبطرس عن يوحنا الحبيب «إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجئ فماذا لك» (يوحنا22:21) . وقال له إستفانوس «أيها الرب يسوع اقبل روحي» (أعمال 59:7) .

ولقد قال في إنجيل يوحنا «كما أن الآب يقيم الأموات ويحيى, كذلك الابن أيضا يحيى من يشاء» (يوحنا21:5) .

قال المسيح لمرثا «أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد» (يوحنا25:11) .

وهو المحيى للأموات بالذنوب والخطايا, فلقد قال له كل المجد «الحق الحق أقول لكم إنه تأتي ساعة وهي الآن, حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون» (يوحنا25:5) .

نعم لا يقدر أن يميت الحي أو يحيي الميت بأمره إلا الله الذي هو رب الموت والحياة «الرب يميت ويحيي» (1صم 6:2) . وبما أن المسيح كما سبق هو رب الحياة والموت وله القدرة عليهما معا فهو الله وهو الذي يمنحنا الحياة بل هو مصدر الحياة وبه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس (يوحنا4:1) .

4 - مانح الخلاص

جاء عن الرب يهوه في الكتاب المقدس أنه المخلص, هكذا قد جاء عن المسيح أنه هو المخلص. وهذا ما يثبت أن المسيح هو الرب يهوه إله العهد القديم والجديد. فلقد جاء عن الله في العهد القديم ما يثبت أنه المخلص ففي (تكوين 18:49) قال يعقوب أبو الأسباط «لخلاصك انتظرت يا رب» وفي (مزمور 20:68) قال داود «الله لنا إله خلاص» وفي (مزمور 14:118) «قوتي وترنمي الرب وقد صار لي خلاصا». وفي (إشعياء 2:12, 3) «هوذا الله خلاصي فأطمئن ولا أرتعب. لأن ياه يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصا . فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص».

وقال المرنم في (مزمور 1:27) «الرب نوري وخلاصي ممن أخاف». وقال في (مزمور 22:38) «أسرع إلى معونتي يا رب يا خلاصي» وفي (مزمور 1:62, 2) «إنما لله انتظرت نفسي. من قبله خلاصي. إنما هو صخرتي وخلاصي وملجأي».

وفي سفر هوشع يقول «وأما بيت يهوذا فأرحمهم وأخلصهم بالرب إلههم» (هو 2:1, 7).

ولقد جاء في العهد الجديد: في (تيطس 4:3) «ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه. لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا» وفي (2تيموثاوس 8:1, 9) «بحسب قوة الله الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة. لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة» وفي (1تيموثاوس3:2, 4) «لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون».

وكما قيل عن الله أنه المخلص, هكذا قيل عن المسيح لأنه بذاته هو الله فجاء في (تيطس 6:3) «يسوع المسيح مخلصنا» وفي (2تيموثاوس 9:1, 10) «الله الذي خلصنا... وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود».

وقال الرسول بولس في اختباره «صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا» (1تيموثاوس15:1) .

لذلك قيل في (أعمال 23:13) «أقام الله لإسرائيل مخلصا يسوع», ولذلك قبل أن حبل به في البطن سمي «يسوع» (لوقا21:2) .

ولماذا سمى بيسوع?

الجواب: في (متى 21:1) «فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» ونفس الاسم «يسوع» يعني يهوه المخلص ولذلك ترنمت مريم أمه وهي حبلى به قائلة: «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي» (لوقا46:1, 47) وعند مولده قال الملاك للرعاة «إنه و لد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لوقا11:2) وفي الهيكل عندما حمله سمعان البار على ذراعيه «بارك الله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب» (لوقا28:2 - 31).

وفي مدة خدمته على أرضنا أسكت تذمر يوحنا ويعقوب بسبب رفض إحدى قرى السامريين قبوله بالقول «لستما تعلمان من أي روح أنتما. لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل لي خلص» (لوقا55:9 - 56). وفي بيت زكا قال الرب يسوع عن نفسه «لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» (لوقا10:19) وقال له كل المجد في إرساليته: «لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم (يوحنا17:3) . وقال أيضا «لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم» (يوحنا47:12) .

وقال عنه بطرس الرسول أمام رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل «وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص» (أعمال 12:4) .

وعندما قال سجان فيلبى لبولس وسيلا «يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص. فقالا آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص» (أعمال 30:16, 31).

ومن الواضح من المكتوب أنه بموته خلصنا من الدينونة والهلاك الأبدي, وعبودية إبليس والخطية (رومية 1:5,8) وهو بذاته يخلصنا الآن بحياته (رومية 10:5) وقريبا سيخلصنا من الغضب بمجيئه (رومية 9:5) «وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي» وفي (عبرانيين 25:7) «فمن ثم يقدر أن يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله. إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم».

إذا إن كان عمل الخلاص ينسب إلى الله وحده. فمن الآيات السابقة يتضح لنا أن المخلص الوحيد هو المسيح.

إذا هو الله بذاته(إشعياء 10:43, 11) «أنا هو. قبلي لم يصور إله وبعدى لا يكون أنا الرب يهوه وليس غيري مخلص».

وقال عنه بطرس «الرب والمخلص يسوع المسيح» (2بط 20:2) ويقول الرسول يوحنا «ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصا للعالم» (1يوحنا14:4) .

5 - معطى الحياة الأبدية ومصدرها وحافظها

إن «الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح» (أفسس4:2) وفي (كولوسي 12:2, 13) «الله الذي أقامه من الأموات أحياكم معه».

