الاتصال - ماذا يهم عند الكلام
ماذا يهم عند الكلام
عندما كنت أتذكَّر صباح ذلك الأحد عبر السنين كنت أرى بتأكيد أن هناك شرطين لا غنى عنهما عند الكلام أمام الجمهور.
أولاً، اعرف موضوعك. لكي يشعر سامعوك بالثّقة وأنت تكلّمهم من الضروري أن تحضّر كلمتك بعد القيام بالدراسة اللازمة. قم بما يجب القيام به مسبقاً. فعندما يحسّ جمهورك بأنك تتكلم في موضوع تعرفه وتتقنه، وأنك إنما تقدم لهم جزءاً يسيراً من الكثير الذي تعرفه في ذلك الموضوع، فإنهم سيشعرون بالثقة والارتياح ويؤمنون بما تقوله لهم.
ثانياً، قل وأنت تعني ما تقوله. بالطبع، إن كنت تعرف موضوعك جيداً فإنك ستقدّمه وأنت تعنيه تماماً. الأول يؤدي إلى الثاني يجب أن تكون أنت مقتنعاً أولاً قبل أن تتمكّن من إقناع الآخرين. كان هذا واحداً مما تميّز به تعليم يسوع. فقد قالوا عنه أنه "كان يعلّمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة" (متى 7: 29). كان الكتبة يعلّمون كما لو كانوا طالباً يسمّع درسه لمعلّمه، أما يسوع فكان يتكلّم بسلطان وقناعة أدهشت سامعيه.
وتشهد لهذه الحقيقة حادثة أخرى وردت في سفر أعمال الرسل. كان بولس وبرنابا يخدمان الكلمة في مدينة أيقونية ومكتوب أنهما " دخلا معاً إلى مجمع اليهود وتكلّما حتى آمن جمهور كثير من اليهود واليونانين" (أعمال 14: 1). ومما يلفت أن العبارة "وتكلّما حتى آمن جمهور كثير" لها معنى أعظم مما يبدو للوهلة الأولى. فقد وردت في الترجمة الكاثوليكية الحديثة (للأبوين صبحي حموي ويوسف قوشاقجي، 1969) كما يلي: "وأخذا يتكلّمان كلاماً جعل جمعاً كبيراً... يؤمنون". ووردت العبارة نفسها في الترجمة العربية الجديدة لجمعية الكتاب المقدس، 1978 كما يلي: "وتكلّما كلاماً جعل كثيراً... يؤمنون".
فكر بهذه الكلمات وتكلّما حتى أو تكلّما كلاماً جعل. بصراحة، لم أكن ألاحظ المغزى في كلمة "حتى" مع أني قرأت هذا الفصل مرات كثيرة. ولكن من الواضح أن الرسولين تكلّما في شكل مؤثّر جعل سامعيهم يؤمنون. كان مهمّاً ما قاله بولس وبرنابا، كان مهماً أيضاً كيف قالاه.
إن الروح القدس ينبّه أفكارنا إلى أن الطريقة التي بها نؤدي الرسالة لها تأثير في مدى قبول السامعين لها. عندما يلقي شخص كلمة بطريقة رتيبة آلية فإن سامعيه يميلون لأن يناموا. إن الواعظ الذي سمعته في تلك الكنيسة قبل عشرين سنة كان مؤثراً، فقد استحوذ على انتباهي لقد كان يعرف موضوعه جيداً وكان يعني كل كلمة تكلّم بها.
- عدد الزيارات: 10466