Skip to main content

الأصحاح 14

كانت الاختبارات الفاحصة المسجلة في الأصحاحات السابقة خطيرة، واستحضرت عدم إيمان الشعب إلى النور، كانت كلمات عدم الإيمان سبباً في أن تتحول المحلة إلى حالة اليأس والبكاء والصراخ طوال الليل وأيضاً عصيان ضد موسى وهرون، اتهموا الله بأنه خدعهم، وحاول كالب ويشوع أن يوقفا هذا التيار الجارف من عدم الإيمان، فسقطا على وجهيهما وقالا كلاماً سبق أن قاله يهوه في تث 1: 29- 31- أن لا يخافوا لأن الرب يحارب عنهم.... ولكن عدم الإيمان كان مسيطراً تماماً لدرجة أنهم كانوا على استعداد أن يصبحوا قتلة لأنهم نادوا برجم موسى وهرون، ما أعظم الفرق بين حالتهم هنا وحالتهم في خر 15 حيث رنموا ترنيمة النصرة وقالوا "ترشدوا برأفتك الشعب الذي فديته. تهديه بقوتك إلى مسكن قدسك. يسمع الشعوب فيرتعدون. تأخذ الرعدة سكان فلسطين" في تاريخهم صورتان مميزتان الأولى في حوريب حيث صنعوا التمثال وقالوا هذه هي آلهتك يا إسرائيل التي أخرجتك من مصر "وفي قادش أرادوا أن يقيموا رئيساً يرجع بهم إلى مصر، وهذا كله نابع من عدم الإيمان- لم يسر الله بأكثرهم" (1 كو 10: 5)، ويمثل الشعب هنا معظم المعترفين بالمسيح في دائرة المسيحية الذين يتصفون بعدم الإيمان ويفضلون ما هو عالمي عن ما هو روحي وسماوي.

قال الشعب "أَلَيْسَ خَيْرًا لَنَا أَنْ نَرْجعَ إِلَى مِصْرَ" "فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ "نُقِيمُ رَئِيسًا وَنَرْجعُ إِلَى مِصْرَ" فَسَقَطَ مُوسَى وَهَارُونُ عَلَى وَجْهَيْهِمَا أَمَامَ كُلِّ مَعْشَرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (ع 3- 5). حين سقط موسى وهرون على وجهيهما أمام الرب في ص 16: 22، 45، 20: 6 كانا في حالة وساطة قولبت بالنعمة، ولكن سقوطهما هنا أمام الشعب كان يعني أنهما شعرا بتفاهتهما بعصيان وعدم أمانة الشعب.

تذمر الشعب على هرون كما تذمر على موسى، مع ان هرون رمز للمسيح في كهنوته، وهو الذي كان يقدم ذبائحهم إلى الله تكفيراً عن خطاياهم، وهو رمز للمسيح في شفاعته من أجل المؤمنين (إش 53: 12) والذي قال في نعمته كهنوتية على الصليب "يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23: 34). كل ما كانه المسيح كوسيط بين الله والناس خلال الألفين سنة الماضية أبطله عدم الإيمان في المسيحية الاسمية، وهذا ما نراه في عصيان وتمرد الشعب، ويقول الرسول في عب 3: 12 "أنظروا أيها الإخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي" وكان يقصد أن لا يكون بين المعترفين بالمسيح من هو مثل الشعب الأرضي في عدم إيمانه وارتداده عن الله الحي.

ولكن شكراً لله لم تكن هذه هي كل القصة، وكما رأينا في ص 13: 16 كيف أن الله أعطى هوشع اسماً جديداً "يشوع" يهوه المخلص لأن الخلاص كان في فكر الله نبوياً حتى قبل أن تظهر حالة الشعب هذه، فكذلك نرى يشوع وكالب هنا يتقدمان بلغة الإيمان- رأيا الأرض بعيون مختلفة، وتكلما إلى كل جماعة إسرائيل قائلين "الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدًّا جِدًّا. إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ وَيُعْطِينَا إِيَّاهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً. إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى الرَّبِّ، وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا" (ع 7- 9) كان الله ولا يزال له شعب مخلص، وأظهر في يشوع وكالب قوة خلاصه، خلصهما مما هما فيه بحسب الجسد ووزع في قلبيهما الإيمان الواثق بالله.