لقد جاء شاب غني, سائلا الرب يسوع قائلا : «أيها الرب المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية» (مزمور 17:10) . وعندما تحدث إليه الرب بما يعلن أن الأعمال الصالحة لا تهب الإنسان الحياة الأبدية, وأنه لم يستطع أحد من البشر أن ينفذ الناموس لذلك ثبت حكم الموت على الإنسان فجلب الموت واللعنة.

وفي نهاية الحادثة مضى هذا الشاب في طريقه حزينا (لوقا18:18 - 26 مع متى 16:19 - 22 , مرقس17:10 - 22).

ولقد شهد الله عن ابنه «وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة. ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة» (1يوحنا10:5 - 12) وأيضا يقول «بهذا أظهرت محبة الله فينا أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به» (1يوحنا9:4) . لذلك يقول الرسول يوحنا «فإن الحياة أظهرت. وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا» (1يوحنا2:1) وأيضا «وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الأبدية» (1يوحنا25:2) وقال الرسول بولس في (رومية 23:6) «لأن أجرة الخطية هي موت. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا» وقال الرب يسوع في صلاته للآب في (يوحنا92:17) عن ذاته «إذ أعطيته سلطانا على كل جسد ليعطى حياة أبدية لكل من أعطيته» وقال في (يوحنا27:10, 28) «خرافي... أنا أعطيها حياة أبدية». وقال لسامعيه «لأن هذه هي مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير» (يوحنا40:6) . وقال أيضا «الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية» (يوحنا47:6) .

6 - مانح التوبة .. والإيمان

أولا : يصر ح لنا الإنجيل أن المسيح هو الذي يمنح البصيرة بصفته الله فقيل «فتح ذهنهم ليفهموا الكتب» (لوقا45:24) . وفي (أعمال 14:16, 15) «وكانت تسمع امرأة اسمها ليدية متعبدة لله ففتح الرب قلبها فلما اعتمدت... طلبت قائلة: إن كنتم قد حكمتم أني مؤمنة بالرب فادخلوا بيني» وفي (1يوحنا20:5) «ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق».

ثانيا : قيل في العهد القديم لله «توبني فأتوب لأنك الرب» (إرميا 18:31) وقيل عنه في العهد الجديد «أعطى الله الأمم التوبة للحياة» (أعمال 18:11) وهو نفس ما قيل عن المسيح ابن الله.

مما يدل على أنه هو الله معطى التوبة كالآب تماما في (أعمال 31:5) لقد رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا ليعطى إسرائيل التوبة فهو الله العامل في المبشرين للتبشير وفي الخطاة للتوبة إليه والإيمان به.

7 - فادي ومقتني شعبه والمكفر عنهم

جاء في العهد القديم عن الله (2أخ 18:30, 19) «الرب صالح يكفر عن كل من هيأ قلبه لطلب الله الرب إله آبائه وليس كطهارة القدس».

وجاء عن المسيح في العهد الجديد ما يدل على أنه هو الله ذاته في (عبرانيين 17:2) «من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء. لكي يكون رحيما ورئيس كهنة أمينا في ما لله حتى يكف ر خطايا الشعب» وفي (1يوحنا2:2) قيل عنه «وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا». وقد كفر بموته على الصليب كما كف ر الله ببذله لابنه لذلك في (رومية 25:3) «الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره».

وجاء عن الله في العهد القديم في (تثنية 6:32) «الرب تكافئون بهذا?... أليس هو أباك ومقتنيك (أي الذي اشتراك) هو عملك وأنشأك».

وقيل في (مزمور 2:74) «اذكر جماعتك التي اقتنيتها منذ القدم» هكذا جاء عن المسيح ابن الله في العهد الجديد ما يثبت أنه هو الله المقتني فيقول في (أعمال 28:20) «كنيسة الله التي اقتناها بدمه».

وفي (1كورنثوس20:6) «لأنكم أشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله».

وفي (1بطرس 18:1) «عالمين أنكم أفتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب بل بدم كريم دم المسيح».

وعن الأشرار قيل «وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكا سريعا» (2بط 1:2) .

8 - معطى الروح القدس

جاء في كلمة الله في (رومية 5:5) عن الروح القدس هذا القول «الروح القدس المعطى لنا» ومن هنا يأتي سؤال من هو معطى الروح القدس لنا في كلمة الله في (يوئيل 27:2 - 32) «إني أنا الرب إلهكم وليس غيري ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر».

وقال الرب يسوع في (يوحنا16:14, 17) «وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد, روح الحق» وفي (يوحنا26:14) «وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء».

كذلك قيل عن المسيح ابن الله إنه «مانح الروح القدس» ففي سفر الأمثال قال بصفته الحكمة «هأنذا أفيض لكم روحي» (أم 23:1) .

وفي (يوحنا26:15) يقول هو بنفسه «متى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي» «إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم» (يوحنا7:16) .

وفي خطاب بطرس الوارد في (أعمال 32:2, 33) قال: «فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك. وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب. سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه».

يقول المعمدان في (يوحنا33:1, 34) «لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعم د بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله».

لذلك يقال عن الروح القدس في (متى 20:10) «روح الآب» وأيضا في (غلاطية 6:4) «روح الابن» ويقال عنه أيضا «روح المسيح» (رومية 9:8) .

فلو لم يكن الابن هو الله كالآب تماما . لما سمي الروح القدس بالمرة «روح الابن» كما سمي «روح الآب», وكما سمي أيضا «روح الله» (رومية 14:8) فالابن إذا هو الله.

