Skip to main content

مكابح الإنسان

(يع 3: 2-12)

منذ أسابيع قليلة، بينما كنت متجها بسيارتي إلى البلدة التي أسكن، إذا بي أرى، عند وصولي إلى مدخل البلدة، سيارة تندفع نـزولا بسرعة جنونية من جهة الشمال و ترتطم بالسيارة التي كانت تسير أمامي ثم تتحول لتصطدم بشاحنة كانت آتية في الاتجاه المعاكس.و في غضون لحظات كانت تلك السيارة قد أصبحت حطاما والسبب في ذلك هو ان مكابحها (فراملها) كانت معطلة، و ماذا يرجى من سيارة تعطلت مكابحها؟

أيها القارئ الكريم، أن الإنسان يشبه السيارة من هذا القبيل.فالحياة البشرية لها مكابحها أيضا.فإذا كانت المكابح تعمل بانتظام كانت الحياة في سلام و سارت نحو هدفها بكل أمان واطمئنان.أما إذا سارت دون مكابح أو بمكابح معطلة فلا بد أن يصيبها العطب والهلاك .

يتحدث الكتاب المقدس مثلا عن ضرورة وجود مكبح للسان، فيقول كاتب الرسالة المعروفة باسمه: "اللسان نار، عالم الأثم ... اللسان ... يدنس الجسم كله و يضرم دائرة الكون و يضرم من جهنم".ثم يستأنف: "أما اللسان فلا يستطيع أحد من الناس أن يذلله. هو شر لا يضبط مملؤ سمعا مميتا".وما يقصد أن يقوله يعقوب هنا هو ان اللسان يحتاج إلى ضابط (أو كما أسميناه مكبح)، بيد أن هذا المكبح ليس من صنع إنسان بل من صنع الله.فما أكثر ما ينـزلق بنا اللسان إلى مهاوي الكذب والشتم واللعن والحلف والنميمة والطعن بالآخرين.أليس هذا ما حصل مع بطرس تلميذ يسوع عندما أنكر سيده؟ ألا يقول الكتاب أنه أخذ يلعن و يحلف بأنه لا يعرف الرجل؟ و علة ذلك كانت في لسان بطرس كان قد تعطل مكبحه في تلك الليلة المشؤومة.ولكن لحسن الحظ عاد بطرس فاسلم زمام لسانه للروح القدس و من تلك الساعة أضحى كل شيء يعمل بصورة طبيعية و نظامية.

ثم يتكلم الكتاب المقدس عن ضرورة ضبط الإنسان لطبعه.فكم من مرة يثور الإنسان غاضبا فيفقد سيطرته على أعصابه بل و يفقد اتزانه.و بعد أن تهدأ ثورة غضبه يندم على ما صدر و بدر منه ولكن على غير طائل.كل ذلك لان ذلك لان الطبع ينقصه مكبح يسيطر عليه و يضبطه.و مع أن صاحب ذلك الطبع يحاول مرارا و تكرارا أن يتخلى عن عصبيته لكنه يبوء بالفشل لان العلاج ليس في يده بل يد آخر – أي في يد الرب

خذ مثالا على ذلك يوحنا و يعقوب تلميذي المسيح.كان المسيح، علما منه بهما، قد دعاهما ابني الرعد، لانهما كانا ذوا طبعين ناريين.و قد تبين ذلك جليا بعد أن عادا ذات مرة من مهمة تبشيرية في قرية للسامرين.فلأن السامريين رفضوا شهادتهما إذا بهما يرجعان إلى الرب قائلين ما معناه: يا رب اسمح لنا أن نطلب نارا، كما فعل إيليا قديما، حتى تنـزل و تحرق تلك القرية بمن فيه.فكان جواب الرب لهما ممزوجا بالتوبيخ.قال لهما: ألستما تعلمان من أي روح أنتما؟ و ماذا حدث بعد أن تسلم الرب زمام الأمر؟ أصبح يعقوب ول شهيد من بين لأثنى عشر واصبح يوحنا رسول المحبة.تقول كلمة الله: "مالك نفسه خير من مالك مدينة".أي إذا استطعت أن تكبح طبعك و عصبيتك فأنت خير من فاتح كبير كالاسكندر و نابليون و هنيبعل.

و ما يصح على اللسان والطبع البشري يصح أيضا على شهوات الجسد.يقول الرسول بولس: "أقمع جسدي ....) وهو يعني طبعا أنه يكبح جسده بكل ما فيه من غرائز و شهوات و ميول، لا بقوته الذاتية بل بقوة الرب الذي قال هو عنه: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني ."

عندما تعطلت مكابح جسد داود سقط في فخ الشهوة فارتكب حماقة لا تليق به كملك و نبي و رجل من رجال الله.لكن ماذا فعل بعد سقوطه؟ رجع بالتوبة والاعتراف والدموع إلى الرب وحده يستطيع أن يكبح شهوات الإنسان.أخي! أنت لا تقدر أن تسيطر على أية خطية في حياتك، فلا تضيع جهودك و وقتك سدى بل تعال إليه وارتم بين يديه واتكل عليه مؤمنا به من كل قلبك فتحصل على الخلاص والانتصار و تبلغ الشاطئ الأمين .إذا لم تفعل فسيكون مصيرك العصب والهلاك.

صـــلاة: اللهم، لقد حاولنا مرارا أن نسيطر على ألسنتنا واطباعنا و شهواتنا وميولنا ولكننا فشلا ذريعا.ذلك كله لان هذا الأمر ليس من شأننا نحن بل من شأنك أنت.أننا نصلي لكي تستلم زمام حياتنا من الآن فصاعدا و تسيطر علينا و تضبط قلوبنا بفعل روحك و دمك فتستقيم أمورنا و يتمجد اسمك العظيم.آمين .

  • عدد الزيارات: 3384