Skip to main content

الفصل الثاني: اختيار شريك الحياة

(13) قال أحد الحكماء: إذا أردت أن تسافر براً ففكر مرة! وإذا أردت أن تسافر بحراً ففكر مرتين!! وإذا أردت أن تسافر جواً ففكر ثلاث مرات!!! وأما إن أردت أن تتزوج ففكر سبع مرات!!

(14) يوجد مثل إيراني يقول: »إذا ذهبت لسفر فادعُ اللّه مرة.. وإذا ذهبت لحرب فادع اللّه مرتين.. وأما إذا أردت الزوجة فادع اللّه ثلاث مرات!«.


أسئلة قبل الخطبة:

(15) يحسن بالخطيب الذي يختار خطيبته، أو الخطيبة التي تختار خطيبها أن يضعا الأمور الآتية قبل اختيارهما لتجعلهما أن يفكرا في خطورة الأمر:

إن الشريك الآخر سيكون زميلنا طول العمر: إنْ بصحة جيدة أو سقام، بأخلاق فاضلة أو بأخلاق رديئة، إن بعلم أو بجهل.

إن الشريك الآخر سيكون أماً أو أباً لأولادنا، وهم أعز من لنا في هذه الحياة، سيكونون المدرسة الأولى لتربيتهم، فإما أن يخرجوا منهم أفضل ما يكون من الأولاد إذا كان اختيارنا هو الأفضل، أو شيئاً رديئاً مماثلاً لاختيارنا الردئ.

إن الظواهر قد لا تكون مثل البواطن، فعلينا أن نحذر الاندفاع الجنوني أو العاطفي، أو مجرد اقتراح أحد الناس، ولو كان أعز الناس عندنا بدون فحص أو تمحيص في أمر هو أخطر شأن من شؤون الحياة.

إن هذا الاختيار سيقرر مصيرنا في المجتمع إلى أبعد الحدود، وهو إما أن يكون دافعاً إلى السعادة والنجاح أو إلى الشقاء والفشل.

إن هذا سيكون له مساهمته في تقرير ذات مصيرنا الأبدي بما سيطبعه فينا من أخلاق بتفاعلنا مع الشريك الآخر.. فلنعلم يقيناً أن اختيارنا للشريك الآخر هو أعظم اختيار لنا بعد اختيار تسليم حياتنا للّه.

(16) سُئل أحد خدام اللّه: هل كل زواج من اللّه؟ فأجاب: كلا، بل يوجد زواج من الشيطان، يتمم به مآربه، كزواج أخآب بإيزابل. ويوجد زواج من البشر، بتدخل الجسد والتسرع، كزواج إبراهيم بهاجر، مما سبب له ولسارة ولهاجر وولدها متاعب. ويوجد زواج من اللّه رأساً كزواج إسحق برفقة. لذلك يجب أن نحترس لئلا نسقط في نوع الزواج الأول أو الثاني... بل يكون زواجنا كالنوع الثالث بترتيب اللّه وبإرشاده.

(17) قيل عن الفيلسوف المشهور جان جاك روسو إنه كان جالساً ذات يوم يتحدث مع إحدى السيدات وكانت من معارفه، فسألته ما هي الصفات الخارجية والداخلية التي يجوز لكل فتاة أن تتزيّن بها إنْ أرادت الإقتران وأحبت أن ترضي زوجها وتجعله فيلسوفاً. فأخذ الفيلسوف ورقة وكتب فيها الآتي:

الجمال (صفر). المهارة في التدبير المنـزلي (صفر). العلم والمواهب العقلية (صفر). الحسب والنسب (صفر). الصلاح القلبي (1).

فنظرت السيدة إلى هذا الجدول وذُهلت لأنها لم تفهم شيئاً. ثم قالت للفيلسوف: »لعلك تمزح«. فأجابها: »بل إن ما ذكرته هو الحق، وإليك جلاء الغامض: إذا كان للفتاة قلب صالح، فهو لها أساس تستطيع أن تبني عليه باقي الصفات والمزايا الحسنة.

وقد قدَّرتُ هذه الميزة الأساسية برقم (1)، فإذا هي أضافت إلى صلاح القلب جمالاً، فإنها تكون أضافت إلى الواحد صفراً فتصير قيمتها (10) وإذا أضافت إلى هاتين الصفتين عقلاً راجحاً فتكون قد أضافت إلى العشرة صفراً آخر فتصير (100). وإذا إضافت إلى ذلك المهارة في التدبير المنـزلي أصبحت قيمتها (1000). وعليه فيكون صلاح القلب هو الأساس لكل هذه القيم، وبدونه تكون كل صفات المرأة ومزاياها أصفاراً بجوار بعضها، لا قيمة لها إلا بإضافة الواحد الذي هو الصلاح القلبي أساس كل الصفات والطيبة والفضائل«.