9 - الديان لجميع البشر

جاء في كلمة الله أن «الله ديان الجميع» (عبرانيين 23:12) . وفي (مزمور 6:50) يقول داود «وتخبر السموات بعدله لأن الله هو الديان» وإذ نحن نقل بصفحات الكتاب المقدس نجد أن المسيح هو ديان الجميع فقد جاء عنه: «الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن» (يوحنا22:5) . ومن هنا يواجهنا سؤال يفرض نفسه إن كان الابن ليس هو الله فكيف يتنازل الله عن ملكه وقضائه ويشرك معه أحدا من مخلوقاته رغم أن الدينونة من القضايا المختصة بالله وحده?.

وحاشا له أن يشرك معه أحدا آخر. ولكن الحقيقة هي أن الابن والآب واحد (يوحنا30:10) . أقنوم الابن الذي تجسد وفدانا هو الذي يدين في يوم الدينونة. لأنه هو الله الفادي وهو الله الديان العادل. والآب أعطاه «سلطانا أن يدين أيضا لأنه ابن الإنسان» (يوحنا27:5) .

وقال بطرس في بيت كرنيليوس «وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بأن هذا هو المعين من الله ديانا للأحياء والأموات. له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا» (أعمال 42:10, 43).

ولذلك يقول الروح القدس في (أعمال 30:17, 31) «فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل. لأنه أقام يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل, برجل قد عينه مقدما للجميع إيمانا إذ أقامه من الأموات» وجاء عنه في (رومية 16:2) «في اليوم الذي يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح» وقيل عنه في (1كورنثوس5:4) «سينير خفايا الظلام ويظهر آراء القلوب» وفي (2تيموثاوس 1:4) «يقول الرسول بولس لتيموثاوس «أنا أناشدك إذا أمام الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته».

وأيضا في (1بطرس 5:4) «هو على استعداد أن يدين الأحياء والأموات».

من الواضح في كلمة الله أن المسيح هو الذي سيحاسب المفديين أمام كرسيه كما هو مكتوب في (2كورنثوس10:5) «لأنه لابد أننا جميعا ن ظهر أمام كرسي المسيح, لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا».

وفي (رومية 10:14) «لأننا جميعا سوف نقف أمام كرسي المسيح». وأنه أيضا سيحاسب جميع الشعوب الأحياء عند ظهوره وتأسيس ملكه العتيد فيقول: «ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده, ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء» (متى 31:25 - 32).

وهو الذي سيدين الأموات أمام العرش العظيم الأبيض: «ثم رأيت عرشا عظيما أبيض والجالس عليه الذي من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع, ورأيت الأموات كبارا وصغارا واقفين أمام الله وانفتحت أسفار, وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة, ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم» (رؤيا 11:20, 12).

لنلاحظ القول «الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن. والقول, ورأيت الأموات صغارا وكبارا واقفين أمام الله ودين الأموات بحسب أعمالهم» يؤكد لنا أن المسيح هو الله الديان الذي قال عنه إبراهيم «ديان كل الأرض» (تكوين 25:18) , وقال بولس الرسول في (2تيموثاوس 8:4) «وأخيرا قد و ضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا».

ولذلك كما قيل عن الله في العهد القديم «من ذا الآتي... بثياب حمر...? أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص. ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد, فدستهم بغضبى ووطئتهم بغيظي. فر ش عصيرهم على ثيابي, فلطخت كل ملابسي... فدست شعوبا بغضبى وأسكرتهم بغيظي وأجريت على الأرض عصيرهم» (إشعياء 1:63 - 6) هكذا أيضا جاء عن المسيح في العهد الجديد «وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب» (رؤيا 15:19 - 16). «هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب» (رؤ14:17)

أقنوم الابن

لقد تكلمنا سابقا عن «الله» وقلنا إن الله واحد, ذات واحدة جوهر واحد لكن (ثلاثة أقانيم), وقلنا إن الأقانيم ليسوا أجزاء في الله وليس الله مركبا في ثلاثة أقانيم, لكن الله واحد وكل أقنوم هو الله وليس جزءا من الله.

الآب هو الله والابن هو الله, والروح القدس هو الله. جوهر واحد ولكن أقانيم ثلاثة, متحدون غير منفصلين ولكن متميزون عن بعضهم, متحدون في اللاهوت وفي الصفات الإلهية ولكن متميزون في بعض أعمالهم.

يقول قائل إن هذا فوق العقل, هذا صحيح لأن الله فوق العقل ولابد أن يكون هكذا لأننا نعتقد أن الله لا يكون على قدر العقل أبدا وإلا لا يكون هو الله.

الصنم يعمله الإنسان على قدر عقله, على قدر ما يتصور من صفات يصنعها في الصنم, أما الله فغير محدود, ولكن العقل محدود, ولذلك فالله فوق العقل لكنه ليس ضد العقل.

) ولقد تكلمنا عن أقنوم الآب وأقنوم الروح القدس. وأما الآن فلنتكلم عن أقنوم الابن:

يظن البعض أننا كمسيحيين عقيدتنا في كلمة «الابن» أنه قد جاء بالتزاوج, أو جاء عن طريق الإنجاب بواسطة الآب, أو لأنه أحدث منه زمانا أو لأنه أقل منه مقاما , لذلك أطلقنا عليه «ابن الله» ولذلك يتهموننا بأننا قد جدفنا على الله وأشركنا به. وهم بكل أسف لم يعرفوا معني كلمة (ابن الله).

فنحن:

لا نؤمن إطلاقا بما سبق, ولم يرد ذلك في كتاب الله المقدس بعهديه.

بل إن ما جاء في الكتاب المقدس عنه ينص على أن الله روح لا أثر للمادة فيه, لم يلد ولم يولد وأنه لا شريك له أو نظير, ولم يتخذ لنفسه زوجة أو صاحبة, وأنه لا يزيد ولا ينقص على الإطلاق.

