الفصل الرابع: أول أيام الزواج
(33) أهم ما ينبغي للعروسين إدراكه هو أن سعادتهما في الزواج لا تتوقف على ما يفعلانه قبل الزواج، بل على ما يفعلانه في السنوات التي تلي الزواج.
(34) إذا أردت أيتها الزوجة السعادة فادرسي زوجك، لأن دراسته هي بالنسبة لك أعظم دراسة. ادرسيه بلا انقطاع لأنه سيتغير باستمرار. وكوني فخورة بقواه وإنجازاته، ولكن حللي نقاط ضعفه أيضاً. وقد قلت لكل من ابنتيَّ قبل أن تتزوجا:
"لقد أحببت. وبهرك ذكاء الرجل وثقته وجاذبيته، ومع ذلك فإن عليك أن تواجهي حالات تردده وجوانب النقص فيه. ولكن هنا فقط تستطيعين أن تحبيه حقيقة، وتقدمي له المساعدة الحقيقية، وتكوني زوجة له حقاً، لذلك يجب ألا تفزعي أو يخيب أملك عندما تكتشفين تلك الجوانب فيه بل تصرفي بحكمة".
احترمي عمله، فعندما تتزوجين رجلاً فإنك تتزوجين وظيفته أيضاً، بل إنك ترين في بعض الأحيان أن العمل يأتي قبلك. غير أن هذا لا يحدث حقاً، فإن أداء الرجل لعمله جيداً يعني بالنسبة له ما تعنيه الأمومة للمرأة... ولنفس الأسباب تقريباً.
تعلمي فن الاستيعاب المليء بالحكمة والتحريات، ويبدو أن كثيراً من الزوجات الفاشلات يعتبرن أنفسهن كأن السماء قد جعلت منهن مراكز استقبال للحب، فاهتمامهن المستمر ينحصر في ملاحظة مدى الاهتمام أو الحب الذي يحصلن عليه. ولا شك أن الزوجة جديرة بالحب والوفاء، غير أنه يجب عليها كذلك أن تتهيأ لاستيعاب انفعالات زوجها في بعض الأحيان، وامتصاص ومضات الغضب المنطلقة وعدم ارتياحه لعمله، فمثل هذه الأشياء لا بد من أن تجد لها منفذاً في مكان ما. فإذا استطاعت الزوجة أن تعتبر نفسها نوعاً من مانعة الصواعق التي تنقل الخوف وخيبة الأمل دون ضرر إلى الأرض، فإنها لن تصبح ذات قيمة عظيمة بالنسبة لزوجها فحسب، بل إن شخصيتها ذاتها سوف تنمو نمواً عظيماً.
وتذكري أنه حتى عندما يصبح الرجل ناجحاً ويدرك ذلك، فإن جانباً خفياً حساساً غير مطمئن فيه سيظل يحتاج على الدوام إلى التأكيد والوفاء من امرأة تحبه. وربما كان ذاك بقية في نفسه من بقايا الصبى الصغير الذي كان يتجه يوماً إلى أمه لتطمئنه.
تدربي على فن الإصغاء. إن غالبية الرجال في أشد الحاجة إلى جهاز للقياس يختبرون به أفكارهم وآمالهم وأحلامهم ومطامحهم ومشكلاتهم وصراعاتهم الداخلية التي لا يستطيعون أن يحلّوها بمفردهم. إنهم في حاجة إلى أنثى تصغي إليهم، يستطيعون أن يُفْضوا إليها بدخائل أفكارهم ومشاعرهم دون خوف من السخرية أو الرفض.
ويتضمن الإصغاء الخلاق، الاستجابة والتخاطب وتبادل الآراء، ولكن هناك أيضاً أوقاتاً يجب أن تلتزم فيها الزوجة الصمت، وأن تمسك لسانها وتكبح الكلمة الحادة التي يمكن أن تحيل المناقشة إلى مشاجرة، أو الموقف السيء إلى أسوأ. ولا شك أن الزوج يحمل مسؤولية متساوية، غير أنني أعتقد أن وظيفة الرجل تتمثل أساساً في ترويض العالم. أما عمل المرأة فهو السيطرة على نفسها وعلى زوجها بطريق غير مباشر.
