تمهيد
الرسالة إلى فيلمون رسالة صغيرة تتكون من خمسة وعشرين آية لكنها تتكلم عن حقائق عظيمة جداً. وفيها نرى ثلاث شخصيات بارزة:
1- بولس الشيخ الأسير
2- فيلمون الأخ المحبوب
3- أنسيمس العبد الهارب يعود لسيده فيلمون, لكن في كيان جديد.
وفي هذه الرسالة نجد بولس يأخذ مركز الوسيط بين أنسيمس وفيلمون وذلك على أساس المحبة التي تربط الرسول بفيلمون. لقد صرخ أيوب مرة قائلاً ((ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا)) (أي33:9) ولكن شكراً لله لأنه قد جاء هذا المصالح ((لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية من أجل الجميع)) (1تي 5,6:2) وأساس هذه الوساطة هو أن المسيح أخذ على الصليب مكان الإنسان الخاطىء أمام الله وصنع الصلح بدم صليبه ((وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه)) (كو 21,22:1)
وفي قيوده على الصليب أنشأ خليقة جديدة كما يقول الرسول عن أنسيمس ((الذي ولدته في قيودي))
يقول أيضاً ((أنا بولس كتبت بيدي. أنا أوفي)) (ع19) كلمتان صغيرتان ولكنهما مستند قوي. وما كان لبولس الأسير في السجن أن يسدد شيئاً إلا بقلبه الكبير ومحبته الفائضة ولكن مخلصنا المجيد وفّى كل شيء بالنيابة عنا على الصليب وردَّ لله المجد الذي سلبه الإنسان ((رددت الذي لم أخطفه)) (مز 4:69) ووفَّى كل مطاليب العدل الإلهي نيابة عن الإنسان الخاطىء.
إن عمل الصليب قد أكمل كل ما فيه رضى الله والتكفير عن خطايا الإنسان. فالإنسان المديون ليس له ما يوفي عن نفسه (لو 42:7) لكن المسيح هو الذي وفَّى. حتى استطاع أولئك الذين كانت تؤرقهم مطاليب الناموس الغير منفذة أن يهتفوا قائلين ((إذا محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب)) (كو14:2)
هذه الرسالة كما أشرنا أنفاً هي أقصر رسائل العهد الجديد وتتضمن قصة صغيرة جداً ولكنها تصور في الواقع أسمى مظاهر نعمة الله الغنية ومحبته من نحو الإنسان الساقط المستعبد للخطيئة والشيطان. كما أنها تبرز المحبة التي تخدم المؤمن في كل مراحل حياته إلى أن تصل به إلى المجد.
- عدد الزيارات: 3229