يرمز يشوع للمسيح كالله المخلص، ويظهر كالب عمل الإيمان الذي يعمله الله في الإنسان لكي توجد فيه روح أخرى "روح الإيمان" (2 كو 4: 13) والعمل الإلهي الذي في الإنسان الذي يقود إلى روح الإيمان بما هو في الله- له أسس أعطيت من الله وهي أن الأرض التي كانت واسطة اختبار الشعب وكشفت عدم إيمانهم، لها تقديرها الصحيح- "أرض جيدة جداً جداً" ومع أنهم لم يمتلكوها ولكن بروح الإيمان فيهم كان لهما التقدير بما يعطيه الله.

ونلاحظ تأكيد الإيمان "إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ" (ع 8) يشجعنا الإيمان لنتذكر أننا موضوع سرور قلب الله- مثل الأبن الأصغر الذي ألبسه أبوه الحلة الأولى وجعل خاتماً في يده، وحذاءً في رجليه، صار لنا بالرب يسوع قدوم إلى الله ونعمته التي نحن فيها مقيمون، لنا روح البنوية التي تجعلنا متنبهين إلى أن الله سر بنا. كان يشوع وكالب متأكدين أن لهما مكان في سرور قلب الله- تشبعا من أفكاره من جهة شعبه، ولذلك فالخلاص مضمون فيه، ليس للجسد مكان في هذا الخلاص، الكل طبقاً لمقاصد نعمة الله، هذا هو امتياز روح الإيمان.

لم يكن هناك شيء يدعو للخوف لهذا السبب البسيط إن "الرَّبُّ مَعَنَا" (ع 9) كان الرب حاضراً معهم في كل الأوقات منذ خروجهم من أرض مصر، كان يحيطهم من كل جانب، والذي يستطيع أن يرى ذلك ويتمتع به هو الإيمان ويحصل بذلن على الشجاعة التي يحتاج إليها، ومجرد ذكر الإيمان يثير ويغيظ جماعة عدم الإيمان التي قالت "أَنْ يُرْجَمَا بِالْحِجَارَةِ" ليس فقط أنهم أهانوا الله وتذمروا ضده لكن أيضاً صارت في قلوبهم عداوة ضد خدامه، كانت هذه هي النقطة الأخيرة التي أكملت مكيال إثمهم وختمت على دينونتهم الرهيبة، وماذا تصرف الله تجاه هذه الحالة؟ "ثُمَّ ظَهَرَ مَجْدُ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكُلِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (ع 10).

يظهر مجد الله دائماً حين يكون هناك تحدٍ لذلك المجد، وظهور مجد الله هو التعزية الكبرى للإيمان وتدريب له، كان لله في المشهد رجل واحد الذي قال له في (خر 33: 18) "أرني مجدك" واستجاب يهوه طلبته بالمرور أمامه، وفهم موسى أن المجد الذي ظهر في خيمة الاجتماع هو نفس المجد الذي رآه وهو في النقرة التي فوق الصخرة التي على الجبل وسر موسى برؤيته ذلك المجد وكان له تقديره في نفسه. وكان ظهور المجد في خيمة الاجتماع هو الشيء المناسب لتذمر الجماعة، وظهر مع المجد اقتراح ضرب الشعب الذي استهان بالرب- ضربه بالوبأ وإبادته، وليس ذلك فقط بل أيضاً جعل موسى شعباً أكبر وأعظم من شعب إسرائيل (ع 11، 12). كان الشعب يستحق ذلك، ولكن الله لم يكن يقصد إطلاقاً تنفيذ اقتراحه هذا، وما كان من الممكن أن يقوله لشخص آخر، وقال لموسى بأنه كان يريد أن يظهر عظمة عهده الروحية، كان الأمر مجداً- أن يكون لله خادم يعرف ما هو مناسب للوقت الذي جعل الله يقول: "قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ" (ع 20). يحب الرب أن يكون خدامه في شركة معه وفاهمين فكره وعندئذ يستجيب لصلواتهم. في جواب موسى للرب لم يشر إلى الشعب العظيم الذي اقترح الرب أن يقيمه من موسى، كانت نفسه ممتلئة بشيء أعظم في نهاية كلامه فقد أشار إلى إثم الشعب ولكن مهما كانت حالتهم فهم في دائرة الرضا منه وله أفكاره الصالحة من جهتهم، وكانت معاملاته كلها في الماضي شاهداً على ذلك وكان في إمكان الأمم أن يروا كل ما كان من الله لبني إسرائيل ويقول موسى "الشُّعُوبُ الَّذِينَ سَمِعُوا بِخَبَرِكَ" (ع 15) لقد كان عظيماً في قلب موسى أن يتمجد الرب بمعرفة العالم له. لم يكن ممكناً أن يقتل المجد الشعب كرجل واحد لأنه لا يخدم مجده بل يستحضر العار عليه.