دعي زوجك يعرف أنك تحتاجين إليه. منذ فترة قريبة أخبرتني زوجة شابة تملكها الغضب أنها لم تعد تتحمل عيني زوجها الهائمتين بين النساء. وكانت على وشك أن تهجره وتطلب الطلاق إذا عاود النظر إلى امرأة أخرى. فقلت لها: "هل ترغبين حقاً في حل لكل هذا؟ اذهبي إذاً إلى زوجك وقولي له: إنني أتألم فأنا تعيسة. وأعتقد أنك تعرف السبب. إنني زوجتك، فأرجوك أن تساعدني". إن هذا هو كل ما يجب عليك أن تفعليه. إن اعترافك بحاجتك لحبه سوف يصنع المعجزات التي لا يستطيع أن يصنعها الغضب مهما بلغ مداه.. حاولي.. وسوف ترين".
استخدمي مواهبك، إن الزواج لا يدعو إلى تحديد آفاقك. فإذا كنت تمتلكين موهبة في الرسم أو التصوير أو الزخرفة أو قرض الشعر- أو أية موهبة كانت- فلا تدعي الصدأ يعلوها، بل استخدميها لتوسعي أفق حياتك الزوجية.
أعرف فتاة ذكية تخرجت في الجامعة بدرجة امتياز، وواصلت دراستها بعد التخرج، ولديها الآن ثلاثة أطفال صغار بالإضافة إلى كل أعمال ربة المنزل، وهي تقول: "إنني أحتاج لكل شيء تعلمته في الجامعة لأفهم عمل زوجي، وأدير منزله بصورة مرضية، وأظل على معرفة بكل ما يدور في العالم".
وهناك أشياء قليلة جداً يجب على الزوجة ألا تُقدم عليها. لا تثيري جدلاً حول المسائل البسيطة بل تجاوزي عنها. وسوف تجدين أن رأيك سيصبح له وزن أكبر في الأمور الهامة.
لا تخافي من الاتفاق على وسط، فالاتفاق لا يعني التسليم. بل هو مجرد أسلوب ناضج للاعتراف بأن في هذا العالم المعقد توجد وجهات نظر أخرى غير وجهة نظرك، وإدراك أن جانباً منها ربما كان صائباً في بعض الأحيان. لا تنزعجي عندما تختلفين مع زوجك حول بعض الأمور، فالزواج مشاركة وليس اندماجاً لأناس متماثلين. لا تواصلي التبرم من الأخطاء التي لا علاج لها، فكل إنسان يرتكبها. إن أفضل شيء تفعلينه هو أن تتعلمي من هذه الأخطاء ثم تنسينها، وإنني أجد لزاماً عليّ أن أقول أن بعض النساء يقفن عاجزات عن ذلك، خاصة إذا كان الأزواج هم المخطئين.
اعملي على توسيع وتنمية المشاركة، لا في الأمور الكبيرة والخطيرة فحسب، بل وفي الأمور البسيطة أيضاً مثل: الكتاب الذي تقرأينه والنكتة التي تسمعينها وتدخرينها له، ولحظة غروب الشمس التي تدعينه لمراقبتها، والكلمات المدهشة والمعجزة التي يدلي بها طفلك البالغ من العمر ثلاث سنوات، ويمكنك أن تشيعي فيه السرور ببعض الورود، أو بإيجاد ضحكة تستقبلينه بها في الصباح أو لدى العودة من العمل، وحتى السخط المشترك يمكن الاستمتاع به.
حاولي إرضاء زوجك، هل يحب الترتيب والنظام؟ يمكن أن تكوني منظمة. هل يحب الأصدقاء من حوله؟ تعلمي كيف تقيمين الولائم للضيوف. هل عمله مجهد؟ اجعلي بيته واحة للهدوء وسط هذا العالم المليء بالضجيج. هل هو يريدك بجانبه؟ احمدي الله وكوني إلى جانبه. إن هذا النوع من الاهتمام هو تعبير عن الحب، ومن المستحيل أن تمنحيه هذا دون أن ينعكس عليك مرة أخرى.
في المسرات والمحبة كوني معه جسداً واحداً حتى الموت. يجب أن يشهد الزوج اهتمامك بعمله. وكثيراً ما نرى بعض الحمقاوات اللواتي يقلن: إن طباعنا لا تتلائم مع مهنة أزواجنا. لكن الطبائع يمكن أن تتغير حتى في سن السبعين إذا ما وُجد الحب.
