كهنوت كل المؤمنين
و الحق السابع والأخير عن الكنيسة الذي أوضحناه سابقاً هو
ز-إن جميع المؤمنين كهنة لله.
ويجب على كل مؤمن محلي أن يشهد لهذا الحق عملياً بأن يرفض كل كهنوت آخر وبتشجيع كل مؤمن على استخدام امتيازات هذا المركز المقدس ومسئولياته بطريقة فردية وجماعية.
1-في العهد القديم ناموس موسى سبط لاوي وأسرة هرون للكهنوت في الأمة كلها. وكان لأولئك الرجال زي خاص, وكانت لهم امتيازات خاصة, وكان لهم مركز الوسيط بين الله والشعب. وكان لهم وحدهم حق الدخول إلى القدس, وحق تقديم الذبائح التي تكلم عنها الناموس.
2-ولقد تغير ذلك كله في المسيحية, وأصبح كل المؤمنين كهنة حسب ما جاء بالعهد الجديد.
أ-1بط2: 5 "كونوا أنتم أيضاً مبنيين كحجارة حية بيتاً روحياً كهنوتاً مقدساً لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح".
ب-1بط2: 9 "وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمّة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب".
ج-رؤ1: 5و 6 "الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين".
جاهد مارتن لوثر لإثبات كهنوت جميع المؤمنين وكتب في ذلك يقول:
"كل المؤمنين كهنة ولتكن لعنة أن يصرح أحد بأن هناك كاهناً آخر سوى المسيحي المؤمن, فإن تصريحاً كهذا لا تدعمه كلمة الله, ولا يقوم إلا على كلام الناس, أو على التقاليد البالية, أو الجموع التي تعتقد كذلك"[1].
3-ومن ضمن واجبات الكاهن الرئيسية تقديم الذبائح. وفي العهد القديم كانت الذبائح عادة حيوانات تذبح, أما اليوم فعلى النقيض من ذلك نرى أن ذبائح المؤمن هي:
أ-ذبيحة جسده (رو12: 1) وهذه ليست ميتة بل هي ذبيحة حية "ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله".
ب-ذبائح من ثروته المادية (عب13: 16) "لا تنسوا الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يُسَرّ الله".
ج-ذبيح الحمد (عب13: 15) "فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه".
وذبيحة التسبيح هذه يجب أن تكون فردية وجماعية. والجماعية -أي العبادة الجماعية-التي يكون لجميع المؤمنين الحرية في الاشتراك فيها, قد استبعدت نهائياً تقريباً في الخدمات التقليدية الموجّهة اليوم. ونتيجة لذلك نرى جيلاً من الكهنة الصامتين, وهي حال لا وجود لها في كلمة الله.
4-ومن واجبات الكاهن الأخرى الصلاة, والشهادة لله, ورعاية شعب الله. وهكذا على المؤمنين أن يمارسوا هذه الوظيفة المقدسة دائماً.
وتعليم الكتاب المقدس كله في هذا الموضوع (رو8: 14 وغل5: 18 ويو16: 13) يظهر بجلاء أن ذلك يجب تطبيقه على حياتنا كلها من الصباح إلى المساء وفي كل يوم من أيام الأسبوع, وليس فقط في يوم الرب. ولا هو وقف على بدء الاجتماعات وختامها كاجتماعات العبادة, ودرس الكلمة, والصلاة, بل هو يشمل الإنسان كله, ليس فقط داخل الاجتماعات والكنائس والقاعات بل وخارجها أيضاً. وهكذا فإن كل شعب الله في العهد الجديد "كهنوت ملوكي أمة مقدسة" بكل معنى الكلمة[2].
5-ومع أنه صحيح أن كل مؤمنين كهنة إلا أنه صحيح أيضاً أن كل مؤمن يحتاج كاهناً. وحاجته هذه يسدها تماماً الرب يسوع المسيح. وتتحدث الرسالة إلى العبرانيين عن هذا الشخص المبارك الذي هو رئيس الكهنة الأعظم. الذي يرثي لضعفاتنا لأنه كان مجرَّباً في كل شيء نظيرنا ولكن بلا خطيئة (عب4: 15).
