الدرس الرابع: وحدانية الله بالحقيقة نؤمن بإله واحد
أولاً: الله ووجوده
هل الله موجود؟ هذا السؤال حير وما زال يحير الكثيرين، حتى الفلاسفة والمفكرين قال بعضهم أن الكون أوجد نفسه، والبعض الآخر قال أن المادة هي أصل الوجود، ولكن الغالبية منهم تقول: لا يمكننا أن ننكر أنه يوجد خالق عظيم لهذا الكون، يمكن أن نسميه القوة العظمى (حسب زعمهم)، وقالوا عنه إنه كائن أعلى لا حدود لقدراته وعلمه، وهو أصل كل الوجود. والحقيقة أن الله موجود. ويخبرنا الكتاب المقدس "قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مزمور 14: 1)
وهذه بعض الشهادات التي تشهد عن وجود الله:
1-شهادة الطبيعة:
يقول الكتاب المقدس "السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه" (مزمور 19: 1)، ويقول أيضاً "أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته" (رومية 1: 20) وعندما سئل العالم الفلكي الشهير لابلاس لماذا لم يذكر الله في أبحاثه العظيمة في الفلك قال: لست في حاجة لأن أذكر هذا، فالله خلف كل ظاهرة في الكون والطبيعة والحياة.
2-شهادة التاريخ:
قال المؤرخ كروميل: ليس التاريخ إلا يد الله في إقامة الممالك وإسقاطها، هكذا قال دانيال "ليكن اسم الله مباركاً من الأزل وإلى الأبد لأن له الحكمة والجبروت وهو يغير الأوقات والأزمنة يعزل ملوكاً وينصب ملوكاً" (دانيال 2: 20-21) انظر كيف أن يد الله تغير الممالك (دانيال 2: 7)، وزوال بعض المدن وعدم بنائها من جديد (أشعياء 13: 19-21) (حزقيال 26)
3-شهادة العلم:
قال بعض الملحدين إن ازدياد العلم سيهز إيمان البشر بالله، ولكن لم تكن أقوالهم سوى "مخالفات العلم الكاذب الاسم" (1تيموثاوس 6: 20) أما الواقع فإن العلم لا يتعارض أبداً مع الإيمان بالله، فقد قال عمانوئيل كنت: من المحال أن تتأمل في صنع هذا العالم دون أن ترى يد الله العظيمة، وقال لورد كلفن وهو من أبرع العلماء المحدثين في محاضرة له عام 1903 أن العلم يؤكد عن يقين وجود الله الخالق فنحن لا نحيا ونتحرك ونوجد بالمادة الميتة.
4-شهادة الوجدان:
ينفرد الإنسان دون المخلوقات بالشعور الداخلي القوي الذي يدعوه إلى التدين. قال بلوتارك قديماً: تجول في كل العالم فقد تجد مدن دون عملات أو مسارح أو مدارس لكن لن ترى مدينة دون مكان أو هيكل للعبادة، قال الجامعة "جعل الأبدية في قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية إلى النهاية" (جامعة 3: 11)
5-شهادة الظهورات:
كان الله أو ملاك الرب يظهر بصورة متكررة في العهد القديم لفرد أو مجموعة أوكل الشعب. فمن ظهوره لأخنوخ وإبراهيم وأيوب وإسحاق ويعقوب وموسى ويشوع وجدعون ومنوح وداود وسليمان وإرميا وإشعياء –وهم قديسين- إلى ظهوره لفرعون وأبيمالك وبلعام ونبوخذ نصر –وهم من الأمم- والحديث المباشر معهم الذي دون في الكتاب المقدس. فمن المستحيل أن يكون كل هؤلاء مصابون بأوهام أو هواجس أو خيالات .... إنه الله الذي "... كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة" (عبرانيين 1: 1).
6-شهادة التجسد:
قال المسيح: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يوحنا 8: 5)، وهكذا شهد توما: "ربي وإلهي" (يوحنا 20: 28)، شهد الوحي: "الله ظهر في الجسد" (1تيموثاوس 3: 16)، (فيلبي 2: 5-7) التجسد دليل على وجود الله ثم ظهوره في الجسد.
