الحاجة إلى واحد
دعي يسوع مع تلاميذه إلى بيت مرثا ومريم في قرية بيت عنيا، وهناك بدأ المشهد بين نظرتين نجدهما في الحياة الروحية وفي مسيرتنا مع الله، نظرة جسدتها مرثا حيث ارتبكت وانشغلت
وأسرعت في تحضير الأكل من أجل الجموع وهكذا يصف الكتاب المقدس هذه النظرة بواقعية "وأما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة" (لوقا 40:10).
ونجد أيضا في هذا المشهد نظرة ثانية مختلفة تماما، مريم أسرعت دون أن تهتم لشيء لكي تجلس عند أقدام المسيح حيث هناك وجدت كل حاجاتها الروحية لكي تحيا منتصرة مع المسيح وتصف كلمة الله هذه النظرة بكل بساطة ووضوح "وكانت لهذه أخت تدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع تسمع كلامه" (لوقا 39:10).
لقد أدركت مريم أن الحاجة إلى واحد وأن الجلوس تحت أقدام المسيح سينتج ثورة روحية رائعة وبركة لا تقاس بشيء، وقد أدركت أن هذه الحاجة هي:
حاجة للتقرب: لقد علمت تماما أنها لن تستطيع أن تقوم بشيء من دون أن تستقي كل الملء من المسيح، فهو مصدر البركات الروحية ومصدر الحياة لهذا رغم علمها أنه يوجد أمور كثيرة يجب أن تعمل من أجل الضيف، لكنها فضلت الأولوية بالتقرب والإلتصاق والتمتع بكل كلمة تخرج من فم المسيح المبارك "تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (متى 28:11).
حاجة للتغيير: لقد علمت مريم في داخلها أنها تحتاج إلى تغيير حقيقي نحو الأفضل وبأنها تدور في فلك الروتين الروحي حيث كل شيء في مكانه، هي أرادت أن ترتفع إلى فوق في الحياة الروحية، هي أرادت أن تحدث فرقا في بيتها وفي مجتمعها فتكون تلميذة غير عادية، لهذا ارتمت عند أقدام المسيح وجلست في المكان المناسب لأخذ البركة "كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله" (مزمور 1:42).
بعد أن طلبت مرثا من المسيح أن يتكلم مع أختها لكي تساعدها في تدبير الأمور، حسم المسيح أي نظرة هي في المرتبة الأولى والأهم بين هاتين النظرتين أي بين مرثا ومريم، "فأجاب يسوع وقال لها مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها" (لوقا 41:10).
- عدد الزيارات: 10421