الفَصلُ الأوَّلُ - الصَّبرُ واللُّطفُ
الصَّبرُ واللُّطفُ
يَصِفُ بُولُس ثمرتانِ أُخرَيَانِ من ثِمارِ الرُّوح – اللُّطف والصَّبر. الكائِناتُ البَشَرِيَّةُ هي سريعَةُ العَطَب. إن كُنتَ ستُصبِحُ الأداة التي سيستخدِمُها الرُّوحُ القُدُسُ ليُحَرِّرَ أسيرَ الشَّيطان، عليكَ أن تَكُونَ لَطيفاً. هل تعرِف ما هُوَ اللُّطف؟ اللُّطفُ مَوصُوفٌ في الإصحاحِ الثالِث عشَر من كُورنثُوس الأُولى. تتكلَّمُ الأعدادُ 4 إلى 7 من إصحاحِ المحبَّةِ العظيم ذاكَ، عن خمسَ عشرَةَ فضيلَةً تُعَبِّرُ عن كيفيَّةِ تصرُّفِ المحبَّة، التي هي أوَّلُ ثمار الرُّوح. إذا قُمتَ بِدراسَةٍ مُعَمَّقَةٍ لهذه الفضائِل، سوفَ ترى أنَّ اللُّطفَ هُوَ بِبَساطَةٍ قضيَّة محبَّة الشَّخص الصَّعب المِراس.
وما هُوَ الصَّبرُ؟ في علاقَتِنا معَ الله، "الصَّبرُ هُو الإيمانُ المُنتَظِر." في علاقَتنا معَ النَّاس، "الصَّبرُ هُوَ المحَبَّةُ المُنتَظِرَة." نحنُ نتعلَّمُ أن نقتَدِيَ بِصَبرِ أيُّوب، الذي تألَّمَ بِصبرٍ وجاءَ من خلالِ ألَمِهِ بإيمانٍ أقوَى. إنَّ صبرَ أيُّوب كانَ الإيمان المُنتَظِر. عندما نُرَبِّي الأطفال ليُصبِحُوا بالِغينَ أتقِياء، أو نطلُبَ أن نكُونَ خُدَّامَ الرَّبِّ في علاقَةٍ صعبَةٍ، علينا أن نتعلَّمَ الصَّبرَ الذي هُوَ المحبَّة المُنتَظِرة.
إذا درستَ بِتَمَعُّنٍ الوصفة التي نراها في هذا المقطَع من كلمةِ اللهِ، والتي معها بدأتُ هذا الفَصل، سوفَ ترى أنَّ بُولُس يُخبِرُ تيمُوثاوُس أنَّ الشخصَ الصعبَ المِراس لديهِ دَورٌ ليعلَبَهُ في عمليَّةِ تحريرهِ. عليهِ أن يُلَبِّي شَرطَين: أن يعتَرِفَ بالحقيقة، وأن يختَبِرَ ما دَعاهُ بُولُس "رُوحَ التَّوبَة." وإلى أن يُلبِّيَ هذين الشَّرطَين، فإنَّ خادِمَ الرَّبِّ عليهِ أن يتمتَّعَ بصبرٍ خارِقٍ للطبَّيعة، والذي هُوَ ثمرَةٌ أُخرى من ثِمارِ الرُّوح.
هُناكَ المَزيدُ من وصفَةِ الحياةِ هذهِ في العلاقَةِ الصَّعبَة. كجُزءٍ من هذه الوصفة، والتي هي مُوجَّهَةٌ لِ "عبدِ الرَّب،" نقرَأُ: "بِوَداعَةٍ مُعَلِّمِينَ أولئكَ الذين يُناقِضُونَ أنفُسَهُم، بأن يُعطِيَهُم اللهُ رُوحَ التَّوبَةِ لكي يعتَرِفُوا بالحَقّ." ما يَصِفُهُ بُولُس هُنا ليسَ قضيَّةَ إلزامِ شخصٍ صعب المِراس بأن يُواجِهَ الحقيقَةَ التي يحتاجُ أن يُواجِهَها. فنحنُ لا نُخبَرُ بأن نصرُخَ أو نَعِظَ لهكذا أشخاصٍ بالحقيقَةِ التي يتوجَّبُ عليهم الإعتِرافَ بها.