7-شهادة الكتاب المقدس:
ارجع للدروس من 1-3 تجد أن الكتاب المقدس الموحى به من الله هو أنفاس الله (2تيموثاوس 3: 16)، وكتب بالروح القدس (2بطرس 1: 19-21)، وأول آية في الكتاب المقدس تشهد عن الله "في البدء خلق الله السموات والأرض" (تكوين 1: 1). فالكتاب المقدس هو أقوال الله ويشهد عن وجوده.
8-شهادة الاختبار الشخصي:
إني شخصياً أشهد بعمل نعمة الله وألمسه في حياتي وأراه بالإيمان ويشاركني في الاختبار نفسه ملايين من البشر عبر آلاف السنين فلا يمكن أن يكون كل هذا مجرد وهم. أقول مع يوحنا: "هو الرب" (يوحنا 21: 7).
ثانياً: الله ووحدانيته
إن كان يتعذر على عقولنا أن تفهم كل شيء عن الكون والخليقة، فكيف يمكننا أن نفهم الخالق "أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي؟ هو أعلى من السماوات فماذا عساك أن تفعل أعمق من الهاوية فماذا تدري؟" (أيوب 11: 7-8) جاء في العهد القديم: "هو ذا الله عظيم ولا نعرفه" (أيوب 36: 26)، "القدير لا ندركه" (أيوب 37: 23)، وذكر عنه في العهد الجديد أنه "ساكناً في نور لا يدنى منه" (1تيموثاوس 6: 16).
إذن لا مفر من أن الله –جل جلاله- يتنازل هو ويعلن عن نفسه ولقد أعلن الله أن [الله واحد] في الكتاب المقدس بعهديه، فأنا كمسيحي بكل تأكيد "موحد بالله" وأؤمن بالله الواحد.
وهذه بعض الآيات: "الرب إلهنا رب واحد" (تثنية 6: 4)، "لا إله غيري" (إشعياء 44: 6)، وفي العهد الجديد "بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه" (مرقس 12: 32)، وأيضاً "أنت تؤمن أن الله واحد حسناً تفعل" (يعقوب 2: 19)، وهذه آيات أخرى تؤكد وحدانية الله في المسيحية: (تثنية 4: 39، 32: 39)، (إشعياء 45: 21، 46: 9)، (لوقا 18: 19)، (يوحنا 5: 44)، (رومية 3: 30)، (1كورنثوس 8: 4-6، 12: 5-6)، (غلاطية 3: 20)، (أفسس 4: 5-6)، (يهوذا 25).
ثالثاً: نوع وحدانية الله
نعم نؤمن أن الله واحد. ولكن ما هو نوع هذه الوحدانية؟ هل هي وحدانية مجردة أو مطلقة؟ لو كان هكذا سيظل السؤال الذي حير الفلاسفة دون إجابة وهو: ماذا كان يقول أو يفعل الله الأزلي قبل خلق الكون والملائكة والبشر إذ لم يكن سواه؟ هل كان يتكلم ويسمع ويحب أم كان في حالة صمت مطبق –حاشا لله جل جلاله- دون إظهار أي من صفاته وطبيعته قبل خلق الملائكة والبشر، فمع من كان يتكلم أو يسمع أو يحب أو يمارس صفاته أو طبيعته؟ أعلن الكتاب المقدس الحل الأوحد لهذه المعضلة وهي أن وحدانية الله ليست مجردة مطلقة بل هي وحدانية جامعة مانعة. جامعة لكل ما يلزم لها ومانعة لكل ما عداها. وبناء على هذه الوحدانية الجامعة المانعة فالله منذ الأزل وإلى الأبد هو كليم وسميع ومحب ومحبوب دون حاجة إلى شيء أو شخص لإظهار طبيعته وصفاته.
