الفصلُ السابِع إنجيل يُوحنَّا لُغَةُ الرُّمُوز عندَ يُوحنَّا - المِفتاحُ رقم إثنان
المِفتاحُ رقم إثنان
مفتاحٌ ثانٍ سيساعدُكَ على فهمِ ذلك الرّمزِ المتَُضمِّنِ في الرسالة الفريدةِ لهذا الإنجيل، هو أنْ تَعرِفَ أنَّهُ السفرُ الوحيدُ بين أسفار الكتابِ المقدسِ الذي تَتَوجَّهُ رسالتُهُ لغير المؤمن، لكَي تأتي بهِ إلى الإيمان والحياة الأبديَّة.
قالَ الرسولُ بولس أنَّ الهدفَ مِنَ الكتاب المقدسِ كَكُل، هو أنْ "يكونَ إنسانُ الله كاملا مُتأهبا لكلِّ عملٍ صالح". (2تيمُوثاوُس 3: 16، و17). فإذاً الكتابُ المقدس لم يُعطَ بشكلٍ عامٍّ لغير المؤمنين، بل للمؤمنين.
لدى الله رسالةٌ واحدةٌ في الكتابِ المقدَّس لغير المؤمنين: وهي أنْ يؤمنَ الإنسانُ بالإنجيل ويَتوبَ. وإذ سيتوبُ غيرُ المُؤمِنين ويُؤمِنُون، أعطانا الربُّ ستةً وستين سفرا مُقدَّساً مُوحىً بها من قِبَلِهِ، لأنَّهُ يُريدُ المؤمنينَ أنْ يكونوا كاملين ناضجين مُتأهِّبينَ لكُلِّ عملٍ صالِحٍ يُريدُ أن يعمَلَهُ من خِلالِهم. يُريدُنا اللهُ أنْ ننموَ ونتكمَّلَ روحيا لنُصبِحَ ذلكَ الشعب الذي أوجدنا وخلصنا لنكونَهُ. (أفسُس 2: 10؛ 4: 12).
إنَّ إنجيلَ يُوحنَّا هو تِلكَ الرِّسالة من الله لغَيرِ المُؤمِن، لِكُلِّ ما يُريدُ أن يقُولَهُ لهُم في الأسفارِ الخمسة والستّين الباقِية في الكِتابِ المُقدَّس. ورُغمَ أنَّهُ هُناكَ الكثيرُ من الحَقيقَةِ العميقة في الإنجيلِ الرَّابِع الذي يُكمِّلُ المُؤمن، فإنَّ هذا السفر هُو الوحيدُ في الكتابِ المُقدَّس الذي يُعتَبَرُ مُوجَّهاً بِوُضُوح لِغَيرِ المُؤمِنين، بهدَفِ رِبحِهم للإيمانِ بِيَسُوع المَسيح.
يُخبِرُنا يوحنا عن سبب كِتابَتِهِ لهذا الإنجيلِ العميق: "وآياتٌ أُخَرُ كثيرةٌ صَنَعَ يسوعُ قُدَّامَ تلاميذِهِ لم تُكْتَبَ في هذا الكتاب. وأمَّا هذهِ فَقد كُتِبَتْ لِتُؤمنوا أنَّ يسوعَ هو المسيح ابنُ الله، ولكي تكونَ لكم إذا آمنْتُم حياةٌ باسمه" (يُوحنَّا 20: 30، 31).
تقُولُ إحدَى الترجمات الحديثة في حاشِيَتِها لهذا المقطَع: "الآيَةُ هي بُرهانٌ عجائِبيٌّ يُشيرُ إلى قُوَّة الله بالنعمَةِ الفادِيَة." فالآيَةُ إذاً هي مُعجِزَةٌ تُبرهِنُ أنَّ يسُوعَ كانَ المَسِيَّا، المسيح، إبن الله، ومُخلِّص العالم.
في العددِ الأخير من هذا الإنجيل، كتبَ يُوحنَّا أنَّهُ لو دُوِّنَت كُلُّ الآيات التي صَنَعَها يسُوع، لما كانَ العالمُ بأسرِهِ سيتَّسِعُ للكُتُب التي كانت ستُكتَبُ عنهُ. حاوِلْ أن تكتَشِفَ كم من الأسفار كُتِبَت عن حياةِ وأعمال وتأثير يسُوع المَسيح، وسوفَ تُقدِّرُ الحقيقَةَ التي ختمَ بها يُوحنَّا إنجيلَهُ.
أرادَنا يُوحنَّا أن نتفحَّصَ سِجلَّهُ عن هذه الآيات التي تُبرهِنُ ما قالَهُ عن يسُوع. وجوهَرُ ما قالَهُ هُوَ التالي: "مِنْ كلِّ الأعمالِ العجائبية التي صَنَعَها يسوعُ، تأمَّلوا – بِذهنٍ مُنفَتِح- بتِلكَ التي دَوَّنتُها في هذا الكتاب. ولا بُدَّ أنَّ هذه الآيات ستُقنِعُكُم أنَّ يسُوعَ من الناصِرة كانَ المسيَّا، إبن الله. أُريدُكُم أن تُؤمِنُوا، لأنَّكُم إنْ آمنتُم بهذه الحقائقِ عنْ يسوعَ المسيح، سوفَ تَتَجدَّدُونَ وستَختبرون الحياة الأبدية" (20: 30، 31؛ 1: 12، 13)
عندما يسألُ أحدُهُم راعي الكنيسة عنْ سفرٍ يمكنُ أنْ يبدأَ بِهِ قراءةَ الكتابَ المقدس، يسألُهُ الراعي: "هل أنتَ مُؤمنٌ بالمسيحِ؟" وبما أنَّ يُوحنَّا كتبَ للشخصِ الذي لم يُؤمن بعد، فعندما يُجيبُ: "كلا، ولكنّني مُهتمٌ بالأمر"، غالبا ما سيَنصَحُهُ الراعي: "يمكنُكَ أنْ تبدأَ مِنْ إنجيلِ يوحنا". غالِباً ما يُعطي الرُّعاةُ هذه النَّصِيحة، لأنَّ يُوحنَّا عبَّرَ صراحَةً عن هدَفِهِ من كتابَةِ إنجيلِهِ، وهو أن يُصبِحَ غيرُ المُؤمِنِ مُؤمِناً ويختَبِرَ الحياةَ الأبديَّة.
- عدد الزيارات: 18074