Skip to main content

الفَصلُ السادِس عشَر الفَقير

نُتابِعُ دراستَنا لقِيَمِ المسيح. في هذه الدِّراسة، أودُّ أن نتأمِّلَ بالقيمةِ التي أولاها يسُوعُ المسيح للمَساكِين – أي لأشخاصٍ نظيرِكَ ونظيري: "رُوحُ الرَّبِّ عليَّ لأنَّهُ مسَحَني لأُبشِّرَ المساكين أرسَلَني لأشفِيَ المُنكَسِري القُلُوب لأُنادِيَ للمأسُورِينَ بالإطلاق وللعُمي بالبَصَر وأُرسِلَ المُنسَحِقينَ بالحُرِّيَّة وأكرِزَ بسَنَةِ الرَّبِّ المقبُولَة." (لُوقا 4: 18- 19)

هذا المقطَعُ الكِتابِيُّ هو بالواقِِعِ إقتِباسٌ من إشعياء، قرأَهُ يسُوعُ في مجمَعٍ في الناصِرة، كبَيانٍ لخدمتِه. ذهبَ إلى مجمَعِ قريَتِهِ، وطلبَ درجَ سفرِ إشعياء. وفتحَ الدرجَ إلى نِهايتِهِ، وبالتحديد على الإصحاح الحادِي والستِّين، وقرَأَ الأعداد الأُولى من إشعياء 61. ثُمَّ قالَ ما معناهُ، "هذا هُوَ بَياني. وهذا من أنا، وهذا ما أنا، وهذا ما أُرسِلتُ لِلعالَم من أجلِه."

لم يُشدِّدْ يسُوعُ على نفسِهِ، بِقَدرِ ما شدَّدَ على القيمة التي وضَعها على الناس الذين جاءَ من أجلِهم إلى هذا العالم – أُناسٌ نظيركَ ونظيري. ودعاهُم "المساكين"، وكان بيانُهُ أنَّهُ أُرسِلَ إلى العالم ليكرِزَ بالإنجيل لهؤلاء المساكِين. فمن كانَ هؤُلاء المساكين؟


الأعمَى، المأسُور، والمَكسُور

إذا درستَ هذا المقطَع في لُوقا أو إشعياء، تجدُ أنَّهُ يقُولُ صراحَةً من يقصُدُ بالمَساكِين. يقصُدُ الأشخاصَ العُميان، كَخِرافٍ لا رَاعي لها. فهل تشعُرُ بالتشويش والضَّياع؟ وهل تشعُرُ وكأنَّكَ لا تعرِفُ يمينَكَ من شِمالِكَ – أي أنَّكَ لا تعلَمُ ماذا تفعَل لأنَّكَ لستَ مُتَيقِّناً بماذا تُؤمِن؟ إن كانت هذه حالُكَ، فعلَيكَ أن تجدَ تعزِيَةً كبيرَةً في هذا الكلام. لقد وضعَ يسُوعُ قيمَةً كُبرى على أشخاصٍ نظيركَ. فهُوَ يقُولُ أنَّهُ جاءَ إلى العالم من أجلِ أشخاصٍ نظيرك. ففي كُلِّ مرَّةٍ تقرأُ فيها أنَّ يسُوعَ فتحَ فاهُ وعلَّمَهُم، كانَ يمنَحُ بصَراً للعُميان.

قالَ يسُوعُ أنَّهُ جاءَ ليكرِزَ بالأخبارِ السارَّة للمساكين والمكسُورينَ والمَجرُوحِين. فالحياةُ صعبَةٌ وقاسِية. ولقد كانَ يسُوعُ واقِعيَّاً حِيالَ ذلكَ. وتحتَ ضغطِ الحياة، يتعثَّرُ بعضُ الناسِ ويترنَّحُون، وبعضُهُم الآخر يسقُطُون. لقد وضعَ يسُوعُ قيمَةً كُبرى على الأشخاصِ الذين دعاهُم بالمَجرُوحِينَ والمُنكَسِري القُلُوب. لقد جاءَ لِيمنَحَ البَصَرَ للعُميان، وجاءَ ليمنحَ الشفاءَ للمُنكَسري القُلوب وللمجرُوحِين.

هَل أنتَ حُرٌّ؟ وهل أنتَ تفعلُ ما تُريدُ أن تفعَل أم ما تحتاجُ أن تفعلَ؟ هل أنتَ مُسيَّرٌ من نزواتِكَ وأهوائكَ؟ هل أنتَ مُستَعبَدٌ؟ إن كانَ الأمرُ كذلكَ، فإنَّ هذا التعليم العظيم الذي علَّمَه يسُوعُ يضعُ قيمَةً كُبرى عليك. فأنتَ ذلكَ النوع من الناس الذين من أجلِهم جاءَ يسُوعُ إلى هذا العالم. وهوَ يُسمِّيكَ مِسكِيناً بالرُّوح. ولكنَّهُ جاءَ ليَكرِزَ بالأخبارِ السارَّة للمساكِينِ أمثالِك وأمثالي، الذين لا يعرِفُونَ طعمَ الحُرِّيَّة.

هل أنتَ أعمَى رُوحيَّاً؟ وهل أنتَ مُقَيَّدٌ رُوحيَّاً؟ وهل أنتَ مكسُورٌ ومجرُوحٌ من نوائِبِ الحياة؟ إن كُنتَ كذلكَ فإنَّ يسُوعَ يَضَعُ عليكَ قيمةً كُبرَى. وهُوَ يقُولُ أنَّكَ أنتَ السبب الذي جاءَ من أجلِه. يقُولُ هُنا، أنَّكَ أنتَ السبب الذي من أجلِهِ هُوَ حاضِرٌ في العالمِ اليوم. فهل ترغَبُ بأن تعتَرِفَ بالقيمةِ التي أولاها يسُوعُ إلى أمثالِكَ، بمجيئكَ إليهِ لكي يمنَحَكَ البَصرَ بدلَ العَمَى، والحُرِّيَّةَ بدلَ العُبُوديَّة، والشفاءَ بدلَ الكَسر.

  • عدد الزيارات: 5710