رابعاً: أقانيم اللاهوت
أعلن الكتاب المقدس أن الله الواحد مثلث الأقانيم. وكلمة أقنوم كلمة سريانية تدل على من له تميز عن سواه بغير انفصال وبهذا فإن الله المثلث الأقانيم كان يمارس صفاته وطبيعته منذ الأزل مع ذاته قبل الخلق .... وبالطبع هذا أسمى من العقل، ولكنه لا يتعارض مع العقل الذي يخضع لإعلان الله عن ذاته.
خامساً: الله أعظم من عقل خلائقه
حقيقة وحدانية الله الجامعة للأقانيم الثلاثة والمانعة ما عداها حيرت ذهن القديس أوغسطينوس، وبينما كان يسير على شاطئ البحر، وجد طفلاً يلعب بالرمال، ولما سأله القديس: ماذا تفعل؟ أجاب الطفل: إني أنقل ماء هذا البحر في هذه الحفرة التي حفرتها على الشاطئ بهذا الجردل. وكانت كلمات الطفل من أقوى ما أقنع القديس بأن الله أعظم من أن ندركه وننقله إلى عقولنا الصغيرة، بل علينا بالإيمان أن نصدق ما أعلنه الله عن ذاته. فالله لا يكون هو الله لو أدركناه بعقولنا المحدودة.
سادساً: الله الواحد والثالوث الأقدس
يظهر الكتاب المقدس أقانيم اللاهوت الثلاثة، فمثلاً يسبح السيرافيم الله قائلين "قدوس قدوس قدوس" (أشعياء 6: 3) فالآب قدوس (يوحنا 17: 11) والابن قدوس (رؤيا 3: 7) (لوقا 1: 35)، والروح القدس قدوس (1تسالونيكي 4: 8) (أفسس 1: 13)، ونلاحظ أنه في كثير من آيات الكتاب المقدس يرد ذكر الله بالجمع ليؤكد حقيقة الأقانيم الثلاثة في الله الواحد، مثلاً: "في البدء خلق الله (إلوهيم، بالجمع في العبرية) السموات والأرض" (تكوين 1: 1)، "اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد" (تثنية 6: 4)، (مرقس 12: 29)، وواحد هنا في العبرية وحدانية جامعة، ففي العبرية كلمتان عن الوحدة:
الأولى: كلمة (آخاد) التي تستخدم في الوحدة المركبة مثل عنقود العنب وهي المستخدمة هنا.
الثانية: (ياخيد) وهي التي تدل على الوحدة البسيطة.
والجمع هنا ليس للتعظيم، فاللغة العبرية لا تعرف الجمع للتعظيم، مثلاً: أنا فرعون (تكوين 41: 44) أنا نبوخذنصر (دانيال 4: 34) بالفرد. مثال آخر: قال الله "هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا" (تكوين 3: 22)، "هلم ننزل ونبلبل" (تكوين 11: 7)، "سمعت صوت السيد الرب قائلاً من أرسل (بالمفرد) ومن يذهب من أجلنا (الوحدانية الجامعة)" (أشعياء 6: 8)، "أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون (حديث الآب)" (مزمور 2: 6)، ويتحدث الابن "إني أخبر من جهة قضاء الرب قال لي أنت ابني أنا اليوم ولدتك" (مزمور 2: 7-9)، ونجد حديث الروح القدس "اعبدوا الرب بخوف" (مزمور 2: 11-12) هنا الأقانيم الثلاثة: "منذ وجوده أنا هناك (الابن) والآن السيد الرب (الآب) أرسلني وروحه (الروح القدس)" (إشعياء 48: 16)، وفي المعمودية نرى الثلاثة أقانيم موجودة (مرقس 1: 9-11)، وفي المعمودية المسيحية قال الرب "عمدوهم باسم (وليس بأسماء) الآب والابن والروح القدس" (متى 28: 19). ومثل هذا نجده كثيراً في (2كورنثوس 13: 14)، (لوقا 1: 35)، (يوحنا 14: 12-17)، (أعمال 4: 29-31)، (1كورنثوس 12: 4-6)، (أفسس 4: 4-6)، (عبرانيين 10: 9-15)، (يهوذا 20)، (رؤيا 1: 4-5).