كما يجب أن نلاحظ أن هناك دينونة رهيبة ستقع على كل من يتكلمون بالكلمات الصعبة على الرب يسوع (يهوذا 14, 15) والذي سوف يدينهم هو بنفسه. لأنه ديان الأحياء والأموات (أعمال 42:10) .

ثم دعنا نفكر في الأمر سويا , لو كان المسيح ابن الله بالولادة أو بالإنجاب عن طريق الآب لكان الله في ثالوثه كالآتي (الآب والأم والابن) لأنه حيث الولادة فلابد من الأمومة.

ولكن الله في ثالوثه لم يكن هذا بل هو (الآب والابن والروح القدس) ولذلك لا يمكن أن تكون بنوة الابن إلا البنوة الروحية وحدها.

ثم إنه لم يدع «ابن الله» لأنه خلق بواسطة الله, كما يدعى الملائكة والبشر لأنهم خلقوا بواسطته ولم يدع «ابن الله» لأنه أقرب الخلائق إلى الله بل هو «ابن الله» من الأزل قبل كل الأزمنة وقبل وجود أي مخلوق من المخلوقات (وأن الله أعلن ذاته بهذه الصورة) «الآب والابن والروح القدس».

فهو من هذه الناحية فريد في شخصه وفريد في مركزه وفريد في مهمته ولذلك جاء عنه في الوحي أنه:

«ابن الله الوحيد» (يوحنا18:1) , (يوحنا16:3) .

أي الذي ليس له نظير في بنوته لله وشخص لا نظير له في بنوته لا يكون ملاكا أو إنسانا أو مخلوقا , لأن كل واحد من هؤلاء ليس وحيدا بل له نظير.

ثم إن الاصطلاح «ابن الله» ليس لقبا للمسيح بل هو اسمه بعينه (يوحنا18:3) بينما الاصطلاح «أبناء الله» مجرد لقب للملائكة والبشر يراد به الإشارة إلى علاقة من العلاقات أو صفة من الصفات.

أما الاسم فيراد به التعبير عن الشخصية نفسها. إن بنوة الملائكة لله ترجع إلى كونهم مخلوقين منه مباشرة فهم أبناء بالخلق. أما بنوة المؤمنين فمن باب النعمة وليس من باب الاستحقاق, لكن بنوة المسيح حق من حقوقه الذاتية. لذلك:

لا يجوز الخلط بين بنوة المسيح وبنوة الخلائق بأي وجه من الوجوه. ثم ينبغي أن نلاحظ أن الكتاب المقدس لم يقل عن المسيح «ولد الله» بل ابن الله. والفروق بين الاصطلاحين كثيرة نذكر منها:

1 - قد يكون هناك والد مجرد من كل معاني الأبوة وقد يكون هناك شخص فيه كل معاني الأبوة, دون أن يكون له أولاد مولودون منه, فالتوالد إذا حالة جسدية أما الأبوة فحالة روحية.

2 - الاصطلاح «ولد الله» يظهر بداية للمولود. وهذه البداية ابتدأت بالولادة, أما الاصطلاح «ابن الله» فله مدلولاته الروحية الخاصة التي سنتكلم عنها فيما بعد.

3 - الاصطلاح «ولد الله» يظهر عدم التساوي بين الوالد والمولود من حيث الأسبقية في الزمن فدائما الوالد أكبر وأسبق من المولود, وهذا ما لا يتوافق مع الله في أقانيمه.

4 - الاصطلاح «ولد الله» يظهر أن المولود له محدوديته بالزمان والمكان, وهذا ما لا يتوافق مع المسيح الأزلي غير المحدود.

5 - الاصطلاح «ولد الله» يستلزم وجود أم وتزاوج , وحاشا أن نقول عن الله هكذا, لأن الله منزه عن هذه الأمور.

6 - الاصطلاح «ولد الله» يعلن عن تسيد شخص على الآخر, فالوالد دائما له السلطان على المولود. ولكن أقانيم الله غير ذلك تماما .

7 - الاصطلاح «ولد الله» يعطى التساوي بين المسيح «ابن الله» والخلائق الأخرى وهذا ما لم يكن على الإطلاق.

ويجب أن نلاحظ أيضا أن البشر يدعون أبناء الله بالخلق للدلالة علي:

أ - أنه مصدر وجودنا, كما هو وارد في (تثنية 6:32) «أليس هو أباك ومقتنيك هو عملك وأنشأك» وفي (ملاخي 10:2) «أليس أب واحد لكلنا. أليس إله واحد خلقنا». وفي (1كورنثوس6:8) «لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له».

ب - أنه صاحب العناية بكل البشر كخلائقه ولكن بصفة خاصة بالمؤمنين كما هو وارد في (مزمور 13:103) «كما يترأف الآب على البنين يترأف الرب على خائفيه». «أبو اليتامى وقاضى الأرامل الله في مسكن قدسه» (مزمور 5:68) وفي (متى 26:6) «انظروا إلى طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها» وفي (متى 29:10, 30) «أليس عصفوران يباعان بفلس وواحد منها لا يسقط على الأرض بدون أبيكم وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة».

ج -ما علينا من واجب الخوف والطاعة كما هو وارد في (ملاخي 6:1) «الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده. فإن كنت أبا فأين كرامتي وإن كنت سيدا فأين هيبتي قال لكم رب الجنود».

إن المؤمنين هم أبناء الله بالولادة الثانية والتبني كقول الوحي في (غلاطية 26:3) «لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع». وفي (1يوحنا12:1, 13) «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين و لدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله». وفي (أفسس5:1) «إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته»وعلى المؤمنين التجاوب مع هذه النعمة بالسلوك بالتدقيق, كقوله في (1بطرس 17:1) «إن كنتم تدعون أبا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف» وفي (متى 16:5) «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات».