ما أروع خفقات قلب الزوج حينما يعود إلى بيته فيجد فيه شريكاً له يكلمه في الهندسة أو الأدب أو التجارة. وأي شريك يشاركه اهتمامه؟ أنت أخلص شريك لأنك زوجته!! إن الأزواج أطفال يا فتاتي، وكلهم بهم ضعف شديد، يميلون لأن تدللهم نساؤهم! ومنح الدلال طبيعة موروثة في المرأة. فبوسعها أن تهب منه الكثير دون أن ينفد... لمسة من الزوجة على شعر الرأس أو غطاء بسيط على المخدع، أو وردة تلصق على الصدر، هي أنجح لمسات الحب!
هذا هو دور الزوجة العظيم الذي يبعث في نفسها الرضا. فتجنّبي الفكرة الخاطئة باعتبار ذلك الدور ثانوياً. ففيما يتعلق بسفينة الزواج، فإن زوجك هو محرك سفينة الزواج، ولكنك تمثلين الدفة.. والدفة هي التي تحدد إلى أين تتجه السفينة!
(35) التكيُّف في بدء الحياة الزوجية:
شهر العسل هو الفترة التي تبدأ به الحياة الزوجية باعتبارها من أهم الأهداف التي يبغي فيها الإنسان سعادته واستقرار حياته. ولئن ظنت الغالبية العظمى من المتزوجين الحديثين، والذين يعتزمون الزواج، أن في شهر العسل قمة السعادة، فإن واقع الأمر يختلف عن هذا كثيراً، لأن فترة شهر العسل من أشق فترات الحياة وأعقدها، فهي تنطوي على عدة مشكلات رئيسية أهمها التكيف بين الزوجين، ولهذا فلست أرى في هذا الشهر "عسلاً" حقيقياً. ولربما صدق ذلك الذي أرجع هذه التسمية إلى ما كان سائداً بين قبائل وسط أوروبا في العصور الخالية حيث كان الزوجان يشربان ويقدمان لضيوفهما خلال الثلاثين يوماً التالية لزواجهما خمراً مصنوعاً من العسل!
إن الفترة التي تسبق الزواج "فترة الخطبة" هي غالباً فترة أحلام وتسامح، مصحوبة بالتصنُّع الذي يلجأ إليه الخطيبان حتى يظهر كل منهما أمام الآخر في أجمل صورة خلقية، ويحاولان إخفاء نقائصهما وطباعهما الخاصة. فهل شهر العسل (بدء الحياة الزوجية) امتداد لهذه الفترة المملوءة بالرقة والدفء والحنان؟
الواقع أن استمرار هذه الفترة بعد الزواج بما تتضمنه من أساليب سلوك صناعية ومظاهر وتصرفات مستعارة وغير طبيعية ليس في صالح الزوجين، إذ أنه يؤخر إتمام التكيف الطبيعي بينهما، ذلك التكيف الذي من شروطه الأساسية أن يسقط القناع المستعار من على وجه كل منهما، والذي لا بد وأن يسقط يوماً تحت ضغط الظروف والمواقف والعلاقات الجديدة، والذي كلما كان سقوطه سريعاً كان من السهل على كل من الزوجين أن ينتقل من عالم الأحلام إلى عالم الواقع، الذي فيه يسترد شخصيته العادية وطباعه الأصلية ومن ثمَّ يصبح خاضعاً للاتجاهات والعادات التي اكتسبها من قبل، والتي يجب أن يتم التكيف وفقاً لها..
ولكن ما هي العوائق أو المشكلات التي تحول دون التكيف السليم بين الزوجين؟
تطلب التشابه التام:
يعتقد بعض الشباب أن أساس السعادة الزوجية هو التشابه التام بين الزوج والزوجة في الأفكار والآراء والعادات والاتجاهات. والشخص في هذه الحالة يطلب نسخة أخرى من نفسه، أو هو يريد أن يرى في الطرف الآخر صورة نفسه. وهذا الاتجاه قد يبدو للوهلة الأولى أنه دليل على قوة الحب وكماله من حيث أن يبغي الاتحاد التام في الاتجاهات والآراء والعادات لدى كل من الزوجين، ولكن الواقع عكس ذلك، فهو يدل دلالة أكيدة على نقص الحب وعدم نضجه، فكأن الشخص عاجز عن أن يحب شخصاً آخر سوى نفسه! وهذه مرحلة بدائية من الحب...
