إصحاح 6، آية 8و9
8 و9-"هن ستون ملكة وثمانون سرية وعذارى بلا عدد. واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي رأتها البنات فطوبتها الملكات والسراري فمدحتها".
لقد سر الله الآب بان تكون له عشائر مختلفة ومتنوعة من القديسين، فهو "الذي منه تسمى كل عشيرة في السموات وعلى الأرض"(أف3: 15) وقد عين لكل عشيرة مركزها ومقامها في المجد، فليس لها جميعها مركز ومقام واحد، وهذا ما نراه في العددين اللذين أمامنا، فأننا نرى ملكات وسراري وعذارى وبنات، ولكن ولا واحدة من هؤلاء لها المكان الفريد الذي للعروس. لا شك ان لكل منهن علاقة بالمسيح، ولكن ليس لهن نفس المقام الرفيع الذي لحمامته الكاملة (أي التي لا دنس فيها *) والبقية التقية في يومها السعيد سيكون لها مركزها الفريد ومقامها المجيد، الذي لا يسمو عليه سوى مركز ومقام الكنيسة في عيني وقلب المسيح. ان المئة والأربعة والأربعين ألفا الذين سيقفون مع الحمل على جبل صهيون (رؤ14) _ أي البقية المشار إليها، هم عروس النشيد _ عروس المسيا الأرضية، ويا له من مركز ممتاز سيكون لهم في الزمن الألفي المجيد، فهم يرون قريبين من السماء التي منها يتعلمون الترنيمة الجديدة التي لا يستطيع ان يتعلمها غيرهم (ع3) وهم سيكونون بحق واحدة المسيح وكاملته (التي بلا عيب) إذ ان لهم صفة العذاري. أنهم "أطهار"(ع4)، وهو يريدهم ان يعرفوا مكانتهم التي لهم في قلبه وربما يتعلمون ذلك _إلى حد ما _ من سفر النشيد هذا. وياله من تشجيع وإنعاش سيكون لتلك البقية المتألمة والمضطهدة إذ يعلمون ان لهم مكانة كهذه في قلب الحبيب ! فمع أنه سيكون للمسيح قديسون آخرون كثيرون "عذارى بلا عدد" وستكون لهم مراكز مباركة في يوم المجد ولكن لا يكون لهم نفس المركز الفريد الذي للعروس.
لقد كان العريس يتحدث في المشاهد السابقة عن صفاتها الجميلة، أما هنا فهو يتحدث عنها شخصيا وعما هي بالنسبة إليه "حمامتي كاملتي" أنها عروس الملك سليمان الحقيقي. العروس الجميلة شريكة عرشه الملكي في صهيون، وأكثر من ذلك أنها ليست فقط موضوع بهجة الملك، بل موضع إعجاب العالم بأسره "رأتها البنات فطوبتها. الملكات والسراري فمدحتها". ثم "وبنت صور أغني الشعوب" رمز للأمم "تترضى وجهك بهدية"(مز45). فهي _أي العروس _ يشرق عليها مجد الملك وجماله فيرى جميع الأمم جماله فيها فيعجبون به. "وخرج لك اسم في الأمم لجمالك لأنه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد"(خر16: 14).
* * *
وان كانت للبقية التقية _عروس المسيا الأرضية_ هذه المكانة الفريدة، فان للكنيسة _بكل يقين _ مكانة أسمى وأرفع، إذ لا توجد جماعة من المؤمنين في كل التدابير الماضية والمستقبلة لها نفس المقام الذي صار للكنيسة، فهي ثمرة فريدة لا مثيل لها للنعمة الغنية. ان البقية التقية مع ما سيكون لها من مركز رفيع ان تصير "جسد المسيح". لن يصيروا "أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه"(أف5: 3)
وكثيرون من شعوب الأرض المفديين سيرون الكنيسة _كما سيرون أيضا البقية المشار إليها في جمال باهر وفائق _سيرون العروس _ سواء السماوية أو الأرضية بعيون نقية وبسيطة خالية من الحسد فيتغنون بجمالها "رأتها البنات فطوبنها. الملكات والسراري فمدحتها". أهو قليل عندنا أنه أتى بنا إلى هذا المقام الأسنى؟ لو ان الله سر بان يدعونا ويباركنا مع مؤمني أي تدبير من التدابير الأخرى التي ليس لها مثل هذا المقام الذي صار لنا الآن، وكنا تبعا لذلك ننظر إلى الكنيسة في مقامها الفريد الذي لم نصل إليه نحن، أفما كنا نحسبها نعمة عظيمة؟ ولكن ماذا نستطيع ان نقول أو نفتكر في المحبة _ "محبة المسيح الفائقة المعرفة" إذ دعانا لنكون ضمن الكنيسة التي لها أقرب وأغلى مكان في قلب وعواطف المسيح _"الكنيسة التي هي جسده" والتي لها جمال روحي لا يمكن ان يقارن به جمال أي عشيرة من عشائر القديسي الآخرين؟ ان إدراكنا لهذا الحق السامي الخاص بمركز ومقام الكنيسة وإشراق نوره علينا لمما يقودنا إلى سجود وتعبد قلوبنا لله أبينا، وإلى العيشة لمجد ومدح اسم المسيح ومسرته.
* * *
* تجيء كلمة "كاملتي" في بعض الترجمات بمعنى التي لا دنس فيها UNDEFILED
- عدد الزيارات: 4387