نَشِيدُ سُلَيمان
سفرُ نشيد الأنشاد هُوَ السفرُ الأخير بينَ الأسفار الشعريَّة. لقد كتبَ سُليمانُ ألفاً وخمسة أناشيد. هذا النشيد هو الوحيد الذي وصلَ إلينا منها، ولكنَّهُ جوهرةٌ جميلةٌ نجدُها تُرصِّعُ خاتمة الأسفار الشعريَّة في الكتابِ المقدَّس. نَشيدُ الحُبِّ هذا يُسَجِّلُ قِصَّةَ حُبٍّ وأحادِيثَ حُبٍّ بينَ حَبيبَين. وبسبب الأحاديث الحميمة المَوجُودَةِ فيهِ، مُنِعَ الشُّبَّانُ اليهود من قِراءةِ سفرِ نشيد سُليمان قبلَ أن يبلُغُوا الثلاثين من العُمر.
كُلُّ هذا يجعَلُنا نتساءَلَ: ماذا يفعلُ سفرٌ مثلُ هذا بينَ أسفارِ الكتابِ المُقدَّس القانُونيَّة المُوحاة؟ هُناكَ عدَّةُ أجوبةٍ على هذا التساؤُل عن سبب وُجود هكذا سفر في الكتاب المقدَّس. الجوابُ الأوَّلُ هو أن سفراً مثل نشيد سُليمان موجودٌ في الكتابِ المقدَّس لأنَّهُ يُعلِّمُنا قُدسِيَّةَ المَضجَعِ الزَّوجِيّ. ففي سفرِ التكوين، نقرأ أنَّ اللهَ قالَ، "ليسَ حَسَناً أن يبقَى الرجُل وحدَهُ." فخلقَ اللهُ المرأة. وعندَما خلقَ اللهُ الرجُلَ والمرأة، ذكراً وأُنثَى خلَقَهُما، وجمعَهُما في إتِّحادٍ جِنسي، ثمَّ نقرأُ الكلمات التي تقول، "فنظرَ اللهُ إلى ما صنع وإذا هو حسنٌ جدَّاً." فعندَما خَلَقَ اللهُ الجِنس، أعلَنَ أنَّ الجِنسَ "حسنٌ جِدَّاً."
لَو لَم يَكُن هُناكَ معنىً أعمَق لَنشيدِ الحُبِّ هذا، فإنَّ الكلامَ عن قُدسِيَّةِ الجِنس هي هامَّةٌ بِشكلٍ كافٍ ليجعَلَ هذا السِّفرَ يحتَلُّ مركَزَهُ بينَ هذه الأسفارِ المُقدَّسة التي نَدعُوها "الكتاب المُقدَّس." منَ المُهِمِّ جِدَّاً للوالِدينَ أن يُعَلِّمُوا أولادَهُم أنَّ الجِنسَ حَسَنٌ جِدَّاً. وأمامَنا تَحَدٍّ كَبير أن نُعَلِّمَ أولادَنا أن يحتَفِظُوا بالجِنس للعَلاقَةِ الزَّوجِيَّةِ حصرِيَّاً، دُونَ أن نَجعَلَهُم يشعُرُونَ أنَّ الجِنسَ خَطيَّة. فإذا أقنَعنا أولادَنا أنَّ الجِنسَ شَرٌّ، قد نُعطِّلُ إنسجامَهُم معَ الجِنس في الحياةِ الزَّوجِيَّة. وقد نجعَلُهُم يدخُلُونَ الزواج بأفكارٍ تَقَويَّة تجاهَ الجِنس، ممَّا قد يُعطِّلُ حياتَهُم الجِنسيَّة في الزواج، ويمنَعُهم من إشباعِ حاجاتِ الشريك الزوجِي.
يُعَلِّمُنا نَشيدُ الحُبِّ هذا أنَّ اللهَ يُبارِكُ ويُوافِقُ على المضجَعِ الزَّوجِيّ والبرَكة الزَّوجِيَّة. فبينما تقرَأونَ نشيدَ الحُبِّ لِسُلَيمان، سوفَ ترَونَ تأكيداً على قصدِ اللهِ منَ التَّعبيرِ البَهيجِ عن علاقَةِ الجنس الحَميمة بينَ رَجُلٍ وإمرأَة في إطارِ الزَّواج.
ولكن هُناكَ مُؤمِنُونَ أتقِياء رأَوا معنىً أعمَق في نشيدِ الحُبِّ هذا الذي لسُلَيمان.
فلقد رأَوا توازِياً عميقاً بينَ علاقَةِ الحَبيبَين، وبينَ علاقَتِنا نحنُ معَ اللهِ ومعَ المسيح، التي تُوصَفُ عادَةً بأنَّها تُشبِهُ العلاقَةَ الزَّوجِيَّة. إنَّهم يعتَقِدُونَ أنَّ نَشيدَ سُليمان قد وُضِعَ بينَ أسفارِ الكتابِ المُقدَّس المُوحَى بها، كصُورَةٍ مجازِيَّةٍ عن محبِّة اللهِ يهوَة لشعبِهِ إسرائيل القَديم. وعندما تقرأُ العهدَ الجَديد، تَكتَشِفُ أنَّ هذه الإستِعارَة المجازِيَّة عن علاقَةِ الحُبّ مُطَبَّقَةٌ أيضاً على المسيحِ والكَنيسة. فالمسيحُ هُوَ العَريسُ والكَنيسَةُ هي العَرُوس (متَّى 25: 1- 13؛ ورُؤيا 21: 2، 17).
- عدد الزيارات: 12113