التفاوت:
ومن أبرز صعوبات التكيف الأخرى، التفاوت الكبير بين الزوجين من حيث المستوى الثقافي أو الاقتصادي. وقد اهتم كثير من المعنيين بشؤون الأسرة والتربية بهذه الناحية وكتبوا فيها الكثير وذكروا أمثلة وحالات عديدة. ولذا فإننا نود فقط أن نشير إلى أن هذا الأمر نسبي وليس له مقياس معين. وإنما يحدد المقياس ويقدرّ مدى خطورة التفاوت الشخص نفسه ثم من يستنير بآرائهم، وعلى الشخص ألا يُقْدِم على الزواج إلا إذا شعر أن درجة التفاوت مقبولة، ولها ما يبررها، أو أن هناك ما يعوضها. وإلا فإن هذا الأمر سيكون ولا شك عائقاً كبيراً أمام تحقيق التكيف بين الزوجين، بل وقد يؤدي إلى تصدع الحياة الزوجية.
الغيرة:
ومن عوائق التكيف الخطيرة في بدء الحياة الزوجية تدخل انفعال الغيرة في حياة الزوجين، والسماح له بالنمو والتضخم. والغيرة حين تنفجر فإنها تهز بنيان الحياة الزوجية هزاً عنيفاً لا يخلف سوى الخراب والتدمير. ويقول أستاذ في علم النفس إن الغيرة حالة نفسية شاذة ومعقدة، نظراً لأن الشخص الذي يغير على زوجته كثيراً ما يجهل ذلك، بل ويؤكد- إذا سئل- أنه لا يعرف الغيرة!
وقد يقال إن الغيرة من دلائل الحب أو مستلزماته، ولكن علماء النفس أثبتوا عكس ذلك، إذ أن الحب الذي يوحد بين شخصين يتنافى مع الغيرة التي هي في حقيقتها شقيقة "الحسد". والحسد نوع من البغضة. كما بيّنوا أن الغيرة تعبير عن نزعة التملّك المطلق والأنانية.
الضغط والإجبار:
لا شك أن شعور أحد الزوجين بأنه مقبل على شريك حياته تحت ضغط بعض الظروف الاجتماعية أو غيرها، أو أن هذا الزواج قد فرض عليه فرضاً عن طريق الأسرة مثلاً، يقلل كثيراً من فرص التكيف المنشود بين الزوجين. وغالباً ما تبدأ متاعب مثل هذا الزواج منذ اليوم الأول... ومهما كان الأمر، فعلى كل من الزوجين أن يهب نفسه للآخر عن رضى واقتناع، عاملاً على توفير جو من الحرية ومن التقدير والاحترام المتبادل. وعلى الزوجين الحديثين أن ينظر كل منهما إلى الآخر على أنه شخص واقعي له حسناته وسيئاته، وليس مخلوقاً خيالياً ومثالياً.
ولكي يصبح "العسل" جديراً باسمه، ليعلم الزوجان أن التكيف بينهما هو مسؤولية كل من الزوج والزوجة، بمعنى أن كلاً منهما مطالب بأن يبذل جهداً إيجابياً في سبيل التوافق مع الطرف الآخر. ولا مانع لتحقيق ذلك من التنازل عن بعض الرغبات والآراء، والتخلي عن بعض المطالب المثالية أو غير الواقعية.
ويصبح تحقيق التكيف أمراً يسيراً حين ينتبه الزوجان إلى هذه الحقائق الهامة منذ الأيام الأولى لزواجهما، أي في فترة شهر العسل، وحينئذٍ يصبح هذا الشهر جديراً باسمه.
(36) قال هوميروس الشاعر اليوناني: "إذا اتخذت زوجة لك فكن لها أباً وأماً وأخاً، لأن التي تترك أباها وأمها وإخوتها وتتبعك لها الحق أن ترى فيك رأفة الأب، وحنان الأم، ورفق الأخ. فإذا عملت هكذا كنت نعم الزوج الموفق".
