Skip to main content

كتابة الرسالة

زمن كتابة الرسالة ومكانها

كُتبت هذه الرسالة في نفس وقت كتابة الرسالتين إلى أفسس وكولوسي بدليل أن تيخيكس وأنسيمس اللذان حملا هاتين الرسالتين حملا هذه الرسالة أيضاً (قابل كو7,9:4 مع أف21,22:6) وكذا إشارته في آخر الرسالة إلى احتمال زيارته القريبة له (ع22)


لمن كتبت هذه الرسالة؟

لا نعلم شيئاً عن فيلمون الموجهة إليه الرسالة سوى ما ورد فيها بشأنه ولو أننا نستنتج من مقارنة هذه الرسالة برسالة كولوسي أنه كان يسكن في مدينة كولوسي أو بالقرب منها بدليل قوله في تلك الرسالة عن أنسيمس عبد فيلمون أنه منهم (كو9:4) هكذا إشارته إلى أرخبس الذي خاطبه في هذه الرسالة مع فيلمون (كو17:4)

وفيلمون هذا آمن بواسطة كرازة الرسول بولس كما يتضح من (ع19) من الرسالة والمرجح أنه إلتقى به في أفسس في المدة التي قضاها الرسول هناك من سنة 54_57 ميلادية (أع31:20) حيث يقال عن هذه الزيارة أن جميع الساكنين في آسيا من يهود ويونانيين سمعوا كلمة الرب بواسطة كرازة بولس (أع10:19) وكولوسي هذه هي من ضمن مقاطعة فريجية بآسيا الصغرى. ونستنتج من القرينة أن أبفية المذكورة في (ع2) هي إمرأة فيلمون وأن أرخبس المذكور بعدها هو ابنه ويبدوا أيضاً أن فيلمون كان ثرياً بدليل أن له عبيد وله بيت كبير يتسع لاجتماع القديسين فيه (ع2) وأنه كان مضيفاً للغرباء (ع6و7) وأن الرسول كتب إليه أن يعد له منزلاً في بيته (ع22) وليس فقط أن فيلمون كان غنياً في أمور الزمان ولكن كان غنياً في الأيمان (يع5:2) وكذا غنياً في أعمال صالحة (1تي18:6) حتى أن بولس وثقَ في استقامته واستعداده للعفو عن المسيء إليه كما وخاطبه كأخ عامل معه وشريك له.


الغرض من كتابة الرسالة

كتبت هذه الرسالة بخصوص أنسيمس العبد الهارب الذي آمن بعد ذلك بواسطة خدمة الرسول بولس فأصبح إذ ذاك ((أفضل من عبد)) أخاً محبوباً لذا أعاده بولس إلى سيده فيلمون (( الذي رددته فأقبله الذي هو أحشائي))

وفي هذه الرسالة نرى صورة عجيبة وجذابة للنعمة والحق اللذين في المسيح إذ أن النعمة تتباين وتختلف اختلافاً كلياً عن الناموس وتعطي صورة جميلة للإنجيل وقوته الفعالة التي تعمل في إنسان حقير وأثيم كأنسيمس ولا يكتب بولس هذه الرسالة كصاحب سلطان رسولي بل ((بولس الشيخ أسير يسوع المسيح)) ويخاطب فيلمون باعتباره المحبوب والعامل معه. لم يطلب الرسول تحرير أنسيمس بل طلب قبوله بالنعمة كأخ ((إن كنت تحسبني شريكاً فاقبله نظيري))

والرسالة بصفة عامة هي عبارة عن استعطاف واحتجاج لطيف والصعوبات أو العقبات تعالج بكل رقة وذوق سليم فإذا كان العبد قد اختلس شيئاً فبولس وعد أن يفي ولكنه يذكر فيلمون بأنه مديون له بنفسه, ومن ذا الذي يرتاب في أن فيلمون قد قبل أنسيمس بفرح وأنه أعتقه, الأمر الذي لاشك ينشىء فرحاً وتعزية للجميع, ولكن ذلك لم يكن على حساب حقوق بشرية ولا مجرد إحسان طبيعي بل لإظهار ((إحسان الله)) ونعمة المسيح وشركة الإيمان الفعالة أنه شبيه بالشريط الاسمانجوني الأزرق المزركش على الجبة التي كان يلبسها الاسرائيلي التقي (مت12:22 مع عدد38:15) والذي يشير إلى زينة السلوك السماوي فوق الأرض والنعمة التي تسود كل علاقتنا, هذه النعمة التي تهيمن على كل معاملات الله معنا إلى الأبد.

ربما يستغرب البعض بأن هذه الرسالة تأخذ مكانها بين الأسفار الموحى بها ولكنها في الواقع ((نافعة)) لأنه لمدة 1500 سنة كان المسيحيون يقتنون العبيد ولأنهم تركوا المحجة الأولى لم يفكروا في أمر هدايتهم إلى المسيح كمخلص, بعكس الروح التي كانت لدى الرسول المغبوط الذي كان فرحه عظيماً بتجديد عبد مثل أنسيمس مشاركاً بذلك السماء في أفراحها بخاطىء واحد يتوب.

  • عدد الزيارات: 9467