الزّيادة المقرّرة
(متى 19: 29)
تقررت منذ عهد قريب زيادة أجور الموظفين والعمال بنسبة 5 % فأحدث القرار انشراحا و سرورا لدى الجميع.ذلك لأن الزيادة – وما أحبها كلمة – تساعد ذوي الدخل المحدود على مواجهة موجة الغلاء بشيء من الثقة والاطمئنان .
إلى هناك كل شيء جميل و مقبول.أنما الغريب في الأمر أننا نهش و نبش لزيادة ضيئلة لا تتجاوز 5 % و نهمل الاستفادة من زيادة مقررة منذ زمن بعيد لا تقل نسبتها عن 10000 %.تقول "مستحيل!" لا ليس مستحيلا، فالمسيح وعد – و وعده صادق – أن كل من ترك بيوتا أو اخوة أو اخوات أو ابا أو اما أو امراة أو اولاد أو حقول من أجل اسمي يأخذ مائة ضعف (10000 %) و يرث الحياة الأبدية "إنجيل متى 19: 29" .
تلاحظ أن المسيح يضع شرطا واحدا لمن يريد الانتفاع بهذه الزيادة.الشرط هو "الترك"_ أن تترك كل ما في طريق اتباعك إياها مهما كان عزيزا و غاليا عليك.فلكي تستحق الزيادة عليك أن تعطي الرب المقام الأول في حياتك.أتذكر ما قاله يسوع لشاب الذي أستأذنه بدفن أبيه أولا؟ قال له يسوع: "دع الموتى يدفنون موتاهم واما أنت فأذهب و نادي بملكوت الله".واستأذنه أخر بأن يذهب أولا وان يودع أهل بيته، فقال له: "ليس أحد يضع يده على المحراث و ينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله".
فترى أن كلا هذين الرجلين أراد ا أن يقدما الأهل والأقارب على المسيح، فجاء جوابه مؤكدا حقه بالأولوية والأولية.فأما أن يكون الأول واما لا شيء على الإطلاق.فالوالدون والأخوة والأقرباء يجب أن يكونوا موضع احترامنا و محبتنا واكرامنا ولكن ليس إلى حد تقديمهم على يسوع.فالرب هو الأول، و قرابتنا له أهم واعظم من أية قرابة بشرية. "الذي يصنع مشيئة الله هو اخي واختي وامي"، قال يسوع.و قديما صرح داود النبي بقوله: "أن أبي وامي قد تركاني والرب يضمني".فإذا تخليت عن أقربائك لأجل يسوع أو هم تخلوا عنك فأعلم أن الرب هو نصيبك و قريبك.
و قد تضطر في سبيل سيرك مع يسوع أن تترك "حقولك" أي وسيلة رزقك.و معنى هذا أنك قد تجد أن شغلك أو مالك أواي شيء مادي أخر يقف حائلا بينك و بين المخلص و يقطع عليك طريق السير معه.لمثل هؤلاء يقول السيد: "اذهب و بع كل ما لك و تعال اتبعني ..." أليس هذا ما فعله متى الرسول يوم ترك مكان الجباية و تبع يسوع؟ أليس هذا ما فعله زكا العشار الذي تعهد بتوزيع أمواله على المساكين ورد المسلوب إلى أصحابه؟ فلا غرابة إذا أن قال يسوع له المسيح "الآن حصل خلاص لهذا البيت".
و قد تجد أن العائق ليس الأقرباء أو الماديات بل البر الذاتي.فأنت _والحالة هذه _ تفعل ما فعله أدم و حواء قديما.تحاول التستر بأوراق تين أعمالك و صلاحك و قيامك بما تتطلبه الكنيسة أو الطائفة، فتقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه اليهود الذين كتب عنه الرسول بولس يقول:
"إذ كانوا يجهلون بر الله و يطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله" (رومية 10: 3) و يؤكد الرسول نفسه أن لا بر مقبولا عند الله إلا بر المسيح الذي نناله لا بالناموس والأعمال والشعائر الدينية بل بالإيمان القلبي بابن الله الوحيد.
أنصحك أن تقبل هذه الحقائق بوادعة و تواضع.فلا تقل كما قال أحدهم في العهد الجديد: "أنا غني و قد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء" فكان جواب الرب له "أنت الشقي والبئس و فقير واعمى و عريان".فالزيادة كما ترى مقررة ولا حاجة بك إلى أن تتوسلها أو تتسولها. أنها لك، وما عليك إلا أن تفي بالشرط الذي وضعه الرب.و ستجد أن يسوع أكثر من مستعد ليمتعك بها.فهو ليس كالطاهي – الذي كتب عنه تشارلز دكنـز – الذي لما طالبه الصبي الجائع أوليفر بمزيد من الطعام ضربه بالكفكير على رأسه.بالعكس، يسوع يحبك و يريد فوق هذه الزيادة الهائلة أن يهبك الحياة الأبدية.
فهل تقبل عطيته بالامتنان والإيمان؟
صـــلاة: علمنا يا رب كيف نفيد من هذه الزيادة بترك كل ما يحاول الوقوف بيننا و بينك مهما كان عزيزا أو غاليا.أننا نصمم الآن على ذلك فنترك الفاني في سبيل الباقي والمنظور في سبيل غير المنظور.باسم يسوع.آمين .
- عدد الزيارات: 3074