الفَصلُ الخامِس "الإنضِباطُ الرُّوحِيُّ والقِيَمُ العامُوديَّة" - قِيَمُ التِّلميذ العَمُودِيَّة
قِيَمُ التِّلميذ العَمُودِيَّة
"لا تَكنِزُوا لكُم كُنُوزاً على الأرض حيثُ يُفسِدُ السُّوسُ والصَّدأ وحَيثُ ينقُبُ السَّارِقُونَ ويَسرِقُون. بل إكنِزُوا لكُم كُنُوزاً في السَّماءِ حيثُ لا يُفسِدُ سُوسٌ ولا صَدَأٌ وحيثُ لا ينقُبُ سارِقُونَ ولا يَسرِقُون. لأنَّهُ حَيثُ يَكُونُ كَنزُكَ هُناكَ يكُونُ قَلبُكَ أيضاً.
"سِراجُ الجَسَد هُوَ العَين. فإن كانَت عينُكَ بَسيطَةً فجَسَدُكَ كُلُّهُ يكُونُ نَيِّراً. وإن كانت عينُكَ شِرِّيرَةً فجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِماً. فإن كانَ النُّورُ الذي فيكَ ظلاماً فالظَّلامُ كم يَكُون.
"لا يَقدِرُ أحَدٌ أن يخدِمَ سَيِّدَين. لأنَّهُ إمَّا أن يُبغِضَ الواحِدَ ويُحِبَّ الآخر أو يُلازِمَ الواحِدَ ويحتَقِرَ الآخر. لا تَقدِرُونَ أن تخدِمُوا اللهَ والمَال." (متَّى 6: 19- 24)
يسُوعُ الآنَ على وَشَكِ إظهارِ قِيَم التِّلميذ الذي يعيشُ المواقِفَ المُبارَكَة. بحَسَبِ القَامُوس، القِيمَةُ هي: "كلُّ ما هُوَ مَرغُوبٌ بهِ أو جَديرٌ بالتقدير بسببِ ما في ذاتِهِ." إحدى أسباب كون أُولئك النَّاس الذين عندَ أسفَلِ الجَبل يُعانُونَ من هذا المقدار منَ المشاكِل، هُوَ أنَّهُم لا يتمتَّعُونَ بالقِيَم الصَّحيحَة. أن يَكُونَ لهم تأثيرُ الملح والنُّور عندما يرجِعُونَ إلى تلكَ الجُمُوع، كانَ يتوجَّبُ على تلاميذِهِ أن يتمتَّعُوا بالقِيَم التي كانَ سيُعَلِّمُهُم إيَّاها آنذاك.
بعدَ جُملَةٍ إفتِتاحِيَّةٍ علَّمَ فيها يسُوعُ أنَّهُ عليهِم أن لا يُنفِقُوا أنفُسَهُم على كُنُوزٍ تفنَى أو تتعرَّضُ لِلفَساد أو تُسرَق منهُم، قدَّمَ يسُوعُ ثلاثَ مُلاحَظاتٍ حولَ القِيَم. مُلاحَظَتُهُ الأُولى كانت مِعياراً عميقاً من خلالِهِ كانَ بإمكانِ تلاميذِهِ أن يَقِيسُوا قِيَمَهُم: "لأنَّهُ حَيثُ يَكُونُ كَنزُكَ، هُناكَ يَكُونُ قَلبُكَ أيضاً." بكلماتٍ أُخرى، "أرِنِي كُنُوزكَ، وسوفَ تُريني بِذلكَ قَلبَكَ وقِيَمَكَ."
ويُضيفُ على هذا مُقَدِّماً تَحَدِّياً أنَّ أحدَ أهَمّ الأسئِلة التي طَرَحَها تلاميذُهُ هو: "كيفَ ترَى الأُمُور؟" عندما قالَ يسُوع، "إن كانَت عينُكَ بَسيطَةً،" (متَّى 6: 22) يقصُدُ بذلكَ الذِّهنِيَّة. فالقِيَمُ الجيِّدَة هي الفَرقُ بينَ جَسَدٍ مملُوءٍ بالنُّور (السَّعادَة، الطَّهارَة، والبَركات)، وبينَ جسدٍ مملُوءٍ بالظُّلمَة، أو بالحُزنِ. تحذِيرُهُ المُخيف هُوَ أنَّ القِيَم المَغلُوطَة يُمكِنُ أن تَقُودَ إلى حُزنٍ كبير. وكما أشَرتُ سابِقاً، عندما يَقُومُ قادَةٌ عالَمِيُّونَ بقَتلِ الملايين، كأُولئِكَ الذينَ أبادُوا الملايينَ في الصِّين، رُوسيا، وإلمانيا، كانَ ذلكَ لأنَّهُ كانَت لدَيهم الذهنِيَّة المَغلُوطَة، فنتَجَ عنها ظُلمةٌ حالِكَة خَيَّمَت على العالَمِ بأسرِهِ.
تَصريحُهُ الثَّالِثُ المُخِيف عنِ القِيَم، هُوَ واحِدٌ من أقوى دَعَواتِه للإلتِزام. فلا يُمكِنُ للإنسانِ أن تَكُونَ لهُ "رُؤيا إزدِواجِيَّة" رُوحيَّاً وأن يَكُونَ تلميذَهُ. فلا يُمكِنُهُم أن يخدُمُوا سَيِّدَين – الله والمال.
- عدد الزيارات: 15088