ويجب أن نميز بين بنوة البشر لله على أساس الخلق, وبين بنوة المؤمنين لله على أساس الفداء, وبين بنوة المسيح الأزلية للآب فهو ابن الله الوحيد. ومدلول بنوته للآب مختلف تماما فبينما يدعى البشر أبناء الله لأنهم من صنع يديه وخليقته العاقلة نجد المسيح يدعى ابن الله باعتباره الله المعلن في الجسد وخالق كل الأشياء, وبينما نجد المؤمنين يدعون أبناء الله على أساس الفداء, نجد أن المسيح هو الذي صنع الفداء وهو الذي أعطانا سلطانا أن نصير أولاد الله (يوحنا12:1) .

وهذا التمييز واضح في كل الكتاب المقدس وإليك الأمثلة الآتية:

1 - في (متى 27:11) وفي (لوقا 22:10) «كل شيء قد د فع إلى من أبي. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب. ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له». وفي (يوحنا 35:3) «الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده».

وفي (يوحنا15:10) يقول «كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب». وهذه الأقوال لا يمكن أن تنطبق على أحد إلا على ابن الله الوحيد.

2 - وأيضا في (متى 17:3) في حادثة العماد «وصوت من السماء قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت».

وفي (مرقس6:12, 8) ترد هذه العبارة عن الله «فإذ كان له أيضا ابن واحد حبيب إليه أرسله أيضا إليهم أخيرا قائلا : إنهم سيهابون ابني فأخذوه وقتلوه وأخرجوه خارج الكرم».

وفي (يوحنا16:3) «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية».

في العبارات السابقة نلاحظ أنه الابن الحبيب الوحيد, وهذا ما لا يمكن أن يقال على آخر سواه.

3 - يظن البعض أن الاصطلاح «ابن الله» قد جاء عنه في الإنجيل فقط, لكن بالرجوع إلى التوراة نرى إشارات واضحة عن هذا الأقنوم فقد جاء عنه في (مزمور 7:2) «أنت ابني» وفي سفر الأمثال (4:30) «من ثبت جميع أطراف الأرض. ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت?» ومن الملاحظ في كلمة الله أن للمسيح بنوتين:

البنوة الأولى :

بنوة أزلية في اللاهوت قبل التجسد في هذا العالم والتي يعبر عنها في (مزمور 7:2) بالقول «أنت ابني», قبل أن يقول «أنا اليوم ولدتك». لأنه لو كانت هناك بنوة واحدة بالولادة في الزمان لكان قد قيل «أنا اليوم ولدتك فأنت ابني» ولكن القول «أنت ابني» أولا يدل على أن المسيح ابن الله أزليا . كما أننا نلاحظ أن العبارات التي استخدمت في العهد الجديد تدل على ذلك, مثل أرسل, وظهر, وجاء, وخرج, كلها عبارات تدل على الوجود الأزلي قبل التجسد. وإليك بعض الأمثلة وإن كنا نتكلم بعد ذلك بالتفصيل عن أزليته:

في (غلاطية 4:4) «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة».

في (رومية 3:8) «أرسل الله ابنه في شبه جسد الخطية» (أي في جسد مشابه لجسدنا تماما . ولكن خال من الخطية)».

وفي (1تيموثاوس16:3) «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد».

ولذلك لما تكلم إشعياء عن ولادته ثم ذكر اسمه قال:

«ويدعى عجيبا مشيرا . إلها قديرا (الله القدير) أبا أبديا (أبا الأبدية)» (إشعياء 6:9) .

ب - البنوة الثانية في الزمان عندما و لد في الجسد:

هذه البنوة المشار إليها في (مزمور 2) بالقول «أنا اليوم ولدتك».

ويقول عنها في (إشعياء 6:9) «يولد لنا ولد».

وفي بداية بشارة متى ولوقا قصة ميلاده بالتفصيل. وهذه البنوة تختلف عن بنوة كل البشر والملائكة لله كمخلوقاته العاقلة وتختلف أيضا عن بنوة المؤمنين الروحية لله كمن أخذوا طبيعته الأدبية (يوحنا29:3) .

أنا والآب واحد

في حديث الرب الوداعي مع تلاميذه في ليلة آلامه كشف لهم النقاب عن ذاته مباشرة إذ قال لهم «أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي» (يوحنا21:14)أي آمنوا بي أنني الله وسرعان ما كشف لهم عن اتحاده كأقنوم بالآب, لأنه كما رأينا سابقا , أن الله واحد في جوهره لكن جامع في أقانيمه, وأن الآب هو الله والابن هو الله والروح القدس هو الله. لذلك.

قال لتوما ردا على سؤاله عندما قال للرب «لسنا نعلم أين تذهب. فكيف نقدر أن نعرف الطريق قال له يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا5:14, 6).

ثم يعلن بعد هذا الكلام مباشرة للتلاميذ عن الوحدة والاتحاد بينه وبين الآب, لئلا يتسرب لأذهان التلاميذ أن الآب شخص منفصل بذاته عنه, فيقول «لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا . ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه» (يوحنا7:14) . وبالرغم من هذا الإعلان فقد كشف التلاميذ عن عدم معرفتهم وقصر إدراكهم في سؤال فيلبس للرب وطلبه إذ قال على الفور للرب «يا سيد أرنا الآب وكفانا» (يوحنا8:14) عندئذ رفع الرب الستار تماما لي عرف التلاميذ الوحدانية العجيبة والاتحاد العظيم للأقانيم فقال له «أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأي الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في . الكلام الذي أكلمكم به, لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال. صدقوني أني في الآب والآب في . وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها» (يوحنا9:14 - 11). وفي إنجيل يوحنا 29:10, 30 يقول الرب «أبي هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي» لكن لئلا يتسرب للأذهان أن الآب أعظم من الكل حتى من الابن, قال بعد هذا الكلام مباشرة «أنا والآب واحد» والضمير «أنا يأتي أولا قبل «الآب»أي إن الابن والآب واحد في العظمة الإلهية واللاهوت .

