الفصل الرابع: كل مدرسة أحد يجب أن تنمو
"فلما خرج يسوع رأى جمعاً كثيراً فتحنن عليهم إذا كانوا كخراف لا راعي لها. فابتدأ يعلمهم كثيراً". (مر6: 34).
لما كان يسوع على الأرض كانت هناك جماهير كثيرة في حالة تيه وضلال. واليوم توجد جماهير كثيرة في نفس الحالة. أين هم هؤلاء الضالون؟ إنهم في كل مكان- في كل مجتمع وبيئة. إنهم في العواصم الكثيرة الحركة، في الأسواق المزدحمة، في المدن والقرى والأرياف الهادئة. وبعضهم موجود في بيئتك. فهل تعرف عددهم؟
من هم هؤلاء؟ إنهم أقرباؤك وجيرانك، أصدقاؤك ومعارفك، والوجهاء والبسطاء، الفرحون والحزانى، المهتمون والمهملون، المعروفون والمجهولون، المحبوبون والمكروهون.
لماذا يجب أن تنمو كل مدرسة أحد؟
على كل مدرسة أحد أن تنمو لأن الله يفيض حناناً وعطفاً على الناس.
على كل مدرسة أحد أن تنمو لأن يسوع قال "من يرد فليأت".
على كل مدرسة أحد أن تنمو لأن الجموع بدون يسوع هالكة وضالة.
على كل مدرسة أحد أن تنمو لأن الكتاب المقدس يوضح لنا كيفية الخلاص.
على كل مدرسة أحد أن تنمو لأن الكتاب المقدس هو كتاب الدرس فيها.
على كل مدرسة أحد أن تنمو لأن الروح القدس يعمل بواسطة كلمة الله.
على كل مدرسة أحد أن تنمو لأن يسوع أمرنا أن نذهب إلى الطرق والسياجات ونلزم الناس بالدخول.
بما لا ريب فيه أن أحد الأهداف الهامة للكنيسة هو أن تعمل على تنمية مدرسة الأحد.
مبادئ النمو في مدرسة الأحد:
ثمة مبادئ محددة لنمو مدرسة الأحد. وحيثما طبقت هذه المبادئ فقد أتت بنتائج طيبة. أما إذا أهملت فنتائجها محدودة وجزئية.
مبادئ النمو هذه ليست من صنع بشري. إنما هي من الروح القدس الذي اقتادنا لنميّز أفضل الطرق للاتصال بالناس ودعوتهم إلى درس الكتاب المقدس.
1-علاقة النمو بعدد المعلمين:
قلما تمكن زيادة الطلاب أو المحافظة عليهم إذا ارتفعت نسبتهم إلى المعلمين عن 10 إلى واحد.
لمدة نصف قرن تقريباً، أدرك العاملون في مدرسة الأحد أن الكنيسة لا تستطيع لبضعة سنوات، أن تحافظ على نسبة أعلى من التي ذكرنا. قد تستطيع الكنيسة، إذ بذلت مجهودات غير اعتيادية، أن تصل إلى نسبة أعلى لوقت محدود. ألا أنه يكون من الصعب جداً، إذا زادت المدة عن بضعة أشهر، أن ترتفع النسبة إلى أكثر من 10 إلى واحد.
بما أن المؤلف قام بجولة في عدة حقول في الشرق حيث تستعمل مطبوعات "المطبعة المعمدانية"، أُتيحت له الفرصة للسؤال عن هذه المبادئ في الكنائس الصينية التي تعودت أن تقول أنها غير قابلة للتطبيق. ومع أن معظم الكنائس لم تحتفظ بسجلات مرتبة لمدارسها الأحدية فقد اندهش قادتها، بعد أن تقصيت الأمر معهم، إذ وجدوا أن تطبيقها ممكن جداً.
وفي عام 1960 تمكن المؤلف أن يزور تقريباً كل كنيسة معمدانية تابعة للمجمع المعمداني في تايوان. وفي بعض المرات كان قادة الكنائس الأخرى يحضرون اجتماعاً له. وبعد التدقيق في سجلاتهم وجدوا أن مبدأ "عامل واحد لكل عشرة طلاب" لكل مدرسة أحد – قابل للتطبيق. قد ترتفع هذه النسبة في بعض المدارس – وحتى بعض الصفوف والدوائر – لفترة من الزمن. إنما، مع الوقت، ستعود إلى نفس النسبة الآنفة الذكر.
لو كان بالإمكان حفظ سجلات أدق، لكان هذا المبدأ أكثر حتمية. فإذا أردنا الاتصال بمزيد من البشر فإننا نحتاج إلى مزيد من العمال والصفوف والغرف. فالنمو المستمر يتوقف على مقدار التوسع في تأمين حاجات الناس كما شرحنا في الفصل الثالث.
