الفَصلُ الخامِس عشَر "بِلَياقَةٍ وتَرتِيبٍ"
(1كُورنثُوس 14: 6- 22)
يُحَذِّرُ بُولُس الرَّسُول بِشِدَّة من مُمارَسَةِ مَوهِبَةِ الألسِنة عندما تجتَمِعُ الكَنيسةُ معاً. ويضَعُ، مُرغَماً، قواعِدَ أساسيَّة لِمُمَارَسَةِ هذه المَوهِبَة، عندما يجتَمِعُ كُلُّ الجَسَدِ معاً: لا ينبَغي أن يكُونَ هُناكَ أكثَر من خِدمَتَينِ أو ثلاث تحدُثُ في إجتِماعٍ مُعَيَّن، وينبَغي أن تجري هذه الخدمات واحِدَةً تِلوَ الأُخرى، وينبَغي أن تتوفَّرَ التَّرجَمَةُ بإستِمرار. إنَّ التَّرجَمَة مُوصَىً بهِا لأنَّ كُلَّ من يحضُرُ الإجتِماع ينبَغي أن يُبنَى. فالألسِنَةُ بدُونِ ترجَمَةٍ تبني فقط الذي يتكلَّمُ بهذه الألسِنة. وهذا أمرٌ غَيرُ مَقبُول بالنسبَةِ لبُولُس الرَّسُول.
في العدد 6، لاحِظُوا أنَّهُ يكتُبُ: "فالآن أيُّها الإخوة إن جِئتُ إليكُم مُتَكَلِّماً بألسِنَةٍ فماذا أنفَعُكُم إن لم أُكَلِّمْكُم إمَّا بإعلانٍ أو بِعِلمٍ أو بِنُبُوَّةٍ أو بِتَعليمٍ؟" بِكَلامٍ آخرَ، ينبَغي أن يكُونَ هُناكَ إعلانٌ، أو وعظٌ أو تعليمٌ بما تقُولُهُ كلمةُ اللهِ وما تعنيهِ لي، لكي أبنِيَكُم."
ثُمَّ يستَنتِجُ في العدد 9، "هكذا أنتُم أيضاً إن لم تُعطُوا بِاللِّسانِ كلاماً يُفهَمُ فكَيفَ يُعرَفُ ما تُكُلِّمَ بهِ؟ فإنَّكُم تكُونُونَ تَتَكَلَّمُونَ في الهَواء." كتبَ بُولُس في مكانٍ آخر: "فإذ لنا رجاءٌ مثل هذا نَستَعمِلُ مُجاهَرَةً كَثيرَةً." (أي ينبَغي علينا إستخدامَ كلماتٍ سهلَةِ الفهم) (2كُورنثُوس 3: 12)
فيما يتعلَّقُ بمَوهِبَةِ الألسِنة، يُتابِعُ بُولُس القَول: "رُبَّما هُناكَ أنواعُ لُغاتٍ هذا عدَدُها في العالم وليسَ شَيءٌ منها بِلا معنَىً. فإن كُنتُ لا أعرِفُ قُوَّةَ اللُّغَةِ أكُونُ عندَ المُتَكَلِّمِ أعجَمِيَّاً والمُتَكَلِّمُ أعجَمِيَّاً عندي." (1كُورنثُوس 14: 10، 11) فإن لم تفهَمْ اللُّغَة، كيفَ سيَتِمُّ البُنيان؟)
"هكذا أنتُم أيضاً إذ إنَّكُ غَيُورُونَ لِلمَواهِبِ الرُّوحيَّة، أطلُبُوا لأجلِ بُنيانِ الكَنيسة أن تزدادُوا. لذلكَ من يتكلَّمُ بِلِسانٍ فليُصَلِّ لِكَي يُتَرجِمَ. لأنَّهُ إن كُنتُ أُصَلِّي بِلِِسانٍ فَرُوحي تُصَلِّي وأمَّا ذِهني فهُوَ بِلا ثَمَر. فما هُوَ إذاً، أُصَلِّي بالرُّوحِ وأُصَلِّي بالذِّهنِ أيضاً. أُرَتِّلُ بالرُّوحِ وأُرَتِّلُ بالذِّهنِ أيضاً." (12- 15)
يُعَلِّمُ بُولُس أنَّهُ حتَّى عندما تكُونُ وَحيداً في مخدَعِ صلاتِكَ، فإذا إختَبَرتَ هذه الظَّاهِرة، عليكَ أن تُصَلِّيَ طلَباً للتَّرجَمة، لكي تُبنَى أنتَ شَخصيَّاً أيضاً. ثُمَّ يُعيدُ الموضُوعَ إلى إطارِ الجَماعة في العدد 18 و19: "أشكُرُ إلهي إنِّي أتَكَلَّمُ بألسِنَةٍ أكثَرَ من جَميعِكُم. ولكن في كَنيسةٍ أُريدُ أن أتكَلَّمَ خمسَ كَلِماتٍ بِذِهني لِكَي أُعَلِّمَ آخَرِينَ أيضاً أكثَرَ من عَشرَة ِآلافِ كَلِمَةٍ بِلٍِسان."
ما يُتابِعُ التشدِيدَ عليهِ هُوَ أنَّهُ في الجَماعة، كُلُّ الكنيسةِ ينبَغي أن تُبنَى، بكُلِّ ما يحدُثُ عندما تجتَمِعُ الكَنيسَةُ معاً. ثُمَّ يُلَخِّصُ ما يُريدُ قولَهُ في العدد 20، "أيُّها الإخوة لا تَكُونُوا أولاداً في أذهانِكُم بل كُونُوا أولاداً في الشَّرّ. وأمَّا في الأذهانِ فكُونُوا كامِلين." بِكَلِماتٍ أُخرى، عليكُم أن تَكبُروا وتنضُجُوا. هذا يعني أنَّهُ من الأفضَل أن تكُونُوا سَاذِجينَ بعضَ الشَّيء، وأطفالاً في براءَتِكُم ونقاوَتِكُم، ممَّا أن تَكُونُوا إنتِقادِيِّين ساخِرين. ولكن ما يقُولُهُ بشكلٍ أساسِيٍّ هُوَ: أنمُوا في فهمِكُم. دعا بُولُس هؤلاء الكُورنثِيِّين "أطفالاً" في الإصحاحِ الثالِث والعدد الأوَّل. في الحركَةِ الثالِثة من سمفونيَّةِ المحبَّة في العدد 13، علَّمَ بالمِثالِ أنَّهُ ينبَغي أن نضعَ جانِباً طُرُقنا الطُّفُوليَّة. وهُنا، وللمرَّةِ الثَّالِثة، يُخبِرُ هؤُلاء الكُورنثِّيِّين أنَّهُم أطفالٌ رُوحيَّاً وفكريَّاً.
- عدد الزيارات: 6390