الفصلُ السادِس رابِطُ الحُبّ - المحبَّةُ المُعَنقَدَة
المحبَّةُ المُعَنقَدَة (أعداد 4-7)
المحبَّةُ تتأنَّى وتَرفُق. المحبَّةُ لا تحسُد. المحبَّةُ لا تتفاخَرُ ولا تنتَفِخ ولا تُقبِّح ولا تطلُبُ ما لِنفسِها ولا تحتَدّ ولا تظُنُّ السوء. ولا تفرَحُ بالإثم بل تفرَحُ بالحَق. وتَحتَمِلُ كُلَّ شيءٍ وتُصدِّقُ كُلَّ شَيءٍ وتَرجُو كُلَّ شيءٍ وتَصبِرُ على كُلِّ شيء."
يقولُ Henry Drummond في كتابِه التفسيري التأمُّلي "أعظَمُ شيءٍ في الدُّنيا"، أنَّهُ في الأعداد 4-7، يُعبِّرُ الروحُ القُدُس عن مفهومِ المحبَّة من خِلالِ فكرِ الرسول بُولُس المُوحَى، ويخرُجُ من الجهةِ الثانِية كَعُنقُودٍ من الفضائل. هُناكَ خمسَ عشرةَ فضيلةً مُسمَّاة في هذه الأعداد الخَمسَة من 1كورنثوس 13. وإن تأمَّلتَ في هذه الفضائل، ستكونُ تتأمَّلُ في جوهرِ الحُب الإلهي، وتضعُ الحُبَّ أو المحبَّةَ أو الطبيعة الإلهيَّة تحتَ مِجهَر التحلِيل، لأنَّنا نعرِفُ أنَّ اللهَ محبَّة. (1يوحنَّا 3: 16)
من الصعبِ جِداً أن نُعرِّفَ الله أو المحبَّة التي هي الله. يُخبِرُنا بُولُس، بحكمةٍ عظيمة وبإرشادِ الروح القُدُس، كيفَ تتصرَّفُ المحبَّةُ الإلهِيَّة. فهو يقول ما معناهُ، "إن كانَ لديكَ هذه المحبّة التي أكتُبُ عنها، فبهذهِ الطريقة ينبَغي أن تتعامَلَ معَ الناس الذي تلتقيهم في حياتِكَ." وفي رِسالةٍ أُخرى مُوحَىً بها من الله، يُخبِرُنا بُولُس أنَّ هذا النوع من المحبَّة هو ثمرُ وبُرهانُ كونِ الروح القُدُس يحيا فينا. (غلاطية 5: 22) في هذه الأعداد الأربَعة في قَلبِ إصحاحِ المحبَّةِ هذا، يضَعُ بُولُس هذه المحبَّة تحتَ المِجهَرِ الرُّوحي.
سوفَ أضعُ أمامَكُم هذا التحدِّي. بينما نُحلِّلُ هذه الفضائل الخمسةَ عشر التي تُشكِّلُ الحُب أو المحبَّة الإلهيَّة، فكِّر بِزوجَتِكَ أو بِزوجِكِ أو بالأولاد. لا تُفكِّرْ بِنَفسِك. أنا أتعجَّبُ من قُدرةَ الناس العجيبة على قلبِ الأُمور رأساً على عقِب، فيقولون، "بهذه الطريقَة ينبَغي أن أكونَ محبُوباً من قِبَلِ زوجَتي أو زوجي." ولكن ما يقولُهُ بُولُس هو، "بهذهِ الطريقَة ينبَغي أن أُحِبَّ الآخرين."
منذُ عدَّةِ سنوات، عندما كانت إبنتُنا الكُبرى لا تزالُ في الثانِية من عُمرِها، بعدَ أن أوصَلتُها إلى حضانَةِ الكنيسة ذاتَ يوم، اختبأتُ جانباً وصرتُ أُراقِبُ ماذا يحدُثُ. دخلت ابنَتِي، ورأت طِفلاً صغيراً بِيَدِهِ خشخيشةٌ يلعبُ بها الأطفالُ عادةً. فإنتَزَعَت إبنَتي الخشخيشةَ من يدِ الطفلِ وقالت لهُ، "قالَ يسوع أن نُشارِكَ ما لنا معَ الآخرين. فأعطِنِي هذه." من الواضِح أنَّ ابنَتي لم تفهمْ معنى المحبَّة التي تكلَّمَ عنها بُولُس في هذا المقطَع. نحنُ البالِغين نفعَلُ هذا الأمر بِعينِه. فعندما ندرُسُ هذا المقطع عن الحُب، نتساءَل، "لماذا لا تُعامِلُني زوجَتي بهذه الطريقة؟" فكلَّما تنظُرُ إلى فضائِلِ الحُبِّ هذهِ، لا تُفكِّرُ كيفَ ينبَغي أن تُحبَّكَ زوجتُكَ، بل اسأل نفسَكَ هل أنتَ تُحبُّها بهذه الطريقة؟ والآن دَعُونَا ننظُرُ إلى كُلِّ واحِدَةٍ من هذه الفضائِل على حِدَة:
المحبَّةَ "تتأنَّى وترفُق". تعني الكلمةُ في الأصل اليونانيُّ أنَّها رحيمة ولا تنتقِمُ لنَفسِها، ولا تُطالِبُ بِحُقوقِها، حتَّى ولو توفَّرَت لها الفُرصة لذلك.
"المحبَّةُ لا تحسُدُ". الكَلمِة التي يستخدِمُها بُولُس هُنا مُرادِفة لكلمة "كَريمة." هذا يُشيرُ إلى الالتزام غير الأناني من واحدٍ تجاه الآخر. إنَّها نوعٌ من الغَيريَّة المُقدَّسة. فهل أنتَ مُلتَزِمٌ بِسلامةِ وسعادةِ الشريكِ الآخر، وبأن تُعطيَهِ من وقتِكَ وطاقَتِكَ وأي شيءٍ آخر يُمكِن أن يكونَ مَطلُوباً لإرضاءِ حاجَةِ شَريكَةِ حياتِك؟ هذا ما تعنيهِ عبارةُ "المحبَّةُ لا تحسُد" في اللغةِ الأصليَّة.
"المحبَّةُ لا تتفاخَر ولا تنتَفِخ". فليسَ لها حاجةٌ لإثارةِ إعجابِ الآخرين بها، وليست مُتبجِّحَةً لأنَّها في جوهرِها مُتواضِعة، وليستَ مُستَكبِرَة أو مُدَّعِية، بل هي نقيضُ الكِبرياء.
- عدد الزيارات: 12538