من وراء الغمام
ارحمني يا الله ارحمني لأنه بك احتمت نفسي وبظل جناحيك أحتمي إلى أن تعبر المصائب (مزمور 1:57)، هكذا صرخ داود من أعماق قلبه عندما كان تائها من وجه الملك شاول في المغارة،
وهكذا يحتاج كل إنسان يشعر وكأن كل شيء قد انتهى، وكأن عقارب الساعة قد توقفت ودورة الحياة تجمدت في صقيع الهموم والمتاعب، فيصرخ لكي يخرق الصوت الغيوم الداكنة بسوادها، فيصل إلى ما وراء هذا الحاجز حيث هناك ومن وراء الغمام نجد محبة الله العميقة تظهر حنانها، فتدخل كشعاع النور الذي يضيء تلك الظلمة الحالكة بسوادها فتحولها إلى ربيع جديد يدب فيه الحياة. هذا هو الله القدير الذي من خلف الستار يعمل في وسط الضيق فنجده بأنه:
المحامي: "أصرخ إلى الله العليّ إلى الله المحامي عني. يرسل من السماء ويخلّصني" (مزمور 2:57). هو دائما مستعد لكي يحامي عن أولاده حيث يقف مدافعا عنهم في وجه ابليس الذي دائما يسلب السعادة، فيبدلها إلى حزن عميق. ولأن المسيح جرّب من إبليس فهو يشعر معنا بكل ضيق نمر به لهذا نراه متأهبا دائما ليحامي ولكي يمنحنا السلام الذي يخرق القلب والذهن معا فيجعلنا نقفز فوق الظروف الصعبة والأليمة.
الحنّان: "لأن رحمتك قد عظمت إلى السموات وإلى الغمام حقك. ارتفع اللهّم على السموات. ليرتفع على كل الأرض مجدك" (مزمور 10:57). لقد برهن المسيح بأن حنانه ورحمته أسمى من الكل، لهذا نجده من وراء الغمام يمد يده فيلمس مكان الجرح العميق فيضمده ويشفيه إلى التمام، فيظهر روعة مجده الباهر الموجود في كل مكان. حيث تصرخ الملائكة له "قدوس قدوس قدوس مجده ملء كل الأرض".
عزيزي القارىء: اذا كنت تمر في حالة يأس أو ظروف صعبة أو تجد نفسك وحيدا بلا معين، تأكد أن الله لن يتركك أبدا بل هو موجود في كل زاوية من زوايا حياتك وليس فقط موجود بل هو مستعد أن يظهر لك مجده لكي تجد من وراء الغمام رحمة كبيرة تتدخل فترفعك لتجعل حياتك المتجمدة مليئة بالبركات الروحية والزمنية. فهل تثق به؟
- عدد الزيارات: 6387