(18) قال أحدهم: لا يمكن أن نتصور أن إنساناً عاقلاً يغفل عن أنه عندما يقترن بشريكة حياته يقترن أيضاً بكامل أسرتها (1) من جهة سمعتها (2) وأمراضها الوراثية (3) وأخلاق أفرادها التي لا شك أنها حفرت عميقاً في حياة زوجته، وستؤثر حتماً في نسله في المستقبل.

وقال آخر إنك بارتباطك بعائلة بالزواج إما أن تضع نفسك في وجه المدفع، في وجه عائلة متعبة أو مشاكسة، أو تربح عائلة، تصبح أنت ابناً جديداً عزيزاً من أبنائها، كما أن أسرتك تربح بنتاً جديدة عزيزة تُضاف إلى عِداد بنيها وبناتها. وويل لمن كانت حماته شريرة، وخؤولة أولاده أثيمة وخالات وعمات عياله شاذات، فإنه يجني مر أثمار الكدر منهن جميعاً. وطوبى لمن كان هؤلاء كلهم من فضلاء القوم، فإنه يجني منهن أحلى الثمار له ولجميع أفراد عائلته...

(19) قالت فتاة: إنني لا أريد الرجل الذي يريد مني مجرد أن أرعاه وأنظم له حياته، ولا الرجل الذي أقف إلى جانبه كدمية جميلة يتباهى بحيازتها، ولكني أريد الرجل الذي يتجاوب معي عقلاً وروحاً وجسداً.

(20) وضع أحدهم هذه الأسئلة التي يجب أن تسألها الشابة قبل أن تُقدم على اختيار شريك الحياة: (1) هل عمله هادئ، أم يحتاج إلى جهد ينهكه؟ (2) هل هو حر التصرف بعد انتهاء ساعات العمل المحددة؟ أم يجب أن يكون مستعداً للعمل في كل لحظة، ولا يشعر مطلقاً بأن له وقتاً خالياً يتصرف فيه كيف يشاء؟ وهل تستطيع هي أن تحتمل ذلك، أم أن هذا فوق طاقتها؟ (3) هل يقوم بعمله في مكان واحد؟ أم يضطر أحياناً إلى السفر مسافات طويلة، وأوقات كثيرة، بعيداً عن بيته؟ ماذا عن القومسيونجي (السّمسار)، والمفتش والبحّار، والواعظ المتجوّل، هل ترضى بواحد مثل هؤلاء أم خير لها أن تتنحى عن ذلك إذا لم تحتمله، ليتحمله غيرها؟

فليفكر العروسان في هذا الأمر، لأن كلاً منهما سيرهن نفسه للآخر مدى الحياة. فإمّا التضحية والرضى المتواصل، وإمّا رفض ذلك من البداءة. أما قبوله ثم التذمر عليه في ما بعد فليس من النبل أو العدل في شيء...

(21) قبول الشريكة لشريكها مع عائلته:

كانت مناقشة حادة بين الزوج وزوجته، قالت الزوجة: »لماذا طلبتَ من والدتك أن تأتي للبقاء عندنا؟ إن وجودها يصيبني بالعصبية. إنني أشعر أنها تنتقد كل ما أفعله أو أقوله، علاوة على أنها تفسد الأولاد بالتدليل الزائد«.

وأجاب الزوج: »لا تفكري في أمر تدليل الأطفال. سأحاول أن ألفت نظر أمي إلى هذا الموضوع«. وقالت الزوجة: »لا أصدق إنك ستلفت نظر والدتك إلى أي شيء، بدليل أننا نتشاجر معاً في كل مرة تزورنا. فلماذا طلبت منها أن تحضر للبقاء فترة طويلة عندنا؟«. وأجاب الزوج: »لأنها أمي«. فقالت الزوجة: »وهل تزوجت أمك أم تزوجتك أنت؟«.

فألقى الزوج على زوجته درساً يجب أن تفهمه كل زوجة..

قال: »إن المرأة عندما تتزوج فهي تتزوج الرجل وأُسرته، وهذا أمر لا يمكن الهروب منه، وخصوصاً إذا كان الزوج قد نشأ في أُسرة متماسكة مترابطة، مبنية على أساس قوي من الحب والواجب. والزوجة التي تحاول أن تفك هذه الرابطة ترتكب ذنباً كبيراً في حق زوجها، وفي حق أُسرته كلها. وكونها لا تحب أن تكون هي فرداً من هذه الأسرة، أو كونها لا تحب أن تفرض هذه الأسرة نفسها على حياتها الزوجية لا يبرر أبداً حرمان زوجها من أُسرته أو حرمان هذه الأسرة منه.