لو أبيد الشعب وأصبح موسى رئيساً كبيراً لشعبه، فإن هذا لم يكن له اعتبار في نظر موسى بالمقابلة مع تضحية ذرة واحدة من المجد الإلهي لأن قلبه كان ملتهباً بالغيرة على مجد الله، وليس مجد الله فقط بل أيضاً خير الشعب وبركته.

"فَالآنَ لِتَعْظُمْ قُدْرَةُ سَيِّدِي كَمَا تَكَلَّمْتَ قَائِلاً: الرَّبُّ طَوِيلُ الرُّوحِ كَثِيرُ الإِحْسَانِ، يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَالسَّيِّئَةَ، لكِنَّهُ لاَ يُبْرِئُ. بَلْ يَجْعَلُ ذَنْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ إِلَى الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ. اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ هذَا الشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ، وَكَمَا غَفَرْتَ لِهذَا الشَّعْبِ مِنْ مِصْرَ إِلَى ههُنَا" (ع 17- 19).

يقول موسى "لتعظم قدرة سيدي" ولأي غرض؟ يضع موسى أساس البقاء الذي يقصد أن يبنيه وهو طالب الصفح والغفران للشعب الذي أساسه أن الرب طويل الروح، ويا له من فكر سام إن قدرة الرب تتعظم في صفحه وغفرانه وطول أناته، كان موسى بأقواله هذه قريباً من قلب الرب كما أن الصفح عن هذا الشعب يعظم نعمته. تمسكت صلاة موسى هذه بمجد يهوه كما أعلنه هو له حين كان في النقرة التي على الصخرة، وكان هذا بعد حادثة العجل الذهبي الذي استحق فيها الشعب القضاء، ولكن كانت هناك رحمة الله ونعمته- أن الله طويل الروح كثير الإحسان، يغفر الذنب والسيئة، هذا هو أساس سير الرب مع شعبه، وهذا هو أساس سير الرب مع الناس في هذه الأيام. إن عدم الإيمان في الاعتراف المسيحي ظاهر- هم على استعداد أن يتخذوا رئيساً ويرجعوا إلى مصر، وإنسان الخطية الذي على وشك الظهور سوف يكون محل اختياره وسوف يقود جموعهم إلى الارتداد العلني عن المسيحية، ولكن بالرغم من الحالة العامة لعدم الإيمان فلا تزال خيمة الاجتماع بالمفهوم الروحي موجودة، فتوجد جماعة مبنية في الرب "مسكناً لله في الروح" (أف 2: 22)، ومجد الله ظاهر ليس للقتل بل للغفران. احتمل الله دائرة الاعتراف المسيحي قروناً طويلة دون أن يستحضر لهم القتل سائراً على خط الغفران، ليس الغفران الأبدي المبشر به، والذي يحصل عليه المؤمنون بالمسيح، ولكن الغفران الذي يتعامل به الله مع كل الأشرار إذ يحتملهم ولا يقتلهم، إنها الحالة السائدة في طرق الله العامة- في الماضي والحاضر والمستقبل، فهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة، وفي إقبال الجميع إلى التوبة والخلاص إظهار لمجد الله العظيم في القدرة، ونلاحظ أن موسى يقول "لتعظم قدرة سيدي كما تكلمت" أي لترتفع فوق كل إثم، وتذهب فوق خط الغفران الأمر الذي يظهر عظمة وقدرة هذا المجد.

ومع وجود هذه القاعدة الأساسية وهي الغفران، ولكي يسير معها جنباً إلى جنب القتل، يسير الاثنان معاً تحت سلطان الله المطلق "لكنه لا يبرئ بل يجعل ذنب الآباء على الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع" ومع أن الغفران هو الذي يميز طرق الله في الوقت الحاضر، ولكن هذا لا يعني أن الله لا يأخذ في حسابه الأخطاء وأنه لا بد أن يدينها في الوقت المناسب. غفر بوساطة موسى ولم يقتلهم وقتئذ الأمر الذي كانوا يستحقونه، أعطاهم فترة امتدت إلى أربعين سنة وقال "تَحْمِلُونَ ذُنُوبَكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي" (ع 34). إن القاعدة العامة هي الغفران ولكن في الوقت المعين لا بد أن يحسم الموقف معهم وتمتلئ الأرض وقتئذ بمجده.

"فَقَالَ الرَّبُّ: «قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ. وَلكِنْ حَيٌّ أَنَا فَتُمْلأُ كُلُّ الأَرْضِ مِنْ مَجْدِ الرَّبِّ، إِنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ الَّذِينَ رَأَوْا مَجْدِي وَآيَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي الْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُونِي الآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي، لَنْ يَرَوْا الأَرْضَ الَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ أَهَانُونِي لاَ يَرَوْنَهَا" (ع 20- 23).