(37) "هل أنت زوجة لرجل سعيد؟"
هل تعتقدين أن زوجك بعد أن عاش معك هذه السنوات الطويلة، وعرفك على حقيقتك، يختارك زوجة له مرة أخرى، إذا أتيحت له الفرصة لكي يبدأ حياته الزوجية من جديد؟
لا تتسرعي وتقولي (طبعاً) فالإحصائيات والدراسات التي قام بها علماء النفس والاجتماع في العالم تؤكد أن نسبة كبيرة من الأزواج يكتشفون حقيقة زوجاتهم بعد الزواج ويشعرون بخيبة أمل ويرضون باستمرار حياتهم الزوجية حرصاً على الأولاد، وإيماناً منهم بأن الزواج "نصيب". فهل يدخل زوجك ضمن النسبة الكبيرة من الأزواج الذين يشعرون بخيبة أمل بعد الزواج؟
إذا كنت تريدين معرفة الحقيقة... أجيبي بأمانة على الأسئلة التالية التي وضعها لك علماء النفس والاجتماع:
هل تبذلين نفس الجهود في الاحتفاظ بهدوء أعصابك الآن كما كنت تفعلين أيام الخطبة؟
هل تصغين لزوجك بإمعان عندما يحدثك عن الأشياء التي تهمه هو شخصياً، وتعملين على إدارة الحديث في المجتمعات التي ترتادينها معه إلى الموضوعات التي يلمع هو في التحدث فيها؟
هل تحولت خلال فترة الزواج من فتاة تجيد الطهي إلى طاهية ممتازة؟
هل تحسنين معاملة أهله وتتحدثين عنهم (بالطيب) حتى ولو انتقد هو تصرفاتك معهم؟
هل تحرصين على عدم الإنقاص من قيمة العمل الذي يقوم به، وعدم الإقلال من شأن الدخل الذي يدره على البيت؟
هل تعرفين أطباق الطعام التي يحبها وتعملين على تقديمها له دون أن يسعى إلى طلبها منك؟
هل تعملين على إشعاره بأهميته في حياتك وحياة بيتك بأخذ رأيه من وقت لآخر في فساتينك وفي قطع الأثاث التي تجددينها؟
هل تحرصين على أن تكوني جميلة ومرتبة وفي مظهر مناسب أمامه في كل الأوقات، كما كنت تفعلين في أيام الخطبة؟
هل تعرفين كيف تدبرين أمور بيتك في حدود الدخل الذي تحصلين عليه... وتحجزين منه شيئاً للطوارئ؟
هل تحرصين على إرضاء شعوره بعدم مقارنته بغيره من الرجال، إلا إذا كان الهدف من هذه المقارنة هو إظهاره بأنه يفوقهم في شيء ما؟
وأخيراً هل تحرصين على أن تقولي له من وقت إلى آخر إنك سعيدة بزواجك منه. وتبحثين بجدية عن أسباب تؤكد له ذلك؟
إذا كنت قد أجبت على كل هذه الأسئلة بنعم، فإن علماء النفس والاجتماع يقولون إنك زوجة ممتازة، وزوجك لا بد أن يكون غير نادم على زواجه منك. أما إذا كنت قد أجبت بنعم على ستة أسئلة فقط، فأنت في رأي الذين وضعوا الأسئلة زوجة مقبولة، وأغلب الظن أن زوجك لا يضيق بالحياة معك. أما إذا كانت إجابتك بنعم قد قلَّت عن خمسة من هذه الأسئلة فزوجك بلا شك يدخل ضمن المجموعة الكبيرة من الأزواج التعساء ولو في قرارة أنفسهم على حياتهم الزوجية. وأحسن شيء تفعلينه هو محاولة إصلاح تصرفاتك أمام ومع زوجك، وإلا ضاقت به الدنيا ودفعه ضيقه إلى الفرار منك بأي ثمن!
الزواج والبركات الدينية:
(37) من ضمن أغراض تزوُّج مؤمن بمؤمنة هو أن يقام في البيت مذبح عائلي، كأساس للسعادة الزوجية، وتربية الأولاد وحل المشاكل العائلية أمام الرب وبإرشاده وتوجيهات كلمته، وتقديم الشكر له على حسناته، هذا ولا شك أساسي وجوهري للسعادة الزوجية والعائلية.
(38) تجددت سيدة وقبلت الرب يسوع فادياً ومخلصاً لها، وقد تحملت من زوجها اضطهادات شديدة وغير محتملة. وفي يوم ما كان أحد القسوس في زيارتها وسألها: "ماذا تفعلين عندما يغضب زوجك ويقسو عليكِ؟" فأجابت: "أطهو الطعام أفضل من الأول. وعندما يتذمر ويشكو أنظف المنزل وأرتبه أجمل من الأول. ولما يتكلم معي بشدة أجيبه بكل لطف ومودة. إني أحاول أن أريه أني إذ أصبحت مسيحية، صرت زوجة أفضل، وأمّا أحسن". وكانت النتيجة أن ذلك الزوج الذي قاوم كلمة الله مراراً، لم يستطع أن يقاوم التبشير العملي الذي قامت به زوجته، فسلم حياته للمسيح وصار مسيحياً بالحق. قال الكتاب: "إِنْ كَانَ الْبَعْضُ لَا يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ" (1 بطرس 3:1).
