Skip to main content

الفَصلُ الحادِي عشَر "تعالِيمُ يسُوع القَيِّمة في إنجيلِ متَّى"

الصفحة 1 من 4

دَعوَةٌ أُخرى عظيمَة

"تَعالَوا إليَّ يا جَميعَ المُتعَبِين والثَّقِيليّ الأحمال وأنا أُريحُكُم. إحمِلُوا نِيرِي عليكُم وتعلَّمُوا منِّي. لأنِّي وَدِيعٌ ومُتواضِعُ القَلب. فَتَجِدوا راحَةً لنُفُوسِكُم. لأنَّ نِيري هَيِّن وحِملِي خفيف." (متى 11: 28- 30)

كما رأينا في خاتِمَةِ أعظَمِ عِظَةٍ من عِظاتِ يسُوع، أحَبَّ أن يصِلَ بتعليمِهِ إلى قرار، وذلكَ بتقديمِهِ دَعوَةً تُعتَبَرُ واحِدَةً من أعظَمِ دَعَواتِه. إنَّها مُوَجَّهَةٌ إلى جميعِ أولئكَ الذين لديهم أحمالٌ ثقيلَة، وهُم يُحاوِلُونَ جاهِدينَ أن يحمِلُوا أحمالَهُم الثقيلَة بقوَّتِهم الذاتِيَّة، ولكن دُونَ جدوى. وهكذا تُصبِحُ الأحمالُ أثقَلُ والأتعابُ لا تُحتَمَل. إنَّ الدعوَةَ هي للمجِيءِ إلى المسيح، لِكَي نتحرَّرَ من أعبائِنا الثقيلة، ونجدَ راحَةً لنُفُوسِنا، ونكتَشِفَ أنَّهُ من المُمكِن أن تكونَ الحياةُ سهلَةً، ومن المُمكِن لأحمالِهم أن تكونَ خفيفَةً.

في البِدايَة يبدُو الأمرُ وكأنَّنا نأتي بِبساطَةٍ وهُوَ يُعطينا راحَةً من أحمالِنا. ولكن، إذ نتأمَّلُ في هذه الدَّعَوة عن كَثَب، نُدرِكُ أنَّهُ يدعُونا لنأتِيَ ونتعلَّمَ. نحنُ مَدعُوُّونَ لنتَعلَّمَ عن حِملِهِ، عن قَلبِهِ، وعن نِيرِه.

فليسَ هُناكَ من كائِنٍ بَشَريّ كانَ لهُ حِملٌ أثقَل من الحِملِ الذي حمَلَهُ يسُوعُ في هذا العالم. ورُغمَ ذلكَ نسمَعُهُ يقُولُ، "حِملِي خَفيف!" فإذا أردنا أن نجِدَ راحَةً لنُفُوسِنا وأن نتحرَّرَ من أثقالِنا، فإنَّ الذي علَّمنا قائِلاً بالطُّوبَى للوُدَعاء، يدعُونا لنتعلَّمَ عن قَلبِهِ الوديع المُتواضِع.

ومن ثَمَّ يدعُونا لنتعلَّمَ عن نِيرِه. فنحنُ مَدعُوُّونَ لنقبَلَ ترتيبات وأنظِمة يسوع المسيح الرُّوحيَّة، وأن نحمِلَ النِّيرَ معَ المسيح كتلاميذٍ لهُ. إنَّ مفِتاحَ فهم هذه الدَّعوَة هُوَ أن نُدرِكَ ما يعنيهِ عندما يدعُونا لنأخُذَ "نيرَهُ" هذا في حَياتِنا.

إنَّ النِّيرَ ليسَ حِملاً، بل أداةٌ تُمكِّنُنا من إزاحَةِ حِملٍ ثقيل. تَصَوَّرُوا أن هُناكَ عَرَبَةً مُحمَّلَةٌ بأثقالٍ، وأنَّكُم تُريدُونَ أن يجُرَّ ثَورٌ هذه العَرَبة. ستُدرِكُونَ عندها القصدَ منَ النِّير. فالثَّورُ لا يتمتَّعُ بالذَّكاءِ والإنضِباط ليُحرِّكَ العرَبَة بِرأسِهِ، ولكن يُمكِن أنَ نضعَ لهُ نيراً ليَجُرَّ بهِ هذا الحِمل. فالنِّيرُ هُوَ أداةٌ تُمكِّنُ الثَّورَ بأن يعمَلَ المُستَحيل وينقُلَ الحِملَ الثقيل.

بِنفسِ الطريقة، فإنَّ تعاليم وأنظِمة يسُوع الرُّوحيَّة هي بمثابَةِ "نِير" يُمكِّنُنا من إزاحَةِ أحمالِ الحياةِ الثقيلة. هذا ما قصدَهُ يسُوعُ عندما وعدَنا أنَّنا بِقُبولِنا نيرَهُ فإنَّ هذا سيجعَلُ حياتَنا سهلَةً وأحمالَنا خفيفَةً، لأنَّهُ يحمِلُ معنا أحمالَنا تحتَ نفسِ النِّير.

إنَّ هذه الدَّعوة العظيمة هي أن نأتِيَ إلى المسيح. فهُوَ لا يدعُونا أن نأتِيَ إلى كنيسة، أو إلى إجتِماعِ درسِ الكِتاب المُقدَّس، أو إلى أيِّ نَوعٍ من الإجتِماعات أو النَّشاطات التي تقومُ بها الكنيسة والتي يُفتَرَضُ أن تقودَنا للمسيح. إنَّهُ يدعُونا لكي نأتِيَ إليهِ مُباشَرةً لتكونَ لنا علاقَة معَهُ. وهُوَ يدعُونا لنُواجِهَ الحياةَ كما واجَهَها هُوَ. فإن كُنَّا سنرى الحياةَ من خِلالِ قِيَمِهِ وأنظِمتِهِ الرُّوحيَّة، فإنَّهُ يَعِدُنا بأنَّنا سنَجِدُ راحَةً لنُفُوسِنا، وراحَةً من أحمالِنا الثقيلة، وحياةً سهلَةً بأنَّنَا نشتَرِكُ في علاقَةٍ معَهُ تحتَ نفس النِّير.

المَلَكُوتُ يُصبِحُ كَنيسَةً
الصفحة
  • عدد الزيارات: 13110