قد يفصح الرب ويعطي فترة تجرى بعدها الدينونة في الوقت المعين منه، وكانت الدينونة سقوط جثثهم في القفر.

"وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى، وَقَدِ اتَّبَعَنِي تَمَامًا، أُدْخِلُهُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا" (ع 24)- الإيمان فقط هو الذي يتمتع بمقاصد الله في محبته لشعبته، وكان كالب لديه الإيمان الواثق من الدخول إلى الأرض، وها هو يسمع مكافأة هذا الإيمان أن زرعه يرثها.

"أَنَا الرَّبُّ قَدْ تَكَلَّمْتُ. لأَفْعَلَنَّ هذَا بِكُلِّ هذِهِ الْجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ الْمُتَّفِقَةِ عَلَيَّ. فِي هذَا الْقَفْرِ يَفْنَوْنَ، وَفِيهِ يَمُوتُونَ" (ع 35)- عدم الإيمان موجود ليس فقط في العالم الوثني حيث لا ترى آيات الرب وأمجاده، ولا يسمع صوته، بل أيضاً حيث النور المسيحي. وإن كان الله لا يقطع هذا الجيل، ولكن يوجد حزن في قلبه وهو يراهم تائهين في البرية حيث تفنى أجسادهم، ليس واحد من عديمين الإيمان يأتي إلى الأمور التي جهزها الله لمحبيه.

لم يغفر الرب للرجال العشرة الذين أعطوا هذا التقرير السيء عن الأرض لأن خطيتهم كانت تستحق الموت فماتوا بالوبأ أمام الرب (ع 37) تعامل الله معهم تعاملاً مباشراً ليستحضر ذنبهم فوق رؤوسهم. ومع أن سياسة الله الآن الغفران ولكن توجد حالات استثنائية يظهر الله فيها غضبه، وغالباً ما يكون هؤلاء الأشخاص ذوي تأثيرات ضارة على الآخرين.

"وَلَمَّا تَكَلَّمَ مُوسَى بِهذَا الْكَلاَمِ إِلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَكَى الشَّعْبُ جِدًّا. ثُمَّ بَكَّرُوا صَبَاحًا وَصَعِدُوا إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ قَائِلِينَ: هُوَذَا نَحْنُ! نَصْعَدُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ عَنْهُ، فَإِنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا" (ع 39- 40)- قد يكون عدم الإيمان جسوراً، وقد يكون جباناً، جسوراً أن يصعد بدون الله وجباناً حين لا يصعد معه، وهو بذلك يحتقر النعمة الإلهية التي وضعت في متناول يده، وها نحن نرى الشعب جسوراً وهو يصعد بدون الله برغم تحذير موسى لهم من أنهم سوف يسقطون بالسيف، لكنهم تجبروا وصعدوا رأس الجبل.

"فَنَزَلَ الْعَمَالِقَةُ وَالْكَنْعَانِيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي ذلِكَ الْجَبَلِ وَضَرَبُوهُمْ وَكَسَّرُوهُمْ إِلَى حُرْمَةَ" (ع 45)- بسبب عدم الإيمان تركهم الله، وأصبح النزاع قاصراً على إسرائيل والكنعانيين، بينما الإيمان يجعل القضية بين الله والكنعانيين، وهنا سر القوة، فحضور الرب وسط شعبه يضمن النصر على الأعداء، ولكن إن لم يكن الله معه فهم كالماء المنسكب على الأرض، وها الشعب هنا يسير بقوته الذاتية ولا يحصد سوى الهزيمة والفشل والخزى.

"وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً فَإِنِّي سَأُدْخِلُهُمْ، فَيَعْرِفُونَ الأَرْضَ الَّتِي احْتَقَرْتُمُوهَا" (ع 31)- كان أطفالهم جيلاً جديداً لم يفسد بتأثيرات مصر، امتدت عنايته الأبوية إلى هذا الجيل ليستحضرهم إلى الأرض، وتربى هذا الجيل في البرية وتدرب أيضاً هناك، وكان عليه أن يعرف أن طرق الجيل القديم لم تكن مسرة لله ولكن الجيل الجديد كان له التمييز بين الخير والشر، كان هذا الجيل مدعوا للدخول إلى الأرض بعد أن كشف الله أمامهم عدم الإيمان ونهايته.

  • عدد الزيارات: 1825