يَنصَحُ بُولُس أنَّهُ إذا حافَظنا على ثمرِ الرُّوح في هذه العلاقة، سوفَ يُصغي الآخرُونَ إلينا. وعندما يُصغي إلينا الآخرُون، سيحدُثُ ما يُسمَّى "بلحظَة ِالتعليم." فإن كُنَّا أدواتٍ لثمرِ الرُّوح، في يختَصُّ بالوداعَةِ، اللُّطفِ، الصبر، فإنَّ لحظَةَ التعليم قد تأتي عندما نَضَعُ أمامَ هذا الشخص الحقيقَةَ التي يحتاجُ أن يفهَمَها – الحقيقَةَ التي يُمكِنُها أن تُحَرِّرَهُ.
علينا بعدَ ذلكَ أن نفهَمَ مدى محدُودِيَّتِنا ومَسؤُوليَّتِنا. هل تعرِفُ أيُّها القارِئُ العزيز أنَّ مسؤوليَّتَكَ في العلاقَةِ لها مكانٌ حيثُ تبدأ، وآخر حيثُ تنتَهي؟ يُخبِرُنا بُولُس في مكانٍ آخر أنَّهُ بمقدارِ ما تستطيعُ مسؤوليَّتُنا الوُصُولَ إليه، نحنُ مسؤولونَ أن نعيشَ في سلامٍ معَ الجميع (رُومية 12: 18). هذا يعني أنَّ مسؤوليَّتَنا لها مكانٌ تبدأُ فيهِ، وآخر تنتَهِي فيهِ.
فسُرعانَ ما تَقِفُ في الثَّغرِ في وسطِ هذه العلاقة، وتكُونُ عبدَ الرَّبِّ وأداةَ الرُّوح، وتكُونُ حَسَّاساً لِلَحظَةِ التَّعليم، وتضعُ أمامَ الآخرينَ الحقيقَةَ التي يحتاجُونَ أن يسمَعُوها، سيترتَّبُ عليكَ أن تُدرِكَ التَّالي: أنَّ اللهَ قد يمنَحُهُم رُوحَ التَّوبَةِ، لكَي يعتَرِفُوا بالحقيقةِ ويستَرِدُّوا ذواتِهم، أو قد لا يفعَلُونَ ذلكَ. وقد ينالُونَ رُوحَ التوبَةِ، فيُعيدُونَ التفكير مُجدَّداً، وقد لا يفعَلُون.
ليسَ بإمكانِكَ أن تعتَرِفَ لهم بالحقيقة، وليسَ بإمكانِكَ أن تتوبَ أمامَهُم. فتحريرُهُم يعتَمِدُ الآنَ على تَلبِيَتِهم لهذين الشَّرطَين، واللهُ سيُعطيهم رُوحَ التَّوبَة. فعندما نَصِلُ إلى هذه النُّقَطة في هذه الوَصفَة من العلاقَةِ الصَّعبَة، علينا أن نقبَلَ إطارَ محدُودِيَّاتِنا. وعلينا أن نعتَرِفَ بحقيقَةِ كونِ تحريرهم ليسَ ما نستطيعُ أن نعمَلَهُ أو لا، بل ما يستطيعُ اللهُ وحدَهُ أن يعمَلَهُ، وحُرِّيَّتُهم بأن يقبَلُوا أو يَرفُضُوا ما يُحاِوِلُ اللهُ أن يستَخدِمَهُم لإتمامِهِ في ومن خلالِ حياتِهم. هذا هُوَ الوقتُ لتطبيقِ السِّرِّ الرُّوحِيّ الذي أُعَبِّرُ عنهُ كالتالي: "أنا لا أستطيعُ، ولكنَّ اللهَ يستطيعُ."
- عدد الزيارات: 6805