مع ملاحظة :

أنه لا يليق إطلاقا بأي مخلوق مهما كان أن يساوى نفسه بالآب لكن هنا أقنوم الابن لم ير مانعا أن يساوى نفسه بالآب, ولذلك اعتبره اليهود هنا مجدفا فتناولوا حجارة ليرجموه (يوحنا31:10) .

لذلك قال لهم يسوع «أعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي بسبب أي عمل منها ترجمونني أجابه اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف, فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها أجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة. إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله ولا يمكن أن ينقض المكتوب فالذي قد سه الآب وأرسله إلى العالم أتقولون له إنك تجدف لأني قلت إني ابن الله? إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي, ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه» (يوحنا32:10 - 38).أي إن الطبيعة الإلهية واحدة في الاثنين وأن الاثنين واحد في اللاهوت رغم التميز في الأقنومية.

لذلك قيل «فطلبوا أيضا أن يمسكوه» (يوحنا39:10) .

سؤال (1) :

يقول غير المؤمنين بلاهوت المسيح إن العدد 34.. الذي نصه: «أجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة» يرينا أن المسيح شخص إلهي بنفس المركز الذي يقال فيه عن البشر إنهم آلهة وذلك بناء على ما قاله بنفسه.

لكن بالتأمل في السبب في هذا القول ينتهي الادعاء. فهو قد قال في (يوحنا30:10) «أنا والآب واحد» وهنا تظهر وحدانية الآب والابن, الأمر الذي فهمه اليهود وتناولوا بسببه حجارة ليرجموه وقالوا له وأنت إنسان تجعل نفسك إلها لذلك دفع المسيح تهمة التجديف بالكلام السابق في (ع 34, 35) وهذه الكلمات مأخوذة من (مزمور 6:82) حيث نرى الله متحدثا بها إلى القضاة باعتبار أنهم يحكمون بين الناس بحسب ناموس الله. ولكن مع مركزهم العظيم هذا فالله يقول لهم «مثل الناس تموتون» (مزمور 27:82) وأيضا قال الرب لموسى بالنسبة لهرون: «هو يكون لك فما وأنت تكون له إلها» (خر 13:4 - 16) هنا إلها «عن موسى» باعتبار أنه مصدر كلمة الله إلى هرون, فموسى يستقبل من الله الكلام. وكان بالنسبة لهرون «إلها» يعطيه الكلام الذي ينطق به الله.

لذلك قال المسيح لليهود ما معناه :

إذا كان كتابكم قد قال عن قضاتكم وهم بشر يموتون ويسقطون أنهم آلهة, ولكون هذا الكلام «كلام الله» الثابت, فلم تتهموا آساف كاتب هذه الكلمات بالتجديف. أليس بالأولى أن تقبلوا من قدسه الآب وأرسله إلى العالم? أو بعبارة أخرى:

إن كان هكذا بالنسبة لقضاتكم, فلماذا تقولون لي أنا المسيح الذي كرسني الآب وأرسلني لعمل الفداء إنني أجدف لأني قلت إني ابن الله?

وإذ جاز أن يقال عن قضاتكم وهم خطاة إذ يقول لهم: «حتى متى تقضون جورا وترفعون وجوه الأشرار» (مزمور 2:82) «إنهم آلهة».

فالابن الوحيد المعصوم من الخطأ الذي مسحه الآب من الأزل أتقولون له إنك تجدف لأني قلت «أنا ابن الله».

لذلك يقول لهم المسيح «إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا لسبب الأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه» (يوحنا37:10, 38).

وهنا يظهر الفرق بين تسمية القضاة وموسى«بأنهم آلهة, وبين شخصه المبارك الذي هو الله الحقيقي».

فهؤلاء (القضاة وموسى) هم آلهة بالاسم فقط بمعني رؤساء.

أما هو, تبارك اسمه إلى أبد الآبدين فهو الله الحقيقي فهو ليس نظيرهم بل هو الرب إلههم كما قيل عنه «اسجدوا له يا جميع الآلهة» (مزمور 7:97) . الذي في أيام جسده وهو صبي صغير قيل عن المجوس عندما أتوا إليه إنهم: «خروا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا, ذهبا ولبانا ومراً» (متى 11:2) هذا الذي قيل عنه وهو في مياه الأردن ليعتمد «وإذا السموات قد انفتحت له» (متى 16:3) وقيل عنه أيضا «لأن الرب ملك كبير على كل الآلهة» (مزمور 3:95) كما أن كل الآلهة هم مقامون منه كقوله «بي تملك الملوك ويقضى العظماء عدلا . بي تترأس الرؤساء والشرفاء. كل قضاة الأرض» (أم 15:8, 16) وكلهم يخطئون. أما هو فهو المعصوم من كل خطأ.

أبعد هذا نساويه بهؤلاء الذين قيل عنهم إنهم «آلهة» أم نجله ونكرمه ونعبده لأنه ذات الله الذي يستحق أن يعبد.

ولكننا أيضا نلاحظ أن المضادين للاهوت المسيح والمتهكمين عليه بالكلمات الصعبة, الذين دينونتهم لا تتواني وهلاكهم لا ينعس (2 بطرس3:2) لا يكف ون عن الكلام بل بسوء فهم لبعض الكلمات الحلوة التي نطق بها الرب يسوع يضللون الكثيرين فإن اقتنعوا بالسابق لن يكفوا عن التضليل بل يقولون:

سؤال (2) :

إن كان الرب يسوع الله الابن قال «أنا والآب واحد» (يوحنا30:10) فلماذا قال «لأن أبي أعظم مني» في (يوحنا28:14) ? وكيف تنادون بمساواة الابن بالآب وها هو الابن يقول بلسانه لأن أبي أعظم مني?