(39) كان أحد الأزواج رجلاً تقياً هادئاً، أما زوجته فكانت حادة الطباع، تزجر الخادمة بشدة لأتفه الأسباب. فكان يشجع الخادمة لكي تستعمل الصبر- وكانت إذا كسرت إناء أو أتلفت شيئاً تتهيج وتسخط على نفسها، بينما كان زوجها يهون عليها الأمر ويقول لها: "لا تحزني الله يعوض".
وفي يوم رآها تبكي فسألها عن سر بكائها، فقالت له: "لقد غلبتني بلطفك وهدوئك، وقد عزمت أن أتجدد".
وفعلاً تجددت وصارت مثل زوجها وديعة وهادئة!
(40) عندما يكون قلب الزوج مع الله يؤثر الرب في الزوجة فتخضع وفي الأولاد فيطيعون- لكن لما ينحرف القلب عن الله ينهدم البيت ويسيطر الشيطان على الأولاد والبنات وحتى الزوجة، فيتمرد من يتمرد، ويثور من يثور، وكأني في وسط غوغاء، لا تربطهم بي رابطة ولا حتى سابق معرفة. فأثور أنا الآخر لكرامتي المهانة حتى يوضع كل شيء في مكانه، فتأخذ الزوجة مكان الخضوع ويأخذ الأبناء مكان الطاعة وأكون أنا أخذت مكان الرأس المحرك والمدبر. ولكن هل تنتج ثورتي شيئاً؟ نعم تنتج: ترتبك الأمور أكثر فيستميلني شعور بالهروب من هذا الجو الخانق تواً، برحلة بعيدة لمدة طويلة، أو بأن أغلق على نفسي سبل الاتصال بهذه الجماعة التي (رمتني الظروف السيئة) لأعيش معها. هذا ما أقوله لنفسي لكي أعزيها ولو بعض التعزية، أو أقول هكذا لأظل على حفظ توازن رأسي الذي كان مرفوعاً.
وحتى جدران البيت الذي أعيش فيه والتي أرتبط بها كأنها من لزوميات حياتي العائلية، والتي كانت إلى وقت قريب تساعدني على حفظ تيارات المحبة الدافئة حتى لا تتسرب مع الرياح العاصفة في الخارج- حتى هذه الجدران، بدأت تتشقق وبياضها يتساقط، فأثور عليها وأدعو من يضفي عليها ألوان البهجة بألوانه، ولكنها تبقى على عبوستها، وكأنها هي الأخرى تقول: أين كتابك وأين صلاتك؟ دع النفس ترجع إلى الله، وإذا بالأمور تهدأ ويعود السلام إلى مجراه.
(41) قال أحد الأفاضل: كنت أحتد مع زوجتي بسبب الاختلاف حول بعض الأمور، وأخيراً قررنا أنه بدل الخلاف والجدال أن نضع أمورنا أمام الرب وهو يرشدنا إلى النافع من الأمور، فنهدأ أمام الرب، وعندئذٍ لا يكون هناك مجال للخلاف ولا التشبث بالآراء الخاصة ولا رفع الصوت، وما يقنعنا الرب به فهو الذي ينفذ.. وقد نجحت هذه الطريقة.
(42) جاء رجل وزوجته إلى القسيس وكل منهما يود الإنفصال، فأجابهما: إني مستعد أن أنفذ رغبتكما على شرط أن تعداني بقراءة فصل من الكتاب المقدس كل يوم مع الصلاة، وذلك لمدة أسبوعين فقط، وبعدئذٍ سأنظر في أمر الفصل بينكما. فمضيا وقد قبلا شرطه على أن يعودا إليه بعد المدة التي عيّنها لهما. واستمرّا يقرآن فصلاً من الكتاب ويصليان. وفي يوم ما وجد الرجل وهو يقرأ الكتاب هذه الاقوال: "أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ فِي الرَّبِّ. أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ، وَلَا تَكُونُوا قُسَاةً عَلَيْهِنَّ" (كو 3:18،19) فقال الرجل في نفسه: "متى كنت محباً لزوجتي؟ لقد أحببت نفسي باستمرار، وكنت آخذ لنفسي أفضل الأشياء وأعطيها الأردأ. لقد كنت حقاً مخطئاً" وأخذت هي تراجع نفسها قائلة: "متى كنت أنا خاضعة لزوجي؟ كنت أتمرد عليه باستمرار وأعامله بكل عناد. حقاً لقد كنت مخطئة جداً". ثم بدأ الواحد منهما يبتسم للآخر. وكانت اعترافات وكان صفح وكان هناء وولاء.