6-فيجب إذن على كل كنيسة محلية أن تعترف بالرب يسوع رئيس الكهنة الأعظم, وأن تعتبر كل مؤمن كاهناً ملكياً. ولكن ترى أهذا ما نجده في العالم المسيحي اليوم؟ كلا إننا على العكس من ذلك نجد أن الكنيسة قد رجعت إلى نظام الكهنوت اليهودي. ومع أن كثيراً من الكنائس تقول بأنها تؤمن بكهنوت جميع المؤمنين إلا أنها قد أقامت كهنوتاً متميزاً لها أساسه في غالبيته النظام الموسوي. ولذلك فإننا نجد:
أ-فئة خاصة من الناس مفرزة للخدمة الإلهية
ب-نظاماً طبقياً من رؤساء الكنائس لهم ألقاب رنانة تميزهم عن عامة الشعب.
ج-زياً خاصاً يميز أولئك الرجال كأن لهم رتباً خاصة.
وعلاوة على ذلك فقد استعارت الكنيسة من اليهودية أفكاراً كالآتية:
أ-أبنية مكرسة لها مذابح فخمة وزينات دينية ومواد أخرى تعين على العبادة.
ب-طقوساً مؤثرة تروق للحواس الطبعية
ج-تقويماً دينياً ذا أيام وفصول مقدسة
ويقول الدكتور س. أ.سكوفيلد في هذا النظام الشنيع الذي هو مزيج من اليهودية والمسيحية:
"يمكن القول بحق أن تهويد الكنيسة قد أعاق نموها وتقدمها, وعطل رسالتها, وأفسد روحانيتها أكثر من جميع الأسباب الأخرى مجتمعة. فبدلاً من تسير الكنيسة في طريقها المرسوم في الاعتزال عن العالم وتتبع ربها في دعوتها السماوية نراها تتخذ آيات يهودية لتبرر نفسها في الهبوط بغرضها إلى مستوى الحضارة العالمية والحصول على الثروة, واستعمال طقوس مهيبة وإقامة أبنية كنسية فخمة, وطلب بركة الله على جيوش وحروب, وتقسيم الأخوة المتساوين إلى رجال دين وعامة شعب"[3].
ألا يدعو الله شعبه اليوم ليعتزلوا عن هذه الديانة القائمة على الرموز والظلال ليجدوا كفايتهم في اسم الرب يسوع.
7-إن الكنيسة الوحيدة التي تدرك نصيبها في كهنوت العهد الجديد العام هي:
الكنيسة المحلية التي بها اجتماعات صلاة مملوءة بالروح, وغامرة بالحضور.
الكنيسة المحلية التي أعضاؤها يساعدون ويساهمون في الخدمة مع خدام الرب في الحصاد المسكوني الواسع.
الكنيسة المحلية التي لها نشاط مستمر حي في الكرازة بالإنجيل, وتوزيع النبذ, والشهادة الفردية, واجتماعات الهواء الطلق إن أمكن ذلك.
الكنيسة المحلية التي لها قلب حار وجو محبة روحي, حيث يسعى كل واحد لمساعدة الآخر بالاهتمام المتبادل والمحبة في روح الصلاة, ملاحظين بعضهم البعض للتحريض على المحبة والأعمال الحسنة.
وفي كنيسة محلية كهذه تكون الاجتماعات والخدمات أيضاً تحت قيادة الروح القدس, وتنمو مواهب الروح القدس, كما يوزعها الرب نفسه, في الطريق التي أعدها الله في الشركة الأخوية, والاعتماد الكلي على المسيح, في الحرية المقدسة حرية الروح (1كو12: 4- 11و14: 26). وعندما تجتمع الكنيسة حول مائدة الرب لتحميد الذبيحة الكهنوتية التي قدمت على الجلجثة, تصعد العبادة الكهنوتية إلى القدس السماوي, متوجة امتياز الكهنوت العام للكنيسة[4].
وبهذا الفصل عن الكهنوت نختتم دراستنا عن الحق السباعي الحيوي الخاص بالكنيسة المسكونية الجامعة التي يجب على كل كنيسة محلية أن تكون صورة عملية لها. وغني عن البيان أن هناك حقائق أخرى يمكن ذكرها, ولكن نكتفي بهذه لنبين أن الاجتماع يجب أن يكون صورة مصغرة لكل ما هو حق عن جسد المسيح كله.
ولسوف نتعرض في الصفحات القادمة للموضوعات الآتية:
فرائض الكنيسة
اجتماع الصلاة
الأساقفة والشمامسة
أموال الكنيسة
خدمة النساء.
(13) من كتاب "أساقفة وكهنة وشمامسة" لمؤلفه هوست
(14) من كتاب "في حلبة الإيمان" لمؤلفه اريك ساور
(15) من كتاب "مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة" لمؤلفه الدكتور س.أ. سكوفيلد
(16) من كتاب "مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة" لمؤلفه س.أ. سكوفيلد
- عدد الزيارات: 6911