ونحن إذ نسمع هذا التساؤل لا يمكننا السكوت, لكننا نجيب على كل سائل ونحن نرجو الرجوع معا إلى قرينة الكلام, لأننا لا يمكننا أن نفهم آية من الكتاب المقدس فهما سليما بعيدا عن قرينتها. والآن ماذا قال المسيح في حديثه قبل أن يذكر هذه الكلمات السابقة?

لقد قال «لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضى إلى الآب» وعندما يقول المسيح «أمضي إلى الآب» هذا معناه. أنه لا يشير إلى لاهوته الذي يملأ السماء والأرض, والذي لم يترك حضن الآب قط (يوحنا18:1) , بل يشير إلى «ناسوته» كالإنسان. ومن هذه الناحية فإن الآب أعظم من الابن في مركزه الذي أخذه كالإنسان بعد تجسده واتخاذه صورة ومركز العبد بالنسبة لأبيه (فيليبي 6:2 - 8) . مع الملاحظة أنه في تجسده قد صار ليس أقل من الآب فقط «ولكن الذي و ضع قليلا عن الملائكة يسوع نراه مكللا بالمجد والكرامة» (عبرانيين 9:2) ويجب أن نلاحظ أن هذا لا يمس لاهوته إطلاقا ولا يمس مساواته بالآب لأنه في ذات الأصحاح يقول «الذي رآني فقد رأي الآب» (يوحنا9:14) ويؤكد وحدانيته مع الآب في قوله «إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا» (يوحنا23:14) وفي سفر الرؤيا (13:5) نرى أن كل «خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين» وهكذا نعود إلى (يوحنا30:10) لنسمع القول منه «أنا والآب واحد» مقدما نفسه عن الآب دون أن يكون في هذا اختلاسا . فهما واحد في الجوهر منذ الأزل وإلى الأبد ثم إن مجيئه إلى العالم هو ظهور في العالم بهيئة واضحة دون أن يترك السماء لأن اللاهوت لا يتحيز بمكان بل موجود في كل مكان. ثم إنه لم يأت إلى العالم بإرادة الآب بالاستقلال عن إرادته بل جاء بمحض إرادته هو أيضا .

لذلك قال في (يوحنا27:16) «من عند الآب خرجت».

وأيضا في (فيليبي 6:2, 7) «أخلى نفسه آخذا صورة عبد... وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب» وهنا نرى إرادته ظاهرة, وأيضا قد جاء بمحض إرادة الآب والروح القدس معا . لذلك قال له كل المجد على لسان إشعياء:

«والآن السيد الرب أرسلني وروحه» (إشعياء 16:48) .

مدلول الاصطلاح «ابن الله» ومعانيه

تكلمنا فيما سبق عن الله, ووحدانيته وأقانيمه.

لكن مجرد ذكر اسم «ابن الله» يجعل أفكار الناس تنصرف نحو العائلة البشرية. فيتصورون أن الابن مولود من الآب وأن الآب أكبر من الابن وهذا التفكير غير صحيح على الإطلاق, لأنه لا توجد ولادة في اللاهوت, وأيضا لا اشتقاق أي ليس الابن مشتقا من الآب.

سؤال (3) :

ما المقصود من الاسم المسيح «ابن الله»?

 

إنه يعني مدلولات روحية نذكر البعض منها, لأننا لا نستطيع أن ن لم بكل معاني هذا الاسم العجيب الفائق الإدراك لأنه «ليس أحد يعرف الابن إلا الآب» (متى 27:11) :

1 - المدلول الأول ... المحبة :

لذلك جاء في (يوحنا35:3, يوحنا20:5) «الآب يحب الابن» وفي (كولوسي 13:1) يوصف بالقول «ابن محبته» وفي (يوحنا18:1) يقول عنه «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب».

ويجب أن نلاحظ هنا أن الآب ليس له حضن بالمعنى الحرفي المادي بل المعنى الروحي العظيم وهو التآلف والحب والاتحاد وما يتبع ذلك من الإحاطة بكل الأسرار والمقاصد الباطنية.

إن الآية لا تقول «إن الابن كان في حضن الآب أو سيكون في حضنه», بل تقول «الذي هو في حضن الآب» ومعني ذلك أن حضن الآب هو مركز الابن الدائم فهو مركزه قبل ظهوره على أرضنا وأثناء وجوده عليها وبعد انتقاله منها فالأقانيم في وحدة متصلة غير منفصلة.

كما يجب أن نلاحظ أن محبة الآب للابن أزلية وهذا ما صرح به المسيح في صلاته للآب «أيها الآب... لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم» (يوحنا24:17) .

 

2 - المدلول الثاني ... المعادلة للآب :

الذي يطالع ما جاء في (يوحنا17:5, 18) عندما قال الرب يسوع لليهود الذين كانوا يطردونه ويطلبون أن يقتلوه «أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل» يدرك أنهم فهموا المعنى الخاص بالاسم «ابن الله» حتى إنه قيل عنهم: «من أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا إن الله أبوه معادلا نفسه بالله».

وفي (يوحنا7:19) قالوا لبيلاطس «لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يموت لأنه جعل نفسه ابن الله» وهذه المعادلة لم يختلسها اختلاسا لكنها حقه الخاص به, ففي (فيليبي 6:2) «الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله».

