Skip to main content

لكي تتعرف بيسوع

(لو 19)

يقسم الناس إلى فئات ثلاث بالنسبة لرغبتهم في التعرف بيسوع:

الفئة الأولى: تشبه هيرودس الملك الذي طلب أن يرى يسوع لا لكي يسمع كلامه ويستفيد من رحمته و نعمته بل ليرى معجزة من معجزاته، و كأن المعجزات هي أهم ما في الوجود.ألا يوجد كثيرون من أمثاله اليوم؟ كثيرون هم الذين لا يأبهون ألا للعجائب، و يا حبذا لو يقرأون ما قاله الكتاب عن يوحنا المعمدان أنه لم يعمل ولا آية (معجزة) واحدة لكنه شهد للحق، و كان ذلك كافيا .

الفئة الثانية: ثم هناك فئة أخرى هي على شاكلة اليونانيين الذين عبروا عن رغبتهم في رؤية الرب بقصد امتحان تعاليمه أو فلسفته على حد ظنهم، لكي يبدو رأيهم و كأن لهم الكلمة الفصل في الموضوع.

أما الفئة الثالثة: فهي ذكا العشار الذي أراد أن يتعرف بيسوع ليس لغاية سوى أن يتعرف به شخصيا بعد أن سمع عنه الكثير واحبه عن بعد .

أتمنى لو كنا كلنا مثل زكا أتمنى أن نأتي مثله إلى يسوع فنختبر ما اختبر و ننال ما نال .

وهاكم الآن بعض ما نحتاجه:

1-نحتاج إلى ميول .

تقول الآية ."طلب أن يرى يسوع..." أي انه كانت في قلبه ميول تدفع به إلى البحث يسوع . ولاشك أن ميوله تلك كانت صادقة مخلصة بل عميقة بحيث لم يدع زكا شيئا يحول دون تعرفه بيسوع.نعم كان قصيرا القامة لا يستطيع إن يرى الرب وسط الجموع، وصحيح انه كان مكروها من الناس بوصفه عشارا ولكن ميوله الصادقة القوية جعلته يتخطى العقبات عير أبه بما يقول الناس عنه.فكان إن صعد إلى جميزة كما لوانه ولد صغير، فقط لكي يرى يسوع.وما كان من يسوع إلا أن أعطاه اكثر مما طلب بكثير – ذهب إلى بيته أجرى في حياته انقلابا غير سيرته وسريرته.

إن الرب لا يرغم الإنسان على ما لا يريد بل هو يساعد المجتهدين الباحثين المتشوقين إلى حياة افضل.أليس هذا ما عمله الرب مع كرنيليوس الضابط الروماني؟ أليس هذا ما فعله مع الوزير الحبش و مع ليدية تاجرة الأرجوان؟ أعلم أخي العزيز أن الله يقدر الميول والعواطف المقدسة و يعمل كل ما في وسعه لمساعدة الراغبين في التعرف به.هل أنت واحد من هؤلاء؟ ثم بعد الميول

2- نحتاج إلى نـزول .

قال الرب لهذا العشار "يا زكا أسرع أنـزل".أي بعد الميول يأتي النـزول.لان الميول وحدها لا تكفي.مثال على ذلك الشاب الغني الذي سأل عما يجب عليه فعله ليرث الحياة الأبدية، ولكنه لم يسر إلى أبعد من ذلك.كان ذلك ميول ولكنه لم يشأ النـزول . و ماذا تقصد بالنـزول؟ نقصد أن على من يشاء أن يتعرف بالرب أن يتنازل عن أمور كثيرة: عليه أن ينـزل عن جميزة كبريائه وارائه و بره الذاتي، لان القلب المنكسر والمنسحق لا يحتقره الرب والمتواضعين هم الذين ينالون نعمته.ولو لم ينـزل زكا من الجميزة ليبقى لوحده ولما تمتع برؤية الرب في بيته ولا كان حصل على نعمة الخلاص .

حصل في أثناء اجتماعات بيلي غراهام في إنكلترا أن طبيبا ولصا تأثرا بكلمة الإنجيل في آن واحد.ولما قدم الواعظ الدعوة لمن يشاء أن يسلم حياته للمسيح، تقدم هذان معا إلى الأمام و نـزل كل منهما على ركبتيه إلى الأرض وطلبا الرب بدموع بنفس الطريقة.لم يقل الطبيب "أنا طبيب خلصني" بل "أنا خاطئ خلصني" و كذلك فعل اللص، لان الرب لم يأتي ليدعو ابرارا بل خطاة إلى التوبة .

3- وبعد النـزول يأتي القبول .

تقول الآية "فأسرع ونـزل و قبله فرحا".أي أنه قبل يسوع في بيته و بالتالي في قلبه . كيف يقبل المرء المسيح؟ أنه يقبله كما يقبل ضيفا في بيته.ماذا تفعل حين يأتيك ضيف و يقرع باب بيتك؟ أول كل شيء تصمم أن تفتح الباب ثم تفتح و تدعوه للدخول و تجلسه في مكان لائق.يقول يسوع: "هاأنذا واقف على الباب واقرع.أن سمع أحد ... و فتح ... أدخل إليه ..." وما عليك إلا أن تفعل ما يقوله المرنم:

فلنفتح القلب له ولنعطه أسمى مقام

في كل قلب حله حلّ السرور والسلام

ولا أنسى أن أذكر أن ثمار الإيمان والخلاص ظهرت في حياة زكا على الفور.فقد أصبح المال ثانويا في نظره، ثم رد المسلوب، و صار يحب قريبه كنفسه، واستطاع أن يربح عائلته للمسيح .

أخي! أنه لشرف كبير لي أن أعرفك بيسوع المخلص والرب الذي هو ملك الملوك و رب الأرباب، واقول لك بكلمات الكتاب المقدس: "تعرف به واسلم، بذاك يأتيك خير".ضع يدك في يده و صمم أن تهبه قلبك و حياتك فتختبر نفس الفرح العظيم الذي عرفه زكا مذ تعرف بالرب .

صـــلاة: شكرا لك يا رب لانك تقدر الميول المقدسة، و تشجع أصحابها على اتخاذ خطوات أخرى تؤدي بهم إلى الاتضاع أمامك والى قبولك شخصيا.ساعد أخوتي القراء حتى يتعرفوا بك كما فعل زكا فينالوا حياة و سلام و فرحا.واكراما للمسيح أسمع لنا يا أبانا السماوي. آمين .

  • عدد الزيارات: 3066