ومضى الأسبوعان ورجعا إلى القسيس، لا لكي يتمم لهما الانفصال والطلاق، بل ليقدما له هدية لأن علاجه الذي فكر فيه نجح كل النجاح!
أيتها العائلات المتهدمة، أيها الأزواج الحائرون أمام تمرد زوجاتكم، أيتها الزوجات المعذبات من قسوة أزواجكن: ادرسوا الكتاب ومارسوا الصلاة العائلية تجدوا السعادة تسعى إليكم وتستقر في قلوبكم وفي بيوتكم...
(43) قولي لصديقتك الحائرة اليائسة الراغبة في ربح زوجها للمسيح والتي حاولت وفشلت كثيراً:
لا تنتقديه ولا تزعجيه طول اليوم بعظاتك ونصائحك. إن المسيح لا يريدنا أن نكون وعاظاً بقدر ما نكون شهوداً أمناء. تكلمي معه قليلاً عن المسيح وصلي كثيراً من أجله. أن عشر كلمات مصحوبة بقوة الروح القدس لمدة دقيقة أنفع من آلاف الكلمات التي ترددينها في عشر سنوات.
لا تخبري الآخرين عن خطاياه، ولا تعددي صفاته السيئة عند الصلاة من أجله، لئلا تمنعيه عن الذهاب للكنيسة بهذا التصرف، إذ يسمع أن كل الكنيسة تعرف عنه كل شيء. اطلبي الصلاة من أجله دون أن تذكري التفاصيل.
لا تقارني زوجك بأزواج الأخريات. لا تقولي كم كنت أتمنى أن تذهب معي إلى الكنيسة كما يذهب زوج فلانة. إنك بذلك تجرحين كبريِاء زوجك وتخسرين المعركة المقدسة. أشعريه أنه أحسن زوج وقولي له: "أكون سعيدة أكثر لو ذهبنا معاً للكنيسة". ادفعيه للرغبة في التقدم الروحي دون أن يشعر بذلك، زيدي فيه الثقة بالنفس.
لا تثيري ضجة حول عاداته فهي ليست الهدف. إنه يخطئ لأنه خاطئ، وسوف يقلع عن عاداته الرديئة عندما يسلم قلبه للمسيح. إذاً قبل أن تحاولي معه أن يمتنع عن عادة لا تعجبك قوديه للرب يسوع الذي يخلصه تماماً. لا تحاربي عاداته، فهذا لن يجدي، بل ربما يدفعه هذا أن ينقّب على أخطائك ليحاسبك على بعض عاداتك التي لا تعجبه. قال الزوج: "إني أدخن حقاً، ولكن زوجتي المؤمنة تمسك سيرة الناس، فأيهما أخطر؟"
عيشي كما يحق للمسيح. قال أحد الصينيين: "إنني لم أسمع الإنجيل مطلقاً، بل رأيته في إحدى سيدات القرية". إن زوجك لن يؤمن بما يسمع في كلمة الله إلا عندما يرى ذلك مجسّماً في حياتك وسلوكك.
اكتشفي هوايات زوجك. لكل منا هوايات ورغبات داخلية يحب أن يحققها. ابحثي عن هوايات زوجك وحاولي تحقيقها في دائرة نعمة الرب. أهو يحب الموسيقى؟ إذن قوديه إلى الكنيسة في اجتماعات الترنيم. أهو طموح؟ اتركي على مكتبه كتاباً عن أحد رجال الله الأمناء الناجحين. أهو محب للحفلات؟ خذيه لحفلات الكنيسة، وهناك سيجد خلاص نفسه في عشرة القديسين.
تعلمي أن تربحي زوجك عن طريق الآخرين. إن كنت لا تستطيعين أن تربحي زوجك بمفردك، ساعديه على التعرف بالمؤمنين وبمعاشرتهم يكتشف فيهم حياة الإيمان، ثم يكتشف نفسه. الرب معك.
- عدد الزيارات: 16496