الفَصلُ الحادِي عشَر "تعالِيمُ يسُوع القَيِّمة في إنجيلِ متَّى" - المَلَكُوتُ يُصبِحُ كَنيسَةً
المَلَكُوتُ يُصبِحُ كَنيسَةً (متَّى 16: 13- 23)
يُعتَبَرُ هذا مقطَعاً هامَّاً في الأناجيل لأنَّ يسُوعَ يذكرُ فيهِ الكنيسةَ للمرَّةِ الأُولى. لقد بدأَ كُلٌّ من يسُوع ويُوحنَّا المعمدان خدمتَهُما العَلَنيَّة بالكِرازَةِ بالأخبارِ السارَّةِ المُختَصَّةِ بمَلَكوتِ الله. فعلى رأسِ الجَبَل وفي أمثالِهِ، أعلَنَ يسُوعُ إنجِيلَ ملكوتِ السماوات، أو ملكوتِ الله. في هذه المُناسبة، أعلَنَ يسُوعُ أنَّهُ سيبنِي كنيستَهُ وأبوابُ الجحيمِ لن تقوَى عليها ولن تمنَعَهُ من بنائِها. ولقد أعلَنَ أيضاً أنَّهُ سوفَ يبنِي كنيستَهُ على الرَّسُول بُطرُس.
إنَّ إطارَ هذا الإعلان هوَ أنَّ يسُوعَ سألَ رُسُلَهُ قائِلاً، "من تقُولُونَ إنِّي أنا؟" فأجابَ بطرُس، "أنتَ هُوَ المسيح." بمِقدارِ أهمِّيَّةِ إعتِراف بطرُس هذا، كانَ جوابُ يسُوع على إعترافِ بطرُس هذا أكثَر أهمِّيَّةً. لِكَي نُفسِّرَ ونُلَخِّصَ هذا الجَواب، وكأنِّ يسُوعَ يقُول: "يا سِمعان، أنتَ لستَ على هذا المِقدار من الذَّكاء! إنَّ أبي هوَ الذي أعلَنَ لكَ هذا! وسوفَ أبني كنيستِي على مُعجِزَةِ كونِ إنسانٍ مثلَكَ إستطاعَ أن يقولَ شيئاً عجيباً كهذا، يا بطرُس – وأنَّ النَّاسَ العادِيِّين سيكُونُونَ قادِرينَ على عملِ أشياءَ غير إعتِيادِيَّة بسبب سُكنَى الرُّوحِ القُدُس فيهم. وقُوَّاتُ الجحيم لن تقوَى على هذه الكنيسة يا بطرُس، لأنَّ القُوَّةَ الكامِنَة في هذه الكنيسة ووراءَها ستكونُ قوَّةَ الرُّوحِ القُدُس!"
على الرُّغمِ من كَونِ هذه صُورَة بَلاغِيَّةً مُختَلِفة، علينا أن لا نراها كتناقُض. فهل كانَ يسُوعُ يبنِي ملكُوتاً أم كنيسةً؟ ليسَ الأمرُ إمَّا الواحد أو الآخر، بلِ الإثنانِ معاً. فالملكوتُ هو تعبِيرٌعن مَشيئة الله على الأرض كما هي في السماء. والكنيسةُ ستكُونُ نفسَ الشيء عندَما ستكُونُ فِعلاً كنيستَهُ، مُتَمِّمَةً مشيئتَهُ على الأرض.
يُعتَبَرُ هذا المقطَع مُهمَّاً أيضاً لأنَّ يسُوعَ عندما أخبَرَ بتصريحِهِ عن رسالتِهِ بالموت في أُورشَليم، وبَّخَهُ بطرُس. فالتَفَتَ يسُوعُ إلى نفسِ هذا الرَّجُل، الذي كانَ منذُ فترَةٍ وجِيزة أداةً تكلَّمَ اللهُ من خِلالِها، وهُنا دعاهُ يسُوع بالشيطان. لقد أخبَرَ يسُوعُ هذا الرَّجُل بطرُس أنَّه يَقِفُ بوجهِ مشيئَةِ اللهِ، ليسَ مُعبِّراً عن إرادَةِ اللهِ بل عن إرادَةِ الشيطان.
إنَّ هذا التبادُل العجيب بينَ بطرُس ويسُوع، يُعلِّمُنا بوُضُوح أنَّنا نستطيعُ أن نكُونَ أشخاصاً عادِيِّين الذين من خِلالِنا تُعمَلُ أُمُورٌ غير إعتِيادِيَّة بِفضلِ قُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس. إنَّ هذا التبادُلَ الدينامِيكيّ يُعلِّمُنا أيضاً تناقُضاً رهيباً. بإمكانِنا أن نكُونَ إناءً تُحجَزُ من خِلالِهِ إرادَةُ اللهِ على الأرض، ومن خِلالِهِ تُعمَلُ إرادَةُ الشيطانِ على الأرض. وكُلٌّ من هذين الإحتِمالَين يُمكِن أن يُعَبَّرَ عنهُما من خِلالِ نفسِ الشخص في غُضُونِ دقائِقَ معدُودة.
من نَقُولُ أنَّ يسُوعَ هُوَ؟
تُخبِرُنا قِصَّةٌ أنَّ يسُوعَ رَجَعَ في مُنتَصَفِ الليلِ إلى أبوابِ كُلِّيَّةِ لاهُوت. فقَرَعَ الجَرَس، وعندما أجابَ رئيسُ كُلِّيَّةِ اللاهُوت، سألَ يسُوع، "من تقُولُ أنِّي أنا؟" فأجابَ رئيسُ كُلِّيَّةِ اللاهُوت، "لماذا، فأنتَ الأصلُ الوُجُودِيُّ لكيانِنا. أنتَ الكِرازَةُ التي بِها نُرَسِّمُ حُدُودَ علاقاتِنا معَ الأشخاص!" فأجابَ يسُوع، "ماذا؟" من المُهِمّ جداً أن يكُونَ لدينا الجواب الصحيح على هذا السُّؤال الذي طرَحَهُ يسُوعُ على الرُّسُل. نحتاجُ أن نعرِفَ أنَّهُ يسُوعُ المسيح، المسيَّا، الفادِي والمُخلِّص المَوعُود بهِ للعالَم.
- عدد الزيارات: 13111