Skip to main content

الرب قريب

(في 4: 7)

"الرب قريب"، يقول الرسول بولس في رسالته إلى كنيسة فيلبي. و بقوله هذا يخالف أراء الكثيرين في عصره و عصرنا. فكهنة البعل اعتقدوا أن إلههم بعيد بحيث أنهم كانوا عندما يصلون، يرفعون أصواتهم عاليا لعله يسمع. و هذا ما جعل أيليا النبي يهزأ بهم قائلا ما معناه: ارفعوا أصواتكم بعد فلعل البعل مسافر أو نائم أو مستغرق في التأمل.والإغريق أيضا كانوا يعتقدون أن إلهتهم لم تكن لتخالط البشر ولذا اختارت جبل أولمبوس مسكنا لها. و بعد أجيال جاءت جماعة تعرف باسم جماعة الإلهيين (DEISTS في الإنكليزية) و قالوا أن الله خلق الكون و زوده بالقوة الكفيلة بتسيير دون تدخل منه. فالله في نظرهم لا دخل له في العالم الذي خلق.

غير أن بولس يقول العكس تماما. فالرب عنده قريب بل هو اقرب إلينا من حبل الوريد. و سبب اعتقاده هذا هو ايمانه بأن الله مالئ الكون من جهة، و من جهة أخرى فقد اقترب إلينا حبا بواسطة يسوع المسيح المدعو عمانوئيل (أي الله معنا). و بقوله هذا فهو انما يزف إلينا بشرى سارة، لأن الإنسان من دون الله يحس بالوحشة والنقص. فهو يعلم أنه لا يستطيع شيئا من دون الرب. أجل، أن الرب قريب و قريب جدا.

(1) أنه قريب من المتضايقين .

وما أكثرهم في العالم. أن مشكلة الألم قد حيرت العقول والألباب حتى أن العديدين حاولوا أن يجدوا حلا لها. لكن الإنسان مازال مكتوف اليدين أمام هذا اللغز الكبير. و مع ذلك نفهم من كلمة الله أن الله يسمح لنا بالضيق والألم لكي يحول أنظارنا عن الأمور البائدة إلى الباقية، عن الأمور الوقتية إلى الأبدية، و عن أنفسنا إليه هو. .. فهو يعلم جاذبية الأمور الدنيوية و مقدار تأثرنا بها، كما أنه يعرف نتيجة الانجذاب وراءها. و بما أنه يحبنا فهو يضغط علينا بما يتلائم و طاقاتنا حتى نصرخ إليه و نطلب وجهه. وما أن نطلبه حتى نجده بجانبنا مستعدا لنجدتنا ز أليس هو القائل: ادعني في الضيق أنقذك فتمجدني؟ مثال على ما أقول حادثة بطرس عندما مشى على الماء. ولما بدأ يغرق صرخ إلى الرب القريب منه. فمد الرب يده على الفور وانتشله من الماء. نعم أنه ينقذ و يعزي و يقوي و يبهج.

(2) ثم الرب قريب من الخطاة .

يقول الكتاب المقدس: "اطلبوا الرب مادام يوجد. أدعوه وهو قريب". أن قلب الرب هو من نحوالخاطي. فهو يحبه وان كان يكره خطيته.و لأنه يحبه فهو قريب منه دوما بل هو واقف على الباب قلبه لكي يبكته على خطاياه قارعا مرة تلو الأخرى إلى أن يستجب الخاطي و يفتح الباب. و متى فعل فأنه يدخل لينقي و يطهر حياته و يطرد الخطية والشيطان و يخلي عرش القلب من كل عدو مغتصب ليكون أهلا لسكناه هو. و من اجدر من الرب بسكن القلب؟ و في هذه الحالة يصبح القلب قلبا جديدا متغيرا ممتلئا نورا و حبا و سلاما. و في هذه الحالة أيضا يستطيع المرء أن يقول: "الأشياء العتيقة قد مضت هو ذا الكل قد صار جديدا".

نعم الرب قريب من المتضايقين و قريب من الخطاة، وهو ايضا:

(3) قريب من العودة ثانية إلى الأرض .

جاء المسيح للمرة الأولى منذ ألفي سنة تقريبا ليقوم بعمل الفداء للجنس البشري و قد أتم الغاية التي جاء من أجلها، و قد عبر عن ذلك بقوله "قد أكمل". بيد أن الرب وعد بأنه سيرجع ثانية إلى العالم، و قد زودنا بعلامات كثيرة قائلا أنه سيرجع لدى تمام تلك العلامات. والحق يقال أن مجيئه أضحى قريبا جدا ولا بد أن يتم، كما تم مجيئه الأول. و كما أن للمجيء الأول غرضا هكذا يوجد للمجيء الثاني غرضا أيضا. و هذا الغرض مزدوج. أولا، لكي يخلص المؤمنين المستعدين من هذا العالم الحاضر الشرير و يأخذهم ليكونوا معه إلى الأبد. و ثانيا، لكي يدين الأشرار الذين رفضوا الإيمان به والتوبة عن شرورهم.

عزيزي ‍ أنت التجأت إلى يسوع فستبقى بقربه وهو بقربك إلى الأبد. أما إذا اعترضت عنه سيعرض عنك و ستسمع صوته في يوم الدين قائلا: أبعد عني إلى النار الأبدية. و هكذا تصير بعيدا عنه وهو بعيد عنك. أنصحك بأن تستفيد من هذه الفرصة، فرصة قرب الرب منك، لكي تبقى قريبا منه وهو منك إلى دهر الداهرين.

صـــلاة: _ لا يسعنا يا رب إلا أن نشكرك من صميم القلب لأنك قريب منا. فأنت تحبنا وقلبك من نحونا دائما. أننا نؤمن بأنك قريب و نفتح قلوبنا لك لكي تدخلها و تسودها، لأننا نريد في هذه الساعة أن نعطي ما لله لله. لأجل المسيح اسمع واستجب. آمين.

  • عدد الزيارات: 11820