اهربوا لأنفسكم
(1تي 6: 6-16)
الغريب في الإنسان هذا التناقص الذي فيه. فمن ناحية تراه يتجنب الأخطار و يحتاط لها، و من ناحية أخرى يفعل العكس تماما. فمثلا إذا سمع بوق سيارة قفز إلى الجانب الطريق وهرب من الخطر الذي يتهدده، وإذا تفشى وبأ معين في بلده توجه إلى مركز التلقيح ليحقن بمادة تقيه المرض، وإذ نشبت حرب احتاط لها بكل ما لديه من وسائل.أما عندما تأتي إلى المجال الروحي والى إنذارات الله للإنسان، فأنه يبدو وكأنه من صنف الضفادع التي تغير حرارتها بتغير البيئة، بحيث انك إذا وضعت إحداها في وعاء ماء ورحت تسخنه فأنها لا تشعر بما يتهددها لان حرارتها الداخلية تتغير تتدريجيا بتغير حرارة الماء، وبينما هي ساهية لاهية تصاب بالعطب والهلاك.
أليس هذا ما نراه لدى الكثيرين من الناس اليوم؟ انهم لاهون في مشاغلهم ومشاكلهم، وسادرون في غيهم وشرهم،وغارقون في محبة الدنيا وما فيها، والله يناديهم ويحذرهم وينذرهم لعلهم يرعوون ويهربون لنفوسهم .
هاك الآن بعضا من الأمور التي يدعونا الله للهرب منها لئلا يكون مصيرنا الهلاك والندم
1-الشهوات الجسدية .
يقول الله على فم الرسول بولس: "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها" وهذا طبعا عكس ما يعتقده شبان وشابات القرن العشرين.فانهم وراء المتع العابرة متناسين ما تلحق بهم الخطية من أضرار جسدية ونفسية وروحية وهكذا يطلقون العنان لنفوسهم وما هي إلا سنوات – أحيانا شهور – وإذا بالندم يقض مضاجعهم، ولات ساعة مندم.
تقول كلمة الله: "كل ما في العالم شهوة العيون وشهوة الجسد وتعظم المعيشة... والعالم يمضي وشهوته." وتنصحنا الكلمة الإلهية عينها أن نهرب من الفساد الذي في العالم. ويتفق هذا مع ما قاله الرب نفسه، "أن اعثرتك عينك اليمنى فاقلعها... لأنه خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تهلك ولك عينان." و قد شدد المسيح على ضرورة تحاشى حتى نظرة الشهوة بقوله: "من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" حبذا لو تمثلنا برجل الله _ يوسف الصديق _ الذي لما تعرض للتجربة أعرض عنها بقوله: "كيف أصنع هذا الشر العظيم واخطئ إلى الله؟"
2-محبة المال .
لاحظ أن الله لا يقول اهربوا من المال بل من محبة المال. والسبب هو ان "محبة المال هي أصل لكل الشرور". أليس هذا صحيحا؟ أليست محبة المال هي التي تجعل المرء يستبيح لنفسه كل شيء؟ أليست محبة المال وراء كل حرب من الحروب؟ أليست محبة المال وراء الجشع والرشوة والسرقة و حب الغنى؟ أليست محبة المال وراء المسايرة إلى حد التنازل عن المبادئ والقيم والشرف؟ أو ليست محبة المال وراء جرائم قتل كثيرة: فكم من ابن قتل أباه،و كم من أخ قتل أخاه، و كم من قريب قتل قريبه! و خير مثال على ذلك أحكام الإعدام والمشانق والكراسي الكهربائية و غرف الغاز و سواها.
ثم ينصحنا الله بالهروب من محبة المال، لأن المال يمكن أن يصير ربا للإنسان. والرب قال: "لا تقدروا أن تعبدوا ربين الله والمال". فإذا جعلت المال غايتك صار لك إلها، و ذا جعلته وسيلة كان خادما و بركة لك وللآخرين. اسمع ما يقوله الكتاب المقدس لمحبي المال الذين أثروا على حساب الآخرين: يقوله: "أيها الأغنياء أبكوا مولولين على شقاوتكم القادمة..." و يقول المسيح في هذا الصدد "دخول جمل من ثقب أبره أيسر من دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله." فلنتعظ ولنعتبر ولنستيقظ.
3-الغضب الآتي .
"لأن غضب الله معلن على جميع فجور الناس واثمهم.." و عن قريب سيصب الله جامات غضبه و سخطه على الذين لم يسروا بالحق بل سروا بالآثم، الذين أداروا القفا للرب ولم يبالوا بنداءاته و توسلاته المتكررة. وما أرهب تلك الساعة التي يصفها الرائي يوحنا بقوله: "لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم و من يستطيع الوقوف"
بيد أن الله _ من محبته لنا _ يحضنا على الهرب من الغضب قبل فوات الأوان. ألم يرسل الله ملائكته قديما ليحث لوطا على الهرب قبل إحراق سدوم و عمورة؟ أنه لا يشاء أن يهلك أناس بل يقبل الجميع إلى التوبة. فالتوبة هي الخطوة الأولى في الهرب. و تليها خطوة الرجوع واللجوء إلى يسوع الحصن الحصين. فمن يلذ به ينج من الخطر إلى الأبد و يصبح ابنا لله و وارثا لملكوته. فهل تقبل إنذار الله الآن و نصيحته لك بالهروب والنجاة؟
صـــلاة: شكرا لك يا رب لأجل إنذاراتك ولاجل طول أناتك. و نشكرك لأجل قصدك إلا وهو عدم هلاك أي منا. أننا نرجوان تعيننا و تقوينا حتى نسمع كلامك و نعمل به فنهرب إلى يسوع و نحتمي به لأنه الملجأ الوحيد للخطاة. لأجل اسمه استجيب لنا يا أبانا السماوي. آمين.
- عدد الزيارات: 7072