وفي (يوحنا30:10) يقول عن نفسه «أنا والآب واحد».

وهذه بعض الآيات التي تظهر المعادلة بين الآب والابن:

أ - أعمال اللاهوت :

«أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل» (يوحنا17:5) .

«لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك» (يوحنا19:5) .

ب - في قيامة الأموات :

«لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيى من يشاء» (يوحنا21:5) .

ج- الإكرام :

«لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله» (يوحنا23:5) .

د - الحياة :

«كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضا أن تكون له حياة في ذاته» (يوحنا26:5) .

ه- الإيمان به :

«الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني» (يوحنا44:12) .

و - الرؤية له :

«الذي يراني يرى الذي أرسلني» (يوحنا45:12) .

«والذي رآني فقد رأي الآب» (يوحنا9:14) .

ز - القبول له :

«الذي يقبلني يقبل الذي أرسلني» (يوحنا20:13) .

«ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني» (لوقا48:9) .

ح - المعرفة به :

«لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه» (يوحنا7:14) .

ط - الازدراء به :

«والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني» (لوقا 16:10) .

ى - المحبة له :

«والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي» (يوحنا21:14) .

ك - البغضة له :

«وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي» (يوحنا24:15) .

ل - من حيث الامتلاك :

«كل ما للآب فهو لي» (يوحنا15:16) .

م - من حيث المجد :

«والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم» (يوحنا5:17) وأيضا في (لوقا 26:9) يقول «لأن من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين».

3 - المدلول الثالث .... إعلان الله :

من الواضح في كلمة الله أن «الله لم يره أحد قط» لكن أقنوم الابن هو الذي أعلنه فيقول «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر» (يوحنا18:1) وكلمة «خبر» تعني كشف ما أغلق على البشر فهمه من جهة اللاهوت. ولذلك قيل عنه في (كولوسي 15:1) «الذي هو صورة الله غير المنظور» بصفته المعلن لله. لاحظ أن الوحي لم يقل عن هذا الأقنوم إنه خلق على صورة الله, كما قيل عن آدم الأول المخلوق من التراب (تكوين 26:1, 27) ولم يقل إنه صار على صورة الله بل يقول إنه «صورة الله»أي إنه في ذاته هو «صورة الله» أو «المعلن» لله.

ولقد ورد في الكتاب المقدس عن صورة الشيء أنه «ذات الشيء» أو نصه فقد قال الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس «تمسك بصورة الكلام الصحيح»أي بذات الكلام الصحيح (2تيموثاوس 13:1) وقال في العبرانيين «لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء»أي «لا نفس حقيقة الأشياء» أو ذاتها (عبرانيين 1:10) .

إذن فالمقصود بكلمة صورة الله هو «ذات الله» أو «الله معلنا» إذ إن الصورة هي الشيء المنظور الذي يمثل حقيقة كائنة, سواء كانت هذه الحقيقة ظاهرة لنا أم غير ظاهرة. لذلك في (عبرانيين 3:1) جاء عنه هذا القول: «بهاء مجد الله ورسم جوهره» ولذلك قال لفيلبس «الذي رآني فقد رأي الآب» (يوحنا9:14) .

إن ما فعله الشيطان لحرمان البشر من التمتع بالله هو أنه «أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله» (2كورنثوس4:4) أما بالنسبة لنا نحن المؤمنين فمكتوب «لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح» (2كورنثوس6:4) .

4 - مدلولات أخرى:

ومن دراسة كلمة الله الحية نلاحظ أن البنوة تدل على الوحدة في الصورة الإلهية (فيليبي 6:2, كولوسي 15:1, عبرانيين 3:1)

وتدل أيضا على المقام الإلهي لأننا نقرأ في (متى 37:21) أنه أرسل ابنه إلى الكرامين قائلا : «إنهم يهابون ابني» لأن الابن يحمل اسم أبيه ومقامه. ومن جهة الإكرام أيضا لاحظ (يوحنا23:5)

كما أن هذه البنوة تدل على الوحدانية في جوهر اللاهوت «أنا والآب واحد» (يوحنا30:10)

كما أنها تدل أيضا على أنها وحدة فريدة لا مثيل لها (يوحنا18:1)

كما أنها وحدانية سرية فائقة: «ليس أحد يعرف الابن إلا الآب» (متى 27:11) .

أخيرا نقول إن المسيح نفسه قد شهد عن نفسه إنه هو

ابن الله والمعلن لله (يوحنا35:9, 9:14, 18:1).

وأنه الكائن (يوحنا18:8) ,

البداية والنهاية (رؤيا 13:22) ,

والموجود في كل مكان وزمان (متى 20:18, 28, 20),

وغافر الذنوب والخطايا (لوقا 48:7) ,

وأنه الديان للأحياء والأموات (يوحنا25:5) .

وقبل العبادة والسجود من البشر (متى 33:14)

وقبل الاعتراف بأنه الرب والإله (يوحنا29:20)

وقد شهد أنه الطريق والحق والحياة (يوحنا6:14) .


ألقاب ووظائف رئيس الملائكة ميخائيل.

أحد رؤساء الملائكة (يهوذا 9، رؤ 12: 7و 8).
أحد الرؤساء الأولين (دانيال 13:10).
القائم لبني شعبك (دانيال 12)
ميخائيل رئيسكم" (دانيال 10: 13 و21)
ميخائيل رئيس الملائكة هى التي جاءت في سفر الرؤيا (12 : 7).

ومما سبق يتضح لنا الألقاب و الأسماء و الأعمال لرئيس الملائكة ميخائيل مختلفة تماما عن التي هي للرب يسوع المسيح . فلا يكون الإثنان واحد .

  • عدد الزيارات: 27706