إن واجب الزوج ومسؤوليته نحو والديه لا يقل بل يزيد مع الزواج ومع تقدم والديه في السن. ونفس الوضع أيضاً بالنسبة للزوجة مع والديها. وهذه المسؤولية لا يستطيع الزوج وحده أن يتحملها- كما لا تتحملها الزوجة وحدها. فالمفروض أن يتعاون الاثنان معاً على القيام بهذه المهمة نحو الطرفين. إنني أوافقك في أن وجود الحماة في البيت يسبب خلافات كثيرة بين الزوجين، ولكن إذا كان لا بد من حضور الحماة لأنها وحيدة، أو لأنها لا تجد من يرعاها، ففي هذه الحالة لا يمكن التفكير في الخلافات البسيطة التي قد تحدث بيننا. وفي حالة بقائها معنا في البيت يجب أن نتفق معاً على أسلوب معيّن في معاملتها ومساعدتها، فهذا أسلم وسيلة تضمن عدم نشوب أي سوء تفاهم بيننا. يجب أن نتفق أولاً: هل سنشعرها إنها ضيفة عندنا، أو بأنها في بيتها، ولديها مطلق الحرية في التصرف؟

إذا كنت لا تتحملين حماتك، وتعتقدين أنها تكرهك وتغار منك لأنك خطفت ابنها، فهذا يرجع إلى أنك لم تحاولي أن تبادليها الحب وأن تشعريها بعطفك واهتمامك. وحتى لو كان هذا الأمر مستحيلاً بالنسبة لك ولها، فما زلتِ أنتِ مدينةً نحوها بواجب الاحترام والرعاية، فهي أم زوجك. وبما أنك لم تتزوجي من رجل يتيم، فلا تفكري أبداً في أن تحرميه من أن يكون ابناً ما دام قد أصبح زوجاً. إن الزوجة التي تنجح في حرمان زوجها من أهله ترتكب جريمة من اثنتين: إما أن تقتل قلب الأسرة كلها، وإما أن تقضي على حياتها الزوجية، خصوصاً إذا كانت منافستها، وهي الأُم، أكثر قوة وعطفاً وحباً لابنها من الزوجة نفسها«.


كيف تجيء المعينة؟

(22) كيف تأتي المعينة من عند اللّه، كما في حالة رفقة؟ (تك 24) لقد أتت (1) عن طريق أب حكيم رفض أن يزوج ابنه من جماعة لا يثق بهم (تك 24:3) (2) استخدم رجلاً حكيماً- خادمه الأمين لعازر الدمشقي (تك 24:5-9) (3) بالاعتماد على قيادة اللّه (آية 7) (4) واستخدمت الصلاة لطلب الإرشاد الإلهي (آية 12) (5) بالالتجاء إلى جراءة الإيمان بطلب علامة تقوية وتوضيح الأمر (آية 14) (6) وبربط الأمر وإنهائه لما توضحت الأمور (آية 24) (7) ثم تنفيذ الأمر بلا إبطاء (آيات 33-66).

وقد عين الرب: (1) زوجة امتازت بالحسب والنسب (آية 15) (2) ومحبة للعمل »جرتها على كتفها« (آية 15) (3) وبالجمال (4) والعفة (5) وجادّة غير متلكّعة »ملأت جرتها وطلعت« (آية 16) (6) وذات مروءة (آية 18) (7) وتذهب في خدمتها »الميل الثاني« فتسقي الجمال أيضاً (آية 19) (8) وكانت نشيطة (آية 20) (9) وكانت اجتماعية لبقة تجاوب بصراحة وبأدب وبلا لعثمة (10) كما كانت كريمة ومحبة للضيافة بلا تردد (آيات 25-28).

(23) سأل شاب عاقل، والده الحكيم هذا السؤال الخطير: »يا أبي لا شك إنك تحبني وتتمنى خيري، لا سيما في أخطر أمر في حياتي، وهو الزواج... فما هي شريكة حياتي المثالية التي تود أن تكون لي؟ فسُرَّ والده وأجابه بغبطة ظاهرة، وبابتسامة حلوة راضية، »باركك الرب يا ابني. إن الزوجة المثالية بحسب فكري يجب أن تكون: (1) مخلَّصة بنعمة المسيح، والحذر من القول »تَخْلُص فيما بعد« (2) وأن تكون وديعة هادئة لأن الزينة الحقيقية في نظر الرب للمرأة هي (زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام اللّه كثير الثمن« (3) أن تكون من عائلة تقية بقدر الإمكان، لأنه يهمني أن يكون أخوال وأعمام وخالات وعمات أولادي من أتقياء القوم، وإلا عوّدوا أولاد ابني على العادات الرديئة وصاروا قدوة سيئة أمامهم. (4) أن تكون مدبرة لبيتها، تجيد تنظيم البيت وتنظيفه، كما تجيد طهو الطعام. (5) أن تكون على قسط مناسب من التعليم (6) أن تكون ميالة إلى الروح الاجتماعية في اعتدال، فلا تكون متهوسة ومندفعة، ولا خجولة منطوية على ذاتها، بل تقدر أن تقابل الناس وتكسب صداقة الغير، وأن تجيد إكرام الضيوف والعناية بهم. (7) بعد هذا كله حبذا لو كانت على قسط معتدل من الجمال.

  • عدد الزيارات: 19080