إن المدارس الأحدية التي ترغب في زيادة أعضائها زيادة ملموسة تحتاج أن توسع ذاتها إلى ما هو أبعد من نسبة 10 إلى واحد لكي تتمكن من استيعاب عدد إضافي من الناس. فالمدارس ذات الإمكانات المحدودة، والمقسمة إلى دوائر، تحتاج إلى أكثر من عامل واحد لكل عشرة أشخاص. وهذا صحيح لأن الأشخاص المتقاربي الأعمار يكون عددهم محدوداً. ولكن لسبب تفاوت الحاجات للأعمار المتفاوتة، يكون من الضروري تأمين عدد أكبر من المعلمين.
2-علاقة النمو بحجم الصفوف:
تبلغ الصفوف ذروة نموها في مدة قصيرة نسبياً. فإذا قلّت درجة النمو بشكل ملحوظ فهذا يعني أن الحاجة تتطلب زيادة صف أو أكثر.
استطاع العاملون بين الأولاد أن يكتشفوا هذه القاعدة قبل أن تكون الأعمار الأخرى مستعدة لقبولها. فالعاملون في دائرة الحضانة والروضة والمبتدئين وضعوا معلماً واحداً لكل أربعة إلى ستة أولاد. ومعدل صفوف الأحداث والفتيان هو تسعة، والشبيبة ثلاثة عشر. أما معدل المسجلين عند البالغين فيتراوح ما بين أربعة عشر (في الكنائس الحسنة التنظيم) وثلاثين أو أربعين في الصف الواحد (في الكنائس السيئة التقسيم).
وعندما تضيف موظفي الدوائر والموظفين العامين مع العاملين في دائرة التوسع ودائرة الصغار (المهد) تصبح نسبة العامل إلى الأعضاء في مدرسة الأحد النامية أقل بكثير من واحد لعشرة. فالمدارس التي وصلت النسبة فيها إلى واحد إلى عشرة، تكون قد بلغت قمة نموها إلى أن تتم إضافة معلمين جدد لإنشاء وحدات إضافية في المدرسة.
3-علاقة النمو بالوحدات الجديدة:
إن الوحدات الجديدة تتفوق عادة على الوحدات القديمة في مضمار النمو وربح النفوس للمسيح وتأمين مزيد من العمال.
يجنى الثمر من النمو الجديد. وبدون هذا النمو لا ثمر كاف للأكل ولا أزهار كثيرة للجمال والعطر. هذا القانون ينطبق على مدرسة الأحد كما على شجرة الفاكهة.
هنا كنيسة فيها صف واحد للبالغين يحتوي على سبع نساء وأربعة رجال. فانقسم الصف إلى صفين: واحد للنساء وآخر للرجال. وبعد ثلاثة أشهر أصبح عدد المسجلين في الصفين معاً أربعاً وثلاثين شخصاً.
في شهر تشرين الثاني وجدت معلمة صف السيدات أن عدد أفراد صفها لم يتغير لمدة خمس سنوات. فاقترحت تقسيم صفها إلى ثلاثة صفوف. وما أن أطل شهر آذار التالي حتى كان مجموع المسجلات قد بلغ ضعفين ونصف الضعف.
4-علاقة النمو بالتقسيم:
إن التقسيم بحسب الأعمار هو الأساس المنطقي لزيادة وحدات جديدة عاملة.
تقسيم مدرسة الأحد يعني ترتيب الصفوف لمن هم من أعمار متساوية أو متقاربة حسبما تدعو الحاجة. وماذا يفعل التقسيم على هذا الأساس؟ إنه يحدد ويعين المسؤولية لكل مرحلة من مراحل الحياة، ويكشف مراحل الحياة المهملة، يوفر تجارب على الصفوف المتمركزة على المعلم، ويغلق جماعات متجانسة ذات ميول متشابهة، ويبسط مهنة التعليم ويحول دون ركود مدرسة الأحد.
التقسيم يبشر بالتقدم من مرحلة إلى أخرى في الحياة، ويحطم الحواجز الاجتماعية والفروقات الطبقية التي هي من تصوّر الإنسان، ويشدد على الأهمية الكبرى لكل فرد، ويسهل تنظيم الصفوف المطلوبة، ويعجل في نمو مدرسة الأحد، ويمنع الصفوف من تسجيل المرشحين الهيّنين من كل الأعمار على حساب إهمال الفئات المحتاجة.
التقسيم يتيح مزيداً من الفرص والمجالات التبشيرية، ويحول دون حيرة الأعضاء الجدد في الاختيار بين صف وآخر، ويوفر مكاناً للخدمة لعدد أكبر من أعضاء الكنيسة البالغين، ويضمن توزيع المرشحين بشكل منصف عادل وديمقراطي، ويأخذ بعين الاعتبار مراحل الحياة الطبيعية.
