الفصلُ الخامِس "ماذا بعد؟"
أرجو أن تنقُلُوا معكُم حقيقَةَ هذا المقطع التمجيدي إلى الإصحاحِ الثاني عشر. "عندما يستَخدِمُ بُولُس حرف "فَ"، علينا دائماً أن نتساءَلَ عن سبب وُجودِ هذا الحرف. هُناكَ نَصيحَةٌ حكيمَةٌ سمِعتُها منذُ أكثر من خمسينَ سنةً، تُساعِدنا على إقتِفاءِ الحجَّة المَنطِقِيَّة عندَ هذا الرسُول. إنَّ هذا يتعلَّقُ أيضاً بالطريقة التي غالِباً ما يبدَأُ بها بُولُس المقاطِعَ التطبيقيَّة في رسائِلِه. فإذ يبدَأُ بتطبيقِ الحقيقة التي شارَكها معنا في هذه الرسالة، يقصُدُ من إستخدامِهِ لهذا الحرف أن يُعيدَنا إلى بدايَةِ حُجَّتِهِ في أوَّلِ الرسالة (رُومية 1: 17).
"فأطلُبُ إليكم أيُّها الاخوةُ برأفةِ اللهِ أنْ تُقدِّموا أجسادَكُم ذبيحةً حيةً مقدسةً مَرضيّةً عِندَ الله عبادَتَكُم العقلية. ولا تُشاكلوا هذا الدهرَ. بلْ تَغيّروا عنْ شكلِكُم بتجديدِ أَذهانِكُم، لتَختبروا ما هي إرادةُ الله الصالحةُ المَرْضيّةُ الكاملة". (رُومية 12: 1، 2)
يعتَقِدُ الكثِيرُونَ أنَّهم إذا سلَّمُوا أنفُسَهُم لله، فإنَّ إرادَةَ الله سوفَ تقودُهم إلى أسوأِ مكانٍ يُمكِنُهُم تصوُّرُهُ. ولكنَّ بُولُس يُخبِرُنا أنَّ إرادَةَ الله صالِحة وكامِلة (العدد 2). فكيفَ بإمكانِنا أن نعرِفَ إرادَةَ الله لحياتِنا. يُقدِّمُ لنا بُولُس خمسَ خُطواتٍ نحوَ إكتشاف إرادة الله.
أولا، إجعَل الله مِحوَر حياتَك. فبِما أنَّ اللهَ هُوَ مَصدَرُ كُلِّ شَيء، والقُوَّة الكامِنَة وراءَ كُلِّ شَيء، والهَدفُ المَرجُوُّ من كُلِّ شَيء، فمن المَنطِقيِّ أن تجعلَ اللهَ مركَز حياتِك.
ثانيا، إلتَزِم بالله. علينا أن نُلزِمَ إرادَتَنا بإرادَةِ الله. تذكَّرْ ذلكَ المَبدَأ الأساسِي الذي أعطانا إيَّاهُ يسُوع عندما قال، "إن أرادَ أحدٌ أن يعمَلَ مَشيئَةَ الله، سوفَ يعرِفُها." (يُوحنَّا 7: 17). فإن كانَ اللهُ يعرِفُ أنَّكَ مُلتَزِمٌ بهِ، وأنَّكَ تُريدُ أن تعمَلَ مَشيئتَهُ، سوفَ يُعلِنُ مشيئتَهُ لحياتِكَ.
الخطوةُ الثالثةُ هي عندما نُصبِحُ في مَوقعِ التسليم. قال بولس أنَّهُ عَلَينا أن نتغَيَّرَ ونتجدَّدَ بالله. "تجَدَّدوا بواسطةِ الله". "تَغيَّروا عن شكلِكُم بتَجديدِ أذهانِكُم". عندَ ولادتِكَ الجسديَّة، كانتْ ولادَتُكَ الجسديَّة إختبارَ تَسليم. وهذا هو الحالُ مع الولادةِ الروحية. فاللهُ يلعَبُ الدَّورَ الإيجابِيّ، ونحنُ نكُونُ مُستَسلِمينَ سلبِيَّاً عندما تتجدَّدُ أذهانُنا (2كُورنثُوس 3: 18؛ 5: 17، 18). فعندما نكُونُ قدِ إختَبَرنا "تَجديدَ أذهانِنا،" يكُونُ بإمكانِنا أن نُبَرهِنَ بالإختِبار أنَّ خُطَّةَ الله لنا هي صالِحة، وتُلبِّي كُلّ مُتَطلِّباتِه، وتقودُنا نحوَ النضج الرُّوحِي.
يُقدِّمُ لنا بُولُس الخُطَوةَ الرابِعة عندما يكتُبُ قائِلاً: "ولا تُشاكِلوا هذا الدهر." (2). بكلماتٍ أُخرى، "لا تكُونُوا مثلَ الآخرين. ولا تدعُوا العالَمَ من حولِكُم يُشكِّلُكُم بإقحامِكُم في قالَبِهِ." فإذا فعلتُم هذا، سوفَ تفقُدونَ إرادَةَ لله لحياتِكُم. ولكن إذا تشبَّهتُم بالمسيح، فسوفَ تُخالِفونَ العالم. وقِيمُكُم لن تنسجِمَ معَ قِيَمِ العالم الدُّنيَوِيّ من حولِكُم.
وأخيراً، الخُطوَةُ الخامِسة هي أن تتشبَّهُوا بالمسيح. فبِالنسبَةِ لبُولُس، إحدى الطرُق لتحقيقِ هذه الخُطوة هي أن تُدرِكُوا أنَّ الرُّوحَ القُدُس يعمَلُ من خِلالِ شعبِهِ بإعطائهم مواهِبَ رُوحِيَّة (3- 8). هذه المواهِب تُثبِِّتُ حياتَكُم في المسيح وتُؤهِّلُكُم للخدماتِ الرُّوحيَّة. وعندما تكتَشِفونَ ما هي المواهِب التي وضعها اللهُ فيكُم، وتُسلِّمُونَها لهُ، وتستخدِمونَها من أجلِه، هذه المواهِبُ الرُّوحِيَّة سوفَ تقُودُكم إلى مَشيئة الله وقصدِهِ لحياتِكم وخلاصِكُم (أفسُس 2: 10).
- عدد الزيارات: 10965