تذكر أن 1×1×1=1 وليس 1+1+1. قال الرب يسوع "إني أنا في الآب والآب في" (يوحنا 14: 10) والروح القدس هو روح الآب (متى 10: 20) وروح الابن "ثم بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب" (غلاطية 4: 6)، وهذا معناه أنه في الآب والابن إذن 1×1×1. وإن كان لا يمكن تشبيه الله "فاحتفظوا جداً لأنفسكم فإنكم لم تروا صورة ما يوم كلمكم الرب ... لئلا تفسدوا وتعملوا لأنفسكم تمثالاً منحوتاً .... ولئلا ترفع عينيك إلى السماء وتنظر الشمس والقمر والنجوم كل جند السماء ... فتغتر وتسجد لها وتعبدها ..." (تثنية 4: 15-19) لكن "أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته" (رومية 1: 20) لهذا فكثير من أوجه الحياة 3×1، فمجالات الحياة على الأرض ثلاثة: أرضية وجوية ومائية، وجوهر الأشياء: جماد أو نبات أو حيوان، والمادة: صلبة أو سائلة أو غازية، والزمن: ماضي وحاضر ومستقبل، والحيوان: رأس وبدن وذيل، والنبات: جذر وساق وفرع، والذرة: بروتونات ونيوترونات وإلكترونات، والأبعاد: طول وعرض وارتفاع، والكل في الواحد.
سابعاً: حقيقة التجسد
اتخذ أقنوم الابن الكلمة –من العذراء القديسة مريم- جسداً خالياً تماماً من الخطية ليعلن لنا الله الذي لا يمكننا إدراكه بأنفسنا "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" (يوحنا 1: 18). وبتجسده لم يتغير لاهوته –حاشا- بأي قيد من قيود الجسد، ولاهوته لم يفارق ناسوته، بل ظل هو اللاهوت المنزه عن الزمان والمكان وعن التأثير بأي عرض لأنه منزه عن أن يتأثر بأي مؤثر.
إذن فالرب يسوع هو الله الذي ظهر في الجسد (1تيموثاوس 3: 16).
الاختبار الرابع -أساسيات مسيحية
أولاً: اختر أفضل إجابة:
1-قال إن العلم يؤكد عن يقين وجود الله الخالق فنحن لا نحيا ولا نتحرك ونوجد بالمادة الميتة:
أ-كروميل ب-عمانوئيل كنت
ج-لورد كلفن
2-قال الجاهل في قلبه ليس إله:
أ-مزمور 19: 1 ب-مزمور 14: 1
ج-رومية 1: 20
3-نؤمن بالله الواحد ووحدانيته:
أ-مطلقة ب-مجردة
ج-جامعة مانعة
4-كلمة أقنوم تدل على من له تميز عن سواه بغير انفصال وهي كلمة:
أ-يونانية ب-عبرية
ج-سريانية
5-بإيماننا بحقيقة التجسد نؤمن أن الرب يسوع هو:
أ-الله فقط ب-إنسان فقط
ج-الله الكامل وإنسان كامل
ثانياً: ضع كلمة (صح) أو كلمة (خطأ):
6-نرى الأقانيم الثلاثة بوضوح في معمودية المسيح فالابن يتعمد والروح القدس مثل حمامة والآب يتكلم
7-كلمة آخاد العبرية التي تستخدم في الوحدة البسيطة هي المستخدمة في (تثنية 6: 4) (مرقس 12: 29)
8-استخدم الله الطفل الذي حاول نقل البحر إلى الحفرة لإقناع القديس أوغسطينوس أن الله أعظم من أن ندركه وننقله إلى عقولنا المحدودة
9-قال الرب يسوع في (متى 28: 19) عمدوهم بأسماء الآب والابن والروح القدس
10-لأن الإنسان عنده شهادة الوجدان قال الجامعة جعل الأبدية في قلوبهم (جامعة 3: 10-11)
- عدد الزيارات: 22575