لقد أنتج التقسيم، حيثما روعي واتبّع، ثماراً طيبة، وكان ذا شأن في تحسين نوعية العمل. كما أنه حظي برضى الناس حين استشيروا في الأمر ومنحوا الفرصة لفهم أسبابه.
5-علاقة النمو بالترقية:
الترفيع يأخذ بنظر الاعتبار ناموس النمو والتطور الطبيعي.
إن الترقية السنوية عامل هام في مدرسة الأحد بصورة طبيعية وسليمة. وقد تعلّم هذه الحقيقة الرعاة والمدراء وذوو الخبرة.
عندما تمارس الكنيسة عملية الترفيع السنوي فهذا يعني أن نمو الفرد له شأنه وأن الحياة تسير من مرحلة إلى أخرى، وأن الصفوف والدوائر تبقى مقسمة ومنظمة، وأن مدارس الأحد تنمو في العدد بالإضافة إلى التحسن الهائل في نوعية العمل.
إن الطريقتين الجوهريتين للإبقاء على تقسيم مدرسة الأحد هما: التصنيف الجيد لكل الأعضاء الجدد والترقية السنوية على أساس السن.
6-علاقة النمو بالبناء:
البناء هو الذي يقرر شكل المدرسة ونموذجها. من العسير أن نضع مدرسة أحد صحيحة في مكان خاطئ، لأنها تتخذ شكل البناء الذي تشغله.
إنه لمن الصعب على مدرسة الأحد أن تنمو أكثر من سعة البناء، ثمة علاقة نسبية بين مساحة المكان ونمو مدرسة الأحد.
وبما أن تأمين المكان يتطلب وقتاً فيجب إعطاؤه الأفضلية في اهتمامنا. فبعد أن نصمم ونعرف عدد الصفوف والدوائر الجديدة التي نحتاجها، عندئذ تمنح الصلاحيات والمسؤوليات للجنة الكنيسة الرسمية لعمل ما يلزم.
هناك إمكانيات متعددة. يمكن مثلاً ترميم البناء الحالي بإقامة جناح جديد كجزء من خطة ثابتة. يبدأ البناء وفي نفس الوقت يتم استئجار بناية أو بنايتين إضافيتين للاستعمال المؤقت. ثم يصار إلى تشييد البناء الدائم بأسرع ما يمكن.
7-علاقة النمو بالزيارات:
يزداد عدد المسجلين والحضور بزيادة عدد الزيارات الفردية.
إن توسيع مجال العضوية في مدرسة الأحد للعائلات الجديدة والأفراد غير المسجلين يتوقف على عدد كاف من الصفوف والزيارات الفردية. وهناك أمثلة عدة عن عائلات برمتها وأفراد من سائر الأعمار الذين تسجلوا في مدرسة الأحد كنتيجة مباشرة للاهتمام الفردي والأمانة الخالصة لدى المعلمين والموظفين.
النتائج:
إن تسجيل المزيد من الناس في مدارس الأحد يقوي ويوسع جميع القضايا التبشيرية والتربوية والخيرية. كما أنه يفسح أمام الكنيسة مجال تعليم الكتاب المقدس، ويزيد من عدد الحضور في درس الكتاب المنظم والموجه، ويزيد أيضاً من إمكانيات الوكالة، ويعد الكنائس لعمل تبشيري في العالم كله. وعند إتمام هذه المطالب ستجد كل دولة الجواب على حاجتها الروحية الملحة.
ثم أن تسجيل المزيد من الناس يوفر مجالات إضافية للخدمة. فإن أحد الواجبات الرئيسية للكنيسة هو توفير أماكن للخدمة في مدرسة الأحد التبشيرية لأكبر عدد ممكن من الأعضاء. أضف إلى ذلك أنه يولد اندفاعاً لتجنيد عدد أكبر من العمال للقيام بأعمال عظيمة. فالحاجة في كل مجتمع تتوقف على تجنيد مزيد من العمال. والعمال موجودون ويمكن المباشرة بتجنيدهم.
إن تسجيل الناس في مدرسة الأحد هو عمل من أعمال الطاعة لوصية الرب. إنها لا تزيد عن كونها واجباً مسيحياً، ولذلك هي تسرّ الرب بكل تأكيد. فهي ليست هدفاً جديداً بل هدفاً أهم وأعم.
إن التحدي سوف يشجع كنائس كثيرة على الذهاب "ميلاً ثانياً" في العمل على تسجيل عدد أكبر لدرس الكتاب المقدس. فالكنيسة بحاجة إلى هدف محدد يوسع أفق رؤيا البشر ويحثهم على البدء بمنهاج واسع يؤول إلى تمجيد الله القادر على كل شيء.
- عدد الزيارات: 9215