الفصلُ الثامِن نُبُوَّةُ حزقِيال "روائع عجيبةٌ وغريبة" - الرقيبُ الرُّوحيّ
الرقيبُ الرُّوحيّ
عِظةٌ عظيمةٌ لحزقِيال نجدُها في الإصحاح الثالث من نُبُوَّتِه. واسمُ العِظة "رَقيبُ بيتِ إسرائيل." هذه الصُّورَةُ المجازِيَّةُ مبنيَّةٌ على حضارةٍ إنتَشرت فيها المُدُن المُسوَّرة، التي كانت كثيراً ما تُحاصَرُ من قِبَلِ مُحتَلِّينَ شرِسين. إستَخدمَ سُليمانُ هذه الصورة المجازيَّة عينها عندما قالَ أنَّهُ إن لم يحرُسِ الربُّ المدينَةُ فباطِلاً يسهَرُ الحارِس (مزمور 127: 1). دائماً كانَ هُناكَ مُراقِبُون يقِفونَ على أبراجِ المُراقَبة خلالَ الليل، يُراقِبونَ ويتنصَّطُونَ إلى أيَّةَ حركةٍ أو ضجَّةٍ من قِبَلِ العدوّ. إنَّ صُورَةَ حزقِيال التشبيهيَّة تجدُ جُذُورَها في مسؤوليَّةِ الرقيب الجدِّيَّة بأن يُحذِّرَ المُواطِنين عندما يظهَرُ العدوُّ. تبدأُ عظةُ حزقيال عن الرقيب كالتالي: "وكانَ عندَ تمامِ السبعةِ الأيَّامِ أنَّ كَلِمَةَ الربِّ صارَت إليَّ قائلةً. يا ابنَ آدَم قد جعلتُكَ رقيباً لِبيتِ إسرائيل. فاسمَعْ الكَلِمَة من فَمي وأنذِرهُم من قِبَلي... إن أنذَرتَ أنتَ الشرِّير ولَم يرجِعْ عن شرِّهِ ولا عن طريقِهِ الرديئة فإنَّهُ يموتُ بإثمِه. أمَّا أنتَ فقد نجَّيتَ نفسَك" (16- 17، 19).
عندما وبَّخَ إرميا الأنبياءَ الكَذَبَة في زَمانِهِ، قال لهُم، "لأنَّكُم لم تُنذِرُوا الشعبَ بسببِ خطاياهُم لكي تُنقِذُوهُم من هذا الويل، ولم تُحاوِلوا إنقاذَهُم بتحذيرهِم من عواقبِ خطاياهم." أمَّا حزقِيال فيذهبُ أبعدَ من ذلكَ ويقول، "عندما تأخُذُ كَلِمَةً من اللهِ كَنَبِي، فإن حذَّرتَ الشعبَ واستَمَرُّوا بِشَرِّهِم، فسيموتونَ بِخطاياهُم. ولكنَّكَ تكونَ قد نجَّيتَ نفسَكَ. ولن يطلُبَ اللهُ دَمَهُم من يدِكَ. وإن فَشِلتَ في تحذِيرِهم، فاللهُ سيعتَبِرُكَ مسؤولاً."
لقد آمنَ الرسُولُ بُولُس بِهذا في أيَّامِه. قالَ الرسولُ بُولُس، "لأنَّنا رائِحةُ المسيح الذكِيَّة للهِ في الذينَ يخلُصُون وفي الذينَ يهلِكُون. لهؤلاء رائِحةُ موتٍ لمَوتٍ ولأُولئكَ رائِحةُ حياةٍ لِحياة. ومن هُوَ كُفؤٌ لِهذه الأُمور" (2كُورنثُوس 2: 15- 16).
التطبيقُ التعبُّدي لنا هو التالي: إن كُنتَ تُشارِكُ إنجيلَ خَلاصِ يسوع المسيح معَ أحدِهم فآمنَ بالإنجيل، عندها تكونُ رائحةَ حياةٍ لهكذا شخص. وإن شاركتَ معهُ إنجيلَ الخلاصِ ورَفَضَهُ، عندها تُصبِحُ رائِحَةَ موتٍ لهُ، لأنَّكَ جعلتَ من المُستَحيلِ عليه أن يتحجَّجَ قائلاً، "لم أعرِفْ ولم أسمَعْ أبداً بهذا." إن كُنَّا نُؤمِنُ أن الكتابَ المقدَّس هو كلمةُ الله المُوحَى بها، علينا أن ننضَمَّ لحزقِيال بأن نُؤمِنَ أنَّنا "رُقباء رُوحيُّون" على نُفوسِ أولئكَ الذين نلتَقي بهم في حياتِنا.
لِهذا يُشدِّدُ حزقِيالُ على الروحِ القُدُس في كِرازتِه. فحزقِيال، مثل بُولُس، وجدَ كِفايةَ عملِهِ الجليل في الروحِ القُدُس. يقولُ بُولُس، "كِفايتُنا هي من الله."لقد آمنَ بُولُس أنَّهُ عندما كانَ يُشارِكُ الإنجيل معَ أشخاصٍ مثل الكُورنثُوسيِّين، لم يكُن يأتي شيءٌ منهُ شخصيَّاً، بل الكُل جاءَ من الروحِ القُدُس. (2كُورنثُوس 3: 5؛ 1كُورنثُوس 2: 3- 5) اللهُ وحدَهُ يستطيعُ أن يجعلنا كُفؤاً أن نكونَ رُقَباءَ رُوحيِّين.
- عدد الزيارات: 12647